darbovar

Share to Social Media

لا شيء يشعرني بالأمان غير تلك الكلمات الدافئة التي أقرأها كل يومٍ، لا أجد أنيسًا غيرها؛ فأنا أعيش بمفردي، أسكن في محافظة القاهرة، والداي دائما السفر؛ يعملان في الخارج، كنتُ دائمًا أقضي ساعاتٍ متواصلة في البكاء حتى ينال مني التعب، كل الذكريات السيئة عادت إلى رأسي من جديد، تدفقت إلى عقلي دفعة واحدة، لم أستطع أن اتمالك نفسي وصرتُ أبكي، لم أستطع النوم وقضيتُ الليل كله بجانب النافذة أشاهد الشوارع الخالية، لا أعلم ماذا كنتُ سأفعل لو كنا بالدراسة، أنا في الصيف، لا أعلم ماذا سأفعل عندما أعود للجامعة، ومع اقتراب الفجر بينما كنتُ منهكة وبدأت أغفو قليلًا، وفجأة! قطع صمت وهدوء وسكينة الليل ظهور فجوة واسعة أمامي، ظهرت من العدم، لا أعلم من أين جائت ولا أعلم ماهيتها، أصابني الذهول وعجزت عن الحراك أو الكلام إثر تلك الصدمة، وقد سرت قشعريرة في جسدي حين وجدتها تجذبني إليها وأنا أحاول أن أقاوم وأصرخ، وما هي إلا ثواني وسحبتني الفجوة إليها، وأنا لا أملك سوى الصراخ ولكن بلا جدوى، وكأني لا أستطيع التحدث، لأفقد الوعي، ولأستيقظ فأجد نفسي في مكان غريبٍ، لا أعلم أين أنا؟ ولا كيف ومتى جئتُ إلى هنا؟
أحاول أن أفهم أي شيء، الناس يبدون غرباء وملابسهم غريبة جدًا، وكأنها من الماضي في العصور القديمة، يوجد هنا زحام يبدو أن هذا سوق، وحتى الآن لم استوعب كيف انتقلتُ من غرفتي إلى هنا! وما سر تلك الفجوة؟ كل ما يحدث يبدو غير منطقي يبدو أنني في حلمٍ ما، أتمنى أن ينتهي هذا الكابوس سريعًا، وأعود لحياتي من جديد، بداخلي يصرخ وإن كان حلمًا لما أريد أن أستيقظ؟! وماذا سأفعل؟ لن يتغير شيء.
ليعود كل شيءٍ لذاكرتي، ولأستفيق من شرودي، و ينتشلني من تلك الأفكار اصطدامي بأحدهم، فوجدتها امرأة أربعينية، ذات شعر بني، ترتدي ملابس غريبة لا أعلم لأي عصرٍ تنتمي، نظرت لي بغضبٍ وكانت على وشك المغادرة فأوقفتها:
-عذرًا ما اسم هذه المدينة ؟
-‏ بيرانا
-‏ ماذا؟! في أي قارة تقع؟!
_ قارة! ماذا تعني قارة!
-‏ في أي دولة نحن! في أي عصر! أين تقع هذه المدينة ؟!
-‏ لا أعلم لم أسمع بهذا من قبل
-‏نظرت لي بنظراتٍ غريبة، جعلتني أشعر وكأنني مجنونة.
-‏- كيف أعود إلى القاهرة ؟
-‏- القاهرة! أين توجد؟
-‏ في مصر، القاهرة عاصمة مصر، أيوجد أحد لا يعرف مصر
-‏نظرت لي باندهاش وحيرة، ثم قالت:
-‏-يبدو أنكِ مريضة أو مجنونة تتحدثين عن أشياءٍ خيالية
‏وتركتني دون أن أنطق بشيء، بدأت الأفكار تقفز إلى رأسي واحدة تلو الأخرى، أين أنا الآن؟ وهل أنا الآن خارج مصر؟ وكيف لم تعرف تلك السيدة مصر؟ ما هذا ؟ هل أنا في حلمٍ سخيف؟! يجب أن ينتهي الآن! لا أصدق هذا الهراء، هل حقًا نقلت من تلك الفجوة إلى هنا؟ هذا شيءٌ لا يصدقه عاقل، سأجن من هذه الأفكار.
‏ثم رأيتُ رجلان يمران من أمامي، فأوقفتهما؛ لأحاول أن أفهم أي شيء،
-في أي عام نحن؟
كنتُ أسأل هذا السؤال وأنا أنفي كل ما بداخلي من معتقدات
-‏-ثلاثمائة قبل الميلاد
-‏-ماذا ؟!
أصبتُ بالذهول لثواني، لقد صدق ما كنتُ أتوقعه، وكان الرجلان ينظران لبعضهما ويضحكان بسخرية عليّ.
فذهبا وبقيتُ أنا تائهة لا أعلم هل هذا حقيقي أم حلم؟! هل حقًا أنا الآن في الماضي؟ وما سر تلك الفجوة! لا لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا، يجب أن أتأكد، ثم بدأتُ أحدث كل من أراهم و أسألهم في أي عام الآن؟ وعن مصر وطريق العودة إليها والسيارات والطائرات وغيرها، لأجد كل الإجابات بالنفي، وأنَّ لا أحد بهم يعرف شيئًا عما أقوله، وكانت نظارتهم لي ساخرة، وكأني خيالية كثيرًا لأخترع تلك

الأشياء، ماذا أفعل الآن؟ كيف سأعود من الماضي إلى الحاضر؟ دائمًا كنتُ أقرأ رواياتٍ خيالية عن عوالم أخرى والعودة للماضي، لم أتوقع أن أمر بهذا أبدًا، وبدأتُ أتجول في تلك المدينة التي تسمى بيرانا والتي لا أعرف أين تقع !‏

***
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.