كما حدث في الشهرين الماضيين عندما يصير القمر بدرًا أترنح بخطواتي؛ لأبحث عن ضحيتي الجديدة..
كانت الليلة هي ليلة الرابع عشر من فبراير، أي عيد العشاق، لم أجد مكانًا أفضل من باريس كي أحتفل بهذا اليوم فيه ولكن على طريقة سيد الدماء الخاصة..
أمضيت الليل بطوله أبحث عن فتاة ذات روح نقية، فتاة بابتسامة تجعل قلبي يشتعل شوقًا إلى نجيعها القاني، فتاة ذات ملامح بريئة ألطخ وجهها بالدماء!
عندما دقت الساعة الثانية عشر وجدتها تركض كما لو أنها إحدى الأميرات الهاربة، فتاة بعينين بندقيتين يلتمعان ببعض الدموع، شعرها يتطاير إثر النسمات الباردة..
توقفت في أحد الأزقة ثم أجهشت بالبكاء، كان صوتها غاية في الرقة حتى أنه جعلني أود لو أمزق أحبالها الصوتية وأنا أفصل رأسها عن جسدها، نظرت إليها ثم نطقت بصوت جاهدت لأخرجه طبيعيًا:
ماذا بكِ آنستي، لماذا تبكي فتاة جميلة مثلكِ في هذا الوقت؟
أجابت وصوتها قد تحشرج؛ لفرط للبكاء: لقد تركني الليلة من أحببت طيلة تلك السنوات الست!
تعجبت ثم سألتها لم تركها، أيعقل أن يترك أحد فتاة كهذه؟ إنه لمغفل بالتأكيد.
أمسكت يدها برفق علَّ بعض الأمان يتسلل إلى قلبها، نهضت معي باستسلام وكأنها تعرفني منذ دهر مضى، كرجل نبيل دعوتها إلى وجبة في أحد المطاعم علِّي أحوذ على اهتمامها..
حدثتني عن أمور شتى ومنها حبيبها ذاك الذي مزق قلبها، لم أكن أنصت لها جيدًا أنا فقط كنت أعد الدقائق التي تفصلني عن نبيذها..
خرجنا من المطعم وهي تتشبث بي كطفل صغير وجد من يربت على قلبه بعدما صفعه العالم، عدت بها إلى ذات الزقاق وقد قررت أن يكون هو قبرها..
وقفت تنظر إليّ تحت ضوء القمر وهي تشكرني على تلك الليلة التي ساعدتها ولو طفيفًا في تجاوز صدمتها، كانت تتحدث وأنا أقترب منها ببطء وأبتسم..
نظرت إليها ثم قلت: دعيني عزيزتي أنصحك بنصيحة لن تفيدك، لا تثقي في الغريب مجددًا ولا تثقي في من قال لك أحبك ذات يوم، فأنا وهو لا نختلف عن بعضنا كثيرًا؛ فهو جرح قلبك وأنا سأجرح عنقك، هو تركك وولى وأنا سأتركك بين أحضان ذاك الزقاق لتصبح جثتك شيئًا يلفت الأنظار..
بدأ الهلع يسيطر عليها، أخذت ترجوني أن أتركها وشأنها، كان تذرف العبرات وهي محاصرة بيني وبين الجدار، أخذت ألعق سكيني؛ لأزيد من هلعها الذي يزيدني إثارة..
أخذت أحرك سكيني ببطء على عنقها لأنحره وعيناها تكاد تخرج من محجريها وأحبالها الصوتية تكاد تتقطع من شدة صراخها وألمها، دقائق بل ثوانٍ مضت لأراها تسقط بين ذراعي صريعة ودمائها تسيل وعنقها مشقوق..
لعقت دمائها لأتذوق طعمها الذي يدفعني إلى الجنون أكثر وأكثر، تركت جثتها بين الأزقة بعد أن احتفظت برأسها؛ علها تكون عبرة لمن يسقط أسير العشق مثلها.
لِـ فاطِمة أحمد"أميرة الظلام"