{الفصل الاول}
فتاة تَحلم بالعصرية والرُقي في زمن قلت فيه الثقافة.
فتاة من قرية في محافظة أسيوط أنتهت من مرحلتها الثانوية واتأها التنسيق في محافظة أخرى بعيدة عن منشأها .
فقررت أن المسافات لن تكن أبداً عائقاً عن تحقيق حُلمِها بدخولها كلية الطب وحصولها على لقب (دكتورة)
تحلم بهذا اللقب منذ الصغر حتى يفتخر بها اهل قريتها بأنهم أخرجوا فتاة يافعة راقية، تنشر الوعي الذي ستكتسبه وتُعلي من شأن المرأة في القرية.
اخذت ثقة أبيها بأن تكن بعيدة عنه وترفع رأسه بأن تنجح في جامعتها .
أنها (ياسمين طه) فتاة في مقتبل العشرينات من عمرها .
دخلت كلية الطب جامعة الاسكندرية، دعمها والدها وأسرتها حتى تجتاز عقبات حلمها.
سكنت في شقة صغيرة تتكون من غرفتين ولكن من مميزاتها أنها قريبة من جامعتها مع فتاه طيبة تدعي (حبيبة) من محافظة القاهرة، تعشق القراءة والكتب المثيرة التي تتحدث عن العالم السفلي و عالم الجان.
حب الاستطلاع تملك ياسمين كثيراً حتى تقرأ مثل صديقتها عن هذا العالم الذي لا يعرف عنه إلا القليل وله خبايا كثيرة.
(عالم الاقتراب فيه ممنوع ،ومن يقترب فأنه راغب).
مر أربعة أشهر ومازلت ياسمين تقرأ عن هذا العالم الغامض ولكن لمن يقترب منه ويتوغل يتحمل عواقبه ويكون قوي في وجه ما سيناله منه.
كانت مستمتعة وهي تقرأ عن عالم الجان يمكن لانها شخصية فضولية ويمكن لان القدر يخبئ لها شيئاً ما.
حتي جاء اليوم التي تبدلت حياتها الي حياة أخري لم تكن تتوقعها يوماً وتأتي في مُخيلتها ان تحدث.
جاءت حبيبة بكتاب جديد أشترته منذ فترة ولكن لم تقرأه بسبب إنشغالها بالامتحانات هذا الأسبوع والعمل المسائي .
فإنتهزت ياسمين هذه الفرصة وفتحت هذا الكتاب.
بمجرد فتحه أضاءَ الكتاب في وجهها مما جعل الكتاب يهتز بين يدها ثم برزت كلمات غير مفهومة ومحفورة بشكل عتيق فيه كأنه حبيس منذ زمن ، جعلت ياسمين تبتلع ريقها بصدمة.
جاءت عيناها علي تلك الكلمات المزخرفة بشكل محترف.. لم تفهمها... لمست الكلمات بأصابعها مما جعل تلك الاصابع تنزف دماً كأنه وحشً كاسر قام بعَضها فنزفت علي الفور وحينها لم تتحمل ياسمين أكثر فأغمي عليها في الحال.
أفاقت علي ضربات خفيفة علي وجهها وينثر المياة عليه.
ففتحت عينها ببطئ وهي تري أفظع مشهد في حياتها.
كائن لم تعرف وصفه كإنسان أم وحشً .
شئ لا يمكن وصفه او تحديد هويته.
عندما أقترب منها لم تتحمل لمسته، وأخر ما تذكرته هو مناداته بأسمها فسقطت علي إثرها مغشيه في الحال.
__________________________
”صباحاً“
أتت حبيبة من عملها المسائي
تفاجأت بصديقتها وهي مغشيه عليها ارضاً
فأسرعت بإفاقتها.
احتضنتها ياسمين وهي ترتعش وتبكي وهي تقص عليها ما رأته.
حبيبة بدهشة:انتي بتقولي ايه يا ياسمين ، الكلام دا لا يمكن يحصل أبداً.
شربت ياسمين كوب الماء وهي ترتعش وتقول برعب: والله دا اللي حصل ولو مش مصدقاني افتحي الكتاب وشوفي انه هينور في ايدك.
أسرعت ياسمين بجلب الكتاب فمن المفترض انه سقط علي الأرض عندما أغمي عليها ولكن لم تجده .
فنظرت إلي صديقتها بصدمة
فتوجهت حبيبة إلي المكتب وفتحت إحدي ادراجه ليكون الكتاب مثل ما أشترته ووضعته في مكانه.
مما جحظت عين ياسمين من صدمتها.
هتفت حبيبة بتعجب: الكتاب ذي ماهو في الدرج ذي ما حطيته بالظبط.
ابتلعت ياسمين ريقها لعدم تصديق صديقتها لها.
فتحت حبيبة الكتاب وهي تنتظر أن يُنير مثل ما قالت صديقتها ولكن لم يحدث شيء.
فأسرعت ياسمين بفتحه هي ولم يحدث شيء أيضاً.
أقسمت ياسمين أن ما قالته قد حدث.
فأسرعت حبيبة بتهدئتها وهي تبث لها كلمات الطمأنينة وظنت أن ياسمين تحتاج لراحة فترة وخصوصاً من قراءة الرعب.
_____________________________
مرت 6 أشهر علي هذة الحادثة.
ومارسوا الفتيات دراستهم وعملهم من جديد.
أهتمت ياسمين بدراستها وهي تحاول أن تَنسي هذة الواقعة حتي جاء يوم الحسم.
خرجت من جامعتها وهي تتجه إلي البيت كالعادتها حتي قطع طريقها ظهور شاب وسيم بحلة سوداء قاتمة ولون بشرته مثل الثلج وشعره الاسود الطويل ورائحة عطره التي تخترق الأنف وتسكن العقل.
وقف أمامها مباشراً بمجرد رؤياه أحست بسريان سحره في جسدها وإحتلال قلبها ودقاته المسموعه له بوضوح وهو يبتسم لها اروع إبتسامة.
حمم وهو يقول: تسمحي بسؤال يا أنسة؟
اؤمات له كأنها مُغيبة وهو ينظر إلي عينها بقوة كأنه يفرض سحره عليها كلياً.
أكمل بإبتسامة ستصيبها حتماً بأزمة قلبية : انا ساكن في اول الشارع وكنت لسه جديد في الكلية وجيت الدراسة متأخر لظروف خاصة ،فعرفت ان حضرتك في نفس الكلية وفي نفس السنة فكنت عايز المحاضرات والملاحظات المهمة.
ومن حينها توالت لقائهم في الجامعة وهي تجلب له المحاضرات بالتدريج وكل مرة تشعر بأنها تنجذب له ولم تعرف لماذا يحدث هذا.
_________________________
في يوم قابلته كالعادة حتي جائتها الصدمة وهو يعترف له بحبه ، فرحت كثيراً وشرح لها بأنه وحيد أسرته ووالداه متوفيان وباقي أهله في الخارج
بالأحري أنه وحيد وفي أقرب وقت سيتقدم لها رسمياً وخصوصاً انه يعمل بجانب جامعته.
وذكر لها أسمه (يأمن مأمون)
ضحكت كثيراً علي أسمه ولم تلاحظ اي شئ غريب في هذا الاسم الذي بالتأكيد سيكون محور حياتها.
وافقته بسبب صراحته وحَلمت بيوم يجمعهم سوياً.
_________________________
في مكان بعيد لم يعرفه أحد ، عالم أخر نقرأه عنه معلومات غير كاملة ولكن تَكفي بأن نرسم له في مُخيلتنا لوحة مُصغرة أنه بإختصار عالم الجان.
شوفتي يا چيلان أبنك وقع نفسه في حب أنسية ،لو العشيرة عرفت ان ابن قائدهم اتمرد وحب واحدة مش من عشيرتنا هتقوم حرب علي العشيرة احنا في غني عنها.
(قالها قائد العشيرة «مأمون » وهو ساخط علي تصرفات ابنه والوريث الشرعي للحكم ”يأمن“
حاولت السيدة الأولى للعشيرة(چيلان) تخفيف مصيبة نجلها فقالت بمزاح خفيف ورائه خوف وهلع: انت عارف يا قائد العشيرة ان دا طيش شباب واكيد هيرجع لعقله.
ضرب مأمون علي مقعد كرسيه بغضب وهو يكز علي أسنانه : هو لسه هستني لما يرجع لعقله، انا لازم ابعد الأنسية دي عنه بأي طريقة.
ضربت چيلان علي صدرها خوفاً مما سيحدث.
مواجهة الاب مع ولدها الوحيد ستصبح النهاية حتماً سيئة.
_______________________
توالت المقابلات وهما يرسموا مستقبل مشرق ، سعيد جدًا بحديثها عن المستقبل ونفض بشدة فكرة أنه جني.
ظل ينظر لها بهيام وهي تتحدث وتشرح له ما فاته في دراسته حتي شعر بأن شئ حولهم يحدث.
ضيق عينه بقلق وهو يشعر بخطر قادم لا محال في الطريق إليه وأن أبيه علم بمكانهم.
قدرة أبيه وقائد العشيرة تفوق قدرته ولكن أنه له قدرة خاصة مكتسبه من أبيه وأمه.
نظرت إلي وجهه اتصدمت من تحول لون عيونه إلي الاحمر الناري فأسرعت بالصراخ ولكن كان هو أسرع بكتير وهو يحتضنها ويكتم فمها وأختفوا
وفي غمضة عين كانوا سراب.