لم يكُن توم بانكس وجاك بروس مجرد زميلَي عملٍ يجمعني بهما العمل منذُ 8 سنوات وحسب، بل كنت أعتبرهما صديقين رغم كل الاختلافات التي بيننا سواء في طريقة تناول القضايا والجرائم والتعامل مع المتهمين أثناء التحقيقات، فرغم اختلاف أعمارنا إلا أنَّ العمل والوقت جعلونا ننسى أو نتناسى هذا الاختلاف، فأنا أبلغ 35 عامًا وأنا أصغرهما، ولكنهما دائمًا ما احترماني وقدَّرا عملي وحفَّزاني للقيام دومًا به، أنا ماتيلدا جاكسون، محقِّقة بمكتب التحقيقات بولاية تكساس، متزوجة من جيمس نيكولاس الذي يعمل نائبًا جمهوريًّا وأم لثلاثة أطفال، أمَّا توم فقد بلغ 48 عامًا منذُ يومين فقط ولا يحب الزواج، ويعتقد أنَّ الإنسان إمَّا يعمل ويكون ناجحًا في عمله أو يتزوج، دائمًا ما أقول له إنه شخص أناني ولكنه لا يعبأ برأيي مُطلقًا.
أمَّا زميلي الثاني فهو جاك بروس، وهو شاب وسيم عمره 31 عامًا، لم يتزوج بعد، لكن لديه صديقة جميلة هي آنا وتعمل مُعدَّة برامج إخبارية، وهي ماهرة بالطبخ ودائمًا ما أحب الوجبات الخفيفة التي تُعِدها لجاك.
داخل إحدى المكتبات العامة بولاية تكساس الأمريكية
جاك بروس: هل وجدت شيئًا غريبًا؟
توم بانكس: للأسف لا، لكن هذا هو نفس نوع القنابل المُستخدَم في حادثة الفندق التي كانت منذُ سبعة شهور تقريبًا.
جاك: هل مِن إصابات؟
توم: مات ثلاثة بينما أُصيب أحد عشر شخصًا إصاباتهم طفيفة، حظهم جيد، كانوا بعيدين عن مكان القنبلة بحوالي اثني عشر مترًا.
ماتيلدا جاكسون: أخبرتني أمينة المكتبة أنَّ شخصًا ما اتصل وأبلغها أنَّ ثمَّة مُتفجرات في المكتبة سوف تنفجر خلال عشرين دقيقة، لكنها اعتبرته مجنونًا ولم تُبلِغ الشرطة.
جاك: إن هذا هو نفسه ما حدث في الفندق تقريبًا، لكنَّ مدير الفندق أبلغ الشرطة، وللأسف وصلت بعد التفجيرات بدقائق قليلة.
توم: وما معنى ذلك؟
ماتيلدا: معناه أنَّ المجرم حريص على عدم وقوع ضحايا تقريبًا.
جاك: إذًا لمَ يقوم بهذه التفجيرات من الأساس؟! لا أعتقد أنَّه يريد قتل أحدٍ بعينه ويفجَّر المكان بأكمله لقتله، وإلَّا فلِمَ يُبلغنا عن المتفجِّرات والحادث؟! أو كان قتله بطريقة أسهل من هذه، ثمَّة غموض في هذه الجرائم وهناك لغزٌ غير مفهوم!
توم: لقد جمعنا أجزاءً من المادة المتفجِّرة لمعاينتها، وعلينا انتظار تقارير البحث الجنائي.
ماتيلدا: أكثر ما يستفز فضولي كوني امرأة ومحقِّقة هو كيف وُضِعت المتفجرات هنا؟
جاك: هذا ما سنعرفه قريبًا من موظفة المكتبة، أين هي؟
ماتيلدا: في المستشفي المركزي، إصابتها بسيطة، حروق طفيفة ويمكن استجوابها خلال سُويعات قليلة.
توم: لقد جمعنا كذلك كل البصمات التي وُجِدت في المكتبة، والتي يمكن أن تقودنا لأي شيء لو كانت مُتطابقةً مع أي بصمات لمجرمين لدينا بالسجلات الجنائية.
جاك: أعتقد أننا سوف نُمسك بالمجرم هذه المرة.
ماتيلدا: لن يكون القبض عليه بتلك السهولة التي تتصوَّرها يا جاك.
توم: ستتَّضح كل هذه الأمور بعد الاستجوابات واستكمال المعاينات والبحث الجنائي.
لم تكُن معرفتي بالعرب قويةً أبدًا، فأنا لم أقابل شخصًا عربيًّا قبلًا، لكن لديَّ صديقة اسمها ليندا متزوجة من شخص عربي، صحيح أنني لم أكن أُصدِّق أنَّ العرب ما زالوا يعيشون في الصحراء ويرعون الإبل -وإن كان هناك بالطبع مَن يرعى الإبل؛ لأنَّ هذا عمله الذي يؤويه ولا عيب في ذلك- لكن ليس جميعهم يعملون ذلك العمل بالتأكيد، كما أنني منذُ الدراسة والفكرة التي لدينا كأمريكيين أنهم بلا حضارة أو تقدُّم أو مناهج علمية تساعدهم؛ كي يتطوَّروا وينجحوا ويبنوا ويصعدوا للفضاء ويخترعوا مثلنا، لكن علِمتُ مؤخَّرًا أنَّ هذا غير صحيح إلى حدٍّ كبير، هُم بالطبع متأخِّرون عنَّا، لكنهم ليسوا متأخرين عنَّا بآلاف ومئات السنين كما كنا نتصوَّر.
فاروق صادق شاب عراقي، قَدِم إلى الولايات المتحدة مع أمه السيدة أمينة -مُعلمّة التاريخ- في عام 1992م، بعد وفاة أخيه الأكبر حُسَين في حرب الخليج الثانية في الكويت؛ حيثُ كان مُجنَّدًا بالجيش العراقي الذي هاجم الكويت عام 1991م، يبلغ فاروق من العمر 25 عامًا وقد تخرَّج في كلية التجارة، ذو خُلقٍ رفيع، مُعتَز بنفسه وكرامته وقوميته العربية، وهي بالطبع علامات زرعتها والدته به منذُ صِغَره.
تحفَّز فاروق بشدة ليجد عملًا مناسبًا لمؤهِّله الدراسي، فكان يأمل أن يعمل مُحاسبًا وينجح في عمله؛ كي يحصل على راتب مُجزٍ يكفيه ووالدته المريضة دون حاجة لأحد، لكنه لم يجد واضطرَّ للبحث عن أي عمل ليعيش منه، وفي النهاية لم يجد إلَّا عملًا واحدًا ألَا وهو نادل بأحد مطاعم الوجبات السريعة التي انتشرت بالولايات المتحدة في ذلك الوقت.
قَبِلَ العمل متحديًا نفسه بأنه لن يترك حُلمه في العمل بمؤهله الدراسي ولن يشغله عمله في المطعم عن البحث والتقديم لكل الشركات والمصانع والمكاتب التي قد تحتاج لِمُحاسب.
كان فاروق متأخرًا عن استكمال عمله بعد وقت راحته، وهناك استقبلته زميلته في العمل -جينيفر فورد- والتي أرادت أن تُلقِّنه درسًا لا بُدَّ له أنَّه يحتاجه الآن.
في أحد مطاعم ولاية تكساس
- ماذا كنت تفعل حتى الآن يا فاروق؟
- صليتُ الظهر وقرأتُ بعض آيات القرآن الكريم.
- القرآن الكريم! وماذا يعني هذا؟
- القرآن الكريم هو الكتاب المقدَّس للمسلمين، مثل كتابكم المقدَّس تمامًا.
- لكنك تأخَّرت عليَّ خمس دقائق يا فاروق، وهذا وقت طويل لدينا بالولايات المتحدة.
- أنا آسف على التأخير، لم أنتبه لذلك، يمكنك إطالة فترة راحتك عشر دقائق وأنا سوف أعمل مكانكِ حتى تعودين.
جينيفر: لا بأس، أعِد فاتورة الطاولة رقم 17 وخُذ طلبات الطاولة رقم 3، وأنا لن أتأخَّر أكثر من خمس دقائق.
- حسنًا.
في مستشفى تكساس المركزي
جاك بروس: كيف حالكِ الآن يا سيدتي؟
سارة جراهام: أنا أفضَل، أشعر بتحسُّن في جسدي، لكنني لم أنظر لوجهي بالمرآة حتى الآن.
توم بانكس: ما زال جميلًا يا سيدة سارة.
سارة: مجاملة لطيفة جدًّا لسيدة أتمَّت الثامنة والأربعين من عمرها منذُ أسبوعين.
جاك: الحقيقة تفرض نفسها دائمًا يا سيدتي، وبالمناسبة عيد ميلاد سعيد.
توم: عيد ميلاد سعيد، وبالمناسبة أنا توم بانكس وهذا زميلي جاك بروس من مكتب تحقيقات جرائم تكساس.
سارة: تشرَّفتُ بِكما.
جاك: رُبَّما الوقت ليس مناسبًا للتحقيق بشأن انفجار اليوم، لكننا مضطرون له الآن؛ كي نتفادى أي انفجارات جديدة قادمة.
سارة: لا بأس، كيف يمكنني مساعدتكما؟
توم: زميلتنا ماتيلدا التي قابلتكِ بعد الحادث مباشرةً قبل نقلكِ للعلاج أخبرتنا عن مكالمة تحذير بوجود متفجرات جاءتكِ قبلها، هل تتذكَّرين ذلك؟
سارة: بالفعل، أتتني مكالمة غريبة قبل وقوع الانفجار بحوالي نصف ساعة، وفي آخر المكالمة تقريبًا أخبرني هذا الشخص على الطرف الآخر بوجود متفجرات في المكتبة وسوف تنفجر بعد عشرين دقيقةً على الأكثر، وإن لم نغادر المكتبة حالًا سيدفع كثيرون الثمن.
جاك: تقصدين غريبةً لأنَّ هذا الشخص حذَّركِ متأخرًا أم لأنَّكِ شعرتِ أنَّه شخص غير طبيعي أو سَوي.. ما وجه الغرابة تحديدًا؟
سارة: لأنه قبل أن يحذِّرني كان يتكلم بطريقة عادية جدًّا ويسأل عن كتب تاريخية عن الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، وبدا لي من حديثه أنَّه إنسان واعٍ ومثقف ويحب التاريخ والقراءة.
توم: وكيف أجبتِه على هذه الأسئلة حول الكتب التي أرادها؟
سارة: حدَّثته عن الكتب التي لدينا بهذا الشأن، والتي من الممكن أن تساعده في حال كان طالب ماجستير أو دكتوراه، وأيضًا في حال أنَّه شخص يهوى قراءة التاريخ فقط، وكان لطيفًا جدًّا وشكرني على مساعدتي، وقبل أن يُنهي مكالمته أخبرني عن هذه القنابل التي وضعها في المكتبة.
جاك منفعلًا: ولمَ لم تُعلمي الشرطة بسرعة بعد أن انتهت المكالمة؟
سارة: لقد كان الأمر برُمَّته غريبًا وغير متوقَّع بالنسبة إليَّ، فلم أُصدِّق هذا واعتبرتها دُعابةً سخيفةً من شخص مازح أو غير طبيعي، كان الأمر مُفاجئًا كأن يخبرني زوجي أنَّه مريض للغاية؛ بسبب السِّمنة ويطلب مني أن أطهو له اللحوم، فلم أستوعب ماذا يريد ولم أعرف كيف أتصرَّف حينها؟
توم: مفهوم طبعًا، لقد شلَّ تفكيرك بسؤاله عن تاريخ الحرب العالمية الثانية ومن ثَمَّ تحذيرك من وجود مُتفجِّرات.
سارة: أنا تقريبًا حتى لم أفهم هل يتكلم بجدية أم لا؟ أم يُطلِق دُعابةً باعتباره يسأل عن حرب فيحذِّرني من متفجرات وقنابل وهكذا، ثم أغلق الهاتف بسرعة دون أن أنتبه أيًّا من كلماته كانت حقيقيةً وأيُّها كانت زائفةً أو ساخرةً أو...؟
جاك: حسنًا.. حسنًا، لكن كيف دخلت هذه المتفجرات إلى المكتبة؟
سارة: نحن لا نقوم بتفتيش مَن يدخلون ويخرجون من المكتبة، ولا نهتم كذلك بمعرفة اسمه أو عمله أو عُنوانه إلَّا إذا أراد استعارة كتاب وأخذه إلى بيته، رُبَّما دخل وسط الناس بشكل عادي جدًّا وأخفى المتفجرات في أي رف للكتب أو حتى داخل حقيبة ما وتركها في أي مكان غير ظاهر في المكتبة أو حتى داخل أي دورة مياه.
توم: إذًا هذا الشخص الذي حادثكِ في الهاتف هو رجل وليس امرأة، أليس كذلك؟
سارة: بلى، ويبدو أنَّه ليس مواطنًا أمريكيًّا.
توم: كيف عرفتِ ذلك؟
سارة: لأنَّ لكنته الإنجليزية رديئة وليست أمريكية الأصل، تُشبه لكنة الأسيويين غالبًا.
جاك: أنتِ متأكدة؟
سارة: حسنًا، يمكنني التأكيد أنَّها ليست أمريكية، لكنني لا أجزم أنها أسيوية.
جاك: هل كانت صينيةً أو روسيةً مثلًا؟
سارة: لا يمكنني الجزم بذلك، كانت غير أمريكية.
توم: حسنًا، هل تتذكَّرين أي أصوات أو حركات أو غير ذلك كانت حوله؟
سارة: لا، لا شيء مُميَّز.
جاك: شكرًا لكِ يا سارة، لقد قدَّمتِ لنا الكثير من المساعدة في هذا التحقيق.
توم: شكرًا.. سوف نترك لكِ رقم مكتب تحقيقات الجرائم بالولاية في حال تذكَّرتِ معلومات أخرى، ويمكن أن نحتاج شهادتك قريبًا.. شكرًا لكِ مرة ثانية.
سارة: لا بأس.. أراكم قريبًا إذًا.
في بيت فاروق صادق بولاية تكساس
كانت السيدة أمينة التميمي -والدة فاروق- في غاية القلق على ابنها الشاب الذي كان آمنًا مستقرًّا في وطنه وبين أقرانه بالعراق؛ حيثُ عاش هناك خمسة وعشرين عامًا بين أحضان الرافدين دجلة والفرات، فلم تستطِع منعه من الخروج والبحث في كل أرجاء الولاية بحثًا عن عمل يكفيهم للعيش بكرامة داخل هذا البلد الجديد، فكانت تطمئن عليه يوميًّا وعلى حاله في العمل وتشدِّد عليه كثيرًا؛ كي يتحرَّى الحلال دائمًا ويبتعد عن كل ما يستدرجه لأي شر، واستمرَّت تُلاحقه بدعواتها؛ كي يبعد الله عنه كل سوء ومكروه.
- كيف حال عملك يا فاروق؟
- الحمد لله يا أمي، ليس لديَّ بديل عن هذا العمل، لقد وجدته بعد أن استمرَّ بحثي قُرابة ثلاثة أشهر منذُ أن وطِئت أقدامنا أمريكا، كما أنني بدأت أعتاد عليه وكذلك على زملائي هناك، صحيح كان هناك بعض المشكلات في البداية، لكن الحمد لله مرَّت ثلاثة أشهر وبدأت أتأقلم مع طبيعة العمل وأيضًا طبيعة الأمريكان.
- وما طبيعة الأمريكان؟
- يقدِّرون قيمة الوقت والمال حتى لو أنفقوه كاملًا على الخمور ويدركون أنهم محتاجون إلى العمل كما يحتاجهم، ولا يتنازلون عن دقيقة من وقت راحتهم ولا يشغلون بالهم بغيرهم طالما لا يزعجهم، لم ينزعجوا من صلاتي وكتاب ربي طالما لا أُقصِّر في عملي، كما لا يتحدثون كثيرًا ويحبون النحافة لا السِّمنة ويمارسون الرياضة دائمًا.
- لطالما قدَّروا العلم والعمل، لكنهم لا يحبون أن يسبقهم أو يتفوَّق عليهم أحد، كانت أمريكا على بُعد خطوة واحدة كي تُصبح القوة العُظمى الوحيدة في العالم بلا مُنازع دون منافسة الاتحاد السوفيتي أو روسيا كما تُسمَّى حاليًّا بعد التفكُّك.
- حقًّا، كيف ذلك يا أمي؟
- بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت الولايات المتحدة أقوى المنتصرين من دول الحلفاء؛ حيثُ لم تدُر معارك على أرضها، كما أنها دخلت الحرب من منتصفها فلم تُستهلَك قواتها بدرجة كبيرة على عكس فرنسا والاتحاد السوفيتي وبريطانيا، فضلًا عن أنها الدولة الوحيدة التي تمتلك قنابل ذرية أو نووية دون غيرها، ثم شرعت في تطوير القنبلة الذرية لقنابل هيدروجينية أقوى بمئات بل وآلاف المرات من قنابل هيروشيما ونجازاكي.
- وماذا بعد؟
- بعد أحد التجارب النووية في المحيط الهادي، وبعد أن رأى بعض الفيزيائيين بأعينهم مدى القوة التدميرية والتفجيرية لهذه القنابل أدركوا أنَّ العالم أصبح في تهديد مخيف من قِبَل الأمريكان، وبما أنَّه لم يكُن هناك مجال للرجوع عن تطويرها وتصنيعها وتهديدها للعالم كله اعتقدوا أنَّه لا بُدَّ من قيام قوى مضادة تمتلك قنابل نووية وأسلحة دمار شامل تُخيف الأمريكان على أنفسهم ومصالحهم؛ ليفكروا كثيرًا قبل أن يستخدموا السلاح النووي ويدمِّروا العالم كما دمَّروا هيروشيما ونجازاكي من قبل.
- تقصدين يا أمي أنهم خانوا أمريكا وباعوا أبحاثهم عن القنابل النووية للاتحاد السوفيتي؟
- فعلًا.. هذا ما حدث وقتها وربما باعوا هذه الأبحاث لدول أخرى أيضًا.
- لكن أهذه خيانة؟!
- سواء باعوها بأموال أو بدافع الإنسانية والخوف على الجنس البشري، فهذه كانت بالنسبة إليهم خيانة مشروعة جدًّا، ليس من مصلحة العالم أبدًا أن يعيش طول العمر بتهديد أمريكي.
- هل عرف الأمريكان مَن قام بخيانتهم؟
- أمسكوا شخصين تقريبًا وربما أكثر واتهموهم بتسريب سر القنابل النووية ولم يعرف أحد عنهم شيئًا إلى الآن.
- كيف عرفتِ كل هذا يا أمي؟
- لقد درستُ تاريخ العراق وكذلك درَّسته للطلبة على مدار ثلاثين عامًا، وأهم هواياتي معرفة تاريخ الشعوب وتاريخ أمريكا كله منذُ اكتشافها يُمثِّل ورقةً بالنسبة لحضارة وتاريخ بلادنا.. بلاد الرافدين.
- اهدئي يا أمي.. وإلَّا رحَّلونا على بلادنا في الحال.
- لن يفِت ذلك في عضُد أمك المريضة يا بُني.. ما جئنا هُنا إلَّا بعد أن ضاقت بنا العراق بعد موت أخيك حسين في حرب الكويت.
- تقولين موت يا أمي؟! أخي شهيد، دافع عن وطنه وأرضه وعِرضه.
- واللهِ ما أعرف مَن قتله، أخوه الكويتي ولا أخوه المصري ولا الخليجي ولا العدو الذي أثار كل هذه الفتنة، ولا أعرف أيًّا من إخوانه هو الشهيد، ربنا يرحمه يا وَلَدي ويرحم كل إخوانه.
- معكِ حق يا أمي.. رحمهم الله جميعًا.