Rashasalem

شارك على مواقع التواصل

النبوءة الأولي ... العفريتة
في جنبات حواري مصر الضيقة تحتضن البيوت الواهنة بعضها البعض كنوع من المؤازرة وتقاسم ومشاركة هذا الفقر المدقع القاسم المشترك فيما بينهم جميعا ؛ لتخرج النسوة كأعلان عن مجيء يوم مميز فهو مخصص لغسيل الملابس التي أهترئ نسيجها من كثرة غسلها ؛فابتياع قطعة ملابس جديدة مقرون بمنحة إلهية .
وكان الأطفال يمرحون ويلعبون غير عابئين بمظاهر الفقر المحيطة بهم ؛ حتي أنهم يبتكرون ألعاب يتسلون بها فيما بينهم ليتسابقوا وضحكاتهم البريئة تتردد بين جدران البيوت.

"هاجر" طفلة خطت أقدامها الصغيرة ذات العشرة أعوام دروب الحارة بمنطقة الجمالية وظهرت لأهل الحارة لأول مرة فاقدة للنطق لا تتحدث ولا تخبرهم من هي وأين تسكن ومن هم أهلها فربما تكون تائهة من أهلها أثناء زيارتهم لمسجد الحسين الشريف سواء قادمين من الأرياف أو من أحد أحياء القاهرة ؛ وطاف بها أهالي الحارة لعلهم يهتدون لأهلها طريق .

فأحتضنتها أحدي النسوة تدعي " أم عبده" فبالرغم من أسمها ولكنها كانت أرملة لم يكتب لها نصيب بالأنجاب وأطلق عليها هذا الأسم كنوع من تخفيف وطأة حرمانها من الأنجاب وعوضها أطفال وفتيات وشباب الحارة لتصبح أم لهم جميعا ؛ كانت تمتلك فاترينة لبيع الحلويات فلقد حن عليها أحد الشباب المغترب من أبناء الحارة والذي سافر إلي أيطاليا بهجرة غير شرعية وقد كتب الله له النجاة بعد غرق معظم أصدقاؤه في محاولة للأرتماء في أحضان البحر الغادر لأحساسهم بأنه أحن عليهم من البشر الذين يدهسونهم هم وفقرهم بالنعال ؛ وعندما كرمه الله وبعد سنوات غربة حن " عبد الرحمن" للحارة وأهلها وكانت أولي هداياه ل "أم عبده" هي أهداءها ثلاجة لبيع المثلجات لتعيينها مع دفعه راتب شهري كان يرسله اليها كنوع من البر بها فهي أصبحت طاعنة في السن وتحتاج للرعاية المادية .

دق قلب " أم عبده" للصغيرة " هاجر" وأستشعرت أن الله قد أطعمها بها ؛ فأحتضنتها بحضنها الحنون الدافيء وأطلقت عليها أسم "هاجر" لأنها كانت كمن هاجر وأرتحل عن أهله وبلاده بلا رجعة ؛ ويأس أهل الحارة من العثور علي أهلها ؛ ولكن تلك الطفلة كانت تتصف بصفة عجيبة أنها لا تلهو مع الأطفال بالحارة ؛ وأحيانا توجه نظرات مريبة ومخيفة لتدب الرعب في قلوب من ترمقه بتلك النظرات ؛ حتي أن الأطفال أسموها "العفريتة" لأرتيابهم بأنها ملبوسة بالجن والعياذ بالله ؛ حيث تنتشر تلك المعتقدات الموروثة بتلبس الجن للبشر ؛ لدرجة أن تبرعت " أم السيد " وأصطحبتها ل كودية زار بأحدي المناطق النائية البعيدة وحدث ما لم يكن بالحسبان .
3 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.