أريد لطفلي السعادة، التفوق، النجاح التميز، القوة، الثقة، اتخاذ القرارات، الحزم مع الحنان، الاستقلال، أن يكون أفضل من أي إنسان، ولا يوجد مثله أبدًا.
فهو نور العين وقرة الفؤاد وثمرتي التي أنتظر أن تطرح فرحًا ونجاحًا وتميزًا.
أريد أن أتباهى به أمام كل من يعرفني ومن لا يعرف.
وخصوصًا عيون المراقبين من ينتظرون الفرصة للنقد واللوم والشماتة.
أريد أن أثبت لهم نجاحي في تربية ابني، أريد أن أقول لهم ها أنا قد فعلت مالم تفعلوه، بل جعلته يفعل ما لم تفعلوه ولم أفعله.
لكن كيف ذلك؟ وهل كل ما يتمناه المرء يدركه؟ لو كان، كنت أدركته لنفسي فهي تقريبا المعادلة نفسها التي لا أعرف حلها.
الواقع مرير، فها هو ابني الكبير بدأ بمصاحبة صحبة السوء، يحبهم، يسمع كلامهم، يتأثر بهم ويهتدي بظلامهم. أما أنا فيبتعد عني كل البعد كلما تحدثت ضجر، كلما اقتربت ابتعد، كلما نصحت لم يسمع.
أما ابنتي الكبيرة نور العين، وأمل الحياة تقضي وقتها بين "التيك توك"، "الفيس بوك" وغيرهم؛ مما جعلها لا حاجة لها إلى أهل، ولا إلى أقارب، ولا تحب المشاركة في شيء.
وها هو الصغير ذو خمسة أعوام تمرد عليَّ، وكأنه في فترة مراهقة مبكرة كل ما يعرفه هو قول لا. وأحيانا بعض الشكوى والاعتراض مع علو الصوت، هذا بالإضافة إلى معاناتنا لكتابة المدعو "home work".
أما الأقارب والأصدقاء والجيران، فكل يوم نستشعر وجود صرخات صامتة، فها هو ابن يتمرد على والده، وها هي فتاة تبكي وتصرخ دون سبب، ها هو طفل يتحرك ويتحرك دون هدف، وتلك فتاة لا تتوقف عن أكل أظافرها، وهذا طبيب لا يستطيع أن يتحدث أمام الناس، وذلك مهندس لا يعرف كيف يجد عملًا.
هذا الأب كان يتبع نظام الشدة والضرب؛ حتى يروض ولده، لكن الترويض لم يستمر طويلا، عندما طالت أظافره هاجم بها. وها هو آخر أغرق أولاده حبًّا وحنانًا وتحقيقًا لما يحلمون به، لكن دون جدوى، ما العمل إذن؟ وما الطريق الصحيح؟
أهوال وأهوال في كل بيت، أقسم أني تعبت ولا حول لي ولا قوة، لا أستطيع الإمساك بزمام الأمور، ولا أعرف أين الخطأ، فقد قدمتُ كل ما في وسعي.
أقسم أني حاولت لتحقيق حلمي فيهم، لكن دون جدوى، ولا أدرى لمَ!
ما الخطأ؟ وأين؟ كيف أعرفه؟ وكيف أصلحه؟ ومتى وأنا أدور في ساقية كل يوم؟ وجع ما بعده وجع أن ترى ثمرتك وزرعتك تذبل يومًا بعد يوم.
عزيزتي الأم المتألمة، هوني عليك، غفر الله لك، لا تبكي على ما فات بل انظري لما يمكن عمله. توقفي عن لوم ذاتك، نحن فقط نسعى ونجتهد، ولا نملك أي شيء آخر غير الدعاء والاستعانة بالله. فلا تبكي على ما فات ولا تحملي نفسك زيادة عن طاقتها، استمري في المحاولة والسعي. هذا فقط ما يجب عليك فعله ولا شيء آخر.
وها أنا أمد لك يد العون، وأوضح لك الخطوات العملية؛ حتى نصلح ما يمكن، ونتجنب المزيد من الألم. أما عن الأم التي طفلها ما زال صغيرًا ولم تمر بهذه المشاكل، فتذكري دائمًا أن الوقاية خير من العلاج، والبناء أيسر من الترميم. فهذه فرصة لك حتى تعدي العدة، وتتجنبي كثيرا من الأشواك التي قد تواجهك في الطريق إن لم تنتبهي لها؛ لذلك إذا كنتِ ممن يرى كثيرًا من المشكلات في المجتمع أو الأشخاص من حولك، فلا تسلكي الطريق نفسه، طريق العشوائية والتعامل بلا معرفة أو علم.
أعلم أن الطريق طويل ومحاط بالمصاعب، أحيانا نضل الطريق ونسير في طرق، ونصل لأماكن نخشاها؛ لذا يجب أن نعرف وجهتنا، نركز عليها ونسعى نحوها فقط. كذلك في التربية، اهتمي بتربية ابنك أمام عينيك، واسألي نفسك دائما: هل أسير في الطريق الذي يوصلني لهدفي أم لا؟
فمثلا ها هي أمٌّ تريد أن يكون ابنها قوى الشخصية عندما يكبر، لكن دائما ما تفعل بدلًا عنه كل شيء، تأخذ قرارات بدلًا منه، ترفض أن يستقل، فهل هذا يوصلها لهدفها النهائي؟
وها هو أب يريد أن يكون ابنه صديقًا له يأخذ رأيه بدلًا من أصدقائه، لكن لم يحدث أن جلسا وتحدثا كأصدقاء. وتلك الأم التي تتمنى أن تكون ابنتها منظمة، ولكن لا تتركها تنظم ألعابها وملابسها، فهل هذا يوصلها لهدفها النهائي؟
وهذا أب يريد أن يكون ابنه عطوفًا على إخوته، ويتعامل معهم باللين، لكن دائما يعنفه ويصرخ في وجهه، فتعلم منه الابن وأصبح كثير الصراخ في إخوته بل يضربهم. كثيرًا ما نقع في هذا الخطأ الفادح؛ حيث إننا نرجو، وننتظر أن يكبر الابن ويصبح كذا وكذا، لكن لا يتغير أحد بين ليلة وضحاها، وما نغفل عنه أن ما نريده في الكبر يجب أن نسعى إليه في الصغر، فكيف ينتظر المزارع حصاد الثمار دون أن يجهز التربة، ويزرع البذور، ويروي ويتعب ويحاول ويعالج؟ وكيف له أن يضع بذورًا لنوع واحد، وينتظر عند الحصاد ثمارًا كثيرة ومختلفة؟ هذا يكاد يكون شيئًا خارقًا. فمن يترك النباتات تنبت وحدها يحصل على ما يطلق عليه: "نبات شيطاني" نبت وحده، ولا قيمة له؛ لذلك قبل أي شيء، اكتبي هدفك في التربية، وما تتمنين أن تكون شخصية طفلك حين يكبر.
أتمنى أن يصبح ابني:
ضعي هذا الهدف أمام عينيك، وكلما ضللتِ الطريق أو كنت في حيرة في أي أمر، دائمًا انظري لهدفك الأساسي وسلِي نفسك: هل أسير نحو هدفي أم لا؟ فنحن دائمًا ما نسعى نحو الهدف الأساسي، وليس لمرور الموقف فقط.
ما طرق التعامل الحالي التي تسهم في تحقيق هذا الهدف؟
ما طرق التعامل الحالي التي لا تؤدي إلى تحقيق الهدف؟
وها نحن معًا نخطو خطوات تساعدك للوصول لذلك الهدف.