"اللانهاية"
سرابية أنا
وسرمدي أنت.
زبد البحر أنا
ورمل الصحراء أنت.
كتابٌ مفتوح أنا
وحديقة سرية أنت.
سبقتك بالألف أنا
وتخلفت عن التاء أنت.
كنت غارقا بـــــ الـــــأنا
ولم أكن يومًا أنت.
"خفافيش"
يتسللون من الأبواب الخلفية
يشهرون في وجوهنا مصابيح الظلام
يباغتون أحلامنا في أرحامها
يقربونها للعصافير الصغيرة
ثم يصيدونها عند أذان الفجر.
دبقة لحومنا لم تنضج بعد
فأشلاؤنا ترفضها النيران
يستنفرون كل عضاية
لنفخ النار المقدسة
ينتظرون هبوط الليل
ليبدَأوا طقوسهم
يحنطون ذاكرتنا فوق المدفأة
ويتلون صلوات الشكر
دماؤنا نبيذهم المعتقة
عمرها ألف سنة مما تعدون
كُتب على الشراشف:
"كانوا لقمة سائغة
وعلى شرفهم المسفوح
أُقيمت مأدبة هذا العشاء الفاخر."
"محكمة"
أدينيني بجرم الحب
أدينيني
وادنِ من شراييني
فذنبي ليس يُغتفر
وذنبكِ لم تحبيني.
فزجيني.
وشُدي وثاقي، شُديني
لعلّ القيد يُرضيك، ويحميني
لعلّ السجن يُغريكِ، فتغريني.
تعالي إليّ في سجني وزوريني
ليزرع طيفك الحلوى على طيني
ويسحبني من الأعماق في شجنٍ
فيغمضني ويزجيني
ويبتر كل أطرافي
ويحمل مهجتي ورعًا
يواسيني ويُنسيني.
"ما وراء الذاكرة"
ذاكرة نصف مثقوبة
حتمًا ليست كارثة كونية
أن يبتلع نسيانكم هلع الماضي
وينبش قبر الزمن الحاضر
فيحلَ علينا المستقبل
يتوجس خيفة.
"ثقوب بيضاء"
عقلي
في الثقب الأسود
يشتعل لهيبًا في أذيلة الشهب الحمقاء
الكون فسيح
وبقلبي نبتت كومة قش
سقطت منها إبرة نكشت غزل الصوف
تركتني دون ولاء للذكرى
أبحث عنها منذ دهور
كي أولج فيها أفكاري المتخمة
هباءً منثورًا.