هَاتف إياد صديقه أمجد الذي طغى الحماس علی صوته وهو يقول: أين أنت؟
في المنزل، لماذا؟
قال إياد: تعال إلى ذاك الكافية الذي نجلس فيه دومًا نريد أن نحدثك في أمرٍ هام
ذهب أمجد إلى أصدقائه المجتمعين في الكافيه القريب من منزله، وكان إياد وصديقه عُروة ومعاذ أصدقاء من نفس سنه ومعه في الجامعة.
إياد وقد قام من جلسته: أمجد نريد أن نخبرك بأمرٍ هام.
أمجد بعدم فهم: وما هذا الأمر الهام؟
عُروة وقد اتسعت ابتسامته وأردف: نحن سوف نذهب في رحله معًا
معاذ وقد وضع يداه على كتف أمجد: ونتنزه قليلًا قبل موعد بدء الدراسة.
أمجد وعلى وجهه علامات الفهم: حسنًا إلى أين سنذهب؟
إياد بارتياح:سنذهب في مغامرة
-حسنًا أنا معكم، متی سنرحل؟
-بعد يومان
وهكذا اتفق الأصدقاء للذهاب إلی هذه الرحلة ولا يعلمون ما الذي ينتظرهم!
حان وقت الذهاب وكانت السماء ملبدة بالغيوم التي تبدو كحَبلي أوشكت أن تضع حملها والرياح الباردة تحرك الأغصان كأنها تهيؤها لما هو آت
ثم تساقطت قطرات المطر كموسيقى تعزف ألحانًا علی وجه الأرض وأغصان الأزهار.
أشارت الساعة إلی الحادية عشر مساءً فأحضر الأصدقاء كل ما ينفعهم في الرحلة وذهبوا.
بعد 55 ميل من تحركهم تعطلت بهم السيارة
كانت الصحراء الشاسعة الممتدة أمامهم تنظر لهم كأسد ينظر إلی فريسته، لم يروا أحد في هذه المنطقة، ولم يسمعوا سوي نباح الكلاب!
نزل إياد لتفقد السيارة فوجد أن الإطار قد هلك!
خبط رجليه عليها بقوة قائلًا: ما هذه الورطة؟
نزل أمجد وعروة يتبعهم معاذ فقال أمجد بتوتر بالغ: ماذا حدث؟
إياد وهو يتعرق بغزارة رغم برودة الجو: الإطارات الأربع قد هلكوا!
معاذ: ماذا؟
عُروة بخوف: وماذا سنفعل في تلك الصحاري الشاسعة؟
كان إياد أكثر عملية حيث قال: ينبغي لنا أن نبحث عن أي أحد ليساعدنا.
أمجد وقد زال توتره قليلًا وأشار إليهم: يجب أن نتفرق وكل واحدًا منا يسير في طريق لعلنا نجد من يأتي بالمساعدة .
وافق الأصدقاء وتفرقوا جميعًا .
"إياد"
ذهبت بمفردي إلی الطريق الشرقي المقابل لأبحث عن أي شخص يستطيع مساعدتنا، كان الجو شديد البرودة كوحش ينهش جسدي بلا رحمه والليل يفرض سيطرته علي المكان من حولي، فوجئت بالأمل يداعب عقلي عندما رأيت علي بعد ليس بقريب من السيارة بعض الرجال يشعلون النار للتدفئة، ركضت إليهم مسرعًا: مرحبًا
كان الجميع صامت مما جعلني أتوتر قليلًا
أريد المساعدة
التفتوا إليّ وحين التفتوا وجدت وجوههم جميعًا علي ضوء النار بلا عيون فزعت وارتعدت فرائصي ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أركض بكل ما لدي من قوة فجأة وجدت رجل منهم أمامي مما جعلني أتعرق بغزارة ولم تعُد أرجلي قادرة علي حملي .
"عروة"
أنا ذهبت إلی الطريق الغربي كانت وجهتي في الحقيقة غير مُحددة لم أشعر بالأمل ولا تواجد أي شخص لمساعدتنا فذهبت من باب المساعدة لأننا في ورطة بالفعل لعلي مخطئ وأنا تُساورني الشكوك .
(منذ متی وأنت لا تشك في شيء )
-من هناك، لا يوجد رد لكني أقسم أن هناك شخص قال لي هذه الجملة لا أعلم مَن
خارت قواي بشدة ولم أستطع التحمل، التفت علي حين غرة لأجد مسخ بشع المنظر له عينان مشقوقان بالطول وأنف معقوف لم أري أبشع منه علی الاطلاق
كدت أن أصرخ، فأبت صرختي أن تخرج ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أسقط علی الأرض فاقدًا الوعي وكانت أخر كلمة التقطتها أُذْنَيَّ قبل أن أفقد الوعي كليًا هي أنا هنا لمساعدتك.
"أمجد"
ذهبت إلی الطريق الجنوبي من تفرقنا وكنت علي وشك الإبحار بخيالاتي السوداء تعصف بي الرياح دون العثور علي قارب النجاة لماذا؟ كان هذا السؤال يتردد علي خاطري وقد شعرت بخطورة الوضع الذي نحن فيه فما من مخرج إلا الهلاك ولا من مأوى إلا هذه الصحراء الشاسعة المفتقرة للحياة والسكان كان عليّ اتخاذ الطريق لأُكمله ولكن كنت علي علم أن كل ما يحدث من جهد هو عبث في وسط كل هذه الخواطر رأيت امرأة تمتطي خيل أبيض مسرعة في اتجاهي
-سيدتي (لا يوجد رد) حاولت أن أسرع لعلها لا تسمعني
- يا سيدتي توقفي أرجوكِ
رأيتها تلتفت إليّ ويا ليتني ما رأيتها كانت عيناها سوداء تمامًا ووجهها بشع خارت قواي وسقطت في الظلام السرمدي
"معاذ"
لن يبقَ أمامي سوی أن أذهب إلی الطريق الشمالي، كان الطريق وعر وغير ممهد والبرودة تنهش جسدي كحيوان يسعى للفوز بفريسته
كان الطريق أمامي لا يوجد فيه شيء يُذكر، رمال في كل مكان والقمر يُضيء الطريق أمامي
يجب أن نذهب من هنا بسرعة ولكن كيف؟
لا يوجد أي مخلوق هنا ولا حتى حشرة صغيرة، دوي صمت مرعب ومخيف، شعرت بشيء خلفي نظرت ولكنني لم أجد شيء، استمريت في السير إلی الأمام ولن أدع لعقلي شيء يُعكر صفاؤه، شعرت أن هناك يد تتخبط بكتفي من الخلف نظرت ببطيء ولم أرَ شيء فجأة نظرت أمامي وجدت كائن قصير أصفر فاقع لونه يشبه الكائنات الفضائية منظره يسير الضحك في نفسي ولكني في موقف صعب
تسمرت قدمي بالأرض ولم أستطع الحراك.