ShrElRawayat

شارك على مواقع التواصل

"مجموعة دستويفسكي للأدب الروسي"
من هنا بدأت القصة...
إشعار عن طريق الفيس بوك، دعوة من صديقة إلى مجموعة أدبية تدعى دستويفسكي، وكونها مجموعة تختص بالأدب الروسي الذي أعشقه، ولعلمها بشغفي به- ضمتني إليها، فكانت بداية لعنته. كأن دستويفسكي قد أقسم أن ينتقم لكل البؤس الذي حل به، ويبعث شقاءه للكل! كنت حديثة العهد بالفيس بوك، ولا أعرف أغواره وقصصه، كذا منشور على صفحتي الشخصية وانتهى الأمر. دخلت هناك، وإذا بي في عالم آخر! تجولت في المجموعة: كتابات جميلة، ومنشورات راقية في القمة. للحظة أحسست أنني غير جديرة بالنشر هنا، لكنني قررت خوض أول تجربة، ونشرت نصي الأول:
"خيبة طفولة:
أمي تحبني كثيرا وتدللني، حتى أنّي لم أسمعها يوما تناديني باسمي، بل اختارت لي لقبا جميلا يلازمني إلى يومنا هذا (المشؤومة). بالرغم من أن لقبي هذا قد شاع بين الناس، لكن أمي كانت تقوله بطريقة أجمل بكثير، كان له وقع مميز على الآذان. أمي تفضلني على كل إخوتي؛ ففي الوقت الذي تحتضن به أخي وأختي ليناما على سرير واحد تجعلني أنام في غرفة لوحدي، وفي الوقت الذي يتقاسمون الغطاء نفسه، تعطيني غطاء كبيرا لوحدي.
حين كان أبناء الحي ينادونني بـ "مشؤومة أمها" كنت أفرح كثيرا، فهذا دليل على ارتباطي بحب والدتي. في الواقع كانت تخاف علي أكثر من إخوتي؛ ففي الوقت الذي كانوا يلهون مع أقراننا كانت تمنعني من اللعب معهم، لم أفهم جيدا ما كانت تقصده بقولها "لا أريد أن يقع نحسك على الناس"، لكنني أظن أن النحس شيء مهم لا تريده أمي أن يقع مني! لطالما دافعت عني، حتى أني سمعتها يوما تقول لجارتنا بعد أن قام ابنها بضربي "أخبرتك ألا تسمحي له باللعب مع تلك المشؤومة، سيقع نحسها عليه".
أمي تهتم بدراستي كثيرا، لهذا هي لم تزعجني طوال العشر سنوات التي أرسلتني فيها إلى مدارس داخلية؛ كي لا تشتت تركيزي، ورغم اشتياقي لها إلا أنني سعيدة جدا بمحبتها وخوفها على. لكنني فقدت هذه السعادة منذ أن شرح أستاذنا معنى (الشؤم والنحس). حتى بعد أن أصبحت طبيبة مشهورة وكاتبة متألقة ما زالت أمي ترفض رؤيتي. أردت إخبارها أنني لم أجلب النحس لأسرتي؛ فزوجي منذ أن ارتبطنا وعمله وحياته يزدهران، كانت أمه تسميني (تميمة الحظ)؛ فمنذ زواجنا والنعم تنهمر على العائلة. لكن أمي لن تصدقني، لن تصدقني أبدا؛ فقد رحلت قبل أن أستطيع إقناعها بأن الشؤم الحقيقي كان فقط في دماغها هي، لأن وفاة والدي يوم ولادتها لي تسمى قضاء وقدرًا، لا شؤمًا".
قصة قصيرة حاكها الخيال، بعد دقيقتين إشعار بالقبول، تم النشر. أي شخص يتذكر منشوره الأول، أول مجموعة وأول تعليق، وهذه الأشياء البسيطة التي ستعلق بثقوب الذاكرة، بالنسبة لي كان هذا النص أول وليد لي... دقيقة مرت، دقيقتان، ثلاث، لا شيء، أغمضت عيني وغصت في نوم عميق... بعد حوالي ساعة.. استيقظت وأمسكت جوالي، فصُدمت؛ كم هائل من الإعجابات والتعليقات، أحسست أن حروفي أخذت موقعها وحقها. شيئا فشيئا غرقت في هذه المجموعة، وأصبحت عالمي كله. فتاة مثلي لم تمتلك في حياتها سوى أم وصديق، خسرتهما في عام واحد، وتجرعت الوحدة والمرض بعدها لحد التخمة، كانت تلك المجموعة أنيسة خوفها وفراغها.
لم أكن أفهم في قصص المجموعات وإدارتها، ولا أعرف حتى كيف تقبل المنشورات، فقط فتاة لفتت انتباهي، كانت دائما ما تقوم بقبول منشوراتي، وأحببتها في الله.
في أحد الأيام وصلني طلب صداقة.. لقد كان منها "نور الأحمد"، قبلته بلهفة، بعد دقائق وصلتني رسالة "عزيزتي.. أولا أهنئك على منشوراتك الراقية، وأخبرك بأنني معجبة جدا بأسلوب كتابتك، ثانيا تعرفين أنني مسؤولة في هذه المجموعة، وبصراحة يشرفني انضمامك للإدارة خاصتنا". انقبض قلبي، صوت داخلي تبعته صرخة عالية دوت في أرجاء المكان "إياكِ والقبول"، إنها نفسي تحادثني عبر دهاليز عقلي، فلم نكن أنا وهي على وفاق أبدًا هذه الفترة، كانت تكرهني وكنت أكرهها! تلك الأنا التي تستمر بإيلامي ودفعي للهاوية، تسجنني بين الورق وتسلبني كل شيء. أعاندها كالعادة وأنا أعلم أنها لن تجعل ذلك يمر على خير، أجبتها موافقة، أخبرتني ببعض الخطوات التي يجب أن أقوم بها، وأدخلتني إلى دردشة الإدارة، كانت مغامرة بالنسبة لفتاة منطوية مثلي، لكنني دخلت، المسؤول الأول يدعى أحمد، كان دائما غائبا ولا يتدخل في عمل الإدارة إطلاقا، ثم نور.
سأكلمكم عن نور قليلا: فتاة ثلاثينية، تقيم في تركيا، خسرت أسرتها ولم يبقَ لديها سوى أخت صغيرة تعمل على رعايتها، كانت مثالا للمرأة القوية؛ ففي عز ضعفها حملت أختها وسافرت، صنعت نفسها بنفسها وأصبحت طبيبة نفسية كفؤا. تعرفت بعدها بشهد وحنان وسارة وزيد، والكاتب المغرور عمر، وشخص يدعى خيال، كان كالشبح، حاضرا غائبا! وأنا ضيفتهم الجديدة، هذه هي مجموعتنا الصغيرة التي تدير مجموعة من كبريات مجموعات الفيس بوك.
لم تمر فترة طويلة حتى احتوتني تلك العائلة، وشعرت بأنها جزء مني.. خصوصا نور؛ كانت لها طريقة تجرعك الحب من كلمة "مرحبا"، وأحببتها جدا، حتى أن الكل صار يحسد علاقتنا، لكن تلك العائلة الجميلة لم تكن كما خطر لي أبدا؛ فلكل عملة وجهين...
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.