ترتفع الأمواج في المياه الزرقاء في جوٍ مشمس، وحيدةً نائمةً على سطح الماء تتحرك مثل السمكة صعودًا وهبوطًا جاعله من البحر مخاوفها تحاول محاربته باستمرارها في التقدم للأمام تغطس سمر مستسلمة للأمواج تنزل إلى أعماق البحر تأخذ وضع اليوجا ثابته لا تتحرك مهما ازدادت سرعة الأمواج تظل صامدة تسلم عقلها للصمت الحاضر تنتظر وتنتظر لا تشعر بشيء لا حاجة إلى التنفس لا حاجة إلى الصعود إلى السطح تريد أن تظل هكذا عازلة كل الأصوات تشعر أنها ملكة في قلب الأعماق، تغمض عينيها و تذهب بعقلها بعيدًا، شركتها وأبيها وطموحاتها وكل ما سوف سيحدث من اختلافات في المستقبل وهي تعلم أن البشر غير مستعدين لهذه النقلة في الذكاء الاصطناعي لكن متى كان البشر مستعدين لأي تطور حدث؟
غالبًا سيرفضون ويثورون لكن في النهاية سيخضعون للنظام الجديد سيطرتها تجعل من كل شيء سهل و حين يكون كل شيء تحت سيطرتها سيصبح من الحتمية القبول سيتقبل البشر بكل امتنان ليس مستبعد أن يُنْشِئُوا لها تمثال " سمر رشيد الفتاة صاحبة ال28 عامًا " لا ليس ذلك العمر لن يكون مهمًا هي لا تتذكر ولا تحاول النظر للخلف متى خرجت من إطارها البشري متى نقلت وعيها من نسخة طبق الأصل من جسدها البشري إلى جسم اصطناعي من المؤكد أن البشر لن يُخَلِدُوا ذكرى نوع آخر غيرهم حتي وإن كان هذا النوع أذكى خالد لديه قدرات خارقة بالنسبة لهم سوف يصابون بالإحباط قليلاً حين تنظر إلى الفترة التي كانت فيها بشرية يتضح لها أن ذلك لا يهم طالما أنهم لا يملكون السلطة للوقوف أمام نوع جديد لديه القدرة على إبادتهم إذا اساؤوا التصرف، تخرج من الماء بشعرها الاصفر والخصل البنفسجية المنسدلة على وجهها البيضاوي وعينيها الواسعة الزرقاء المشعة وطولها الفارع بجسدها الرياضي تلف حولها المنشفة تتجه داخل فيلاتها المطلة علي البحر، تتحرك الروبوت الخاصة بها وتقول لها:
- أتمنى أن تكوني استمتعتِ يا سمر ، هل أستطيع أن أفعل شيء من أجلك الأن ؟
ترد سمر :
- شكراً فريا، مش محتاجه حاجه
ترد فريا وتقول:
- أستطيع أن اجهز لكِ حمامًا ساخنًا أستطيع أن احْضِرَ لكِ بعض الثياب النظيفة، أستطيع ا.....
قالت سمر:
- قولت شكرًا فريا، مش محتاجه حاجه ستووب
توقفت فريا قليلاً ثم اتجهت إلى الطابق الأعلى ، جلست سمر تشرب عصير البرتقال وتتابع التطورات عبر التلفاز، تمسك سوارها وتنظر لمعدل نبضات قلبها وضغط دمها، تلاحظ رساله من زين، تقرأها، وتنادي على فريا من جديد، تأتي فريا وتقول:
- كيف أستطيع مساعدتك يا سمر
ترد سمر:
- جهزي الحمام والهدوم خيار رقم اتنين
تقف فريا للحظات تعالج البيانات وثم تقول:
- أمامك 20 دقيقه يا سمر لديك موعد إذا تحركتي الأن ستصلي في الموعد المحدد
غضبت سمر وقالت:
- مين اللي نشط صلاحية دخولك على الأسورة؟
تَصْمُتْ فريا للحظات ثم ترد ببطي وهي تدور بعينيها يمينًا ويسارًا
- أنتي يا سمر، تم السماح بدخولي على نظام أسورتك أمس الساعة 3 صباحاً
تشرد سمر قليلاً، ثم تقول:
- أكيد كنت سكرانة ساعتها ... فريا بطلب إلغاء امكانية وصولك على أسورتي حالاً
تقول فريا:
- يتم الأن إلغاء الوصول إلى أسورتك, .. تم إلغاء الوصول إلى أسورتك
تنظر إلى سوارها وتتأكد بتعطيل المزامنة ، تقول سمر:
- تمام .. دلوقتي اعملي اللي طلبته منك
تقول فريا:
- ماذا أستطيع أن أفعل يا سمر؟
أدركت سمر أن لا فائدة اقتربت منها ثم أمسكت برقبتها ولفتها بقوة، سقطت فريا أرضًا، واتجهت إلى غرفتها لإحضار ملابسها لكي تستحم وبعدها تذهب لترى زين ..
****
يجلس أدم بشعره الأسود الغير مرتب وبعينيه البنيه المحاطة بالهالات السوداء ينقر على الشاشة الموضوعة على طاولته يريد أن يتأكد بأنه لم يترك أثر يدلهم عليه، حين بث الشفرة كان من المؤكد أنهم سيحاولون تتبعها للوصول إليه، لذلك حاول قدر المستطاع أن يكون حريص ولا يترك أثر خلفه، لكنه لم يتوقع أنه سيواجهه شخص ماهر قادر أن يفحص الشفرة جيداً ويستخرج منها موقع اطلاقها، أنه مجرد وقت فقط وسيصلون إليه وحينها سينتهي كل شيء لن يتركوه حتي يستخرجوا من عقله كل ما يعرفه وسوف يستخدمون أبشع أنواع التعذيب لكي يخضع إذا عقله قاوم تأثيراتهم
كان يريد أن يجعلهم مشتتين في أكثر من اتجاه بدء مع روبوت التابع لسمر وعرف ما يريد معرفته من خلال عينيها ثم بث فيروس لكي يمسح سجل دخوله من ذاكرته لأنه يعلم جيداً أن سمر تفحصه باستمرار تجنبا لأي اختراق قد يحدث، لذلك جمع المعلومات التي يريدها وحين انتهي نشر الفيروس ولكي يربك زين فعل معه المثل لكن كان شيء أخطر قليلاً، لكنه ارتاح حين تأكد بأن شفرته نجحت وحتى إذا نجح المنتقلون في استعادة جزء من ذكريات الروبوتات لن يعودوا صالحين للخدمة مرة اخرى ولن يعرف المنتقلون السبب في ذلك، يتحرك ويجمع كل ما سيحتاجه، مهمته في هذا المنزل انتهت عليه أن يعود إلى الخيمة، لكن قبل ذلك سينشر الفوضى ويزعزع الاستقرار وحين ينتشر الخوف والارتياب والاحتجاجات سيكون نظام المنتقلون مهلك، وستكون فرصته الوحيدة في الدخول، يطلق الشفرة ينتظر حتى يكتمل التحميل ثم يأخذ حقيبته ويبتسم ويتحرك مسرعًا غالقًا الباب خلفه ..
**********