في غضون ذلك، وفي المبنى المُخصَّص لعِيادة الولادة، كان المكان يضِجُّ بالفوضى واللَّغَط
والقلق. وعلى أربعِ أرائكَ ضخمةٍ جلسَتْ أربعٌ من كُبرَيات المُمرِّضات الخبيرات، وفي حِجر
كلِّ واحدةٍ مِنهنَّ وِسَادةٌ من رِيشالنَّعام، وفوق كلِّ وِسادة استلقَت بِضعةٌ مُتناهيةُ الصِّغَر
من بِضَعِ البشريَّة التي أضُيفتْ مُؤخرًا إلى جُملة نُبَلاء واينستاين. كانتْ إحدى المُمرِّضات
المُتمرِّسات قد غلَبَها النُّعاس أثناء أداء واجبها؛ وعندما استيقظتْ وَجدَت الوِسادة التي في
حِجرِها شاغرة. وكشفَ إحصاءٌ عاجِلٌ أجراه الخدَم المَذعورون، عن حقيقةِ الأمر المُفزِعة؛
فبرغم أنه كان لا يزال ثَمَّة أربع أرائك، وأربع نساءٍ خبيرات، وأربع وسائد، فلمْ يكن يُوجَد
إلا ثلاثة رُضَّعٍ فقط. استُدعي القهرمان، بوصفه خبيرًا في الرياضيات والحسابات، من
الدَّور السُّفليِّ على الفور، فلمْ تزِد حساباتُه على أن أكَّدَت الشكوكَ المُروِّعة. لقد اختفى أحد
التوائم الأربعة.
اتُّخِذَتْ إجراءاتٌ عاجِلةٌ بسبب حالة الطوارئ المُخيفة هذه. ففُتِّشتْ أركان الغُرَف
دون جدوى، وفُتِّشتْ كذلك كَوماتٌ من كُسوات الأسِرَّة وسلالٌ من الملابس الكتَّانيَّة مرَّاتٍ
ومرات. وامتدَّ البحثُ إلى أجزاءٍ أخرى من القلعة. حتى إن القهرمان أرسل بعض الخدَم
الكتومين الثِّقات علىصَهوات الجِياد لتَمشيط الريف المُحيط. لكنَّهم عادوا كاسِفي الوجوه؛
ولمْ يُعثَر لنبيلِ واينستاين المفقود على أثر.
وطيلةَ ساعةٍ شاقَّةٍ من الزَّمن امتزجتصرخاتُ الرُّضَّع الثلاثة المُهمَلين مع عَويل الأمِّ
المَحمومة، التي اتَّجه إليها وحدَها انتباهُ النِّسوة الحكيمات الأربع. وفي نهاية تلك الساعة
تعافتْ صاحِبة العِصمة بما يكفي كي تُناشِد خادِماتها بعملِ إحصاءٍ أخيرٍ، وإن كان
مَيئوسًا من نتيجته. كان ثلاثةُ رُضَّع يصرخون بقوَّةٍ وفي تَناغُمٍ فوقَ ثلاثِ وسائد. وكان
مُضطجِعًا على الوسادة الرابعة صبيٌّ رابعٌ، تعلو وجهَه ابتسامةٌ غامضةٌ، رغم آثارِ دموعٍ
حديثةِ العهدِ على وجنتَيْه