tafrabooks

Share to Social Media

"ويبقى السؤال: إذا لم يكن هناك نصيب، لما تجمعنا الصدفة ؟ "
مر يومين على وجودها في تلك الزنزانة، يأتي إليها صقر بين الحين والآخر يسألها عن قرارها، وكأنها ترفض ذلك، هي فقط لا تعلم كيف، أغمضت عينيها تتذكر ما أخبرته به، تلئلئ الدمع بعينيها قائلة بصوت مرتجف حاقد :
- صدقًا أريد الإنتقام، أريد قتلهم جميعًا، أريد أن أذيقهم ما فعلوه بي، إن كان هناك شيء يجب علي فعله سأفعله لتحقيق ذلك .
وكان هذا إجابتها على أسألته، ولكن لم يعطيها جواب بسبب مجيئ أحد الجنود وإخباره بموجب حضوره فالقائد حازم قد حضر .
..................
في مكان آخر بوسط القاهرة في إحدى الأحياء الفاخرة، جلست امرأة على فراشها وحولها مجموعة من الأوراق تنظر في جهازها المحمول ثم تعود لتدون ما تراه بالورق، قطع تركيزها دلوف سيدة بوجه بشوش تخبرها :
- هيا بتول الطعام جاهز .
قفزت بتول من فوق أوراقها لتسرع لطاولة الطعام فإن كان هناك شيء تعشقه بعد عملها وهوسها الأول فهو الطعام، نظرت للمائدة وما عليها من طعام شهي قالت بمرح :
- سلمت يداكي يا أفضل أم بالكون، لا أعلم بدون طعامك كيف سأعيش .
ضحكت الأم من ابنتها التي تعلم أنها تحب المبالغة قالت :
- هيا ابدأي الطعام قبل أن يبرد .
وكأنها تنتظر إشارتها؟، كانت بالفعل على وشك الإنتهاء تحدثت والدتها بفضول :
- ماذا كنت تفعلين بغرفتك فمنذ الأمس وأنتي منشغلة ؟! .
نظرت بتول لوالدتها تحدثها بشغف بعدما تركت الطعام من يدها :
- كنت أري طرق جديدة للتعامل مع الأطفال لدى، أشياء لكسب اهتمامهم، فكما ترى إن انتباهم عادة يتركز على الأشياء وليس علي، لذلك كنت أشاهد تجارب لأشخاص أجنبية وكيف يتعاملون مع الأطفال ذى الإحتياجات الخاصة، وهناك الكثير من الحالات في روسيا عبقرية بالفعل .
نظرت الأم بفخر لابنتها، قالت تبتسم بسعادة :
- الله يوفقك في حياتك، ويرسل لكى الزوج الذي يصونك .
قفزت بتول من مكانها تقول بتوسل:
-أمى أرجوكي اكثري من تلك الدعوة الاخيرة كثيرًا، ولكن كونى أكثر تحديدًا لهوية الشخص .
رفعت الأم إحدى حاجبيها قائلة :
- هل سينظر لكى أحد وأنتي ستموتين للزواج هكذا .
لتتحدث بتول بسخط واستنكار :
- ليذهب الجميع للجحيم، أنا لا أريد أي شخص أريد واحد فقط بعينيه ولكنه لا يبالى .
ثم تتمتم بصوت منخفض تقلب شفتيها بغيظ :
-أحمق .
ضحكت الأم على ابنتها التي تعلم عن من تتحدث :
- كفاكي حديث عنه بغيابه، فعندما يأتى تصبحين كالبلهاء، وإن بقيتي هكذا لن ينظر لكى سوى بأحلامك .
تفاجأت بتول من حديث والدتها لتنهرها :
- أمي أنا هى ابنتك وليس هو .
أردفت بغيظ وغيرة :
- وكأنك ستنكريين الأمر فأنتى تعتبريه ابنك بالأساس، ألا يجب
أن تقفي بصف ابنتك، وإن كنتى تعشقيه هكذا، فزوجيني له وأنهي الأمر، فهكذا سيصبح ابنك الحقيقي .
لم تجد الأم غير الضحك على حديث ابنتها العاشقة لابن شقيقتها الغائب وكيف وهي لا ترى أمامها غيره منذ إن كانت طفلة .
انتهت بتول من الطعام تتوجه للمرحاض لتنظيف يديها وبعد الانتهاء تنظر لوجهها الغاضب بالمرآة لتتخيل وجه حبيبها الغائب الذي لا يريد حمل هذا اللقب مهما حاولت فهو كالأحمق لا يعلم بحبها له أو هكذا تظن، شعرت
بالغضب لتقذف المرآة بالماء ليغيب وجه معذبها، فقالت بتصميم :
-سأجعلك تقع في حبي " حازم " ، وسنرى من هي بتول .
ثم تقول ب امتعاض ويأس :
- فالتأتى أولًا ثم سنرى .
......................
نظر صقر لأوراق التى أمامه، لم تكن سوى معلومات عن نور الشاذلي التى تدعي من بحوزتهم الأن أنها هي وصل صوت حازم وهو يقول :
-لا يوجد شيء يثير الشبهات، الفتاة لا يوجد عليها شيء، وجميع من حولها يشهد على ذلك، ولكن ما يثير حيرتى، لماذا نور الشاذلي التي يريدون أن يشككوا بشخصها .
كان صقر يستمع باهتمام وأيضًا ينظر أمامه بتركيز، لن يكذب أو ينكر الحيرة التي أصابته أيضًا لماذا نور الشاذلي هناك شيء لفت انتباهه بكل تلك المعلومات التى وصلت له وما أخبره به حازم، هناك شيء يثير الشبهات أكثر
ليس أنه هناك شيء فعلته تلك المسماه نور الشاذلي ولكن لنظافة المعلومات التي أتته، لا شيء بالنسبه له كامل إلا وجد شيء بالخفاء فالدليل الذي يثبت أن لا شيء سيء ورائها هو نفسه الذي يثبت أن هناك شيء مخفى بتأكيد، فكما قال لا أحد ملفه سليم تمامًا، سمع الأثنين طرق الباب ثم دلوف الحارس المخصص بحراسة ماريا، قال الجندى بعدما قام بالتحية :
- تريد السجينة رؤيتك أيها القائد .
نظر صقر أمامه بتفكير ثم قال :
- أحضرها هنا .
قام الجندى بالتحية مرة أخرى تليه رحيله، قال حازم :
-هل ستعترف ؟ .
نظر له صقر قائلًا بسخرية :
-وهل تظن بأنها لو كانت ماريا، ستعترف بتلك السهولة، ناهيك على أنها نور الشاذلي .
نهض حازم بغرابة قائلًا :
-هل تصدق أنها نور الشاذلي الأن؟ .
قال صقر يريح ظهره للخلف :
-لذلك أريدك بأن تراقب تلك الصحفية جيدًا، لا تدع أحد يعلم بتلك المراقبة أنت تعلم بأن مهماتنا شائكة .
قال حازم يعقد حاجبيه لم يعد يفهم صديقه :
- هذا يعني بأنك بالفعل تصدق بأنها ليست نور الشاذلي ! .
صقر بجدية :
- لا ولكن بتأكيد هناك سبب يدفعهم لجعلنا نشك بنور الشاذلي، ولا أحب أن أترك شيئًا للصدف .
...........................
في مكان آخر أكثر برودة ووحشية مكان يبعد كثيرًا عن مصر الحبيبة .
كانت الخطط تحاك فكيف أن خططتهم بقتلها قد فشلت والأن يجب أن تموت قبل أن يكتشفوا خططتهم الأصلية،وهذا كان قرار رأس الأفعى ديفيد، بعدما فشل يده اليمنى جاكسون بقتلها بتسليمها لهم ظننًا أنهم سيقتلونها .
...............
يظل الإنسان يبحث عن أشياء تجعله سعيدًا، أشياء يحلم بحدوثها ويتمناها بشدة ولكن عند حدوثها يكتشف بأنها ليست ما تمنى وليس ما أرده حقًا .
...........
كانت نور تحاول استجماع شجاعتها التي تفقدها فور وجودها بذات المكان مع صقر، ولكن خشت أن تكون عائلتها بمأزق ويحتاجون لمساعدتها قالت :
- أردت التحدث معك، هناك شيء أريد التأكد منه .
نظر لها صقر بتمعن وهو يحك أسفل ذقنه بتفكير، قال بهدوء :
- تحدثي .
رغم شعورها بصعوبة الحديث معه، ولكنها ذكرت نفسها بأنها نور الشاذلي التي يتوقف الجميع أمام حديثها ولكن لما تجد مشقة بذلك الأن، تمتمت تغلق عينيها :
-أريد أن أعلم أين عائلتى ؟ هل هم بخير أم قاموا باختفاء في حادث مجهول ؟ .
نقل صقر نظراته الثاقبة بينها وبين حازم الموجود بالغرفة ولكن يلتزم بدور المشاهد ثم قال بتساءل ساخر :
- أى عائلة تقصدين ؟ .
شعرت بالانكسار بداخلها، تفكر بأن الجميع ضدها الأن، فلا أحد معاها ولا أحد تطلب منه إنقاذها .
نظرت له بعينيه فرأى تلك النظرة جيدًا فقالت له :
- ألم تفكر بأنه ربما معي حق، ربما من تجلس أمامك الأن نور الشاذلي المصرية، التي إرتاوت من مياها وترعرت بها، ألا تظن أنه من الغباء أن تظن بأنى كا إرهابية معروفه سأتي وأخبرك بأني لست كذلك ولا تفكر بأن هناك مؤامرة تحاك، ولكن ليست المؤامرة تلك الأن عليكم أنتم رجال الجيش ولكن كانت قبلها على مواطنة مصرية تم اختطافها وتعذيبها نفسيًا قبل أن يكون جسديًا، وقاموا بسلبي حقي حتى بأن أملك وجه تتعرف عليه أمي، ألا ترى أن هناك شيء خاطئ ؟! .
أنهت حديثها الذى لم تشعر كيف خرج وكيف بدأت بالهجوم عليه بحديثها كان صدرها يرتفع وينخفض في غمر انفعالها، شعرت بحركة خلفها عندما تحرك حازم بغضب من إهانتها لهم، قبل أن يصل لها أى رد فعل منه، رفع صقر يده علامة لجعله يتوقف ولا يفعل شيء أخفض صقر يده وهو ما زال ينظر لها قال أخيرًا :
- و لأن لا يحكمنا الغباء كما ذكرتى الأن، لن نستطيع إخراجك وأن يراكى الشعب، أما إن كنتى نور أم ماريا فيجب عليك أن تساعدينا، ولوقتها لن تغادري المكان ولن يراكي أي شخص آخر .
نهض صقر ل ينهي الحديث ولكن توقفت نور تهتف :
- لهذا أردت الحديث معك، أريد مساعدتك، لا، أريدك أن تساعدنى، أريد العودة لحياتي، بل أريد العودة لعائلتي .
هطلت الدموع من عينيها لتمسحها بظهر كفاها تردف :
- مجرد التفكير بأنهم قاموا بأذية أمي وأخي كما فعلوا لي يجعلني أشعر
بالجنون، أخبرني فقط، هل هم بخير أم حدث لهم شيء ؟ .
كان صقر يقف بظهره لها، نظر إلى حازم بطريقة ذات معنى، أحضر حازم ملف به صور لأسرتها، ظلت تتأملها بسعادة وارتياح، انقلب وجهها للغضب ترى آخرى تشبهها تقف بينهم، انهار تماسكها وهي تبكي رفعت أنظارها الباكية له تقول :
- لقد سرقت حياتي .
نظرت للأسفل تجهش بالبكاء وتحتضن صورة شقيقها ووالدتها ترك لها المساحة الكاملة حتى هدأت ولم يتبقي غير شهقاتها ثم رفعت عينيها لهم بتصميم وهي تقول بعيون حمراء :
- سأفعل المستحيل للإنتقام حتى لو وجب علي قتلهم جميعًا
.............
كان الكثير يشغل بال أنس، ومع اقتراب آخرى برائحة نفاذة تكاد تخنقه، علم صاحبتها، نادية زميلته بالمكتب، التي تراه كعريس محتمل، ولكنها كانت أبعد من أن يفكر بها، قالت تقدم له كوب من القهوة الساخن :
- تفضل أفضل قهوة لأفضل أنس بالوجود .
امتعض وجهه ينظر إلى كوب القهوة وكأن به سم قاتل حاول الابتسام
بالطافة، فهو لا يحب جرح النساء حتى وإن كانوا يستحقون ذلك، تحدث أنس بهدوء ينظر للكوب الورقي بيدها محاولًا أن لا يظهر الكثير من
الامتعاض :
- شكرًا نادية، يمكنك أخذه ل يحيى فهو ربما يحتاجه أكثر الأن .
من هذا الذى يضع القهوة بكوب ورقي، نعم يعشق القهوة ومن هذا من لا يحبها، ولكن وضعها بذلك الكوب الورقي تعد جريمة، فلا أشهى من قهوة في فنجان زجاجي من صنع يد والدته الحبيبة، فور إنهاء جملته ظهر الامتعاض على وجه نادية، فبطبع إحضار القهوة إلى أنس الوسيم أفضل من ذهابها ل يحيى التي لا ترى به أي وسامة، بل يشبه تلك المادة شديدة الالتصاق، علمت بأنها لن تستطيع الحديث معه حتى تتخلص من تلك القهوة ، التفتت لتغادر سريعًا اقتربت من مكتب يحيي، ولكنها قررت تغير وجهتها إلى شرفة المكتب، تفضل سكب القهوة على إعطائها ل ذلك ال " يحيى"
فور سكب القهوة التفتت بفزع تستمع ل صوت من كانت تفكر به :
- تعلمي بأن سكب القهوة يعتبر جريمة في قانون عشاق القهوة .
نظرت له بامتعاض تحاول المرور من جواره فقال بابتسامة شقية :
- ولكن في قانوني الخاص سأعتبره خيرًا .
قالت له بنفاذ صبر :
- كف عن السخافة، واذهب إلى العمل فهناك الكثير لفعله .
وضع كف يده ناحية قلبه يقول بغزل :
- هل أنتي قلقة علي ؟ ، ذلك دغدغ مشاعري للتو .
تأفافت قبل أن تغادر تتمتم بغيظ منه اختفت ابتسامته وتجهم وجهه تحول إلى شرود يفكر متى ستشعر به وتكف عن الركض طيله عمرها إلى الأشياء الخاطئة التي لا تناسبها نعم يحبها ولكن متى ستراه .
...................
وقفت تنظر إلى الأطفال حولها وسعادتهم الظاهرة، هنا فقط تسمح للصفاء بأن يتخللها، سحبها بعض الأطفال للعب معاهم، تعشق عملها هنا، ذهب تفكيرها إلى سارق قلبها وعقلها مرة آخرى ماذا سيكون شكل أطفالها منه، مجانين مثلها أم عابثين مثله نفضت أفكارها بعيدًا، ظنت بأن خروجها برحلة مع الأطفال سيكون إلهاء من تفكيرها عنه ولكن دون فائدة، التفتت برأسها تنظر لذلك الطفل الذي يذهب خلف الكرة التي ابتعدت عنه نحو طريق السيارات، شحب وجهها ترى تلك السيارة قادمة باتجاه الطفل تحرك جسدها سريعًا محاولة إنقاذ الطفل من الاصتدام ولكن فور وصولها إلى الطفل قامت بإحتضانه، تجمد جسدها خوفًا من اقتراب السيارة بشدة، فزع الجميع يراقبون ذلك المشهد بترقب الأتي، شعرت بتول باقتراب السيارة وتهيأت للاصتدام تغلق عينيها بقوة ويظهر وجه والدتها وحازم، قامت بتوديعهم تخبرهم بأنها تحبهم بشدة .




0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.