تعتبر مشكلة الغضب عند الأطفال من المشاكل المنتشرة في الكثير من الأسر، والتي تسبب القلق والتوتر لدى الآباء والمعلمين والممارسين الصحيين، فما أن نجد مجموعة من الأمهات إجتمعوا معاً إلا وتبدأ الشكوى من الأطفال - وبالأخص في عمر ما قبل المشي إلى الخمس سنوات - من صراخ، وبكاء، ورفس بالأرجل عند توجيه أمر ما لهم مثل غسل الأيدى، أو الكف عن اللعب.
والغضب سلوك طبيعي وصحي ويدل على النمو بشكل جيد لأنه يعبرعن بدايه الإدراك والوعي لهذا الطفل، ولكن استمرارالغضب عند الطفل مصاحباً له في سنواته التالية يؤدي إلى العنف، وفي ذلك الوقت يصبح سلوكًا غير طبيعيًا، ينبئ عن اضطراب نفسي .
ولقد لقت انتشار هذه الظاهرة أنظار الباحثين وخبراء التربية وعلم النفس للتعامل معها بما تستحقه من فهمٍ عميق، وإدارة سليمة للتعامل مع المشكلة بصورة علمية معتمدة على التجربة والدراسات الميدانية المتراكمة في الكثير من الجامعات ومراكز البحوث.
ماهوتعريف الغضب؟
فالغضب هو انفعال وأيضًا تغير يحصل عند فوران دم القلب، ليحصل عنه شفاًء للصدر. ويعرف هوراس – نقلاُ عن موقع الجزيرة – الغضب بأنه هو الجنون القصير، فهو رد فعل طبيعي لمشاعر الإحباط، و حالة نفسية يشعر بها كل طفل، ولكن الاختلاف بين ردود أفعال الأطفال يعود إلى نوعية المشاكل المثيرة للغضب التى تؤثر على نفسيتهم باختلاف طبيعتهم وأعمارهم .
كما يعبر الغضب عن عجز الطفل لتحقيق مطلب من مطالبه، وأحيانًا يكون بدون سبب محدد لجعل نفسه مركز انتباه للمحيطين به وخصوصًا عند وجود مولود حديث، أو لوجود عرض مرضي صحي كآلام البطن أو صعوبة التنفس، وأحيانا يكون كمحاكاة للكبار لأن الأطفال يتأثرون بأفعالهم.
كيف يعبر الطفل عن الغضب؟
يعبر الطفل عن الغضب بالصوت المرتفع، والبكاء، والضرب، ويعمد إلى تصليب جسمه عند حمله مثلًا لغسل يديه أو قدميه وأحياناً ينتج عنه تكسير الأشياء ورميها على الأرض، أو مجادلة الكبار والشجار معهم، أوالسرقة بدافع الإنتقام، والإعتداء اللفظي والجسدي، والمشاحنات الكلامية، وقذف الشتائم، والعناد وعصيان الأوامر، وكبت مشاعر الكراهية تجاه شخص أو موقف معين، وتكون هذه التعبيرات عن الغضب بين 3 سنوات و5 سنوات غالباً وبعد الخامسة يكون تعبير الغضب في صورة كلامية أكثر منها فعليه.
لماذا تحدث نوبات الغضب عند الأطفال؟
• يذكر موقع Alukah) ( أسباب الغضب عند الأطفال كما تشير إليه (جودانق) "إن من أسباب الغضب حتى الثانية من العمر هو ارتداء الطفل لملابس ضيقة تعوق حركته، وعادات تنظيم عمليات النظافة (الإستحمام) والإخراج، ووجود الزوار في المنزل، ووجود كبار داخل المنزل لهم الكثير من التعليمات والأوامر المقيدة للطفل.
• فقدان الطفل للعبته التي يحبها، أو تلفها، أو كسرها، أو إعطاؤها لطفل آخر دون موافقه أو غصبًا عنه.
• السلطة الضابطة غير المتسقة، كأن يصبح للأب موقف إيجابي من الطفل، بينما للأم موقف مغاير، أو الإستجابة للطفل بعد أن يغضب بطريقة يرضاها، أو الاستجابة لرغبات الطفل في الأماكن والمواقف التي تسبب حرجًا للوالدين.
• حرمان الطفل من اهتمام الوالدين وحبهم وعطفهم وكثرة فرض الأوامر عليه مستخدمين طرق المنع والحرمان بدون سبب حقيقي للمنع.
• تدليل الطفل وإجابة طلباته دائماً فيلجأ للغضب لتلبية طلباته حينما لايوفرها الآباء، والقسوة الشديدة على الطفل وشعوره بالظلم وخصوصًا من المحيطين به،وعدم قدرته على إيصال مشاعره.
• نقد الطفل واغاظته أمام الآخرين، وبالأخص أمام من لهم مكانة عنده، أو عند من هم في سنه، أو تحقيره أو الاستهزاء به، أو التعدي على شيء من ممتلكاته.
• تكليف الطفل بأداء أعمال فوق إمكاناته ولومه عند التقصير، مما يعرضه للإحباط نتيجة تكليفه بما لا يستطيع.
• تقليد الطفل أحد والديه أو معلميه الغاضبون أو الأفلام الكرتونية، وهذا ما توصلت إليه دراسات (لييبنت وباربان).
• شعور الطفل بالفشل والإخفاق في حياته المدرسيه كالتأخر الدراسي، أو عدم فهم المواد التعليمية مثل زملائه، وإما في المنزل لعدم إستطاعته كيفيه التقرب للوالدين ولومه."
وغالبًا ما تكون هذه النوبات ناتجة من شخصية الطفل وظروفه المباشرة، وسلوكيات النمو المرحلية الطبيعية، وفي حالات نادرة تكون المشكلة بسبب اضطراب نفسي أو جسدى أو إجتماعي ويزداد إحتمال ذلك إذا استمرت نوبة الغضب لأكثر من 15 دقيقة، وإذا حدثت نوبات غضب عديدة في اليوم الواحد.
هل يُترك الطفل غاضبا؟
نقلًا عن موقع (Aljazeera) ، "يجيب الدكتور خليل الزيود المستشار التربوي والأسري عن الاستفسار الذى ربما هو النصيحة الأشهر التى تقول : في حال بكي الطفل أو غضب (إتركوه) ، فهل هذه نصيحة فعالة؟ يقول أنه إذا كان السبب معروف ومفهوم فيمكن أن يُترك الطفل للتعبير عن غضبه، ولكن دون تجاهل. فبمجرد أن يهدأ، يجب أن يُناقش وأن يُفهَّم أن تصرفه خاطىء ، بشرط ألا يكون سبب الغضب هو الآباء وتأخرهم عنه في احتياج ضروري له، كما ينصح الدكتور الزيود بفهم ما يزعج الطفل ويضايقه، ومحاولة نزع كل ما يمكن أن يتسبب في ذلك، وفي حال أبدى الطفل غضبًا أمام الناس، فمن واجب الأهل هنا أن يؤكدوا للمحيطين عدم التعامل مع الطفل أثناء نوبة غضبه، وأنهم أهله وأكفا في التعامل معه، ولامانع من استشارة مختص ليعطيهم إجابات علمية شافية."
هل ينتاب الأطفال الصغار نوبات الغضب عن قصد؟
الأطفال الصغار لا يلجأون لإحراج الآباء وإنما هي وسيلة للتعبير عن الإحباط أو التعب أو الجوع . ولكن بالنسبة للأطفال كبار السن قد تكون نوبات الغضب لديهم سلوكًا مكتسبا؛ إذا كافأت نوبات الغضب بالشيء الذي يريده الطفل، أو سمحت للطفل بالحصول على مايريده مقابل التوقف عن نوبة الغضب فذلك يؤدي حتما للاستمرار في زيادة نوبات الغضب.
هل يمكن منع نوبات الغضب؟
ليست هناك وسيلة مضمونة لمنع نوبات الغضب عند الأطفال، ولكن هناك الكثير مما يمكن القيام به لتشجيع السلوكيات الحميدة حتى لدى الأطفال صغار السن، كمثال ، الثبات على روتين يومي بحيث يعرف الطفل مايمكن توقعه.
ماهي أفضل طريقة للرد على نوبة الغضب؟
1.لا ترتعب: الشيء المهم عمله هو البقاء هادىء ولا تنزعج، فقط ذكر نفسك أنه شيء طبيعي، وهناك آباء يتعاملون مع غضب الأطفال بدون إنفعال.
2.حاول لفت إنتباهه: وأنت تستطيع فعل ذلك إذا كنت في موقف وعرفت بأن الطفل سيغضب وينفعل بشدة دون مفر؛ يمكن التخلص من ذلك بواسطة لفت إنتباهه، أشر بإصبعك مثلا إلى التليفزيون، أوالضحك على الصور الملونة في المحل أو إعطائه لعبة مفضلة لديه.
3.تذكر ما يجب محاولة فعله: أنت تحاول أن تعلم طفلك التعليمات المهمة وأنك أيضا ًملتزم بها ومحاولة مكافأته لأنه بذلك سيكون هاديْ وتعلمه درساً للمستقبل بأن الهدوء هو الذي يجلب له مايحب.
4.إهمال نوبة الغضب، يجب وبكل هدوء الإستمرار بما تفعله أنت، مثلًا التحدث مع الآخرين أو التسوق ولكن يجب مراقبة الطفل وأنه في مأمن.
5.الإهتمام بالتصرفات الجيدة: أحياناً تحدث نوبات الغضب ثم يظهر الهدوء على الطفل فيتوقف عن البكاء، عندها يجب أن نمدحه فوراً وأن نعطيه كل الإهتمام وأن نتحدث معه بعطف وحنية.
وكما يوضح موقع الألوكة، فإنه يمكننا أن نسيطر على الغضب عند الأطفال، اذا ما نظرنا إلى سلوك الطفل بشيء من الهدوء والتسامح، وإذا طالبناه بما تمكنه منه قدراته فحسب، وعندما نكون على قدر من الثبات، ولا نتناقض مع أنفسنا في المواقف المختلفة التى يشاهدها الطفل، ولا يجب أن نلبي حاجات الطفل على حساب حاجات الراشدين، فإن ضبط النفس عند الآباء هو أحسن الضمانات لتعليم الطفل ضبط النفس، ومثال على ذلك:
1. لا يجب الإكثار من التدخل في أعمال الأطفال أو تحديد حركتهم، أو إرغامهم على الطاعة لمجرد الطاعة، وإنما يكون التدخل مناسباً وعند الضرورة.
2. لايجب أن يُسمح للطفل بالحصول على ما يريد بطريقة الصوت العالي أو بتكرار الطلب، بل يفضل عدم الإنتباه للطفل في هذه الحالة.
3. لا يجب اخذ لعب الطفل، أو تكسير أدواته في ساعة غضب، ولا يجب رؤيتهم للآباء في حالة ضعف.
4. لا يجب إثارة غيرة الأطفال، ولا يجب المقارنة بينهم، ولاخلق جو يشعر بالتفريق بينهم، ويجب أن نشغل وقت فراغ الطفل بعمل مفيد كهواية يحبها وأن يكون هذا من ضمن أهداف التربية الإيجابية للطفل.
ماذا إن أصبح طفلي مدمرًا ؟
نقلًا عن موقع ( (Baby.weteb "العديد من الآباء يعانون من سلوكيات أطفالهم المدمرة في كثير من الأحيان، فدعونا نكتشف قائمة بسلوك الطفل الخاطئ من خلال السطور الآتية:
1. تخريب المطبخ: كمثال إلقاء الأرز أو العصير على الأرض، لا تفزعي أو تصرخي أو تغضبي حول سلوك الطفل الخاطئ هذا، ولكيفية التصرف معه نقدم هذه النقاط:
• إلعبي معه، وإستعيدى قليلًا من طفولتك.
• أحضرى مكنسة أو قطعة قماش ونظفا معا المكان، وبالطبع سيكون تعليم مهم له عن تنظيف المكان المتواجد فيه بعد اللعب ، وبذلك يعتاد على تحمل المسؤلية.
2.اللعب بالمكياج: مستحضرات التجميل الثمينة والتي تقريبًا تعتبريها أحد كنوزك لن تنجو من ابنتك لا أحمر الشفاه ولا العطور ولا طلاء الأظافر، تذكرى فضولك تجاه مستحضرات إخواتك الكبار أو أمك في طفولتك.
فالابنة ترى والدتها وهي تضع المكياج كل صباح، وأيضًا عند الخروج من المنزل، وهي تعلم أن الأم جميلة فتريد أن تصبح كبيرة وجميلة مثل أمها وخصوصاً أن الأم هي مثلها الأعلى.
والسلوك الأفضل للتعامل مع هذا الموقف الخاطئ هو :
• مسح وجه الابنة بعطف، ووضع القليل من المساحيق لها بشكل رقيق، وأخذ صورة لها بالموبيل.
• شراء مكياج خاص بالابنة، فالأم ليس لها خيار لأن الابنة ستبحث عنه.
3.الرسم والتلوين على حوائط البيت:
أصبحت حوائط المنزل لوحات فنية، والحوائط البيضاء كلها ألوان وخطوط وهو فعلا سلوك خاطئ وصعب على أي أم، وللتعامل مع هذا الموقف نتبع التالي:
• اصطحاب الطفل إلى المكتبة وتركه يختار كراسات رسم وألوان مع توضيح أن الرسم فقط على الأوراق وليس على الحوائط.
• بعد رسمة لصورة جميلة نضعها على الثلاجة أو الحائط، وتأكدى أنه يرسم على الأوراق مشجعة له جمال الرسم وأنك سوف تعليقينها على الحائط.
• إشتري أوراقاً من الجحم الكبير وشريطًا لاصقًا، وعند الرجوع للمنزل بعد تنظيف الحوائط إلصقيها على الحوائط لحمايتها ويكون هناك مساحة للطفل أن يمارس هواية الرسم دون تخريب الحوائط.
5. إحداث الفوضى في الغرف:
فنجد لعب في كل مكان بالغرفة ومكعبات وحيوانات بأشكال مختلفة، جميعها على الأرض وتحت السرير وهذا نمط سلوك غير مقبول يبدأ من الطفولة ويؤثر عليه مدى الحياة.
وهذه بعض الأساليب لتحسين هذا السلوك الخاطئ:
• البداية بجمع الطفل ألعابه في سلة ثم يجمع ملابسه.
• جعله مسؤل عن أحد الواجبات المنزلية بحيث تكون مهمة سهلة حسب عمره.
• اتباع أساليب الشكر والمدح لأن تعليم الطفل ترتيب الأشياء أولى الخطوات لتربيته كفرد مستقل."
متى يستلزم الأمر المساعدة التخصصية؟
من المهم تبادل الحوار مع الآباء الآخرين أو الأصدقاء في بداية الأمر، إذا لم يساعدوك على السيطرة على نوبات غضب الطفل يمكنك طلب المساعدة من الباحث الاجتماعىي أو طبيب أطفال وقد يعطوك النصيحة المفيدة، أو إحالة الطفل إلى أخصائي للمساعدة.
ومن الأمثلة التى تتطلب أخصائي مايلي :
1. رمي الطفل للأشياء دون أي دافع أو سبب واضح.
2. تعريض الطفل نفسه للخطر كأن يضرب رأسه في الحائط.
3. تفاقم نوبات الغضب بعد سن أربع سنوات.
عزيزتي الأم عزيزي الأب بعد قراءتكم لهذا الفصل، هل تغيرت قناعاتكم عن غضب الأطفال وأسبابه؟ هل ستغيرون طريقتكم في أسلوب تربية طفلكم؟
هل ارتفع مستوى إدراككم ووعيكم بماهية عقلية طفلكم ؟
(نعم / لا).