tafrabooks

Share to Social Media

أشيع جثمان الذكرى فتبدأ مراسم التناسي، أبحثُ عن مكان بارد دافىء كقبر، كحضن أمي، لا أعلم حقا ما الدافع الذي جعلها تخونني، لم أستطع إلى اليوم تفسير عبارتها التي تقولها بعد كل شجار بيننا "نحبك ونكره حبي ليك .." وكأنها تحبني رغماً عنها ..
هكذا هي إرادة الحب وقوته أن تسلم بكل شيء وتسلم في كل شيء حتى في قلبك وفي مفاتيحه، أن تفتح بابك على مصراعيه وتستقبل بابتسامة نسائم الحب التي ستحتل كيانك وتخرجك منك ومن هدوءك ومن سكونك الذي يشبه سكون الليل ، السماء المرصعة بالنجوم تبارك هذا الحب وتضرم في قلبك ألسنة من النيران، تخطفك من حيث أنت وتُجبرك على البوح، لا تستقر الموجة الشعورية في كيانك وكأنك تحمل قنبلة موقوتة تحذف نونها، تنفجر لتشكل أضواء مدينة الحب ، تتقاسمون بألسنتكم لعابا لزجا طازجا تتعانق على سطحه الأرواح ، تمسك بيدها وتبنيان صرحاً واسعاً من الأحلام ، بيوتاً وأطفالاً واحتفالات، تفكرون أيضا في شكل الدعوات لحفل زفافكم وفي عدد المعزومين لهذا الحفل ، في الفنان الذي سيغني لكم لتستقروا أخيراً على أصالة وفي المكان الذي ستقضون فيه شهر العسل ، في أسماء الأولاد .
قلت بصوت هادئ :
_أنك تحب الذكور لتصرخ فيً بقوة :
_أريد بنات ، إناثاً تحدثها بأن تهدأ فما تلبث حتى تبدأ الغناء
يا بنات
يا بنات
يا بنات
والي ما خلفشي بنات
ما شبعشي من الحنية
وما ذقش الحلويات
فصرخت فيها :
_ألم أقل لك مرارا أني لا أحب أغاني نانسي لأنها تشعرني بالضجر
حسناً حسناً
_أحس وكأنك يا حبيبي من القرن الماضي، أنت كائن رمادي ،تحب الأغاني القديمة ، أحس وكأنك قطعة أثاث أو تلفاز قديم تتزين شاشته بالأبيض والأسود ...نحن الآن على مشارف نهاية سنة 2020
وأنت ما زلت تعيش في أوائل القرن الماضي
_سأصطحبك الآن إلى بيتك فالوقت متأخر
_حقاً قبل أن أنسى أين هي الهدية التي وعدتني بها..
_حبيبتي أنت تعلمين جيداً أنني أمر بضائقة مادية هذه الأيام فهلا انتظرت قليلاً وأعدك أن الهدية ستكون بين يديك في الأيام القادمة
_حسناً حسناً لنعد الى البيت
بعد يوم من هذا اللقاء ، اتصلتُ بها أكثر من مرة، لكنها لم ترد
لم أرد إزعاجها فقلت عندما ترى اتصالاتي المتكررة فيما بعد ستعيد الاتصال بي، بعدها بيوم حزمت أمتعتي وسافرتُ في أمر يخص العمل ولا يستطيع التأجيل، لم أنفك على التفكير فيها طوال هذه الأيام اتصلت بها أكثر من مرة فلم ترد، وفي اليوم الذي يسبق عودتي ردت علي بنبرة وحشية باردة :
سأتزوج غدا برجل إماراتي أرجو أن لا تتصل بي ثانية.. ثم أغلقت الخط .
إنتابني شعور غريب وقلت في نفسي ربما هي غاضبة لأنني سافرت دون أن أخبرها، في اليوم التالي عدتُ إلى المدينة بعد انقضاء مدة العمل اشتريت لها هدية وقررت أنني عندما ألتقي بها سنرتبُ موعداً قريباً للزواج ... أخذت قيلولة وفي المساء توجهتُ إلى الحي الذي تسكنه سمعت موسيقى بالقرب من بيتهم لكنني لم أهتم بهذا الأمر كثيراً وواصلت السير حتى وصلت أمام البيت لأجد الكثير من السيارات المصطفة أمامه وفي مُقدمة هذا السرب من السيارات سيارة من نوع أودي زينت بخيوط الزينة علقت عليها ورقة مكتوبٌ عليها "زواج سعيد" أو كما نقول بالدارجة "كرهبة للعروس" تقدمتُ خطوة لأفاجئ بالعروس تخرج أمامي بفستانها الأبيض الطويل ...
نظرتُ ثم فركت عيني، لا ليست هي عيناي تكذب... هذه أختها التوأم ، لكنها الفتاة الوحيدة في بيتها ، حواسي لا تخدعني إنها هي بشحمها ولحمها أنا لا أصدق ما يحدث انهار كل شيء في لحظة ....وسقطت بعدها مغمياً علي لأجدني في المستشفى وأمي تمسح على رأسي وتُدفئني بدموعها ...

0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.