مجدي أحمد عبد الحميد - مصر
النهر المخدوع
لو علمَ النهرُ بأنَّ البحرَ
سيقتلُ عِفَّتَهُ ..
ويُحيلُ عُذوبتَه ملحا
لتوقَّفَ ..ما جاء إليه.
ولَفتَّشَ عن وطنٍ آخرَ ..
عن أنثى ثكلى تحضنهُ ..
في بيتٍ مأمونٍ يأويه !
لكنَّ النهرَ غدا جهِلًا
بمصيرٍ مجهولٍ يجذبُهُ ..
بحنينِ الملهوفِ إلى البحرِ ..
كي يلقى فيه مَنيَّتَهُ !!
........ ........ .....
يا بحرُ..أتيتُكَ مُلتجِئا
وبقلبي عصفورُ أمانٍ .
يأملُ أن ينسجَ حُبًا ..
ورمالًا تعزفُ ألحانًا.
وبعيني ترقصُ أمواهٌ ..
مَلْأى بالطمي..وبالعشق..
وبالأحلام الشتويَّةْ !
وفرارا جئتُكَ بالأسماك، وبالأصدافِ
بألف شراعٍ مطويَّةْ .
وتركتُ الظلمَ ..تركتُ القهرَ..
تركت الغدرَ..
تركت قبائلَ تتريَّةْ !
وحملتُ الزادَ مع الأولادِ ..
حملتُ قصائدَ ورديةْ .
أقصدُ كانت ورديةْ !!
وأتيتُك تسبقني اللهفةْ .
تسبقني قصائدُ أخويةْ !
وبكفِّي قصةُ إقبالي..
وظننتُ بأنك ناصرُني..
أو تحملُ عني أثقالي..
أو تكسرُ قيدًا بيديَّهْ !
كي ترحلَ أحزاني الأبديَّةْ !!
..... ....... ......
ورأيتُك والوجهُ تَجَهَّمْ ..
وعساكرُبيتكَ أفظاظًا..
بقلوبٍ لا تعرفُ رَحِمًا.
والخِنجرُ يزأر ُمُلتَمِعًا بيمينك
واليسرى للسُّمِّ الأسودْ !!
يتغلغلُ في الأتباعِ ..وفي الأوجاع..
وفي الأولاد..وفي الأكباد..
وفي الأشعار..وفي الْ ......
يا بحرُ ..أتيتُك مُلتجئا !!
دعْ هذا الحقدَ..وهذا السُّمَّ ..
وهذا الخنجرْ !
لا تتهوَّرْ .
ماذا تبغي؟ ..لا أَتَصوَّرْ !!
فلْتَطعنْ ما شئتَ..ومن شئت.. لكنْ
لا تُفسدْ أمواهي..
لا تُغرقْ أسماكي..
لا تضرمْ أحزاني..
مهلًا ..لا تقتلْ أشعاري !!
...... ...... ......
لكنَّ الغدر َتوغَّلْ
قد قال..وقرَّرْ :
" يا حيتان الزمن الأغبرْ
اِلتفُّوا..وانتشروا في المأتَمْ
وافترشوا الأرضَ دموعَ القلبْ
صلّوا من أجلِ شهيدٍ
ولْتذرفْ أعينُكمْ دمْ !
قد كان عزيزا..كان وفيَّا
صاحبُ هذا المأتمْ "
وتعودُ الأسماكُ تغني
بعد عزاء اليوم الأول:
قد كُنَّا بالأمس مع النهر
وغدونا اليوم مع البحر
فلْيحيَ البحرُ مع الأنواء..
مع التمساح..مع القهرِ .
قد عاش البحرُ مع القهرِ !!
سارة مصطفى حسان - مصر
مَوقِفُ الشُّعَراءْ
يَا مَوقِفَ الشُّعَرَاءِ
فِي حَارَاتِ أنفَاسِ الهَوَى
خُذنِي إليك..
دَعنِي
أحَرِّرْ مَنْ نَدَى الطُّرُقَاتِ
تِيهاً بِالعُيونِ
هَوَى عَليك.
مَعناً قَدِيماً
لِلحَيَاةِ بِكُلِّ رُوحٍ
أومَضَتْ..
مَعناً يُجَدِّدُ
مِنْ قَوَانِينِ الطَّبِيعَةِ رُوحَهُ
فَخَرِيفُ أورَاقِ السَّمَاءِ
تَطَايَرَتْ أحلامُهُ
بِشِتَاءِه
يَشتَاقُ للأحضَانِ مِنْ
رَعشِ الغُصُونِ الخَاوِيَه
يَا مَوقِفَ الشُّعَرَاءِ
خُذنِي كَي أرَى ..
دِفئاً
بِأحضَانِ
الغُصونِ العَارِيَه
خُذنِي إلى
عُشِّ العَصَافِيرِ التي
إحْتَضَنَتْ
بُيوضاً نَائمَه
فَأنَا أرِيدُ بِأنْ
أرى مِيلادَ لُؤلُؤَةِ الحَياة
بَعدَ الشِّتَاء أرَى
بأقمَارِي فَسَاتِينَ
الرَّبِيع
فِي حَفلَةٍ
رَقَصَ اليَّراعُ عَلى
أرِيجِ جُنُونِهَا
خُذنِي إليهَا
أيُّهَا العَّرَّابُ
حَتَّى ..
أسْتَعِينَ عَلَى
خُطَايْ
فَالبَدرُ يَخجَلُ مِنْ
سَحَابَاتِ الشِّتَاءِ ويَختَبِي
خَوفاً
مِنَ البَرقِ الذِي
صَرُخَتْ بِه أنفَاسُهُ
لِتُعَلِّمَ السُّحُبَ
البُكَاءْ
البَدرُ يَخبُو
بَينَ دَمعَاتِ الشِّتَاءِ
فَلا تُرَاكِمْ خَوفِيَ
الطِّينِيَّ فِي صَلصَالِهْ
يَا مَوقِفَ الشُّعَرَاءِ خُذنِي
كَي أعُودَ لِحَارَتِي
فَرَبِيعُهَا ..
رِيحٌ ليُوسُفَ
فِي المَدَى
لولا تُفَنِّدُ
كي تَرَى
أيْنَ المَدَى؟
يا مَوقِفَ الشُّعَرَاءِ
هَذَا الصَّيفُ أجَّجَ وَلهَتِي
و البَحرُ
أينَ البَحرُ ؟
كَي تَرسُو بِه أقصُوصَتِي
خُذنِي إليهِ
فَقَصرِيَ الرَّملِيُّ ..
يَحتَاجُ الأمِيرَةَ
كَي يَكُونْ
أصْدَافُهُ عَزَفَتْ
أغَانِيهَا البَعِيدَةَ
للمَحَارْ
قَلبِي هُنَا
يَطفُو عَلَى شَطِّ
الخَيَالِ المُستَبَاحْ
قَلبِي يُرِيدُ بِأنْ
يَعيشَ بِكُلِّ فَصلٍ
فِي رِدَاءْ
قَلبِي يُرِيدُ بِأنْ
يُبَعثِرَ ذِكرَياتٍ بِالخَرِيفْ
يُرِيدُ أحضَانُ الغُصُونِ
العَارِيَاتِ بِبَردِ
أنفَاسِ الشِّتَاءْ
يُرِيدُ بَحرَ الصَّيفِ كَي
يَرمِي بِه كُلَّ العَنَاءْ
يُرِيدُ رَقصاً
بَينَ زَهرَاتِ الرَّبَيعِ كَمَا يَشَاءْ
يَا مَوقِفَ الشُّعَرَاءِ خُذنِي.. للسَّمَاءْ