karizmallnshroaltozi3

شارك على مواقع التواصل

" قلتُ للحبّ: لنْ أموتَ قبل أنْ أعرفَك، فقال الحبّ: منْ يعرفُنى لا يموت .."
هكذا قال: جلالُ الدين الروميّ




أقلامُ الرواةِ لا تحتمل، لقصص السعادةِ أنْ تكتمل .. ألابد من هجر؟ ألابد من دمع؟ ألابد من جُرحٍ لا يندمل؟ .. كأنّ المآسيَ رواسيَ شامخاتٌ، وكأنّ المباهجَ سحابٌ يرتحل! .. كلا، فلقصصِ السعادةِ قطارٌ يصل .. ومن أدراك؟ فلربما أوقدتِ المأساةُ شموعَ الأمل .. ولربما بات الوارثُ أمامك في بكاء، بينما الموروثُ أمسى هناك، بين الملائكِ يحتفل ..!


اطّلع الطبيب على التقرير الدوريّ لحالة النزيل المسنّ الذي يرقد على الفراش يساره؛ فأخذ يخطّ بقلمه شيئاً وهو يبتسم إلى الثلاثة المجتمعين حول الفراش في شغف .. ثم ناول التقرير إلى الممرضة التي أسرعت بتعليقعه على حامل الفراش، وتنهّد قائلاً في وجهٍ منتشي:
- مسز كومالو، أهنئُك .. يبدو أن زوجَك العزيز يريد أن يغادرَ المشفى في أسرع وقت!
التفتت الفتاةُ الثلاثينية السمراء إلى أخيها وابنة زوجها في ثقة، وعلّقت في صوتٍ عميق:
- لاشك عندي في قوّة إرادته .. كما أنه لا شك عندي في كفاءة أشهر طبيب في كيب تاون.
تحرّك أخوها ناحيةَ الطبيب في حذر، وسأله في همس:
- دكتور، أتعني أن حالته في تحسّنٍ بالفعل؟
- بالتأكيد، مؤشراته الحيوية تؤكد ما أقول .. وليس هذا بغريبٍ على رجل أعمالٍ كبيرٍ مثل مستر كومالو .. أمثاله من رجال المال طالما تعرّضوا لصدماتٍ وصعوباتٍ في طريقهم أكسبتهم مع مرور العمر نوعاً من الصلابة أمام أعقدِ الأزمات!
- نعم .. ولكن يا دكتور، أنت قلت بالأمس أنّ هناك شكوكاً حول كفاءة شريانِه السُباتيّ..!
ربّت الطبيبُ كتفَ الشابّ الثلاثينيّ الأسمر ممتلئِ البطن والوركين .. وقال مطمئناً:
- لا داعي للتوتّر .. ادعُ الربّ أن يجنّبه هذه الأزمة، ونحن سنظلّ نتابعه إلى أن يعود إلى قصره ماشياً على قدميه، كما عوّدنا كلّ مرّة!
رمت مسز كومالو أخاها بنظرةٍ حانقة، فتنحنح وألقى بجسده الدُهنيّ على أقرب مقعدٍ وثيرٍ خلفه .. ثم سمعت الطبيب يردف باسماً وهو ينظر إلى ابنة زوجِها اليافعة:
- لا داعي للبكاءِ عزيزتي الصغيرة .. والدُك رجلٌ عنيد، اطمئني.
فمسحت دموعها في خجل، وأشارت برأسها في تفهّمٍ أن نعم .. ثم اقتربت مسز كومالو تجاهها وربّتت كتفَها في حنانٍ غير دافئ، وظلّت تعبث بخصلات شعرِها الأسود الفاحم وهي تقول:
- هكذا جيني دائماً .. تريد أن تُفهمنا أنها تحبه أكثر منا جميعاً..!
ضحك الطبيبُ في تصنّع كيْ ينهي هذا الجو الملّبد بالغيوم، ثم استأذنهم في الخروج، تاركاً بعض الوصايا للممرضة قبل أن يغادر .. تبعته الممرضة بدورها، ثم انصرفت الزوجة وأخوها وراء الممرضة وهما يتهامسان .. ومرّت لحظات، حتى صارت الغرفة هادئةً من جديد.
رجل الأعمال الشهير الذي طالما ملأ الدنيا صخباً وحركة، يرقدُ الآن في سُباتٍ كورقة شجرٍ سقطت بين الصخور، لا تملك حتى أن تهتزّ! وعلى أنفه وفمه استقر قناع الأكسوجين الشفاف، ومن حوله أجهزة وقياسات تصدر أصواتاً رتيبةً تبعث التوتّر، كأنها أنفاسُ الموت!
نائمٌ في سكون منذ ثلاثة أيامٍ هو، وابنته المراهقة الناعمة لاتكاد تفارقه .. فاتنةٌ هي، رغم أنها لم تتخطّ السادسةَ عشرة بعد!.. سمراءٌ لامعةٌ توحي بالنعومة والدفئ، كأنها قطعة من الكراميل سقطت في بحيرة من الشيكولاتة اللامعة .. غير أن عينيها ذابلتان من فرط ما أفرزت من دمعٍ على أبٍ بات الأجل يناديه بصوتٍ مسموع، بينما ترى أكثرَ من حوله يستبطئون هذا الأجل وراء قناعٍ من دموع غير دافئة!
احتضنت كفّ يدِه وأخذت تقرأ له بصوتٍ هامس من رواية "قُبلة المصعد" The Elevator Kiss التي أحبها كثيراً قبل مرضه الأخير .. قصة رومانسية ناعمة كتلك القصص التي تستهويه دائماً، والتي اعتاد أن يسمعها بصوتها مساء كلّ سبتٍ وخميس .. تماماً كما كانت شريكةُ عمره تقرأ له بصوتها الدافئ، كلّ ليلة، حتى خمسة أعوامٍ مضت! حين ناداها الأجل في ليلةٍ شديدة البرد، لم تشرق بعدها شمسٌ في صدره إلى اليوم..!
* * *
ليلةٌ مطيرةٌ هي إذن، أغلقت ستائر الواجهة الزجاجية المقابلة لها بيدٍ ترتعش من البرد .. ثم ضغطت على زرّ طلب المساعدة؛ فمرّت عشرُ ثوانٍ حتى دخلت الممرضة بعينٍ تتساءل في شغف، فأخبرتها جيني أن جوّ الغرفة باردٌ أكثر مما ينبغي .. فأخذت الممرضة تعدّل من درجة حرارة المكيّف لتزداد الغرفةُ دفئاً .. ثم ابتسمت وهي تقول:
- أتعلمين أنك تشهبينها في كلّ شئ؟!
- أشبهُها؟
- أقصد والدتك، مسز كومالو .. الأصلية!
ابتسمت جيني في تأثّر، وخرجت منها الحروفُ ترتعش لارتعاشةِ شفتيها:
- كنتِ تعرفينها حقّاً؟
- بالتأكيد، فأنا أعمل في هذا المشفى منذ ثلاث عشرة سنة، وقد رأيتُ مسز كومالو، الأصلية، أكثر من خمس مرّات.
قالتها الممرضة واقتربت من الرجل المسنّ الراقد سالماً في عالمه الخفيّ، وأخذت تقيس سرعة نبضه، ثم أردفت بصوتها الدافئ:
- طالما كانت تسألني هي الآخرى أن أدفئ لها الغرفة، حتى في عزّ أشهر الحر! وكانت تحب أن تقرأ له كل ليلة بصوتٍ هامس، تماماً كما تقرأين أنت له .. مسز كومالو الأصلية كانت تهيم حبّاً بمستر كومالو.
كانت تستمع إليها وهي تضع شالاً على كتفيها المنكمشتين .. فكّرت قليلاً قبل أن تعقّب:
- لماذا تصرّين على كلمة "الأصلية" هذه؟!
كتبت الممرضة بعض الكلمات في التقرير الدوري المعلّق بحافّة الفراش، ثم أجابت في تبسّم:
- ذلك أن كثيراً من الفتيات يتمنين لو تسمّت إحداهن بمسز كومالو، ومنهنّ من تدّعي ذلك الآن بالفعل، إلا أن ما أعرفه جيداً أن مسز كومالو كانت واحدةً فقط، ثم ماتت!
* * *
كانت الساعة قد تعدّت العاشرة صباحاً، حين انفتح بابُ الغرفةِ في هدوء؛ لتدخل السمراء الثلاثينيّة في رشاقةٍ تناسبُ أناقتها، وبوجهٍ مشرقٍ نال حظّه من النوم الوفير ليلة الأمس .. أغلقت الباب وقد لاحظت أن جيني مازالت ناعسةً على مقعدها الخشبي المبطّن بجوار الفراش .. فهزّت رأسها في عدم رضا، ثم اقتربت من زوجها الغائب في نومه ليومه الرابع على التوالي، وقبّلت رأسه بعد أن أطالت النظر إلى قسمات وجهِه التي طالما أحبّتها دون أن تفهمَ لذلك سبباً وجيهاً!.. ثم جلست على المقعد الوثير عن يسار الفراش في هدوء.
أخذت تتداعى لها الذكريات وهي تجلسُ ترقبُ وجهَه النائم في صمت .. تذكّرت يوم أن تعرّفت على باتريك كومالو في إحدي صالات المزاد بكيب تاون .. كان ذلك منذ سنة وسبعة أشهرٍ ويومين بالتحديد!.. كان هو حاضراً يومها ليقتني إحدى التحف، وكانت هي حاضرة لتبيع إحدى القطع الفنيّة التي ورثتها من تركة زوجِها السابق .. يومها أحسّت بأنه يشبه إلى حدٍّ كبير مدرّس التاريخ الذي لم يكتفِ بكونه معلمها فحسب، بل طالما تمثّل لها في أحلامها!.. ذلك الرجلُ الأشيب الوقور الذي كان أوّل من حرّك مشاعر الأنثى بداخلها، أوّل من طرق باب قلبها البكر .. تعلّقت به منذ أن كانت في الصفّ العاشر، ومازال من يومها يحتلّ في نفسها كل ما تعنيه لها كلمة "رجل"!
بعدها بيومين، راحت تسأل عن ذلك الباتريك الذي صادفته ولم تستطع أن تنساه، فعلمت أنه مليونيرٌ أرمل، فاتته شريكةُ عمره منذ سنوات .. وسمعت كذلك أن له ابنةً وحيدة مراهقة، هي التي بقيت له بعد أن مات ولداه في حادثة سيرٍ منذ سنواتٍ عدة .. أشفقت عليه، ثم مالت إليه، ثم بدأت تحسّ بأن مشاعر الأنثى قد تحركت بداخلها من جديد .. فأيقنت بأنه لابد وأن يكون لها يوماً ما.
ابتسمت وقد جالَ بخاطرها أن الناس مازالوا يظنون أنها تلك اللعوب التي أغرت المليونير المسنّ بشبابها وسحرها، كما أغراها هو بشركاته وقصره ومكانته! .. فليظنوا كما تذهب بهم الظنون؛ فهم لن يصدقوا أنها بالفعل قد، أحبّت شيبته، تماماً كما أحبّت تلك النظرة الماكرة في عينيه! .. وضحكت من دون صوت .. ولمَ لا تحبه؟ لقد رأت فيه ظلّ الفارس الذي يحمل في وجهه تجاعيد أبيها، ذلك الذي لو ظلّ حيّاً لما عصفت بها الحياةُ كما عصفت .. لمَ لا تحبّه؟ وقد رأت في عينيه دفئاً ذكّرها بأوّل من تحرّكت له مشاعرها وهي في مدرستها ببريتوريا، قبل أن تنتقل هي وأمُها إلى كيب تاون! .. لمَ لا تحبّه؟ وقد صادفت في ابتسامته الواثقةِ شعوراً بأنها في أمان بين يديه .. لن يجرؤ أحدٌ على مسّ شعرةٍ من ضفائرها طالما كانت معه! .. لمَ لا تحبّه؟ لمَ لا تعشق مكانته ومجتمعه وشهرته؟ .. لقد أحبتّه حقاً، بكلّ أحلامها واحتياجها وضعفها .. بكل طموحها وشغفها أحبته .. أحبّته حقاً، بكل عقلها، وببعض قلبها..!"
دخل إلى الغرفة في صخب، كعادته .. فالتفتت إليه هي في حنق وقد لاحظت أن الجلَبة التي أحدثها بجسده الممتلئ هذا قد أيقظت جيني، وقطعت عليها أفكارها الشاردة تلك .. فأشارت إليه بغضبٍ أن يتوقّف عن هذا الصخب، فلاحظ ما أثاره من ضجيج، فقال في صوتٍ أجشّ يناسب سمنته وهو يجلس على أقرب أريكةٍ وثيرة جواره:
- سابونا، مازلتما نائميْن إلى الآن!
- لمَ لم تدقّ على الباب قبل أن تقتحم هكذا؟!
- لا تؤاخذيني عزيزتي، حسبتُكما قد سمعتما بما حدث صباح اليوم.
فنظرت إليه في تساؤل، بينما جيني تفرُك عينيها في إرهاقٍ، وقد أحاطت بعينيها هالتان من الذبول لم يُنقصا من سحرها شيئاً رغم كل شيء.. فأردف هو في صوته الدسم:
- لقد تُوفّي سير مكارثي! .. مسكين، توقّف عن التنفّس وهو يتريّض فجر اليوم، فلم يدركه المسعفون!
رفعت حاجبيها في عدم تصديق، والتفتت إلى جيني التي أخذت تعضّ شفتها وهي تتذكّر وجه أقرب صديقٍ لأبيها! .. وراحت تعصف بها الأفكار: "لطالما كانا يتريضان معاً كل صباح منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود! .. كيف سأنقل إليه هذا الخبر حين يفيق؟ .. ما بالُ الدنيا تخلع خيامها من حول أبي؟!" .. ثم استفاقت من خاطرها هذا حين سمعت زوجة أبيها تحذّر أخاها في نبرةٍ حازمة:
- إياك أن تذكرَ هذا الأمر إليه حين يفيق، هل تفهم هذا جيداً؟
- نعم نعم .. ولكن هل ...
ولم يُكمل، فقد سمعوا جميعاً صوتاً خفيضاً من ناحية الفراش .. فقفزت إليه جيني ولحقت بها الرشيقةُ السمراء يسترقان السمع إلى موضع فمه .. فتبادلا النظرات في تفكير .. ثم سمعاه من جديدٍ يهمس بصوتٍ ضعيف كصوتِ الحالم، ينبس بكلماتٍ قليلة، ثم سكت! فاقترب منها أخوها في شغف، وسألها في صوتٍ حاول أن يبقيه خافتاً دون جدوى:
- أقال شيئاً؟
نظرت إليه أخته وهي تفكّر:
- أحسبه قال: انتظرني مكارثي ..!
ثم سمعت جيني تخاطب أباها في بكاء:
- لا يا أبي .. بل أنا هنا أنتظرك، لا تتركني أرجوك!
مرّت لحظات من الصمت، ثم بدأ يفتح عينين زائغتين، فأخذت جيني تقبّل يده في ضحكٍ وبكاءٍ معاً .. وراحت سمراؤه الرشيقة تمسّد رأسه وتقول في صوتٍ متأثر:
- أشكر الرب أنك عدت إلينا حبيبي.
ظلّ ينقل بصره بين ابنته وزوجته الدامعتين، وحاول أن يقول شيئاً، إلا أن أحبال صوته بدت متيبّسة، فتنحنح قليلاً لينفض عنها غبار الصمت الطويل، ثم همس في وهن:
- مكارثي .. أين ذهب؟!
نظرا لبعضهما في تفكير، ولم يدريا ما يقولان له .. ولكنه أردف في لهاثٍ متقطّع:
- كان معي منذ قليل، طلبت منه أن ينتظرني كيْ ألحقَ به، ولكنه سبق بخطواته ولم يلتفت إليّ .. لستُ أدري، هل أغضبتُه في شئ؟!
ظلا يتبادلان النظرات في صمت.. ثم أشارت السمراء إلى أخيها أن يبتعد وأن يلتزم الصمت تماماً.. فعاد إلى أريكته في ارتياب وهو يردد في صوتٍ غير مسموع: " لا يبدو أنه سيفعلها هذا الفاني! كأنه سيشتري عمراً جديداً بأمواله كما اعتاد أن يشتري كل شئ..!"
- بابا .. نحن معك، وحولك دائماً، لا تتركني .. أرجوك أبي لا تتركني.
نظر إلى ابنته في عدم فهم، ثم سأل من جديد:
- سيندي حبيبتي .. أين ذهبْتِ؟
نظرت جيني إلى زوجة أبيها في حذر، ثم أجابت في تلكؤ:
- أمي كانت تقرأ لك ليلة أمس، هل سمعتُها أبي؟
- سيندي .. أين أنتِ عصفورتي؟
وضعت سمراؤه الرشيقةُ أصابعها على وجنته، وأخذت تتحسسها في حنانٍ وحنق:
- كيف حالك حبيبي .. هلا اكتفيت بكل هذا النوم وجلست معنا قليلاً!
- أشعرُ ببردٍ شديد ..!
أمسكت جيني بيده المرتعشة بين كفيّها؛ لتنقل له دفء قلبها، بينما نادت سمراؤه الرشيقة على الممرضة كيْ تفحصَ حالته التي باتت لا تطمْئن .. فلما حضرت الممرضة أبدت سعادةً غامرةً حين لاحظت استفاقته من تلك الغيبوبةِ البائسة، وراحت تداعبه بمرحها المعتاد وتطقطق بأناملها يميناً ويساراً كيْ تفحصَ استجابته للصوت والحركة .. غير أنها لاحظت شيئاً ما في نظرته، كأنه كان يبحث بعينيه عن شيء ما بينهنّ! لا لم يستجب لطقطقة أناملها، كأنه لم يسمعها من الأساس! .. راعها هذا الأمرُ قليلاً، ثم لاحظت ان شفتيه كانتا تهمسان بشيء، وكأنه أراد أن يسرّ إليها بأمرٍ ما، فدنت منه أكثر لتستوضحَ ما يهمس به:
- سيندي .. أين أنتِ حبيبتي! .. أشعر بالبرد..
فنظرت الممرضة إلى ابنته في تأثّر، ثم نظرت إلى زوجته اليافعة في ترقّب .. وهمست إلى الأولى:
- هل يقصد مسز كومالو؟
فهزّت جيني رأسها أن نعم، فتابعت الممرضة وهي تنظر للزوجة في خجل:
- أعتذر سيدتي، كنت أقصد، التي كانت مسز كومالو.
- لاعليك .. المهم أن تفعلي شيئاً يذهب عنه هذا البرد، إنه يرتجف، ويهذي!
- سيدتي، الأمر لا يتعلّق بالتدفئة كما تعلمين .. حقيقةً لا أدري ماذا أقول..!
مسحت جيني دمعةً فرّت من عينها، وأخذت تبللّ شفتيها وهي تسأله في صوتٍ مخنوق:
- لماذا يا أبي .. لماذا تنادي عليها الآن؟ ألم تتزوج بغيرها؟!
ظلت الممرضة تدور بعينيها بينهما في صمت، تنتظر ما سيحدث بعد تلك الكلمات القاسية!.. ومرّت دقيقة كاملة دون أن ينطق أحد .. فتحرجّت أن تقف معهما أكثر من ذلك، فخرجت في هدوء رغم لفحة الفضول التي كادت تترك على وجنتيها أثراً للحرق..!
جلست الزوجة اليافعةُ في وجهٍ جامدٍ لا يكشف عما يدور تحته، ذلك الوجه المتخشّب خالي المشاعر الذي طالما تعلمته من لعبة البوكر مع أصحابها .. جلست وهي تكاد تكتم أنفاسَها كيْ لا تحرق ما حولها بما يعتلج في صدرها من لهب، وكأنها أرادت أن تمنع عن بركانها أيّ مصدرٍ للأكسوجين، فلا تجد النيران لها زاداً، فتنخمد..!
ابتلعت جيني ريقاً جافاً .. وأردفت في همس وقد انفلت من صدرها الزمام:
- لا أفهم لمَ تفعلون هذا!.. أبعد كلّ هذا العمر؟! أبعد كلّ هذه الذكريات؟! لماذا رغم كلّ هذا الحب وبمجرد أن ترحل هي، تبحثون عن أخرى لتقضوا معها ساعاتكم الأخيرة؟! .. لا أدري بمَ أصف هذا يا أبي؟ أهو قلبٌ لا يحسن أن ينغلق على من يعيش بداخله؟! .. أهي عاطفةٌ عمياء لا تكاد تفرّق بين سماتِ وجهٍ ووجه؟!.. أم أنه ظمأٌ ذكوريّ لا يكاد يرتوي؟! .. أم تُراه مجرد احتياجٍ إلى الأُنس كما تدّعون؟ .. لمَ إذن لا نراكم تأتنسون إلا بمن في منتصف أعماركم؟!
- أشعر بالبرد .. سيندي أين أنتِ؟!
اقتربت منه أكثر، وقبّلت رأسه في بكاء .. ثم أكملت:
- تنادي عليها الآن يا أبي! .. كيف ظننتَ يوماً أن أحداً يمكنه أن يملأ موضعها؟ بل كيف جال بخاطرك أن امرأة في الثلاثين يمكنها أن تقع في عشقِك وأنت تكادُ تكبر أباها؟!.. أم أنك كنت تعلم بأنها تريد منك ولا تريدك أنت، فرضيت، في مقابل أن تمنحك أنحاءها..؟!
ظلّت هي تستمع رغم أن الصوت كان أقرب إلى الهمس، تستمعُ بوجه صلد لا تكادُ تنبتُ منه المشاعر! غير أن دمعةً فلتت من إحدى عينيها المتحجّرتين، فسالت على خدٍ اسمر لامع أخفى تحته لهيباً لم تكد تلحظه عين ..!
قام أخوها ليفتح التلفاز في جلَبةٍ كعادته؛ عساه يلتهي عن كل هذا الملل؛ فهو يرى أخته تجلس واجمة، بينما الفتاة الصغيرة تهمس إلى أبيها وكأنه يسمعها! .. وأخذ يبتسم في سخرية: "يا له من جنون أن نظلّ هنا ننتظر هذا الهَرِم أن يفارق الحياة، وكيف له أن يفارق؟ فمثله لا يكاد تترك يدُه حلقة باب الكنز بسهولة! .. أعرف هذا النوع من البشر، لن يسمح لنا بأن نتمتّع براندٍ واحد من ثروته حتى ولو شابت رؤوسنا جميعاً!.. سيدفننا هذا الثريّ الشحيح قبل أن نتذوق من تركته شيئاً..!"
مغتاظاً أخذ يستعرض القنوات في صوتٍ خفيض، حتى صادف فيلماً طالما أضحكه! فجال بخاطره: "تيتانيك! يا له من فيلمٍ سخيف، تماماً كأختي التي تزعم أنها أحبّت ذلك الشائبَ الراقد في عجز!" اتكأ جالساً وأخرج من جيبه قطعة شيكولاتة بالكراميل -تشبه بشرة أخته- فقضمها في غير اهتمام.
* * *
مرّت ساعتان .. وقد ساد الغرفةَ صمتٌ صاخب! ما بين أفكارٍ تصرخ ومشاعرٍ تصيح .. جَلَبة لم يكن يسمعها ذلك المتكئ فوق أريكته، بينما كان يشاهد فيلمه -السخيف- بعينٍ تائهة بين الغفوة واليقظة .. كانت هي تحتضن كفّ أبيها الباردة التي لم تكفّ عن الرعشة منذ ساعتين، تنظر إليه في صمت، تتأمّل تجاعيد هذا الوجه الذي طالما قالت فيه أمّها شعراً! .. "كانت تحبّك يا أبي، كانت تهيم بك وأنت نائم!.. تُرى مذا ستقول لها حين تلقاها؟ بأيّ عينٍ أبتي ستبكي أمامها؟! وبأيّ لغةٍ ستعتذر..؟!"
تنهّدت سمراؤه الفاتنة في سأم، ثم أغلقت مجلةً كانت بيدها تطالعها في شرود، مجرد أوراقٍ تقلبها بيدٍ لا تبالي، وتدفن بين سطورها وصورها عينين حائرتين!.. ثم استجمعت صوتها؛ لتقول في نبرةٍ هادئة وهي تقلّب صفحات مجلةٍ أخرى:
- صغيرةٌ أنت يا جيني .. صغيرةٌ إلى درجة أنك مازلت تعتقدين فقط فيما تظنين .. صغيرةٌ إلى درجة أنك لا تدركين أن المشاعر والأفكار قد تختلف كلياً باختلاف مرور العمر!
ابتسمت جيني من سخف ما تسمع، وظلت صامتة .. فوضعت الأخرى المجلة جانباً، وأردفت في صوتٍ عميق وهي تمُسك بأطراف خصلاتها الناعمة:
- كنتُ يوماً في مثل سنّك جيني، وكنت حينها أفكّر بطريقةٍ تختلف تماماً عما أفكّر به اليوم، ولا أشك بأنني سوف أفكّر بطريقةٍ مختلفة تماماً حين تشيب هذه الخصلات التي بين أصابعي.
- اتركيني إذن في طفولتي، فأنا لا أحبّ أن أفكّر بعقلٍ ليس من سنّي، كما يفعل البعض!
ضحكت في كظم:
- مازلت تنظرين للأمور بعينك أنتِ .. تحكمين على الأشياءِ بما يوافق رأيك أنتِ!
- أتريدين أن أفكّر بعقلك أنتِ إذن؟
- لا ، بل أريد منك أن تتفهمي، أن تدركي أن هناك من الحبّ أنواعٌ .. منه ما يلائمُ قلباً مراهقاً يهوى الحبّ لمجرد الشعورِ بالحبّ، ولا يريدُ من الطرف الآخر إلا أن يُسمعَه كلاماً دافئاً، ثم قد يطمع بعدها في المزيد! .. ومن الحب ما يلائمُ قلباً ناضجاً يبحث عن الأمان، لا يريد من الطرف الآخر إلا أن يُشعره بالحماية والدفء، يعشق بعقله أولاً، ثم قد يطمع بعدها في المزيد! .. ومن الحب ما يلائمُ قلباً شابت أوردته، لا يريد من الآخر إلا أن يُشعره بأنه مازال لديه شيء يُحَبّ من أجله، حتى ولو كان شيئاً ماديّاً مما يملكه، المهم أن يُشعره بأنه مازال قادراً على أن يرغب ويُرغب فيه، مازال صدره يتنفّس، ومازال قلبه ينبض..!
- وأنتِ؟.. أيّا من هؤلاء كنتِ مع أبي؟
- أنا!.. لستُ أدري حقاً، ربما طمعتُ أن أكون معه، ربما كنتُ في حاجةٍ إلى أن أكون بجانبه، أو يكون هو بجانبي .. قد يكون حبّاً من نوعٍ خاص .. ربما لن تستوعبي ما أعنيه، ولكنني، صدقي أو لا تصدقي، قد أحببتُ أباك حقاً .. أحببتُه بكل ما يحيطُ به، بكل ما يملكه، بكل ما سأكون فيه إذا اقترنتُ به .. إن كان هذا تسمينه طمعاً، فالحبّ ذاته نوعٌ من الطمع .. وإلا، فما الذي أرغبَ أباك فيّ؟ أليس طمعاً في شئٍ مما لديّ ولا يملكه سواي؟!
ابتسمت الفتاة في غيظٍ مكتوم، ولم تعلّق .. فتنهّدت هي، ثم تابعت بعد أن استجمعت نبرةَ صوتها الواثق:
- أنا قبلتُ أن أملأ الفراغَ الذي تركته سيندي في حياته، مع أنني كنت أعلم بأنه لا يمكنني أن ألعب دور البديل، مهما فعلت .. ولذلك، فقد قررتُ أن أبتعد عن نطاق قلبه تماماً، وأن أهتم فقط بفعل ما يحبّ، وكأنه طفلي الذي أفهم جيداً ما يرغب فيه وما يوافق ذوقَه ومزاجَه!
كانت هذه هي لحظة انتهاء الفيلم، حين لاح صوت سيلين ديون، الآتي من عالم الأحلام، خلف موسيقى جيمس هورنر الساحرة في أغنية My heart will go on ، حين أحسّت بصوت أبيها يهمس من جديد:
- السفينة تغرق ..!
أرهفَتْ جيني سمعها وهي تدنو من فمه .. فتبعتها زوجة أبيها في شغف وهي تدنو منهما .. لم يضف شيئاً، ولكنه أطبق حاجبيه وكزّ أسنانه وكأنه يتحمّل شيئاً .. ظلّت جيني تحدّق في وجه أبيها في تحيّر، ثم قالت:
- من أين لك بهذا الدفء يا أبي؟!
لاحظت زوجته أن المؤشرات على الشاشة أمامها توحي ببعض التغيّر، فضغطت على زرّ طلب المساعدة؛ لتُقبل الممرضة في ثوانٍ معدودة تسأل بعينيها في شغف .. فأشارت الزوجة إلى الشاشة في توجّس .. فأخذت الممرضة تتابع الرسم البيانيّ وتقرأ بعض المعطيات، فقط لتسرعَ بدورها في استدعاء الطبيب!
- السفينة تغرق ..!
- أبي .. هل تسمعنا جيداً؟
اقتربت زوجته من حيث أذنيه أكثر، لتهمسَ في دفء:
- حبيبي، هذه جيني التي تمسُك يدك .. وهذه أنا، حبيبتك ..كلنا حولك .. اطمئن، الطبيب سيأتي على الفور.
دخل الطبيب مسرعاً وعينُه على الشاشة عن يمين الفراش في اهتمام .. وأخذ يتفحّص حدقتيّ الرجل الراقد أمامه في تلهّف .. ثم أمر الممرضة بأشياء فأسرعت من فورها في تعجّل!
- دكتور ..!
قالتها جيني في عينٍ دامعة .. قالتها بصوتٍ ضعيف أقرب إلى الدعاء منه إلى النداء .. فابتلع الطبيب ريقه، ثم قال في أسف:
- صلّ من أجله سيدتي .. فقط صلّوا له جميعاً.
أمسك الراقد على الفراش بيد ابنته في تشبّث .. فنظرت هي إلى الطبيب في تعجّب، فسألها بعينيه دون كلمة .. فقالت في ارتباك:
- يده، كانت كقطعةِ جليدٍ منذ قليل، الآن صارت دافئة! .. أشعر به الآن وهو يمسك بيدي في إحكام، وكأنه يخشى أن يسقط!
ظل الطبيب صامتاً لا يدري ماذا يقول، فتحوّلت بنظرها إلى أبيها، وسألته في صوتٍ يقاوم البكاء:
- أبي! .. تسمعنا أليس كذلك؟
أسرع طبيبان شابّان معهما جهازُ صدماتِ القلب الكهربيّ، واقتربا من أبيها مادّين يديهما كيْ تفسح هي لهما .. إلا أنها صاحت بهما على الرغم من ضعفها:
- انتظرا .. إنهُ يريد أن يقول شيئاً..!
أسرع الطبيب في لهجةٍ عملية:
- صغيرتي دعينا ننقذ حياة أبيك .. أرجوكِ افسحي لهما مجـ ..
- انتظروا أنتم أرجوك .. إنه يبتسم، ألا تراه؟!
نظر الطبيب إلى وجهه، فرآه يبتسم بالفعل، بل ويحرّك شفتيه هامساً .. ولكن الطيب نظر إلى زوجته الشابّة لتفعل شيئاً مع المراهقة العنيدة تلك! .. فأشارت له الزوجةُ بابتسامٍ أن يدعَها .. ثم اقتربت منه، فهمست في أذنيه قائلة:
- فات الأوان يا دكتور .. إنه الآن هناك .. مع حبيبته!
* * *



(القلم: ضبْط الفلاش، ضبْط العدسة: يقولون بأن الحبّ هو هدية الخالق إلى الحياة .. وحيٌ سماويّ لا يحتاج إلى نبيّ، بل إلى قلبٍ مؤهلٍ لاستقبال هذا التنزيل المقدس .. لكن الحبّ لوحةٌ متعددةُ الألوان، لابد فيها من رتوشٍ تحمل طيفاً من استئثار، مع لمسةٍ من أنانية، مع همسةٍ من طمع .. هذه هي خلطةُ الحبّ البشريّ التي قد تجعل منه قبساً ينير الظلام، أو قاذفةَ لهبٍ تذيبُ العظام! .. امنحني لحظاتٍ ألتقط فيها خاطرَك سيدي قبل أن تلحق بأحبابك هناك .. حسناً، استعد، الآن سألتقط):



السفينة تغرق..!
دوّى النداءُ يملأ الأفق
وعلا الصَخب
الكل يركض بلا هدف
البعض قفز .. والبعض وقف
يلتمسُ الرحيلَ بلا نصب
ودوّى النداء: أيها السادة نرجو الرويّة!
ما هذا السَخَف؟
كيف تكون الرويّةُ في الهرب!
لا جدوى من نظْم الصفوف
ففوضى النجاةِ أعمى شَغب!
طلقاتٌ تبرقُ في السماء
وماءٌ يعلو فوق ماء
ثيابٌ ابتلّت وأبداً لن تجفّ
على جسدٍ سينامُ الليلة بلا أرق!
ويقولون الرويّة؟ ما هذا السَخَف؟
كيف تكون الرويّةُ في الغرق!
* * *
وقف القبطانُ وسْط الزحام
لا يسمعُ أحداً ولا يرى
كوثنٍ يبلغُ ألف عام
يتقافزون حوله .. يصيحون في أذنيه
أفق أيها المفتون!
ولا يدرون ..
أن الروح تهيمُ بين الركام
ودوّى النداءُ من جديد:
إلى القوارب ..!
فأسرعتِ الغزلانُ من كل صوْب
وانطلق الحملانُ من كل جانب
ضاقت الأطوافُ فلم تسعْ
لمن تبقّى من ذوي الشوارب!
ودنا المنادي ليختطف:
سيدتي .. هيا إلى القارب!
فنظرتُ إليها أرتجف
فَهمستْ بقلبي: لا تخفْ
سيدتي .. هيا إلى القارب!
نظرتُ إليها ألتهف
فسكنت بصدري تعتكف!
ألن تأتي سيدتي؟!
تاه النداءُ بين روحٍ تسقي
وقلبٍ يرتشف
* * *
الماءُ يعلو والرياحُ تهبّ
وسْط الصياحِ مازال همسٌ .. مازال حُبّ!
دفءُ الدنيا في عينيكِ!
بدّد الجليدَ من فوقِ صدري
جرفَ الثلوجَ من حولِ عمري
سدّ في نفْسي كل ثُقب!
دفء الدنيا في عينيكِ!
لمَ لا نشعرُ بالسقيع؟
لمَ لا نبكي طوفاً يضيع؟
لا ندري .. ربما الشعورُ بالقُرب!
فمنذ أن قالت "لا تخف"
وصار عندي مائةُ قلب
إن لان واحدٌ من بينهم
فتسعةٌ وتسعون صُلب!
ودوّى النداء:
هيا اقفزوا .. كلّ القواربِ قد مضت
ونحن لا نسمع .. لا نرى .. لا نلتفت
فالعينُ في العينِ قد اختفت!
* * *
شريكتي .. نصفي .. هُويّتي
صاحبتي .. مُلكي .. مليكتي
يا من بعتِ طوفَ الحياة
لتبتاعي الآن صحبتي!
ما الحياة؟ .. وما الممات؟
ما السفينةُ؟ .. وما النجاةُ؟
ألسنا معاً..!
يحيا الشطّ إن كنا معاً
ويحيا الموج إن كنا معاً
وعاد النداء:
هيا اقفزوا .. ذيلُ السفينةِ قد هوت
ونحن لا نسمع .. لا نرى .. لا نلتفت
فالنفْسُ في النفْسِ قد اختفت!
* * *
رقى الماءُ إلى العنق
وما عاد أحدٌ حولنا
إلا هي .. أو أنا
ما كل هذا الدفء؟! .. سألتُها بلسانها
فابتسمَتْ بفمي: خذني معك!
وسالت من عينها دمعةٌ على وجنتي: خذني معك!
فاختلط الماءُ بدمعتها .. أو دمعتي!
وبتُ لا أدري من منا يهمس: خذني معك!
فنظرتُ لها من تحت الماء:
دفءُ الدنيا في عينيكِ!
فابتسمَتْ من بين الماء:
لم تعد دنيا بين يديك!
فدرتُ بعيني حولنا
لا شئ هناك .. ولا هنا
لم يعد شئٌ
إلا هي .. أو أنا
وساد السكونُ ..!
الآن فقط صرتَ معي .. أو صرتُ معك!
فابتسَمَتْ في نفسي
فبكيتُ في عينها
لمَ البكاءُ وقد صرنا معاً؟!
أبكي على أيامٍ مضت
حُرمَ القلب فيها أن يطمئن!
سافرتِ عني فانزوى عمري
كأنه بعدكِ لا زمن!
غبتِ .. فغابت معك كلّ الشموسِ
ليلٌ شريدٌ .. بلا وسن!
رُحتِ .. فتاهت الروحُ بين الوجوه
كسحابةٍ هامت .. بلا وطن!
ألتمسُ الدفءَ بين الجفون
بين رموشٍ تحنو كالغصون
عبثاً..
أين عيناك من تلك العيون!
حبيبتي ..
وَعدَكِ الدفءُ ولن يخون
إن لم تكوني.. فلن يكون!
فنظرتْ إلىّ بعينٍ لا تلوم
وهمست إليّ بروحٍ تحتضن:
حبيبي ..
دفءُ الدنيا .. وما بعد الدنيا
في عينيك!
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.