karizmallnshroaltozi3

شارك على مواقع التواصل

العين مرآة الروح
لم أكن أنتوي أبدًا الخوض في ذلك الركن من روحي، ولكن تشاء الأيام البوح، فما عادت المعاني كما هي، والتلاعب بها أصبح حِرفة يتقنها العديد للأسف، ليت المعاني تُفهم بالكلمات فقط، فالعديد لم يدرك بأن لها لغات عدة، فلغة العيون أكثر من كونها معنى، فالعين مرآة الروح، لا تجد للكذب بينها مكان، فالنظرة عهد وفعل.
يكاد يرى البعض أن الأمر بسيط، وأن الكلمات فقط من تحمل العهد، ولكن كم من مقال حكته عين لم يستطع ألف شاعر التعبير عنه، ولا زالت هناك ثمة أشياء لا توصف بالحروف، بل بالعكس، كم ماتت معاني بعدما قيلت، كم معنى ليس له ترجمة، فكما قيل منذ زمن "بعض الكلمات تموت حين تُقال".
فكونوا على وعي كافٍ بما تقوله أعينكم، لأنها فاضحة بما في قلوبكم، فاضحة بما لا تقوله ألسنتكم.

وضع مؤقت
وهم الاستقرار كان وما زال حلم الإنسان الأوحد، يبحث عنه دومًا، ويأمل به، وكأنه يعني الراحة، ولكن الواقع أننا لن نصل أبدًا، لأنك لو وصلت للاستقرار والراحة، فحتمًا هذا لا يعني إلَّا أنك الآن في عداد الموتى، حتى لو أنك ما زلت حي ترزق، فهذا يعني أنك بلا حياة، ببساطة الاستقرار هو نهاية الحياة.
دعني آخذك إلى درس من دروس الكيمياء لأثبت لك، ولا تقلق لن آخذك طويلًا، فحياتنا كالإلكترونات، تكون في حركة مستمرة في كل الاتجاهات حول النواة، في سبيل الراحة والاستقرار، وعندما تصل لمرادها تصبح عنصرًا خاملًا، لا يشترك في أي تفاعل.
وهنا بيت القصيد، أن تعي أين أنت؟ نحن في دار اختبار وبلاء مثلما قال الله سبحانه وتعالى: (لقد خلقنا الإنسان في كبد). إذن فالراحة في دارنا الأول، دار أبونا وسيدنا آدم عليه السلام.
نعم إنها الجنة، تلك هي النواة التي ندور حولها دومًا لنصل إليها، فأنت عابر سبيل، مسافر في أيام معدودة، لذلك تقبّل مبدأ الوضع المؤقت.
مرحلة الطفولة مؤقتة للشباب الذي بدوره مرحلة مؤقتة للنضج والكهولة وهكذا، مشاعرنا، أعمالنا، أهدافنا، أحلامنا وحياتنا كلها في وضع مؤقت، فالوضع المؤقت يعني أنك حي ترزق، الوضع المؤقت يعني الحياة.

أشكو إليك مني
كنت دائمًا من هؤلاء الذين يعرفون صياغة الجمل وحسن التعبير والوصف، ولكن الآن لا أعرف كيف أبدأ، أو ماذا أقول؟ وكأن الكلمات أصبحت أسيرة في سجن الظلمات، نعم، ظلمات العصيان، أشعر بجيوش من بقايا ضمير تحتل عقلي، وتحرق قلبي، لا أدري ماذا أقول لملك الملوك؟ كيف أجرؤ من الأساس على الوقوف مجددًا بين يديه؟ عيني أصابها الخجل، وسئمت دموعي مني، ولكن لا مفر إلَّا إليك سبحانك، ولا ملجأ إلَّا إلى الأحد الصمد.
ماذا أقول يا من خضعت له أعناق الفراعنة، وذلّت له رقاب الجبابرة، أمقت نفسي، وأمقت هذا الشعور، التوبة العشرون بعد المئة! أدرك جيدًا لطفك وكرمك، فأنا أصبح كل يوم، وأمسي على زحام من النعم، بالرغم من عصياني وغفلتي.
اللهم إني أشكو إليك مني، أشكو إليك نفسي، أشكو تكرار معصية سبقت وعاهدتك بأن لن أقربها بتاتًا، أشكو إليك ضعف قوتي، أشكو إليك ظلم نفسي على نفسي، أشكو إليك انسياقي للهوى، أشكو إليك بشريتي.
أعلم بأن رحمتك وسعت كل شيء، ولكن كيف السبيل لأرحم نفسي وأغفر لها؟ فالإنسان أحقر بكثير مما يتخيل، وأضعف بكثير مما يتصور، أيكون هذا جزاءك يا قريب؟
كنت دومًا أشعر في وحدتي بقربك، فأنت معي حيثما كنت، كنت عليمًا دائمًا بكل شيء، فتبعد ضرر كان بينه وبيني أمرك، يا لطيف، أمرك الذي ينفذ بلمح البصر، أمرك الكامن بين الكاف والنون، فقط تأمر بأنه يكون فيكون.
سبحانك يا تواب، تأذن لي بالتوبة فتيسر قلبي للهدى، ولساني ليستغفر، فقط لكي تغفر لي بالرغم من كل ما أنا عليه!
كنتَ لي دائمًا الواسع، ذو الخزائن المليئة بالرحمة والمغفرة، وكنتُ أعصيك، كنتَ لي الجبار تجبر قلبي المكسور، وترضي خاطري، وكنتُ أعصيك، كنتَ لي الهادي دومًا لما فيه خير لي، وكنتُ أعصيك، كنتَ لي الصمد الذي ألجأ إليه كالمضطر، وكنتُ أعصيك، كنتَ لي الحفيظ عن كل أفكار السوء وأصحاب الشر والأضرار، وكنتُ أعصيك، كنتَ الرحيم بي في كل الثواني التي تمر بي، وكنتُ أعصيك، كنتَ الرزاق، ترزقني كل النعم التي لا تعد ولا تُحصى، ولم أكن راض، وكنتُ أعصيك، كنتَ لي حسبي ووكيلي ومن حسبته فقد كفيته، وكنتُ أعصيك، كنتَ الغفور أمام كل زلاتي وعصياني، وكنتُ وما زلت أعصيك.
اللهم إني أشهد بإني لم أعصيك عِندًا أو جحودًا أو جرأة على مقامك، ولكن كان ذلك من ضعفي، ارحم ضعفي يا أرحم الراحمين، واقبل توبتي لعلني أقبل نفسي مجددًا، واعفُ عني، واغفر لي، وانزع من قلبي الفسوق، واهدني، واجعلني دومًا من الصالحين.

للموت وجوه كثيرة
للموت وجوه كثيرة، أحيانًا كثيرة نموت من فرط الحنين والاشتياق لشيء لم يحدث بعد، فقط تمناه القلب، فقط يختبئ بين أنين الدعاء، فقط يروي خاطرنا ويجبره، نموت من فقد شيء لم نمتلكه بعد، ولم نعش أحداثه، عجبًا لشيء تمنيناه لدرجة تذوق تفاصيله!

ويبقى السؤال، أيظل ذلك الشغف داخلنا حينما يتحقق؟ أم ستتخلى أرواحنا عن احتياج طالت طلته؟ أدرك بأنها وسيلة دفاع للروح، ولكن أخشى ذلك الفتور أن ينتشر بأنسجة قلبي، أخشى أن يُطفئ وهج الفرحة بعد طول انتظار.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.