darbovar

شارك على مواقع التواصل

ألقوا باللومِ علىٰ إبليس اللعين ونسوا أنفسهم وما بها من سوء! أليست النفس هي مَن سولت لإبليس الخروجَ مِن جنان اللهِ، والطرد من سماءِ الرحمٰن ورحمته؟! والذي قال بأن الفعل الحادث من فعل الشيطان كذب وخان؛ كذب أولًا على نفسه، وخان ضميره فألقىٰ باللومِ على الشيطان؛ وكأن كل أفعال البشر من وحي الشيطان؛ فشياطين الإنسِ أشدُّ مكرًا من شياطينِ الجنِ!
لا أستثني منكم أحدًا حتى أنا؛ كُلنا وقعنا في فخ النفس، وزادنا التكبرُ والعناد في مجرى الدم من فعلِ المزيد والمزيد من مهلكاتِ النفس، ومع كل جريمةٍ نفعلُها نُلقي باللومِ علىٰ الشيطان وكأنها علاقة أبدية! تجمع بين شياطينِ الإنسِ وشياطينِ السماءِ، وليست تلك العلاقة علاقة بلاغية بين أداة التشبيه والمشبه والمشبه به إنما علاقة وطلب من إبليسِ اللعين أن يُنذر لنا حتى يوم الدين، ليس هذا فقط، ولكن أيضًا عملية إغواء الجوارحِ هدفُ إبليس اللعين، وتتسنى له تلك العملية بِطُعم البشرِ الماثلُ في ضعفِ النفسِ ورغبتِها في المزيد، ولكن أي مزيد تُريد أن تحصل عليه؟!
تُريد كل ما كان سهلًا الحصولُ عليه دون أدنى مجهودٍ، تُريد المزيدَ بدون وجه حق، تريدُ حرية فوقَ حُريتِها الخاصة، تريدُ امتلاك العالم حتىٰ وإن حدثَ هذا، تريدُ المزيدَ أيضًا؛ وهل هناك مزيد أكثر مِن هذا؟!
الخلود؛ البشر يريدون الخلود لا أدري ما الهدف من خلودٍ هدفه الهدم! نحن الآن على مشارِفِ ألفين وثلاثة وعشرين قُل لي بربِّك ألم نكتفِ من هذا الخراب! تالله إن الهدمَ وغبارَ الهدمِ ملأَ أنفُسَنا وأخذناهُ شهيقًا وزفيرًا؛ كُل الطُرقِ أدت نحو الهلاكِ ولا أدري ما سبب خلود الإنسان وتكبره للمزيد! وليت المزيدُ تجاه الإصلاحِ، إنما كان مزيدًا ومزادًا في العلنِ بين أغواءِ شياطينِ الجنِ، وشياطينِ الإنسِ وكلاهما في حلبة للمصارعة الرومانية على نيلِ لقب الهلاك والفساد! لكمات متبادلة لسقوط بعضهم البعض؛ لا أتعجب من لكماتِ الشيطان، فهذا كان طلبهُ من اللهِ، ولكني كُلي عجب من شياطين الإنس؛ لماذا تُبادل اللكماتِ، ما هدفُك؟!
أتريدُ الإنتصارَ على الشيطانِ أيها المجذوب؟! ليس كُل انتصار مكسب؛ فَالانتصار الذي تخسر فيه نفسك ليس انتصارًا، بل هزيمةً في شقِّ جوارحِك، وليتَ تلك الهزيمة هزيمة علاقات، أو هزيمة دنيوية حياتية من مواقفٍ ووظائف وغيرِهم يُمكنك تعويضُها كلما أَمكن؛ ولكنها هزيمةً لا عودة فيها كَمن خسِر مباراة الذهاب بفارق كبير وزاده عنادًا وثقةً في مباراةِ العودةِ، ليتَها ثقة بل صفة! لا محل لها من إعراب من مباراة العودةِ؛ صفة البصيرة الغائِبة، فقد طبع الله على قلوبِنا غشاوةً من سوءِ أفعالِنا! ليس هذا ما خلقه الله عند ولادتنا، لم يكن هذا الجنين الذي لا يفقه شيئًا سوى تلك الفطرة التي خُلق بها، ولكن سرعان ما كبر وكبرت معه رغباتُ نفسِه تجاه كل ما هو أسوأ، وليته يُدرك أن هذا من صُنع نفسه لا صُنع الشيطان!
الشيطانُ فقط سيارة مُغرية وأنت من تتحكم بها أما إن تُحسن التحكم أو لا، وحينها تتعرضُ لمئات من الحوادثِ، فما ذنب السيارةِ إذا كان السائق لا يُجيد التحكم بها؟! كما ذكرنا نوعًا من أنواعِ الطمع، وكذلك كما نقول الممنوع مرغوب، وهنا مدخل الشيطان! ومذاق العسل المؤقت مع حذف العين وبات دائمًا!
من باب الأهلِ والأقارب يدخُل ويبث السموم في العقول وينشر البغيضة بكل اقتدارٍ ويزينُ لعلقك أكل حقك وأنك الأقل شأنًا، وأن وجودك لا يهم أحد، وأنك منبوذٌ غير مُرحَّب به، وأن باقي أفراد العائلة والأهل لهم الريادة وأنت تابع لهم رغم أنفك! وأنهم أيضًا سبب سوءِ حالتك النفسية، ويعطي لك عُلبة الأشعال، ولكنه لا يعطيك شيئًا لتُشعل به؛ بريء من هذا ولكنه يعلم ما يُمكن أن تفعله في تلك الحالة وهذا مُبتغاه!
ليس فقط هذا الباب ومن باب الصداقة يلقى بقنابل موقوتة من سوء الظن، وإشعال صرحًا من النيران الصديقة، وأنت الفاعل لا هو، هو فقط ضمير مفعول لا يؤثر في بنية الجملة.
من باب الطمع والنظر في رزق الأخرين يدخُل بحد السيف القاتل في قلب المقتول ويقول أيضًا؛ ما أنا بقاتل بل هو! يظل هكذا لا يفعل شيئًا بيده هو فقط يسول لك، ويزين لها ما تهوى الحصول عليه بكل الطرق الدامية، يعلم أن الإنسان أضعف من جناحِ بعوضة، ولكنه لا يعلم أن النفس التي هوت في حب الله لا يمكن أن يُزين لها شيئًا!
ليس فقط النفس بل الجوارح بأسرِها متوجة لله، وكلما زاد قربك من الله زادت المسافة بين وساوس الشياطين وقلبك فيما عدا ذلك يأتي الشيطان ويقول: عجبًا لكم يا معشر الإنس! أليس هذا بغرضكم؟! وهذا من صُنعِكم! وتلك النفس من دعتني للُبِّ النداء! فما أنا بِفاعل، وما أنا بنصير لكم؛ أزادكم الغرورُ والطمعُ فجئت إليكم مساعدًا ما ذنبي أنا سوى أنكم تريدون الهلاك والمعصية ونشر الدم علانيةً، وإفساد بناتِكم بملابسهم العارية، وشبابكم بسوء أخلاقِهم، وجيلًا بأكمله على المقاهِي وأسلحة وذخيرة للرد المأسوي! و.. و.. و..! هذا صنعكم لا أنا؛ هكذا قال الشيطان!
***
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.