Sottoo3

Share to Social Media

لهو الأقزام (2)
لهو الأقزام
محمد عباس


اليوم مضى طويلا بائسا، فتحت الشرطة ملف بحث عن اخي مشتبهين به القاتل،... والجريمة بحد ذاتها كانت مريبة جدا، لم يكن هناك سلاح، والضربات التي تلقاه الرجل كان أقوى من أن يسببها له البشر، كل عظمة في جسمه يقال كان مهشما، وجلده قد اصيب برضوض غريبة لا يعرف أهو أثر لحرق أم أثر ضرب او مادة سكب عليه، والأغرب ما كتب على الجدران بحروف غريبة لا ينتمي لأي لغة في عالمنا بدماء الرجل، ولم يوجد اي بصمات في المكان سوى بصماتي على الباب وبصمات الرجل نفسه في ارجاء الشقة،. وبصمات اخي على الجدران... خرجت من مركز الشرطة عائدا الى المنزل اسير بخطوات مثقلة، حل الليل والمطر يغرقني بقطراته الغيداق، كأني أسمع في وقعها انينا، يبدو بأن قد اصابني العدوى من اخي فأصبحت اتخيل الأمور... هل كان اخي يتخيل حقا؟ اكان مجنونا، لا اعلم لما لا استطيع تصديق انه كان مجنونا... لربما انه كان يصبح هكذا فقط عند الأيام الماطرة او الليل... وصلت البناية، وقفت عند المدرج لا رغبة لي في الصعود الى الشقة، لكن يجب ان اتواجد فيه ان عاد اخي، تنهدت بضجر من هذه الحالة البائسة وتذكرت بأني للأن لم أتناول شيئا. اخرجت المفتاح من جيبي وانا اتقدم الى المدرج لكن سقط المفتاح من يدي عند اخراجي اياه من جيبي... انحنيت انتشله من الأرض لمحت طيفا.... راودني هاجس مقلق، قلبت طرفي في المكان... الهدوء قاتل... حتى الجيران لا يسمع لهم همسا... من بين الظلام لمحت طفلة صغيرة ذات شعر طويل، تؤشر على يبدها مناديا لي، تحركت خطوة نحوها فحدث هزة عظيمة، ثم توالت الصرخات على مسمعي من البناية العتيقة... لم يكن سوى لحظة واحدة لكني شعرت وكأنه كان يوما كاملا، رفعت نظري فلم اجد الطفلة حولي، وجهت وجهي اتجاه البناية فكانت صدمتي.... لقد اختفت البناية وخسفت الى الأرض، وفوق حطامها يتربع كلب اسود ضخم نظراته موجه صوبي، سكن رعب في قلبي قيدني في مكاني، لم استطع لا التراجع ولا حتى ان ابعد عيناي عنه للحظات طويلة.... ثقل اثقل على كتفي فالتفت فزعا وأنا اصرخ كان احد سكان المبنى فسألني مستغربا
- ما بك؟
نظرت الى البناية وجدتها على حالها،.... لكن.... اقسم لقد خسف قبل قليل انا واثق، ان قلت له شيئا كهذا سيظن أني مجنون فتحدثت مهدئا روعي بصوت حاولت ان يكون متزنا
- لا شيء... سأذهب الى المنزل ان عاد اخي ارجو ان تتصلوا بي...
تركته وأنا أسرع في مغادرة المكان، ركبت سيارة اجرة فانطلق بي عائدا الى منزل اهلي، نظرت حولي متوجسا تلك الفتاة.... ذلك الكلب.... البناية.... ما هذا الجحيم، هل هي الاعراض ما قبل الجنون... انا اتذكر لقد كان اخي ايضا يحدثنا عن اشياء كهذا قبل الحادث الذي اودا بحياة أمي وابي،... لحظة واحدة، لقد كان اخي يقود السيارة يومه فجأة صرخ مرتعبا ثم انقلبت السيارة...
وصلت الى المنزل بعد ان دفعت الاجرة فتحت الباب، اشعلت الانارة ثم اتجهت الى الصالة وأضأتها، وجدت رجلا يتدلى من السقف وحبل سميك ملتف حول عنقه... صرخت بأعلى صوتي فزعا ثم خرجت من المنزل كأن شبحا يلاحقني فأنادي بالشارع أن ميت في بيتي... لحظات حتى وصلت الشرطة المكان ولأثار الحادثة تم نقلي الى المشفى مر يومان هادئان، لدرجة اني ظننتها كان حلما،... لكن لم كذلك، طرق باب غرفتي في المشفى ثم ولج رجلا شرطة الى الداخل، ليخبراني بما يصعقني
- الرجل الذي كان في منزلك تلك الليلة كان والدك


اجبت بالمستحيل، فإن أبي قد مات بالفعل قبل شهر من الأن فكانت الإجابة
- نعم وهذا ما اظهرته التحاليل، وقد وصلنا بلاغ من المقبرة بأن القبر تم نبشه وسرقة الجثة...
أي مجنون من يفعل هذا وما السبب؟ سألت بخشية وأنا ارتجف رعبا
- كيف ؟ ولما؟
اجابني الشرطي وهو يطلع على ملف بين يديه
- حسنا هذا ما اردنا سؤالك عنه، هل لكم من اعداء محتملون؟ شخص يلعب معكم هذه اللعبة؟
في هذه اللحظة تذكرت حالة اخي فصرخت وأنا متيقن من كل اعماقي بأن هذا هو الجواب


- نعم،.... نعم،... هناك من كان يلاحق اخي لأكثر من شهر كان السبب بحالة اخي والحادثة وانا واثق بأنه من قتل جار اخي واخرج جثة ابي...
سألني الشرطي متلهفا إن كنت اعرفه، لكن إجابتي خيبت أماله، على كل حال تم تدوين ذلك في الملف الذي بين يديه ثم غادرا، مر الوقت بطيئا والليل اسدل ستاره، اظلم المكان شعرت وكأن شخصا يراقبني، فأدرت عيني في الغرفة حتى استقرتا على النافذة، فتاة؟... وجه فتاة تنظر إلي بعينين جاحظتين ويديها ملطختين بالدماء تقبضان على الزجاج وكذلك يسيل من فمها الدماء تراجعت الى الخلف وعيناي في عيناها، بلعت ريقي عندما تذكرت بأن هذه الغرفة تقع في الطابق الرابع فكيف لطفلة ان تقف في الخارج.... وضعت يدي على مقبض الباب احاول فتح الباب ولا تزال عيناي معلقتان في عينيها لكن الباب مغلق، اشعر بالخطر، قلبي ينبض هلعا، نفسي يضيق اشعر بأني سأموت... لحظة، لحظة، لقد اخترقت النافذة، ليست طفلة، بل ماعز ضخم برأس طفلة، اقتربت مني اشعر بثقل خطواتها كأنها تدوس على قلبي، اقتربت مني حتى صار وجهها امام وجهي مباشرة، تلفحني انفاسها الكريهة فيكتم نفسي، اصابني من الرعب ما افقدني النطق وجمد كل كياني تصدر صوتا كفحيح افعى تمعن النظر في عيني، ثم اطلقت صرخة مدوية فلم اتمالك نفسي فصرخت حتى اختلط صرختي بصرختها احاول فتح الباب دون جدوى، شعرت بذلك إنها نهايتي حتما.....
الأرض من تحت اقدامي بدأت بالاهتزاز
طرق عظيم على الجدران، اصوات ضحكات شيطانية تعلو
الطفله لا تزال امامي تنظر إلي
نادت بإسمي بصوت نشاز
فقط اريد ان يفتح الباب
عادت ونادتني فصرخت وانا التصق في الباب اكثر
ابتعدت عني ثم اختفت من امامي لكن
الطرقات لا تزال مستمرة على الجدران والنوافذ
ارى اياد في الظلام تضرب الباب
والضحكات تعلو تصم اذاني
اشعر بالمشفى يهتز وكأنها تهوى
بدأت اضرب بقوة على الباب وفجأة فتحت من ذاتها
اسرعت هاربا من الغرفة، والصخب يملأ المكان
المشفى ينهار...
استطعت اخيرا الخروج من المشفى، وقد انهار نصفه
قلبت نظري في الوجوه والمكان رعبا.
اخشى لتلك الفتاه ظهورا...
ولم يخب ظني في هلعي
هاهي عند بوابة المشفى تنظر إلي مبتسمة
هربت من المكان والخوف لحن نبضي،
في سيارة اجرة ثم وجدت نفسي امام بيتي،
لكن من سيخبرني بأن بيتي أمان...
نظرت حولي بريبة،
بأي عقل احمق غادرت المشفى؟ لكن،
كلا كل شيء ليس سوى أوهام،
كلها اوهام هناك من يتلاعب بي كما فعل مع اخي سابقا،
كنت اقولها دائما
اخي لم يكن مجنونا...
تحركت بخطوات مضطربة الى المنزل،
فتحت الباب بهدوء،
أي صوت يشد سمعي وأي حركة
وإن كان وهما يشد بصري،
فتحت الإنارة وبخطوات ثقيلة دخلت الصالة
نظرت للمكان الذي كان جثة ابي فيه معلقا،
كان فارغا...
لا احد في المنزل،
كما توقعت كلها لم تكن سوى أوهام،...
اتجهت الى غرفتي،
فوجدتها فارغة هادئة،
اغلقت الباب والنافذة ثم اسدلت الستار
ليغطي ما قد يرى من الخارج،
ابقيت الإضاءة على الغرفة
من شدة ما يعتريني من خوف،
جلست على السرير جافاني النوم،
اترقب في المكان النافذة الباب،
زوايا الغرفة كل شيء مريب،
الصمت اشعر به صخب عال،
وحولي يخيل لي عقلي جيش من الناس،
لكن لا احد هنا سواي،
بأي من اوقات الليل
لست ادري على فجر ام بجوف ليل
فقط اني غفوت
واستغرقت في نوم عميق حتى صبح
فيه نهضت هلعا على اصوات عزف ولحن،
خرجت من غرفتي اسير بحذر نحو مصدر الصوت،
غرفة اخي....
غناء يطرب الحي بصوته العالي
وزغاريد وهتافات وكأن هنا عرس شعبي او احتفال،
وقفت عند الباب،
رغم خوفي ببطء فتحت الباب،
تجمدت قدماي عن الحركة وانا اناظرهم
اقزام ذو مظاهر بشعة
ذوو عيون زرقاء واسعة
وانف مطموس في الوجه،
فم كبير اقتحم مكان الوجنتين،
شعورهم ملونة منهم ذو شعر اسود
ومنهن ذو شعر احمر امرهم غريب
وأذانهم اغرب واشكالهم اعجب.
يملؤون غرفة اخي
يرقصون ويمرحون،
هجموا نحوي في جماعة
ثم ادخلوني الغرفة وهم لا زالوا يرقصون
ويصدرون الضجيج
احاطوني في دائرة وأراهم حولي يترنحون
كالسكارى على انغام الموسيقى،
لي كاد يغمى علي من الهلع
لم اكن استطيع الخروج من بينهم
وهم يدفعوني للوسط
يرقصون حولي ويهتزون بصخب،
لا اعلم كم استمروا
لكنهم بدأوا في مغادرة الغرفة على ذات صخبهم
شيئا فشيئا خف اصواتهم حتى انقطع
نظرت حولي والخوف اشعر به يكتم نبض قلبي،
نهضت اجول في الغرفة في بصري
حتى وقع نظري على اوراق في مكتب اخي
اخذتها ثم جمعتها ثلاث اوراق مهترئة
اناظرها واحدا واحدا،
تحتوي على رموز غريبة وبعض النجوم والكواكب
وحروف كتب باليونانية القديمة
اهي رموز تفسر ما يحصل معي؟
من المستحيل ان يكون ما حصل قبل قليل وهما،
اخي بماذا كنت تعبث ومع من؟،
تنهدت لعلها
تفرغ القليل من اليأس الساكن في قلبي،
جمعت الاوراق ثم بدأت ابحث
في غرفة اخي عن ما قد يفيدني،
لقد كان اخي نادرا ما يستخدم غرفته هذه
فقد انفصل عنا منذ اكثر من ستة اشهر،
لم اجد الكثير سوى بعض القصاصات،
عليها ارقام بالرومانية القصاصة
الاولى تحتلها نجمة كبيرة
يتوسط النجمة رقم 13
والمقصوصة الثانية وسط النجمة 22
وفي الثالثة رقم 666
استمررت في البحث
حتى وجدت مفتاحان ذات شكل غريب
وحجمه كبير بحجم الكف
وعليه يظهر كم هو عتيق ولونه بني صدأ
اخذتهم وغادرت المنزل متجها الى شقة اخي،
من المؤكد بأني سأجد ما قد يفيدني للبحث عنه،
وصلت شقته لكن
للصدمة الشقة محترقة تماما
يقال بأن نارا شب منها ومن شقة القتيل ( جار أخي)
الأمر كلما له يزداد غرابة،
دخلت الشقة وكل شيء فيه
سواد في سواد متفحم،
لم يكن هنا شيء قد يفيدني
فكل شيء محترق، لكن لما لم يتصل بي احد البارحة عند احتراق الشقة؟، خرجت من الشقة متجها الى الجامعة
الساعة تكاد تعلن الثامنة، لقد تأخرت بالفعل ساعة كاملة،...لم يستغرق الوقت طويلا
حتى وصلت الجامعة، لا يدور في عقلي سوى ما وجدت في غرفة اخي، فاتجهت مباشرة الى مكتبة الجامعة، نثرت الاوراق والمقصوصات على طاولةثم جلست ارتبها انظر فيها، استخرجت الاسماء من اليونانية فوجدتها كالأتي:

يتبع....
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.