Reham Abd elkader elshorbagy

Share to Social Media

• شرع ذلك لكي تتفكروا فيما ينفعكم في الدنيا والآخرة ويسألك أصحابك -أيها النبي- عن قيامهم بالولاية على اليتامى كيف يتصرفون في التعامل معهم؟ وهل يخلطون معهم في النفقة والمطاعمة والمساكنة؟ قل مجيبا إياهم: تفضلكم عليهم بإصلاح أموالهم من غير عوض أو مخالطة في أموالهم: خير لكم عند الله وأعظم أجرا وهو خير لهم في أموالهم لما فيه من حفظ أموالهم عليهم وإن تشاركوهم بضم مالهم إلى مالكم في المعاش والمسكن ونحو ذلك فلا حرج في ذلك فهم إخوانكم في الدين والإخوة يعين بعضهم بعضا ويقوم بعضهم على شؤون بعض والله يعلم من يريد الفساد من الأولياء بمشاركة اليتامى أموالهم ممن يريد الصلاح ولو شاء أن يشق عليكم في شأن اليتامى لشق عليكم ولكنه سبحانه وتعالى يسر لكم سبيل التعامل معهم لأن شريعته مبنية على اليسر، إن الله عزيز لا يغالبه شيء حكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه.
• ولا تتزوجوا -أيها المؤمنون- المشركات بالله حتى يؤمن بالله وحده ويدخلن في دين الإسلام وإن امرأة مملوكة مؤمنة بالله ورسوله خير من امرأة حرة تعبد الأوثان ولو أعجبتكم بجمالها ومالها ولا تزوجوا المسلمات رجالا مشركين ولعبد مملوك مؤمن بالله ورسوله خير من حر مشرك ولو أعجبكم أولئك المتصفون بالشرك -رجالا ونساء- يدعون بأقوالهم وأفعالهم إلى ما يقود إلى دخول النار والله يدعوا إلى الأعمال الصالحة التي تقود إلى دخول الجنة والمغفرة من الذنوب بإذنه وفضله ويبين آياته للناس لعلهم يعتبرون بما دلت فيعلمون بها.
• ويسألك أصحابك -أيها النبي- عن الحيض {وهو دم طبيعي يخرج من رحم المرأة في أوقات مخصوصة}؟ قل مجيبا: الحيض أذى للرجل والمرأة فاجتنبوا جماع النساء في وقته ولا تقربوهن بالوطء حتى ينقطع الدم عنهن ويتطهرن منه بالغسل فإذا انقطع وتطهرن فجامعوهن على الوجه الذي أباح الله لكم طاهرات في قبلهن، إن لله يحب المكثرين من التوبة من المعاصي والمبالغين في الطهارة من أخباث.
• زوجاتكم محل زرع لكم يلدن لكم الأولاد كالأرض التي تخرج الثمار فأتوا محل الزرع – وهو القبل- من أي جهة شئتم وكيفما شئتم إذا كان في القبل وقدموا لأنفسكم بفعل الخيرات ومنه أن يجامع الرجل امرأته بقصد التقرب إلى الله وابتغاء الذرية الصالحة واتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ومنها ما شرع لكم في شأن النساء واعلموا أنكم ملاقوه يوم القيامة واقفون بين يديه ومجازيكم على أعمالكم وبشر -أيها النبي- المؤمنين بما يسرهم عند لقاء ربهم من النعيم المقيم والنظر إلى وجهه الكريم.
• ولا تجعلوا الحلف بالله حجة مانعة من فعل البر والتقوى والإصلاح بين الناس بل إذا حلفتم على ترك البر فافعلوا البر وكفروا عن أيمانكم والله سميع لأقوالكم عليم بأفعالكم وسيجازيكم عليها.
• ولا يحاسبكم الله بسبب الإيمان التي تجري على ألسنتكم من غير قصد كقول أحدكم: لا والله وبلى بالله فلا كفارة عليكم ولا عقوبة في ذلك ولكن يحاسبكم على ما قصدتموه من تلك الإيمان والله غفور لذنوب عباده، حليم لا يعاجلهم بالعقوبة.
• للذين يحلفون على ترك جماع زوجاتهم انتظار مدة لا تزيد عن أربعة أشهر ابتداء من حلفهم وهو ما يعرف بالإيلاء فإن رجعوا إلى جماع نسائهم بعد حلفهم على تركه في مدة أربعة أشهر فما دون، فإن الله غفور يغفر لهم ما حصل منهم ورحيم بهم حيث شرع الكفارة مخرجا من هذا اليمين.
• وإن قصدوا الطلاق باستمرارهم على ترك جماع نسائهم وعدم الرجوع إليه فإن الله سميع لأقوالهم التي منها الطلاق، عليم بأحوالهم ومقاصدهم وسيجازيهم عليها.
• والمطلقات ينتظرن بأنفسهن ثلاث حيض لا يتزوجن خلالها ولا يجوز لهن أن يخفين ما خلق الله في أرحامهن من الحمل إن كن صادقات في الإيمان بالله واليوم الآخر وأزواجهن المطلقون لهن أحق بمراجعتهن في مدة العدة إن قصدوا بالمراجعة الألفة وإزالة ما وقع بسبب الطلاق وللزوجات من الحقوق والواجبات مثل الذي لأزواجهن عليهم بما تعارف عليه الناس وللرجال درجة أعلى عليهن ومن القوامة وأمر الطلاق والله عزيز لا يغلبه شيء، حكيم في شرعه وتدبيره.
• الطلاق الذي يمتلك في الزوج الرجعة طلقتان بأن يطلق ثم يراجع ثم يطلق ثم يراجع ثم بعد الطلقتين إما أن يمسكها في عصمته مع المعاشرة بالمعروف أو يطلقها الثالثة مع الإحسان إليها وأداء حقوقها ولا يحل لكم -أيها الأزواج- أن تأخذوا مما دفعتم إلى زوجاتكم من المهر شيئا إلا أن تكون المرأة كارهة لزوجها بسبب خلقه أو خلقه ويظن الزوجان بسبب هذا الكره عدم وفائهما بما عليهما من الحقوق فليعرض أمرهما على من له بهما صلة قرابة أو غيرها فإن خاف الأولياء عدم قيامهما بالحقوق الزوجة بينهما فلا حرج عليهما أن تخلع المرأة نفسها بمال تدفعه لزوجها مقابل فراقها. تلك الأحكام الشرعية هي الفاصلة بين الحلال والحرام فلا تتجاوزوها ومن يتجاوز حدود الله بين الحلال والحرام فأولئك هم الظالمون لأنفسهم بإيرادها موارد الهلاك وتعريضها لغضب الله وعقابه.
• فإن طلقها زوجها طلقة ثالثة لم يحل له نكاحها من جديد حتى تتزوج رجلا غيره زواجا صحيحا لرغبة لا لقصد التحليل ويجامعها في هذا النكاح فإن طلقها الزوج الثاني أو توفى عنها، فلا إثم على المرأة وزوجها الأول أن يتراجعا بعقد ومهر جديدين إن غلب على ظنهما أنهما يقومان بما يلزمهما من الأحكام الشرعية وتلك الأحكام الشرعية يبينها الله لأناس يعلمون أحكامه وحدوه لأنهم هم الذين ينتفعون بها.
• وإذا طلقتم نساءكم فقاربن انتهاء عدتهن، فلكم أن تراجعوهن أو تتركوهن بالمعروف دون رجعة حتى تنقضي عدتهن ولا تراجعوهن لأجل الاعتداء عليهم والإضرار بهم كما كان يفعل في الجاهلية ومن يفعل ذلك بقصد الإضرار بهن، فقد ظلم نفسه بتعريضها للإثم والعقوبة ولا تجعلوا آيات الله محال استهزاء بالتلاعب بها والتجرؤ عليها، واذكروا نعم الله عليكم من القرآن والسنة يذكركم بهذا ترغيبا لكم وترهيبا وخافوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، واعلموا أن الله بكل شيء فلا يخفى عليه شيء وسيجازيكم بأعمالكم.
• وإذا طلقتم نساءكم أقل من ثلاث طلقات وانتهت عدتهن فلا تمنعوهن -أيها الأولياء- حينئذ من العودة إلى أزواجهن بعقد ونكاح جديد إذا رغبن في ذلك وتراضين مع أزواجهن عليه ذلك الحكم المتضمن النهي عن منعهن يذكر به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أكثر نماء للخير فيكم وأشد طهرا لأعراضكم وأعمالكم من الأدناس والله يعلم حقائق الأمور وعواقبها وأنت لا تعلمون ذلك.
• والوالدات يرضعن أولادهن سنتين كاملتين ذلك التحديد بسنتين لمن قصد إكمال مدة الرضاعة وعلى والد الطفل نفقة الوالدات المرضعات المطلقات ولباسهن بحسب ما تعارف عليه الناس مما لا يخالف الشرع لا يكلف الله نفسا أكثر من سعتها وقدرتها ولا يحل لأحد الأبوين أن يتخذ الولد وسيلة إضرار بالآخر وعلى وارث الطفل إذا عدم الأب وكان الطفل ليس له مال مثل ما على الأب من الحقوق، فإن أراد الأبوان فطام الطفل قبل تمام السنتين فلا إثم عليهما في ذلك إذا كان بعد تشاورهما وتراضيهما على ما فيه مصلحة المولود وإن أردتم أن تطلبوا مرضعات لأولادكم مرضعات غير الأمهات فلا إثم عليكم إذا سلمتم ما اتفقتم عليه مع المرضعة من أجرة بالمعروف بلا نقص أو مماطلة واتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه واعلموا أن الله بما تعملون بصير فلا يخفى عليه شيء من ذلك وسيجازيكم على ما قدمتم من أعمال.
• والذين يموتون ويتركون وراءهم زوجات غير حوامل ينتظرن بأنفسهن وجوبا مدة أربعة أشهر وعشرة أيام يمتنعن فيها عن الخروج من بيت الزوج وعن الزينة والزواج فإذا انقضت هذه المدة فلا إثم عليكم – أيها الأولياء- فيما فعلن بأنفسهن مما كان ممنوعا عليهن في تلم لمدة على الوجه المعروف شرعا وعرفا، والله بما تعملون خبير ولا يخفى عله شيء من ظاهركم وباطنكم وسيجازيكم عليه.
• ولا إثم عليكم في التلميح بالرغبة في خطبة المعتدة من وفاة أو طلاق بائن دون التصريح بالرغبة بأن يقول كأن يقول: إذا انقضت عدتك فأخبريني ولا إثم عليكم فيما أخفيتم في أنفسكم من الرغبة في نكاح المعتدة بعد انقضاء عدتها علم الله أنكم ستذكرون لشدة رغبتكم فيهن فأباح لكم التلميح دون التصريح واحذروا أن تتوعدوا سرا على النكاح وهن في مدة العدة إلا وفق المعروف من القول وهو التعريض ولا تبرموا عقد النكاح في زمن العدة واعلموا أن الله يعلم ما تضمرونه في أنفسكم مما أباح لكم ما حرم عليكم فاحذروه ولا تخالفوا أمره واعلموا أن الله غفور لمن تاب من عباده حليم لا يعاجل بالعقوبة.
• لا إثم عليكم إن طلقتم زوجاتكم اللائي عقدتم عليهن قبل أن تجامعوهن وقبل أن توجبوا مهرا محددا لهن، فإذا طلقتموهن على هذه الحال فلا يجب عليكم مهر وإنما يجب إعطاؤهن شيئا يتمتعن به ويجبر كسر نفوسهن بحسب الاستطاعة سواء كان موسعا عليه كثير المال أو مضيقا عليه قليل المال وهذا العطاء حق ثابت على المحسنين في أفعالهم ومعاملاتهم.
• وإن طلقتم زوجاتكم اللائي عقدتم عليهن قبل جماعهن وقد أوجبتم لهن مهرا محددا فيجب عليكم دفع نصف المهر المسمى إليهن إلا أن يسمحن لكم به -إن كن رشيدات- أو يسمح الأزواج أنفسهم ببذل المهر كاملا لهن وأن تتسامحوا في الحقوق بينكم أقرب إلى خشية الله وطاعته ولا تتركوا -أيها الناس- تفضل بعضكم على بعض والمسامحة في الحقوق فإن الله بما يعملون بصير فاجتهدوا في بذل المعروف لتنالوا ثواب الله عليه.
• حافظوا على الصلوات بأدائها تامة كما أمر الله وحافظوا على الصلاة الوسطى بين الصلوات وهي صلاة العصر وقوموا لله في صلاتكم مطيعين خاشعين.
• فإن خفتم من عدو أو نحوه فلم تقدروا على أدائها تامة فصلوا مشاة على أرجلكم أو راكبين على الابل والخيل ونحوها أو على أي صفة تقدرون عليها، فإذا زال الخوف عنكم فاذكروا الله بجميع أنواع الذكر ومنه الصلاة على كمالها وتمامها ومثلما علمكم ما لم تكونوا تعلمونه من النور والهدى.
• والذين يموتون منكم ويتركون وراءهم أزواجا عليهم أن يوصوا لهن بما لهن من السكنى والنفقة عاما كاملا لا يخرجهن ورثتكم جبرا لهن لما أصابهن ووفاء للميت فإن خرجن قبل إكمال العام من تلقاء أنفسهن فلا إثم عليكم ولا عليهن فيما فعلن في أنفسهن من التزين والتطيب والله عزيز لا غالب له، حكيم في تدبيره وشرعه وقدره. هذا وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن حكم هذه الآية منسوخ بقوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} "البقرة: 234".
• وللمطلقات متاع يتمتعن به من كسوة أو مال أو غير ذلك جبرا لخواطرهن المنكسرة بالطلاق وفق المعروف من مراعاة حال الزوج من قلة أو كثرة وهذا الحكم حق ثابت على المتقين لله تعالى بامتثال أمره واجتناب نهيه.
• مثل ذلك البيان السابق يبين الله لكم -أيها المؤمنون- آياته المشتملة على حدوده وأحكامه لعلكم تعقلونها وتعملون بها فتنالون الخير في الدنيا والآخرة.
• ألم يبلغ علمك -أيها النبي- خبر الذين خرجوا من بيوتهم وهم خلق كثير خوفا من الموت بسبب الوباء أو غيره وهم طائفة من بني إسرائيل فقال لهم الله: موتوا، فماتوا ثم أعادهم أحياء ليبين لهم أن الأمر كله بيده سبحانه، وأنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا إن الله لذو عطاء وفضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون الله على نعمه.
• وقاتلوا -أيها المؤمنون – أعداء الله نصرة لدينه ورفعة لكلمته، واعلموا أن الله سميع لأقوالكم عليم بنياتكم وأفعالكم وسيجازيكم عليها.
• من ذا الذي يعمل المقرض فينفق ماله في سبيل الله بنية حسنة ونفس طيبة ليعود عليه أضعافا كثيرة؟ والله يضيق في الرزق والصحة وغيرها ويوسع في ذلك كله بحكمته وعدله وإليه وحده ترجعون في الآخرة فيما يجازكم على أعمالكم.
• ألم يبلغ علمك -أيها النبي- خبر الأشراف من بني إسرائيل بعد زمن موسى عليه السلام، حين قالوا لنبي لهم: أقم لنا ملكا نقاتل معه في الله، فقال لهم نبيهم: لعلكم إن فرض الله عليكم القتال إلا تقاتلوا في سبيل الله! قالوا منكرين ظنه فيهم: أي مانع يمنعنا من القتال في سبيل الله مع وجود ما يقتضي ذلك منا، وأسروا أبناءنا فنقاتل لاستعادة أوطاننا وتخليص أسرانا، فلما فرض الله عليهم القتال أعرضوا إذ لم يوفوا بما وعدوا به إلا قلة منهم والله عليم بالظالمين المعرضين عن أمره، الناقضين لعهده وسيجازيهم على ذلك.
• وقال لهم نبيهم: إن الله قد أقام لكم طالوت ملكا عليكم لتقاتلوا تحت رايته، قال أشرافهم مستنكرين هذا الاختيار معترضين عليه: كيف يكون له الملك علينا ونحن أولى بالملك منه، إذا لم يكن من أبناء الملوك ولم يعط مالا واسعا يستعين به على الملك؟! قال لهم نبيهم: إن الله اختاره عليكم وزاده عليكم سعة في العلم وقوة في الجسم والله يؤتي ملكه من يشاء بحكمته ورحمته والله واسع الفضل يعطي من يشاء، عليم بمن يستحقه من خلقه.
• قال لهم نبيهم: إن علامة صدق اختياره ملكا عليهم أن يرد الله عليكم التابوت –وكان صندوقا يعظمه بنو إسرائيل أخذ منهم- فيه طمأنينة تصاحبه وفيه بقايا مما تركه آل موسى وآل هارون مثل العصا وبعض الألواح إن في ذلك لعلامة بينة لكم إن كنتم مؤمنين حقا.
• فلما خرج طالوت بالجنود عن البلد قال لهم: إن الله مختبركم بنهر، فمن شرب منه فليس على طريقتي ولا يصاحبني في قتال، ومن لم يشرب منه فإنه على طريقتي ويصاحبني في القتال، إلا من اضطر فشرب مقدار غرفة بكف يده فلا شيء عليه فشرب الجنود إلا قليلا منهم صبروا على عدم الشرب مع شدة العطش فلما جاوز طالوت النهر هو والمؤمنون معه قال بعض جنوده لا قدرة لنا اليوم على قتال جالوت وجنوده وعندئذ قال الذين يوقنون أنهم ملاقو الله يوم القيامة كم من طائفة مؤمنة قليلة العدد غلبت طائفة كافرة كثيرة العدد بإذن الله وعونه فالعبرة في النصر بالإيمان لا بالكثرة والله مع الصابرين من عباده ويؤيدهم وينصرهم.
• ولما خرجوا ظاهرين لجالوت وجنوده توجهوا إلى الله بالدعاء قائلين: ربنا صب على قلوبنا الصبر وثبت أقدامنا حتى لا نفر ولا ننهزم أمام عدونا وانصرنا بقوتك وتأييدك على القوم الكافرين.
• فهزموهم بإذن الله وقتل داوود قائدهم جالوت وآتاه الله الملك والنبوة وعلمه ما يشاء من أنواع العلوم فجمع له بين ما يصلح الدنيا والآخرة ولولا أن من سنة الله أن يرد ببعض الناس فساد بعضهم لفسدت الأرض بتسلط المفسدين فيها ولكن الله ذو فضل على جميع المخلوقات.
• تلك آيات الله الواضحة البينة نتلوها عليك –أيها النبي- متضمنة صدقا في الأخبار وعدلا في الأحكام وإنك لمن المرسلين من رب العالمين.
• أولئك الرسل الذين ذكرناهم لك فضلنا بعضهم على بعض في الوحي والاتباع والدرجات، منهم من رفعه درجات عالية مثل محمد صلى الله عليه وسلم، إذا أرسل للناس كلهم وختمت به النبوة وفضلت أمته على الأمم وآتينا عيسى ابن مريم المعجزات الواضحات الدالة على نبوته كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وأيدنا بجبريل عليه السلام تقوية له على القيام بأمر الله تعالي. ولو شاء الله ما اقتتل الذي جاؤوا من بعد الرسل من بعد ما جاءتهم الآيات الواضحة ولكن اختلفوا فانقسموا فمنهم من آمن بالله ومنهم من كفر به ولو شاء الله إلا يقتتلوا ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد فيهدي من يشاء إلى الإيمان برحمته وفضله ويضل من يشاء بعدله وحكمته.
• يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، أنفقوا مما رزقناكم من مختلف الأموال الحلال من قبل أن يأتي يوم القيامة حينئذ لا بيع فيه يكتسب منه الإنسان ما ينفعه، ولا صداقة تنفعه في وقت الشدة ولا وساطة تدع ذرا أو تجلب نفعا إلا بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى والكافرون هم الظالمون حقا لكفرهم بالله تعالى.
• الله الذي لا إله يعبد بحق إلا هو وحده دون سواه، الحي حياة كاملة لا موت فيها ولا نقص، القيوم الذي قام بنفسه فاستغنى عن جميع خلقه وبه قامت جميع المخلوقات فلا تستغني عنه في كل أحوالها، لا يأخذه نعاس ولا نوم لكمال حياته وقيوميته، له وحده ملك في السماوات وما في الأرض، لا يملك أحد أن يشفع عنده لأحد بعد إذنه ورضاه، يعلم ما مضى من أمور خلقه مما وقع وما يستقبلونه مما لم يقع ولا يحيطون بشيء من علمه تعالى إلا بما شاء أن يطلعهم عليه أحاط كرسيه – وهو: موضع قدمي الرب – بالسماوات والأرض على سعتهما وعظمهما ولا يثقله أو يشق عليه حفظهما وهو العلي بذاته وقدره وقهره العظيم في ملكه وسلطانه.
• لا إكراه لأحد على الدخول في دين الإسلام لأنه الدين الحق البين فلا حاجة به إلى إكراه أحد عليه، قد تميز الرشد من الضلال فمن يكفر بكل ما يعبد من دون الله ويتبرأ منها ويؤمن بالله وحده فقد استمسك من الدين بأقوى سبب لا ينقطع للنجاة يوم القيامة والله سميع لأقوال عباده، عليم بأفعالهم وسيجازيهم عليها.
• الله يتولى الذين آمنوا به يوفقهم وينصرهم ويخرجهم من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم والذين كفروا أولياؤهم الأنداد والأوثان، الذين زينوا لهم الكفر فأخرجوهم من نور الإيمان والعلم إلى ظلمات الكفر والجهل أولئك أصحاب النار هم فيها ماكثون أبدا ولما ذكر الله الفريقين ضرب مثالين على الفريقين فقال:
• هل رأيت –أيها النبي- أعجب من جرأة الطاغية الذي جادل إبراهيم عليه السلام في ربوبية الله وتوحيده، وقد وقع منه ذلك لأن الله آتاه الملك فطغى فبين الله إبراهيم صفات ربه قائلا: ربي الذي يحيي الخلائق ويميتها، قال الطاغية عنادا: أنا أحيي وأميت بأن أقتل من أشاء وأعفو عمن أشاء فأتاه إبراهيم عليه السلام بحجة أخرى أعظم قال له: إن ربي الذي أعبده أتى بالشمس من جهة المشرق، فأت بها أنت من جهة المغرب، فما كان من الطاغية إلا أن تحير وانقطع وغلب من قوة الحجة والله لا يوفق الظالمين لسلوك سبيله لظلمهم وطغيانهم.
• أو هل رأيت مثل الذي مر على قرية سقطت سقوفها وتهدمت جدرانها وهلك سكانها فأصبحت موحشة مقفرة قال هذا الرجل متعجبا: كيف يحيي الله أهل هذه القرية بعد موتها؟! فأماته الله مدة مائة عام ثم أحياه وسأله فقال له: كم مكثت ميتا؟ قال مجيبا: مكثت مدة يوم أو بعض يوم. قال له: بل مكثت مائة سنة تامة فانظر إلى ما كان معك من الطعام والشراب فها هو ذا باق على حاله لم يتغير من أن أسرع ما يصيبه التغير الطعام والشراب وانظر إلى حمارك الميت ولنجعلك علامة بينة للناس دالة على قدرة الله على بعثهم وانظر إلى عظام حمارك التي تفرقت وتباعدت، كيف نرفعها ونضم بعضها إلى بعض ثم نكسوها بعد ذلك اللحم ونعيد فيها الحياة فلما رأى ذلك تبين له حقيقة الأمر وعلم قدرة الله فقال معترفا بذلك: اعلم أن الله على كل شيء قدير.
• واذكر –أيها النبي- حين قال إبراهيم عليه السلام: يا رب أرني ببصري كيف يكون إحياء الموتى قال له الله: أولم تؤمن بهذا الأمر؟ قال إبراهيم: بلى قد آمنت ولكن زيادة في طمأنينة قلبي فأمرة الله وقال له: خذ أربعة من الطير فاضممهن إليك وقطعهن ثم اجعل على كل جبل من الجبال التي حولك جزءا منهن ثم نادهن يأتينك سعيا مسرعات قد عادت إليهن الحياة واعلم يا إبراهيم أن الله عزيز في ملكه، حكيم في أمره وشرعه
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.