فقاعات من المياه الدافئة، لا إنها رغوات من الصابون هى لطيفة ملونة، لها ضوء بنفسجي وضياء أخضر تحت المصابيح جميلة إلى حد ما أو ربما جميلة بالنسبة لحياتي القبيحة. تشبه فقاعات سندريلا عندما كانت تنظف المنزل لزوجة أبيها وابنتيها الشريرتين، أذكر هذا الفيلم جيدًا كنت أحبه جدًا وأحب فستان سندريلا، الأبيض الثلجي والساحرة الطيبة والعربة الوردية وأصدقاؤها من الفئران والطيور إلى أن فاجأتني أمي ذات يوم بالصراخ عندما كنت ألح لأرى وجه سندريلا الجميل مرة أخرى.
"هذا كرتون للفتيات أنت صبي، كفاك دلالًا، كيف ستصير رجلًا"
صرت أخفي نظرتي لأي حذاء نسائي أراه أنظر له لأنه جميل لا أكثر ورقيق، لا أكثر. في الواقع مسألة البنين والبنات وهذه الفرقة قد تكون ظالمة في كثير من الأحيان، يستقل الإنسان مع العمر وهل تزداد الوحدة أيضًا مع العمر؟، أو مع الاستقلال، ربما من يعرف؟
، مسلسلات رتيبة متكررة وإلا عاني الغربة في لهجات و LCDاللاب توب والسيناريوهات أجنبية، ومع ذلك، حلقات تلو حلقات أشاهدها وأتجرع المياه الغازية، الصودا بها أصوات، دوائر وفقاعها، توحي لك بأنها ستستمر وما أن تشرد بذهنك عنها قليلًا حتى تختفي تمامًا كالحياة.
ماذا يفعل من ليس له أصدقاء؟، أيتنزه وحيدًا؟ يشرب أحزانه وحده؟، بلا نخب للصداقة أو للمحبة، ماذا يفعل إنسان وسط هذا العالم الممل، ماذا؟ أيخترع شيئًا؟، ماذا لو كان غبيًا؟ أيساعد غيره؟ وهل يستطيع مساعدة نفسه أولًا؟، يسلِ غيره؟ وماذا لو كان كئيبًا لا يمكنه أن يسلِ نفسه لدقائق معدودة. ماذا؟ أتزوج؟ لا لست مستعدًا للجروح ولا للأعباء في الواقع هذا الشيء لا أفهمه الإنسان من المفترض أن يتزوج ليكون سعيدًا أو على الأقل هذه هي الكلمات الكاذبة التي تقال قبل أن يقع السيف في الرأس ويحدث الأمر. وما أن يحدث الأمر حتى تصير السعادة بعيدة المنال بل وحلمًا ليس مستحب من رجس الشيطان، فجأة دون مقدمات يصبح طالب السعادة بأية زيجة، أناني، مختل، مريض، خائن، غير محب لأولاده، خائن، غير محب لذاته، مصاب بالنرجسية ما هذا العبث؟ لمَ الحرب فليجلس كلٌ منا في بيته قنوعًا بوحدته وحرمانه، آملًا أن يأتي حلمه إليه راكعًا يتوسله أن يعيشه بالمقابل الذي يرغبه، "حياة ملولة غبية" عادةً ما أجد هذه الجملة ببالي أو بشكل كبير تعيش برأسي الصغير.
أخذ سيارتي في نزهة، هي لا تجادلني ولا تسألني ولا تقاطعني وبالتأكيد لا تغضبني، هي فقط تطيعني، أية جنة هذه؟، جنتي الوحيدة بالأرض.
أخيرًا أصل إلى المكان، فندق كبير يشبه القرية به الطعام زائد عن الحد بل ولافته مكتوب عليها كم من الطعام ألقوه بقايا، البقايا التي يخلفها الناس وتحتها يطلبون منهم ألا يسرفوا وألا يملؤوا أطباقهم بما يزيد عن حجم معدتهم وأني أزعم أن الناس جاءوا فقط من أجل متعة الإسراف، يدفعون مالًا ويشعرون أنهم ملوك من عصر قديم عندما يلقونه يمينًا ويسارًا وفي كل مكان، لا حساب، لا عقاب ولا ثواب.
يا الله متى جاءت كل هذه السيول لتفسد متع الإجازة التي لا أتحصل عليها سوى مرة واحدة في العام؟ سيول تفسد الأراجيح والطرق والحدائق، الأمر أشبه ببركة كبيرة بعيدة عن خيال المدينة العائمة كفينيسيا، كل شيء ذهب مع الريح، الطعام لم يعد له متعة مع هذا الخطر بالغرق وهذا الحزن، كيف سأتمكن من أن أحصل على أجازة أخرى؟.
الطعام خرج من المخلفات إلى المياه الداكنة محتضنة الطين والعفن وأخذ يجول و يجول، سطح الفندق عالٍ لا يطوله العفن بالمرة تقريبًا كل من هناك يحتمون به.
شقراء حسنة المظهر، حديثة السن. التودد والمغازلة يجتاحون هذه المسافة بيننا ولكن ظنك أنني لست مراقب لن يفيد، الأمر ليس كما تفهمين، ماذا لو كان ما أشعر ليس مثل ما تشعرين؟ وماذا لو لم أستطع أن أفعل مثل ما تتوقعين؟ لا أريد كلام عن إحباطك، كلام من هذا النوع إنه ذم مر، صحيح أنني لا أفهمه جيدًا، بل وعشت أخفي الأمر لكن ليس الآن أريد أن أعلنه لأي أحد، هل أنا الوحيد بوطني الذي يحب صاحبة الشعر الداكن، ماعدا بالطبع سندريلا وحذائها وأنت لست كسندريلا ونقاوة سندريلا.
الطرقات كلها كانت غير مؤهلة لسيول قوية بهذه الدرجة. الطريق مشقق و يجب أن تمشي بحذر، بسرعة السلحفاة بمعنى أدق. ذهبت لأني أيقنت أنني لن أهنأ بهذه الإجازة المنحوسة أو لأنني لا أملك ما يكفي من الثقة أمام صديقتي الشقراء، تاركًا ورائي مظهر حضاري بائس بعض من السائحين ينظفون بقايا الماء ومنذ متى أيها الأغبياء انتصرت الحضارة على الطبيعة أو الماء؟.
أعود لرتابة حياتي مرة أخرى أنظر يميني ويساري نفس البيت، نفس الأشياء، نفس الخادمة، كلٌ في مكانه كما لو كانت الأشياء تخشى الحركة خارج السياق، أمي تخطو إلي بسرعة تنظر إلي في حزن، تحدثني بنبرة ضعيفة
"خالتك وافتها المنية"
أرد
"إنا لله وإنا إليه راجعون"
نستعجل بإحياء الحزن كجو عام بالسيارة، العائلة الحزينة تستمع للأدعية لحبيبكم الميت، أدعية عصرية تناسب الحزن المودرن
نصل إلى المسجد وندخل، كلٌ مشغول في حديثه ويرتدون ألوان شتى وربما غير داكنة، صوت القرآن الكريم لا يغلب أبدًا فوق الثرثرة، لكن لماذا أشعر أنهم أكثر صدقًا في المناسبات الخاصة بالحزن، هل تشعرون بشيء من الحياء حينها يلجم ألسنتكم عن الكذب؟.