Noorismail

شارك على مواقع التواصل



حفل زفاف صاخب، الشباب والفتيات يتراقصن ومنهم من يصفق ومنهم من يمسك
بهاتفه يقوم بتصوير الأجواء والاصدقاء، مجموعة فتيات تقف حول العروس يتراقصن جميعهن وكأنهن يصمّون الحركات العشوائية التى يقوموا بها، ولج جواد من بينهن ومد يده للمصافحه إلى العروس، أما عنها
ف وقفت مشدوهه هل بالفعل أتى إلى هنا ليحضر حفل زفافها إلى غيره.
صافحته وأردف لها جواد بعدة كلمات مقتضبه
_مبروك وربنا يسعدك يارشا

أجابته هى ب إبتسامه مجاملة وظلّت معلقه نظرها عليه حتى اختفى تماماً واستدعتها احدى صديقتها للرقص مرة أخرى والدخول داخل دائرتهم.

....
ظل جواد ّ هائم على وجهه يسير بالشوارع والطرقات، يتسكع هنا وهناك مجرد ساقيه يقوداه إلى حيث لا يعلم، وعقله يدور بما يحدث وحدث وكان وسيكون، رشا حبيبة قلبه طوال فترة الجامعه ومابعدها
بُنيت الآمال الكثيرة،مخططات للمستقبل معا.. حديث الغرام الذى يدغدغ المشاعر
الوعود الكثيرة بعدم الهجران، ينامان يحلمان بحلمهما المشترك سوياً. غفوتهما على صوتهما عبر الهاتف.

افكاره وحنينه كانا يقوداه إلى حيث وصل عند شاطئ النيل فجلس، هو يعتاد الجلوس فى هذا المكان والشرود مطولاً.
وعلى الناحية الاخرى كان يرى أحدهم يلّوح له بيده، ف أسماه جواد بينه وبين نفسه "الرجل الملّوح" لأنه دائما يجده بالمكان ذاته ويلوح له بنفس الطريقه.

ظل جواد جالساً مكانه حتى رأى الرجل العجوز قد همّ بالانصراف من مكانه، مضى الوقت قليلاً حتى وجده جلس بجانبه وأردف

_بقالنا كتير بنشاور لبعض، قولت انهاردة آجى اتعرف عليك

إبتسم جواد ومدّ يده بالمصافحه له قائلاً
_جواد عبدالحى

مدّ الرجل يده قائلاً
_أسماعيل.. فيه ايه ياجواد انهاردة لما شاورتلى مكانتش مشاورتك المتعود عليها

ضحك جواد كثيراً وأردف له
_قلبك دليلك ياعم إسماعيل، يعنى من بعيد حسيت ان مشاورتى مش هى بتاعت كل مرة
_ايوة طبعاً، احنا اصحاب بقالنا اد ايه بالمشاورة لازم أحس

ضحك جواد كثيراً لكلمات هذا الرجل المضحكه، ف أردف له
_ايوة فعلاً انا متضايق، هو أه زى كل يوم بس إنهاردة بزيادة، اكتر بنت حبيتها واتفقت معاها على مشوار عمرنا وحياتنا.. إتجوزت انهاردة

مط العجوز شفته السفلى يسمعه،ف أكمل جواد له يسترسل كلماته
_مفيش أى حاجه بتحصل ليّا كُنت عاوزها أو حاببها، درست دراسه مش عاوزها
اشتغلت شُغلة سخيفه مع ناس اسخف، البنت اللى حبيتها اتجوزت
حتى الصحاب.. مفيش واحد جنبي، كلهم مشغولين كلهم مسحولين
قولى كدا انا عايش ليه؟ ايه فحياتى حلو؟
إنت عارف ياعم إسماعيل، وأنا فثانوى كُنت بذاكر مذاكرة لدرجه كُنت باكل الكُتب وفيه واحد صاحبي كان بيذاكر نص مذاكرتى، هو دخل الكلية اللى كنت هموت عليها
وانا دخلت كلية آخر ما كانت فحسبانى.. اتخرجت قدمت فشغل كتير كويس قولت يمكن القى نفسي فالشغل
متقبلتش ف ولا مكان من اللى كنت حابب اتعين فيهم، واتقبلت فمكان اسخف مايكون
والشغل فيه مش ظريف وحاجه تقرف.
والحاجه الوحيدة اللى كانت بتهوّن عليا، وجود رشا.. عمرى ماتخيلت أنها ممكن تسيبنى إنها تبيعنى فيوم
لكن اتخلت، اتخلت زى كل حلم حلمت بيه وسابنى.
ووصلت هنا قاعد عالنيل،. بشاور لراجل معرفوش بقالى دهر من الزمن وإنهاردة بحكيله حكايتى! شايف عجايب القدر ياعم الحج

إبتسم إسماعيل له مع هزة لرأسه إنه يتفهم الأمر جيداً ف أجابه بكلمات بسيطه بصوته الرخيم
_فيه غيبيات كتيرة يابنى مبنعرفش ايه سببها إلا بعدين، مبنعرفش حصلت لنا ليه وإيه قيمتها فحياتنا طالما لخبطت لنا كل حاجه مرتبين لها
بس الاجابة بتجيلنا بعد فترة لو صبرنا وبنعرف أن كل اللى بيحصل دا الأحسن وان اللى اختارناه مكانش الأفضل لينا أبداً.

إبتسم ثغر جواد ونظر إلى إسماعيل مردفاً
_هو إحنا اتقابلنا ليه ياعم الحج، وايشمعنا انت اللى احكيلك حكايتى

حك الرجل بذقنه البيضاء بإصبعه قليلاً وأردف بثقه ناظراً لسواد النيل أمامه
_يمكن دلوقت لا أنا ولا أنت نعرف ليه، بس بعدين أكيد هنعرف
سمعه جواد ونظر لأسفل وهو يحك بحذائه فى الارض وعمّ الصمت بينهما وبالمكان كله سوى صوت السيارات والآلات التنبيه بها.

...
سُلِبَت طاقتي، أصبحت غير قادر على المواجهة أكثر، ربما ما مررت به مسبقًا يكفي، خارت قواي، وانتهى بي عقلي إلى الصمت المطبق واعتزال البشر؛ فقد طال أذاهم، واستنفذت كل طاقتي حتى أصبحت أشبه بعجوز ستيني سقطت جميع أسنانه، ويخشى فتح فاه حتى للتبسم.

مطبقان ذراعيه على مكتبه بالمدرسة التى يعمل بها، كان جواد معكوف الرأس فوق ذراعيه لاتدرى نائماً ام يصتنع النوم والهروب!

_أستاذ جواد، يا أستاذ جواد
رفع جواد بصره ليجدها زميلته بالعمل الاستاذة 'بدور' سيدة فى منتصف الثلاثون، ترتدى نظارة سميكه زجاجها وتضع غطاء لشعرها يُشبه القبعه يغطى شعرها بالكاد.

_ايوة يا ميس بدور نعم
_مش جعان؟! دا وقت الفطار وانت مبعتش العامل يجيبلك أكل قولت بقا مبدهاش يدوق المحشى بتاعى

ضحكت ضحكة طويلة اثناء الحديث لا داعى لها وأكملت
_ كانوا الزملا والمدير طلبوا منى حلة محشى مشكل يفطروا بيها، والكل أخد وانت لاء اتفضل

وضعت صحن به عده اصابع من ملفوف _الكرنب_ والباذنجان والكوسه المحشوة بالارز_أكلة مصرية شهيرة_ إبتسم جواد شاكراً إياها

_تسلمى يا ميس بدور، بس والله ماليش نفس

إبتسمت بدور إبتسامه واسعه وأردفت
_إهييي لا والف لاء لازم تدوق وتقول رأيك، ابو الولاد والزملا هنا بيحبوه منى ودايماً يطلبوه
_والله ياميس بدور فكرتينى بواحده كانت ماما عاوزانى اخطبها، لما اتعزمنا عندهم عالغدا كانت عاملة محشى ورق عنب.. الورق لوحده والعنب لوحده

قهقهت بدور عالياً ومن ثم قالت
_يبقى تدوق بقا المحشى اللى على أصله، إحنا عارفين انك مش مختلط بحد مننا وبتيجى ساكت وتمشى ساكت
بس العيش والملح بين الزملا حلو، وبيخلى علاقة الاخوية تدوم ياسيادة الاخصائى الإجتماعى

قالت كلماتها وتركته أمام الصحن، نظر إلى الصحن مالياً وتناول أحد الاصابع الملفوفه وهو مُبتسم ويتمتم
_وناكل محشى حتى لو مش فحسباننا، انا لاعارف بعمل ايه هنا ولا ايه لزمتى اصلا.. بس هاكل محشى ومالو ميضرش

...
"ماما هو ليه مش بتحبي تتكلمى عن بابا كتير ولما أسألك عنه بتقفلى الموضوع"
قالتها نيللى متوجهه بكلماتها إلى والدتها بيننما كانت هى تهم بتوضيب الخزانه الخاصه بغرفه نومها وترتيب الملابس داخلها.
كان يسمعهما من الخارج جواد إثر دخوله غرفته وسمع إجابة والدتها
_عشان بابا إتوفى خلاص، هقول ايه عنه؟!

كانت إجابتها غير مُقنعه ل إبنتها، وربما ل جواد ايضاً هز رأسه ودلف الى غرفته
وبداخله يتحدث كالعادة

_بحس ب أنانيه من أمى لما متتكلمش عن بابا ولا حتى تذكر ليها مواقف حلوة أو سيئه، عاوزة تمحيه من جوانا.. ولا قاصده تمحيه من جواها هىّ؟!

"كلنا قبل نتلاقى حالنا حال الضعوف
كلنا كنا ترانا تايهين في ليلنا
في دخولك في حياتي إنت سويت معروف
خلينا نحيا حياة تليق في شخصيننا"
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.