hindawiorg

شارك على مواقع التواصل

يعيش الناسُ في هذا القرن التاسع والعشرين على الدوام في أرضٍأقرب ما تكون إلى أرض
الأحلام، على الرغم من أنهم قلَّما يُدرِكون هذه الحقيقةَ على ما يبدو. فحياتهم مُتْخمةٌ
بالكثير من العجائب؛ ولذا فإنهم يَستقبلون كل أعُجوبة جديدة بحالة من اللامبالاة؛ فكل
الأمور تبدو طبيعيةً وعاديةً بالنسبة إليهم. ليتَهم يُقدِّرون قيمة التطوُّرات التي شهدتها
الحضارةُ في يومنا الحالي؛ ليتَهم يُقارنون بين الحاضروالماضي؛ ومِن ثَمَّ يفهمون التقدُّمَ
الذي أحرزناه على نحوٍ أفضل! كم كانوا سيُدركون كم أصبحت هذه المدن أجملَ في عصرنا
الحديث بتَعْداد سكانها الذي يَبلغ أحيانًا نحو ١٠ ملايين نسمة، واتساعِ شوارعها بعرضٍ
يصل إلى ٣٠٠ قدم، وعلوِّ منازلها بارتفاع يصل إلى ١٠٠٠ قدم، ودرجةِ حرارتها الثابتة في
جميع الفصول، وخطوطِ النقل الجوي التي تَعبُر سماواتها بكل اتجاه! ليتَهم يستطيعون
تخيُّل الحالةِ التي كانت عليها الحياةُ يومًا ما، حينما كانت وسيلةُ النقل الوحيدةُ صناديقَ
تسير على عجلاتٍ وتُصدِرصوتًا مُقرقِعًا، وتجرُّها أحصنة؛ نعم تجرُّها أحصنةٌ! كانت تسير
في الشوارع الموحلة. فقط فكِّر في حالة خطوط السكك الحديدية قديمًا، وستدرك قيمة
أنابيب الهواء المضغوط التي تُمكِّنهم في الوقت الحاضرمن السفر بسرعة ١٠٠٠ ميل في
الساعة. ألم يكن سكان الحِقْبة المعاصرة لِيُقدِّروا الهاتف والتليفوت أكثر بكثير لو أنهم لم
يَنسوا التلغراف؟
مما يُثير الاستغرابأن جميع هذه التحولاتقائمة على مبادئيعرفها أسلافنا البعيدون
حقَّ المعرفة، لكنهم لم يُعيروها اهتمامًا؛ فالحرارة على سبيل المثال قديمة قِدَم البشر
أنفسهم، والكهرباء كانت معروفة منذ ٣٠٠٠ عام، والبخار منذ ١١٠٠ عام؛ لا بل كان
معروفًا في وقتٍ أقْدَم من ذلك بكثير، ربما منذ عشرة قرون، أن الفروق بين القوى الكيميائية
في العام ٢٨٨٩
والفيزيائية المتعدِّدة تتوقَّف على طريقة اهتزاز جزيئاتها الأثيرية؛ وهذه الطريقة تختلف
اختلافًا محدَّدًا ودقيقًا باختلاف كل قوة من تلك القوى. وعندما اكتشف الإنسان أخيرًا
العَلاقة التي تربط بين جميع هذه القوى، من المُثير للدهشة أنه لم يستطِع تحليل ووصف
طرق الاهتزاز المتعددة التي تخلق فروقًا بين هذه القوى، إلا بعد انقضاء ٥٠٠ عام.
وبالإضافة إلى ذلك كله، فإنه من الغريب أن طريقة إعادة توليد هذه القوى مباشرةً بعضها
من بعض، وتوليد واحدة بعينها دون غيرها، لم يُكتب لها أن تُكتشَف قبل أقل من مائة
عام مضت، ولكن هكذا شاءت الأقدار أن يحقق أوزوالد نيير الشهير هذا الاكتشاف العظيم
كان حقٍّا رجلًا عظيمًا يحبُّ الخير للجنس البشري؛ فقد أسهم اكتشافه الباهر في العديد من الاكتشافات الأخرى اللاحقة؛ ومن ثَمَّ بزغ نجمُ لفيفٍ مميز من المخترعين،
كان أبرعهم العظيم جوزيف جاكسون. نحن مدينون لجاكسون لاختراعه أجهزة الِمرْكَمات الجديدة الرائعة التي يمتص بعضها القوة الحية التي تحويها أشعة الشمس ويُكثِّفها؛ وبعضها الآخر يمتصُّ الكهرباء المخزَّنة في كوكبنا الأرضي؛ كما يمتصُّ بعضها الآخر الطاقة المتولدة من أي مصدر آخر مثل الشلالات، والجداول المائية، والرياح … إلخ. وقد اخترع كذلك جهاز المحول — وكان اختراعًا أكثر روعةً — وهو الذي يأخذ القوة الحية من الِمرْكَم ثم يُعيدها من جديد بمجرد كبسة زر إلى الفضاء بأي شكل مطلوب، سواء كان ذلك في صورة حرارة أو ضوء أو كهرباء أو قوة ميكانيكية بعد استخدامها لإتمام المهمة المطلوبة أولًا. ومنذ اليوم الذي اختُرع فيه هذان الجهازان، بدأ عهد التقدم الحقيقي؛ فقد وَضَعا في يد البشر قوةً تكاد تكون مُطلَقة. أما عن استخدامات هذين الجهازين فلا حصر لها ولا عدَّ؛ فقد استُخدما في تخفيف حدة برد الشتاء القارس عن طريق إعادة فائض الحرارة الذي اختُزن طوال فصل الصيف إلى الهواء الجوي، كما أنهما أحدَثا ثورة في مجال الزراعة. وفضلًا عن ذلك أسهم الاختراعان في إحداث زخم هائل في التجارة من خلال توفير القوة المحرِّكة للملاحة الجوية. نحن مدينون لهذَين الاختراعين؛ لأنهما مكَّنانَا من توليد الكهرباء على نحو مستمر وثابت دون استخدام البطاريات أو مولِّدات الكهرباء، والضوء دون احتراقٍ أو توهُّج، وزوَّدانا بإمدادات لا تنفد من الطاقة الميكانيكية التي تُلبِّي جميع احتياجات الصناعة.
نعم، لقد أتى جهازا الِمرْكم والمُحوِّل بجميع هذه العجائب؛ بل يمكننا كذلك أن نعزو إليهما إسهامهما، بطريقة غير مباشرة، في خلق أحدث هذه العجائب، وهي مقر صحيفة العظيم الكائن في الجادة ٢٥٣ د الذي افتُتِح منذ أيام قليلة. لو أن جورج « إيرث كرونيكل »
بمانهاتن، قد عاد اليوم إلى الحياة، تُرى ماذا « كرونيكل » واشنطن سميث، مؤسسصحيفة
سيكون رأيه عند إخباره بأن هذا القصرمن الرخام والذهب يَملكه سليله البعيد فريتس
نابليون سميث، الذي أصبح بعد مرور ثلاثين جيلًا مالكًا للصحيفة نفسها التي أسَّسها
سلفه؟!
صمدت صحيفة جورج واشنطن سميث جيلًا بعد جيل، وما لبثَت أن خرجت من
مِلكيَّة العائلة، حتى عادت إليها مرة أخرى. عندما نُقل المركز السياسي للولايات المتحدة
من واشنطن إلى سنتروبوليس منذ ٢٠٠ عام، حذت الصحيفة حذو الحكومة وغيَّرت
ولسوء الحظ لم تَستطِع أن تحافظ الصحيفة .« إيرث كرونيكل » اسمها ليُصبح صحيفة
على سُمْعتها الطيبة ومكانتها الرفيعة؛ فقد كانت واقعةً تحت ضغط من جميع الجهات
في مواجهة الصحف المنافسة الأكثر حداثةً، ومعرَّضة دائمًا لخطر الانهيار تحت وطأة
هذا الضغط. ولم تكن تحتوي قائمة مُشتركيها منذ عشرين عامًا إلا على بضع مئات آلاف
الأسماء، إلى أنشراها السيد فريتسنابليون سميث بثمن زهيد جدٍّا، وابتكر نظام الصحافة
الهاتفية.
الجميع يعرفون نظام فريتسنابليون سميث، وهو نظام أصبح وجودُه مُمكنًا بفضل
التطور الهائل الذي شهده الإرسال الهاتفي خلال مائة العام الماضية. فبدلًا من إصدار
في صورة مطبوعة، أصبحت تُذاع شفهيٍّا للمشتركين كل صباح « إيرث كرونيكل » صحيفة
فيتعرَّفون من خلالها على الأخبار اليومية التي تأتيهم في شكل حوارات شائقة مع المراسلين
ورجال الدولة والعلماء. وفضلًا عن ذلك، يمتلك كل مشترك جهاز فونوغراف يترك له مُهمة
تجميع الأخبار وتسجيلها في الأوقات التي لا يشعر المشترك فيها برغبة في الاستماع لها
مباشرةً. أما غير المشتركين ممن يشترون نسخًا فردية فيمكنهم مقابل مبلغ زهيد معرفةُ
جميع الأخبار بعدد الصحيفة اليومي الذي اشتروه باستخدام أحد أجهزة الفونوغراف
العديدة الموضوعة في كل مكان تقريبًا.
كان ابتكار فريتس نابليون سميث هو المسئول عن إعادة الصحيفة إلى الواجهة من
جديد، وفي غضون بضع سنوات زاد عدد المشتركين ليصل إلى ٨٠ مليونًا، وبالتزامن مع
ذلك استمرت ثروة سميث في الزيادة حتى بلغت اليوم رقْمًا خرافيٍّا لا يُمكن تخيُّله هو
١٠ مليارات دولار. وقد مكَّنتهضربة الحظ تلك من إقامة مبناه الجديد، وهوصرْحٌ فسيح
له أربع واجهات، كلٌّ منها يبلغ طوله ٣٢٥٠ قدمًا، ويُرفرف أعلاه بفخرٍ عَلَمُ الاتحاد
ذو النجوم المائة. وبفضل نفس ضربة الحظ تلك أصبح — سميث — اليومَ مَلِكَ عالَم
الصحافة؛ لا بل يمكن أن يصبح مَلكًا للأمريكيين جميعًا كذلك إذا قَبِلوا أن يُنصَّب عليهم
مَلِكٌ في يوم من الأيام. ألا تُصدقون قولي؟ انظروا إذًا إلى مفوَّضي جميع البلدان الأخرى،
وإلى وزراء بلدنا أنفسهم وهم يتزاحمون على بابه، ويستعطفون مستشاريه، ويستجْدُون
رضاه، ويتوسَّلون للحصول على مساعدة مؤسَّسته الصحفية المهيمنة، واحسبوا عدد العلماء
والفنانين الذين يحظون بدعمه، والمخترعين الذين يتقاضَون أجورهم منه.
نعم، هو ملك. وهو في الواقع مَلكٌ كاهلُه مثقلٌ بالأعباء؛ فهو يعمل بلا كلل، ولا شك
على الإطلاق أن أي رجل في حِقب زمنية سابقة كان سيَنهار تحت وطأة ضغوط العمل
المُضنية التي كان السيد سميث يتعرَّض لها. ولكن لحُسنِ حظه، وبفضل التقدُّم الذي
شهدته الصحة العامة، والذي أسهم في الحد من جميع مصادر الضرر بالصحة القديمة
مما زاد من متوسِّط عمر الإنسان من ٣٧ إلى ٥٢ سنة، أصبح البشريتمتَّعون ببِنية جسدية
أقوى من ذي قبل. ولا يزال اكتشاف الهواء المُغذِّي رهنًا بالمستقبل؛ أما في الوقت الحالي
فقد أصبح البشر يتغذون على أطعمةٍ مركَّبة ومجهَّزة وَفقًا للمبادئ العلمية، ويتنفَّسون
هواءً خاليًا من الكائنات الحية الدقيقة التي كان يعجُّ بها فيما مضى؛ ولذلك أصبحوا أطول
أعمارًا من أسلافهم، ولا يعرفون شيئًا عن الأمراضالتي لا حصرلها التي كانت منتشرة
في الأزمنة القديمة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الاعتبارات، فإن نمط حياة فريتس نابليون سميث قد
يُثير الكثير من الدهشة؛ فبِنيته الجسدية الصلبة مثقلةٌ بالمتاعب إلى أقصىحدٍّ نتيجة الإجهاد
الشديد الذي يُعانيه. ولا جدوى من محاولة تخمين مقدار العمل الشاق الذي يُؤدِّيه؛ بَيد
أنني سأضرب لكم مثالًا واحدًا يُمكن أن يُساعدكم على تخيُّل الوضع. دعونا نعيش معه
يومًا من الأيام التي يضطلع فيها بشئونه وشواغله الكثيرة. أي يوم من الأيام سنختار؟
لا يهم ذلك كثيرًا؛ فأيامه جميعها متشابهة؛ فلنختر إذًا يومًا بطريقة عشوائية، وليكن يوم
. الخامس والعشرين من سبتمبر في عامنا الحالي، عام ٢٨٨٩
عندما استيقظ السيد فريتس نابليون سميث هذا الصباح كان مزاجه سيئًا للغاية؛
إذ غادرت زوجته إلى فرنسا منذ ثمانية أيام، فشعر بالكآبة والوحشة. على الرغم من أنه
يَصعب تصديق ذلك؛ فإن هذه هي المرة الأولى منذ سنوات زواجهما العشر التي تَغيب
فيها السيدة إديث سميث — تلك المرأة التي تسعى دومًا لبلوغ الكمال في جمالها —
عن البيت لفترة طويلة؛ فعادةً لم تكن رحلاتها المتكرِّرة إلى أوروبا تتطلب غيابها سوى
يومين أو ثلاثة. أوَّل ما فعله السيد سميث عند استيقاظه هو توصيل جهاز الفونوتليفوت
— أو التليفوت — الخاص به؛ إذ إن أسلاكه موصَّلة بقصره في باريس. التليفوت! إنه
أحد الانتصارات الأخرى العظيمة التي حقَّقها العلم في عصرنا. لقد عفا الزمنُ خاصيةَ
نقل الصوت؛ وعبرنا جسور الماضيحتى توصَّلنا اليوم إلى خاصيةٍ تعتمد على نقل الصور
عن طريق مرايا حساسة موصلة بأسلاك. إنه اختراع ذو قيمة بالتأكيد، ولم يبخل السيد
سميث هذا الصباح بالإغداق على مخترعه بالدعاء؛ إذ إنه بمساعدة هذا الجهاز استطاع
رؤية زوجته بوضوح على الرغم من المسافة التي كانت تفصل بينهما. ظلَّ السيد سميث
مُستلقيًا في فراشه نتيجة التعب الذي حلَّ به بعد حضوره الحفل الراقصوزيارته المسرح
الليلة الماضية رغم اقتراب حلول وقت الظهيرة في باريس. كانت إيدث — كما رآها —
نائمةً، ورأسها مدفون في الوسادات الموشاة بقماش الدانتيل. ما هذا؟ هل تتقلَّب؟ شفتاها
تتحركان. أتُراها تحلُم؟ نعم هي تحلم. إنها تتكلَّم، تنطق باسمٍ ما، إنها تنطق باسمه؛
فريتس! أدخل هذا المشهد المبهج السعادة على قلب السيد سميث. والآن حان وقت الاستجابة
لنداء العمل الجاد؛ إذ نهض بخفةٍ ورشاقةٍ من فراشه ونفسُه طَرِبةٌ، ودخل جهاز ارتداء
الملابس الآلي.
بعد دقيقتين من دخوله الجهاز، أوصله إلى عتبة باب مكتبه مرتديًا حُلَّته كاملة. بدأت
للتوِّ جولةُ العمل الصحفي. في البداية دخل قاعة كُتَّاب الرواية، وهي جَناح واسع متوَّج
بقبَّة شفافة ضخمة. يوجد في إحدى زاويا القاعة تليفون يقصُّ بالدور من خلاله مائةُ
على مسامع العامة مائة رواية مقسمة إلى أجزاء « إيرث كرونيكل » أديب يعملون فيصحيفة
قصتك الأخيرة » : يومية. خاطب السيد سميث أحد المؤلفين الذي كان يَنتظر دوره قائلًا
عظيمة! عظيمة يا عزيزي! المشهد الذي تُناقشفيه الخادمة القروية قضايا فلسفية شائقة
مع حبيبها يبين تمتُّعك بقوة ملاحظة عالية جدٍّا. لقد استطعت رسم صورة ليس لها مثيل
في الدقة عن طريقة عيش أهل الريف. استمر يا عزيزي أرشيبولد، استمر! فمنذ البارحة
«. كسبنا ٥٠٠٠ مشترك بفضلك
أنا لست راضيًا » : واصل حديثه مرة أخرى موجِّهًا خطابه لأحد العاملين الجُدد قائلًا
عن عملك يا سيد جون لاست؛ فقِصتك لا ترسم صورة للحياة؛ إنها تفتقر إلى عناصر
المصداقية. أتعرف ما السبب؟ لأنك ببساطة تقفز مباشرةً إلى النهاية، ولا تعتمد على
التحليل؛ فأبطال قصَّتك يفعلون هذا الشيء أو ذاك بناءً على دافعٍ ما تُحدده دون التفكير في
تشريح طبائعهم العقلية والأخلاقية. ينبغي أن تتذكر أن مشاعرنا أكثر تعقيدًا بكثير من
ذلك كله؛ ففي الحياة الواقعية كل فعل هو نتيجة أفكار عديدة تأتي وتروح، وينبغي لك
دراسة هذه الأفكار، كلٍّ على حدة، إذا كنت تنوي خلق شخصيات تنبضبالحياة. وقد يقول
لكن إذا كان للمرء أن يُراقب هذه الأفكار العابرة، فيجب عليه أن يعرفها » : لسان حالك
بيد أن أي طفل صغير يُمكنه «. ويتمكَّن من تتبُّعها في مساراتها ودروبها المتقلبة والملتوية
أن يفعل ذلك كما تعلم. أما أنت فينبغي لك ببساطة أن تستفيد من التنويم المغناطيسي،
سواء باستخدام الطرق الكهربائية أو البشرية؛ فهو يمنحك كينونة مزدوجة، ويحرر جزءًا
من وعيك، أو ما يُعرف بشخصية الشاهد، حتى تستطيع أن ترى وتفهم وتتذكَّر الأسباب
التي تتحدَّد على أساسها ملامح الشخصية التي تؤدي الفعل. كل ما عليك فعله هو دراسة
نفسك وأنت تعيش حياتك اليومية يا عزيزي لاست. اقتدِ بزميلك الذي كنتُ أثني عليه منذ
برهة. سلِّم ذاتك لتأثير التنويم المغناطيسي. هل حاولتَ ذلك بالفعل؟ إذا كان الأمر كذلك
«! فأنت لم تحاول بما فيه الكفاية إذًا … لم تحاول بما فيه الكفاية بالتأكيد
استكمل السيد سميث جولته ودخل قاعة المراسلين. كان يوجد بها ١٥٠٠ مراسل في
أماكنهم المحددة لهم، وكان أمامهم عدد متساوٍ من الهواتف يستخدمونها لموافاة المشتركين
بالأخبار العالمية المجمَّعة طوال فترة الليل. وغالبًا ما يُحدَّد نظامُ عملِ هذه الخدمة التي
لا مثيل لها، ويُوصف بوضوح. يوجد بجانب الهاتف الخاص بكل مُراسل، كما يعرف
القارئ ذلك، مجموعةٌ من المبدلات الكهربائية التي تُمكِّنه من الاتصال بأي خط تليفوت
مطلوب. وهكذا لا يتمكن المشتركون من سماع الأخبار فحسب، بل إنهم يستطيعون كذلك
رؤية الأحداث؛ فعندما تُوصف واقعةٌ معيَّنة حدثت بالفعل، تُبث في ذات الوقت صورٌ لأبرز
ملامحها بجانب الوصف السردي لها. أضف إلى ذلك أن هذه العملية تحدُث دون أي لبس
أو خلط؛ إذ إن الأخبار الخاصة بالمراسلين، مثلها مثل القصص المختلفة وجميع الأجزاء
الأخرى المكونة للصحيفة، تُصنَّف تلقائيٍّا وَفْقًا لنظام مبتكَر، لتصل إلى المستمعين في تتابُع
سليم. وإضافة إلى ذلك، تُترك حرية الاختيار للمستمعين للاستماع للأخبار التي تُهمهم على
نحو خاصٍّدون غيرها. وقد يحلو لهم مثلًا إيلاء اهتمامهم لأحد المحرِّرين وعدم الاهتمام
بمحرر آخر.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.