الشيماء صلاح

شارك على مواقع التواصل

الفصل الأول
كان هناك فتاة تعيش في أحد البيوت الريفية المليئة بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تخطف الأنظار وتسُر العين بأشجارها وورودها المتفتحة، وكانت هذه الفتاة ذات شعبية كبيرة بين جيرانها بسبب جمالها الذي يسرق القلوب وضحكتها الرقيقة وخصلات شعرها المنسدلة على ظهرها كالحرير.

وفي أحد الأيام، ذهبت هذه الفتاة مع شقيقتها لكي يستمتعون بوقت الربيع المبهج، وأثناء سيرهما سويًا وجدوا أمامهما طريقًا طويلًا وفي نهايته توجد غابة مخيفة، خشيت شقيقتها السير معها في هذا الطريق لأنها كانت تشعر بالقلق الشديد حول خوض أي مغامرة بعيدًا عن منزلها ووالديها، وبالفعل عادت شقيقتها، ولكن لم توافقها الفتاة وظلت تسير في طريقها.

ونظرًا لكون هذه الفتاة شجاعة وتشعر بالفضول دائمًا تجاه أي شيء غامض، توجهت بمفردها إلى هذا الطريق المجهول باحثة عن مغامرة جديدة تجعلها تشعر بالحياة مرة أخرى بأي شكل ممكن.

وجدت الفتاة على جانبي الطريق أشجارًا عملاقة لم ترى مثلها من قبل وظلت تلتف حول نفسها وتستمتع بكل ما هو جديد من طبيعة حولها، حتى توقفت فاجأه في وسط الطريق بعد أن رأت حيوانًا غريبًا أمامها يشبه الغزال.

لم تصدق عينيها وظلت تقترب من هذا الحيوان قليلًا وبخطوات ثابتة حتى وجدت سهمًا يخترق هذا الحيوان مارًا بملابسها، ثم تمكن الحيوان من الهرب ولم تعرف من أين جاء لها هذا السهم وكيف تفادته بهذه الطريقة غير المقصودة!

وهنا شعرت أن ظهوره كان بمثابة تحذيرًا واضحًا لها من المخاطر التي يمكن أن تواجهها إذا استمرت في هذه الغابة بمفردها.

وظلت تفكر طويلًا في العودة إلى منزلها، ولكن كان فضولها لمعرفة المزيد وعيش مغامرة جديدة أعلى وأكبر بكثير من مخاوفها، فعلى الرغم من رغبتها في العودة إلى أحضان والدتها لتشعر بالأمان، إلا إنها قررت خوض التجربة دون النظر إلى الوراء.

سارت في طريقها إلى المجهول مترقبة حدوث مغامرة جديدة تجعلها تشعر بالأدرينالين في جسدها بسبب الحماس الذي تبحث عنه، ولم تنتظر طويلًا حتى فوجئت بوجود أسهمًا على الأرض ولأنها فتاة شديدة الملاحظة ولا تنسى أي شيء شاهدته من قبل، علمت أن هذه الأسهم هي نفسها التي مرت بملابسها.

واقتربت بخوف شديد من هذه الأسهم لكي تراها عن قرب وتتأكد بنفسها، وكانت يديها ترتجف من شدة القلق أثناء إمساكها بهم، وسرعان ما سمعت صوتًا يأتي من خلفها، جعلها تظن بأن هناك حيوانًا عملاقًا يقترب منها.

وظلت تفكر كثيرًا قبل أن تنظر وراءها، فهي لا تعلم ماذا يمكن أن يكون في وجهها وماذا ستصادف هذه المرة، تمالكت نفسها بشكل لا يمكن تصديقه وامسكت بالأسهم بكل قوتها ونظرت خلفها، ولكن ماذا وجدت!

وجدت أمامها شابًا طويلًا ذو عضلات قوية أسمر اللون وشعره داكن وناعم مثل الحرير وعيناه مثل الصقر ويديه مليئة بالخدوش، نظرت إليه الفتاة وتركت الأسهم من يديها ولم تدرك كيف يمكنها التصرف في مثل هذا الموقف.

حل الصمت عليهما ولم ينطق أي منهما كلمة واحدة، حتى بدأ الشاب الاقتراب من الفتاة بخطوات هادئة وثابتة، ولكنها كانت تصب عرقًا وتخشى اقترابه منها أكثر من ذلك، ولكنه لم يتوقف وظل يقترب منها.

بدأت الفتاة بالحديث معه وكانت أول كلمة توجها له هي: "كنت ستقتلني"، توقف الشاب مكانه ولم يدرك ماذا تقصد الفتاة بهذه الكلمة، ولكنه لم يسألها واستمر في الاقتراب منها بخطواته البسيطة، مما جعل الفتاة تكرر كلمتها من جديد.

هنا قرر الشاب الرد عليها بسخرية، وقال لها إنه لم يراها من قبل فكيف يمكن أن يكون قد حاول قتلها!

بدأت هنا الفتاة تشعر بالغضب الشديد الممزوج ببعض الخوف والقلق، وظلت تتحدث بصوت مرتفع معه بكلمات غير مرتبة وظل الشاب لا يفهم ماذا تقول، حتى وصل إليها أخيرًا وجهًا لوجه واقترب منها لدرجة إنها توقفت عن الحديث من جمال مظهره.

انحنى الشاب قليلًا لالتقاط أسهمه وامسك بيديها لكي يعلمها كيف يمكنها اصطياد الحيوانات بطريقة احترافية، ووجدت الفتاة نفسها بين ذراعيه وهو يعلمها كيف تمسك بالسهم وتصوبه نحو الهدف.

لم يتحدث الشاب مع الفتاة كثيرًا حتى انتهى من تعليمها كيفية الإمساك بالسهم واستخدامه، وأول كلمة قالها لها هي "هل تشعرين بحال أفضل الآن"، فنظرت إليه الفتاة بهدوء وقالت بصوتها المنخفض "نعم".

لم تعلم الفتاة ماذا يجب أن تفعل الآن، وظلت تنظر إليه في صمت، ولم يكن هناك أي صوتًا حولهما سوى صوت قلوبهما، وبعد مرور دقائق قليلة، أخذ الشاب الأسهم ولكنه ترك لها السهم الذي تعلمت من خلاله الصيد.

ذهب إلى طريقه وظلت الفتاة تنظر إليه وهي لا تعلم ماذا تفعل، فهذا الانجذاب لم تشعر به من قبل مع أي شخص، وخرجت من الغابة وهي مفعمة بالأمل والشغف، لا ترغب في الحياة العادية التي تنتظرها، بل تريد المزيد من المغامرات والكثير من القصص غير العادية، لا تتمنى العودة لحياتها الروتينية، بل تبحث الآن عن حياة جديدة، ولكن السؤال هنا، هل سيكون لهذا الشاب دورًا في قصتها المقبلة أم لا؟!

يُتبع!
انتظروا الجزء الثاني من القصة
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.