Horof

شارك على مواقع التواصل

لم يكن هناك من رأى الانفجار العظيم، فليس هناك شهودٌ على خلق الكون غيرَ الله، الذي أنعم علينا بعد مليارات السنين بمعرفة اللحظة العظيمة التي وُجد فيها الكون الذي ننتمي إليه، بدأ الخلق وتكونت المجرَّات بنجومها وكواكبها، وأشرقت الشمس على كواكبها حديثة التكوين منتظرةً برودة الأرض الملتهبة والتي تهيأت فيما بعد بغلافها الغازي المميز لاستقبال الحياةِ ولكتابة سطورٍ طويلة من التاريخ لم يتسنَّ لغيرها كتابته.
ظهرت الحياة وتطورت، وظهرت الديناصورات العملاقة لتتسيد الأرض ملايين السنين ثم انقرضت كأن لم تكن؛ كان الخير هو المسيطر ولم يكن للشرِّ بعدُ وجود. كان الكون مليئًا بمخلوقات الله، بعضها له صفة الجسد الصُلب الحيواني أو النباتي، والبعض الآخر له صفة البلازما أو الفوتون، قصير الموجة غير مرئي لعيوننا البشرية إن كان قدر لنا الوجود في ذلك الزمن الموغل في القِدم.
هذه المخلوقات النورانية لم تكن كلها ملائكة، فالملائكة وحدها كانت تعيش في السموات العُلا؛ لكن الفضاء الواسع كان مليئًا بكائناتٍ كثيرةٍ راقية، جُبلت على الخير، وكذلك الأرض امتلأت بحيواناتٍ لا تعرف سوى الطعام ولا تملك إرادة الشر، لم يظهر بعد مفهوم الاختبار فلم يكن هناك خيارٌ بين خيرٍ وشر، أو طاعةٍ ومعصية، أو شكرٍ وجحود.
قرر الله -لحكمةٍ لا يعلمها إلا هو- أن يضع في الكون مفهوم الاختيار، كانت أمانةً عظيمة وحملًا ثقيلًا أشفق من حمله كل مَن عُرضت عليه، وعندما قدَّر الله بعلمه خلق البشر وعرض على أرواحهم الأمانة قبلوها؛ ولأول مرةٍ يوجد الخيار الثاني الذي كرهه كلُّ من عُرضت عليه الأمانة، خيار العصيان والجحود والشر، قدَّر الله للحياة البشرية أن تمرَّ بمرحلتين، فكان البشر الأوائل الذين سواهم الله خلال ملايين السنين من التطور ليصل البشري لأحسن تقويم بعد أن كان أشبه بالحيوان، تطوَّرالبشري الأول وتطور الشرُّ بداخله لكن الخير كان عليه غالب وهذا من رحمة الله ليكون الشر هو الدخيل، كان هذا البشري الأول ممثلًا لمرحلة الاختبار الأولى التي مهدت للأرض تقبُّل المرحلة الثانية من البشرية التي مثلها آدم وذريته ليكملوا الاختبار الإلهي الحكيم والرسالة السامية التي أدَّت لاستخلاص الصالحين وترقيتهم وعقاب المفسدين بعد تحمُّلهم مسؤولية أفعالهم.
لم يكن الاختيار وحده هو الهدف من خلق البشر الأوائل والآدميين، فعمل الخير بيد البشري كان مذاقه مختلفًا، فمن يملك عمل الشرِّ يكن خيره جميلًا كالوردة تظهر ألوانًا وتصنع رحيقًا متحديةً شوكها القاسي.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.