طيلة الشهر الماضي كنت أتردد على ملجأ للأيتام..
كان الملجأ بمنطقة نائية بأحد ضواحي نيويورك، كان ذاك الملجأ يذكرني ببراءة الطفولة ونقائها، كنت أستمتع كثيرًا باللعب مع أولئك المشاغبين الصغار، كان أكثر الفتيان تعلقًا بي فتًا يدعى جوزيف، علمت أن والداي هذا الفتى لقيا حتفهما على يد أحد السفاحين، ياله من امرؤ قاسٍ حقًا، كيف له أن يسلب حياة زوجين ويخلف ورائهما طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره، كان ذلك الفتى لطيفًا إلى الحد الذي جعلني أرغب بتبنيه، كان حاد الذكاء أيضًا وكنت كثيرًا ما أظن أنه يعلم بهويتي، زاد ترددي على المكان حتى ألفني أهل الحي جميعًا وتركت بقلوبهم بصمة طيبة..
ذات ليلة وبينما أنا جالس أنا ورفيقي روبرت نقرر الضحية التالية وأعلم روبرت بعض المهارات جال بخاطري الخروج من المنزل؛ لاستنشاق بعض الهواء، تجولت بين الطرقات حتى أخذتني قدماي اللي ذاك الملجأ الذي وجدت السكينة بين ثناياه، استقبلني جوزيف وقد تفاجأ من قدومي بذلك الوقت المتأخر، نظرت إلى عينيه دون أن أعطيه إجابة واضحة عما يدور بخلدي، لاحظ جوزيف تساقط سائل خلفي أينما أسير ولكنه اكتفى برمقي بنظرة ولم يعلق، تجولت في الملجأ بحرية حيث كان الجميع خالدون في سبات عميق، خرجت إلى الفناء أنا وجوزيف وقد وقف أمامي بثقة وبعينيه نظرة لا يجب أن تخرج من فتى في الثانية عشر من عمره..
باغتني قائلًا:
-لِم لم تقتلني إلى الآن؟
تظاهرت بالجهل وأجبته:
-ماذا تعني؟
-أعلم أنك سيد الدماء، وأنك ستضرم النار بالملجأ قبيل خروجك منه.
-ولِم لا توقفني أو تحاول إنقاذ رفاقك؟
-لأن الموت سيكون الأفضل لهم، إنهم يستحقون حياة هانئة تختلف عن حياة البشر..
ابتسمت وأنا أخرج سكيني وأقترب من ذاك الفتى ببطء، لم تختلف حدة نظراته ولم يتحرك له جفن وأنا أوشك على قتله، رفعت سكيني؛ راغبًا في أن أهوي بها على عنقه ممزقًا إياه لأتذوق نبيذه، ولكني توقفت حالمًا ظهرت ابتسامته الشاحبة، تبًا لهذا الفتى إنه يشبهني بحق! ألقيت سكيني أرضًا ثم قمت باحتضانه!
همست بأذنه قائلًا:
-إذا أنت تابع لي منذ اليوم جوزيف، ولتثبت ولائك لي هيا أضرم النيران بذاك الملجأ ولتقتل أصدقائك.
هز رأسه موافقًا ثم أخذ مني عود الثقاب وأشعل الملجأ..
نظرت إليه منبهرًا بقدرة طفل في هذا العمر على القتل ثم أخذت بيديه ورحلنا.
لِـ فاطِمة أحمد"أميرة الظلام"