Fatma Saad

شارك على مواقع التواصل

عندما يؤذيك أحدهم يملأ الغضب قلبك وروحك ، قد تقوم برد الأذى عن نفسك أو تحاول استرجاع حقك المسلوب وفي سبيل ذلك قد تفعل أي شيء ، ولكن عندما يقوم بأذيتك أولئك الذين من المفترض يهم حمايتك ، أن يكونوا أمانك ، سندك عند الضعف وملجئك وقت الشدة ، ويكون لزاماً عليك أن تقابلهم كل يوم ، عندها يزداد غضبك أكثر لشعورك بالعجز والضعف وقلة الحيلة .
قد تسامحهم ذات يوم لتتخطى أذيتهم لك ولكن ذلك السماح لا يأتي بسهولة ، لأنه يحتاج الكثير والكثير من الجهد والتعب والطاقة ، الطاقة التي تفننوا في أساليب سلبك إياها وكرامتك التي اتفقوا على سحقها رغم اختلافهم .
ثم تنضج وأنت تحمل ذلك العبء في صدرك ، غضب وكره وخوف لا يعلم أحد عنهم شيئا ،وتصبح مسؤولاً منذ تلك اللحظة التي أدركت فيها ما يحدث ، مسؤول عن حياتك وغضبك وخوفك ومشاعرك ، لتقضى بقية حياتك إما تعيش وأنت تحمل عبء جريمة لم ترتكبها ، ذنب لا دليل عليه وقد قضيت نصف حياتك الأول تحاول جاهدا لتثبت أنّك بريء منه حتى استسلمت فيكون عليك أن تختار هل تحاول من جديد أو تحاول إصلاح ما أفسدوه ، أن تسد تلك الثغرات التي تؤلمك ، تعالج تلك الجراح التي لم يعتقد أحد أنّك تملكها.


جلس بالمطعم المقابل للعيادة يحتسي القهوة بعد أن تناول فطوره في انتظار الساعة العاشرة ليذهب إلى ميعاده مع طبيبته النفسية ، تصفح هاتفه ليتأكد من عدم وجود رسائل جديدة ثم اغلقه وبدأ بالاستمتاع بقهوته المحبوبة ولكن استوقفته تلك الصورة التي تجنّب رؤيتها منذ وقت طويل جدا .
وضع فنجان القهوة بمكانه ويده تهتز ،أغمض عينيه بقوة متمنياً ألّا يكون هذا هو المشهد الذى يظنه ولكن ما أن فتحهما حتى رآهم ، لقد رأى ذلك الأب يحمل طفله على ركبته ويُجلسه بعناية في حضنه ،كمْ كان طفله سعيداً عندما همس الأب في أذنه ببعض الكلمات ، حاول أن يجعل سيل ذكرياته يتوقف فهو لا يريد أن يحدث هذا اليوم ،ولكنه كان يعلم أنها أمنية لن تتحقق ، تذكر صفعات والده العديدة التي لم تتوقف وصراخه العالي ، وعندما نظر إلى الطفل مرة أخرى وهو يتناول فطوره وكأن أماني الدنيا بين يدي والده و كأن كل شيء سهل من فوق تلك الركبة تمنى أن يدفع عمره بأكمله من أجل لحظة أمان كتلك التي يملكها ذلك الطفل .
أوقف سيل أفكاره بصعوبة وترك قهوته وذهب فلقد أوشك ميعاده علي الاقتراب .
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.