انتظرت حتى منتصف الليل، ولكن لم يكن هناك أي علامة على عودته؛ لذا ذهبت
إلى غرفتي. لم يكن غريبًا أن يظل خارج المنزل لأيام وليالٍ متتالية عندما يسعى لكشف
خبايا مسألةٍ ما؛ لذا لم يكن تأخُّره مفاجئًا لي. لا أعرف في أي ساعةٍ عاد، ولكن عندما نزلت
لتناول الإفطار في الصباح، كان موجودًا وكان يحمل فنجان قهوة في يد والصحيفة في اليد
الأخرى، وكان يبدو منتعشًا وأنيقًا جدٍّا.
لا تؤاخذني في أنني قد بدأت بدونك يا واطسون، ولكنك تتذكر أن عميلنا لديه » : وقال
«. موعد مبكر هذا الصباح
يا إلهي! لقد تجاوزت التاسعة الآن. لن أتفاجأ إن كان هذا هو. أعتقد أنني سمعت »
«. صوت جرس
كان صديقنا المصرفي بالفعل. صُدِمتُ بالتغيير الذي قد حلَّ به؛ فوجهه الذي كان
عريضًا وضخمًا بطبيعته، صار الآن منكمشًا ومنهارًا، بينما بدا لي أن شعره قد ظهر عليه
على الأقل بعضالشيب. دخل بوهن وخمول كانا حتى أشد إيلامًا من العنف الذي أبداه في
صباح اليوم السابق، وارتمى ببطء شديد على الكرسي ذي الذراعين الذي دفعته إلى الأمام
ليجلس عليه.
لا أدري ما الذي فعلته لأتعرَّضلبلاء شديد كهذا. فقط قبل يومين كنت رجلًا » : وقال
سعيدًا ناجحًا لا يُثقل كاهليشيء. أما الآن فقدصرت أواجه عهدًا موحشًا وشائنًا. تصيبني
«. الأحزان الواحد تلو الآخر. لقد تركتني ابنة أخي، ماري
«؟ تركتك »
أجل، كانسريرها وغرفتها فارغَين هذا الصباح ووجدت رسالة لي على طاولة الردهة. »
كنت قد قلت لها الليلة الماضية بحزن وليس بغضب، إنها لو كانت قد وافقت على الزواج
من ابني، فلربما كان حاله قد انصلح. ربما كان من الرعونة أن أقول هذا. وهي تشير إلى
تلك النقطة في رسالتها:
عمي العزيز
أشعر أنني قد تسببت لك في مشكلة، وأنني إن كنت قد تصرفت بنحوٍ مختلف،
فربما لم تكن لتقع هذه المأساة الرهيبة على الإطلاق؛ ومن ثَمَّ لا يمكنني أن
أشعر بالسعادة مرة أخرى في منزلك، وأعتقد أنني لا بد أن أتركك إلى الأبد. لا
تقلق بشأن مستقبلي؛ فأنا أعرف ماذا أفعل، وقبل كل شيء، لا تبحث عني لأن
ذلك سيكون جهدًا بلا جدوى وسيؤذيني. في الحياة أو الموت، سأظل دائمًا ابنتك
المُحبَّة.
ماري
ما الذي يمكن أن تعنيه بهذه الرسالة يا سيد هولمز؟ هل تعتقد أنها تشير إلى أنها
«؟ تنوي الانتحار
لا، لا، لا يوجد شيء من هذا القبيل. ربما يكون هذا هو أفضل حلٍّ مُمكن. أنا واثق »
«. يا سيد هولدر أنك تقترب من نهاية مشاكلك
ها! هل تظن ذلك؟ لقد سمعت شيئًا، يا سيد هولمز؛ لقد عرفت شيئًا! أين الأحجار »
«؟ الكريمة
«؟ لا أظن أن ألف جنيه إسترليني لكل حجر كريم مبلغ كبير في رأيك، أليس كذلك »
«. أنا مستعد لدفع عشرة آلاف »
لن يكون ذلك ضروريٍّا، ثلاثة آلاف إسترليني تكفي. وأعتقد أنه سيكون هناك »
مكافأة صغيرة، هل دفتر شيكاتك معك؟ إليك قلمًا. من الأفضل أن نزيد المبلغ إلى أربعة
«. آلاف إسترليني
كتب المصرفي الشيك المطلوب بوجهٍ مذهول. توجَّه هولمز إلى مكتبه وأخرج قطعة
مثلثية صغيرة من الذهب وفيها ثلاثة أحجار كريمة وألقاها على الطاولة.
التقطها عميلنا بصرخة فرح.
«! إنها لديك! أنا بأمان! أنا بأمان » : شهق قائلًا
كان ردُّ فعله الفرح بنفس شدة الحزن الذي كان عليه، وضم جواهره المستردة إلى
صدره.
«. إنك مدين بشيء آخرَ يا سيد هولدر » : قال هولمز بشيء من الصرامة
«. حدِّد المبلغ وسأدفعه » : التقط القلم وأردف قائلًا «!؟ مدين »
لا، إنك لست مدينًا لي. أنت مدين باعتذار متواضع لذلك الشاب النبيل، ابنك، الذي »
تصرَّف في هذه المسألة على نحوٍ لو تصرَّف ابني مثله، إن قُدر أن يكون لي ابن يومًا، لكان
«. مدعاة لفخري
«؟ إذن لم يكن آرثر هو الفاعل »
«. أخبرتك بالأمس، وأكررها اليوم، لم يكن هو »
هل أنت متأكد من ذلك؟! إذن دعنا نذهب إليه على الفور لنخبره أن الحقيقة قد »
«. كُشِفَت
إنه يعلمها بالفعل. بعدما اكتُشفت المسألة بالكامل، قابلته وعندما وجدت أنه يرفض »
أن يخبرني بالقصة، أخبرته أنا بها، وحينها اعترف أنني على حق وأضاف بعضالتفاصيل
القليلة التي لم تكن واضحة بالكامل لي بعد. ومع ذلك، قد يجعله الخبر الذي قلته لنا هذا
«. الصباح يتحدث
«!؟ بحق الرب أخبرني إذن، ما حقيقة هذا اللغز الغريب »
سأفعل، وسأخبرك بالخطوات التي أوصلتني إلى الحل. ولكن دعني أقول لك أولًا ما »
يصعب عليَّ قوله ويصعب عليك سماعه: لقد كانت هناك علاقة بين السير جورج بيرنويل
«. وابنة أخيك ماري؛ فلقد هربا معًا الآن
«! ماري؟ غير ممكن »
مع الأسف إنه ليس فقط ممكنًا، بل مؤكدٌ. لا أنت ولا ابنك كنتما تعرفان المعدن »
الحقيقي لهذا الرجل عندما سمحتما له أن يكون جزءًا من دائرة عائلتكما. إنه واحد من
أخطر الرجال في إنجلترا، إنه مقامر فاسد وشرير ميئوس منه تمامًا، إنه رجل بلا قلب ولا
ضمير. إن ابنة أخيك لا تعرف شيئًا عن هؤلاء الرجال. وعندما عبَّر لها عن حبه، كما فعل
مع المئات من قبلها، شعرت بالإطراء أنها هي وحدَها من لمست قلبه. يعلم الشيطان ما قاله
«. لها، ولكنها في النهاية أصبحت أداة في يده وكانت معتادة على رؤيته كل مساء تقريبًا
«! لا أستطيع أن أصدق، ولن أصدق » : صاح المصرفي بوجهٍ شاحب قائلًا
سأخبرك إذن بما حدث في منزلك الليلة الماضية. تسللت ابنة أخيك إلى أسفل عندما، »
كما اعتَقَدْتُ، ذهبت إلى غرفتك، وتحدثت مع حبيبها عبْر النافذة المؤدِّية إلى ممر الإصطبل.
لقد حُفِرَت آثارُ قدميه في الجليد؛ فقد وقف هناك لفترة طويلة. لقد أخبرته عن التاج،
فأشعل هذا الخبر جشعه للحصول على المال، وطوَّعها لإرادته. لا أشك في أنها كانت تحبك،
ولكن هناك بعض النساء في العالم يطفئ فيهن حب العشيق أي حب آخر، وأعتقد أنها
واحدة منهن. بالكاد أنصتت لتعليماته عندما رأتك تهبط الدَّرَج، فأغلقت النافذة بسرعة
وأخبرتك عن خروج إحدى الخادمات للحديث مع عشيقها الذي له ساقٌ خشبية، وهو ما
كان صحيحًا تمامًا.
ذهب ابنك آرثر إلى الفراش بعدما تحدث معك، ولكن كان نومه سيئًا بسبب قلقه
بشأن ديونه في النادي. سمع في منتصف الليلصوت خطوات خفيفة تعبر أمام باب غرفته،
فنهض ونظر إلى الخارج وفوجئ برؤية ابنة عمه تتسلل بخفة بطول الممر حتى اختفت
في غرفة ملابسك. شَلَّته الدهشة، وارتدى بعض الملابس وانتظر هناك في الظلام ليرى ما
سيحدث في هذا الأمر الغريب. خرجت من الغرفة مرة أخرى على الفور، وعلىضوء مصباح
الممر، رآها ابنك وهي تحمل التاج الثمين في يديها. هبطت الدَّرَج، وركض آرثر خلفها
والرعب يملؤه واختبأ خلف الستارة بالقرب من باب غرفتك بحيث يتمكن من رؤية ما
يحدث في الردهة بالأسفل. رآها وهي تفتح النافذة خلسة وتعطي التاج لشخصٍ ما في
الظلام، ثم تغلق النافذة مرة أخرى وتسارع بالعودة إلى غرفتها وهي تمر بالقرب من
المكان الذي كان يقف فيه خلف الستارة.
لم يكن باستطاعته أن يقوم بأي تصرُّف ما دامت موجودة في المكان دون أن يخاطر
بتعريضالمرأة التي كان يحبها لفضيحةٍ مروعة. ولكن بمجرد رحيلها، أدرك كم أن مصيبةً
كهذه ستُحطمك وكم كان من المهم تصحيح الوضع. هُرِع إلى أسفل وهو حافي القدمين،
تمامًا كما رأيته، وفتح النافذة وقفز إلى الخارج على الجليد وركضبطول الممر حيث كان
بإمكانه رؤيةُ خيالٍ أسودَ في ضوء القمر. حاول السير جورج بيرنويل الفرار، ولكن آرثر
أمسك به ودارصراعٌ بينهما، وكان ابنك يشد التاج من ناحية، ويشده غريمه من الناحية
الأخرى. وأثناء المشاجرة، ضرب ابنك السير جورج وجرحه فوق عينه. ثم انكسر شيء
فجأة، وعندما وجد ابنك أن التاج بحوزته، عاد إلى المنزل مرة أخرى وأغلق النافذة وصعد
إلى غرفتك، ولاحظ حينئذٍ أن التاج قد انثنى أثناء الصراع وكان يحاول تقويمه عندما
«. ظهرت أنت في المكان
«؟ هل هذا ممكن » : شهق المصرفي قائلًا
ثم أثرتَ غضبه عندما كنت تُهينه في الوقت الذي كان يشعر فيه أنه يستحق منك »
الشكر الشديد. لم يستطع شرحَ ما حدث فعلًا دون أن يخون الإنسانة التي بلا شك لا
تستحق ولا حتى القليل من اهتمامه. ومع ذلك، فقد اختار التصرُّفَ الأكثر شهامةً وحفظَ
«. سرَّها
ولهذا السببصرخت وفقدت الوعي عندما رأت التاج. أوه، » : صاح السيد هولدر قائلًا
يا إلهي! كم كنت أحمق أعمى! لهذا طلب أن أسمح له بالخروج لخمسدقائق! كان الشاب
العزيز يريد أن يرى إن كانت القطعة المفقودة موجودةً في مسرح الصراع أم لا. كم كنت
«! قاسيًا وأسأت الحكم عليه
عندما وصلتُ إلى المنزل، تجوَّلت حوله بحرصٍشديد لأرى ما إن » : أردف هولمز قائلًا
كانت هناك آثار في الجليد قد تساعدني. كنت أعلم أنه لم تتساقط أي ثلوج أخرى منذ
الليلة السابقة، وأنه كان هناك صقيع قوي سيحافظ على الآثار. مررت على ممر البائعين،
ولكنني وجدت أن كل آثار الأقدام مداسة ولا يمكن تمييزها. ومع ذلك، فبعد هذا الجزء
مباشرة، وعند الجانب الأبعد لباب المطبخ، كانت توجد آثار أقدام امرأة قد وقفت تتحدَّث
مع رجلٍ أظهرت آثارُ أقدامه المستديرة على أحد الجوانب أنه كان ذا ساقٍ خشبية. كما
تمكنت من معرفة أنهما قد قُوطعا؛ إذ إن المرأة قد عادت إلى الباب مرة أخرى بسرعة كما
أظهرت آثار أصابع القدم العميقة وآثار كعب القدم الخفيفة، بينما انتظر صاحب الساق
الخشبية قليلًا ثم رحل. ظننت في ذلك الوقت أن هذه قد تكون آثار أقدام الخادمة وحبيبها
اللذين كنتَ قد أخبرتني عنهما بالفعل، وأظهر التحقيق أن الأمر كان كذلك فعلًا. سرت
حول الحديقة دون أن أرى أي شيء سوى الآثار العشوائية التي استنتجت أنها تخص
الشرطة، ولكن عندما وصلت إلى ممر الإصطبل وجدت أمامي قصة طويلة ومعقدة مكتوبة
في الجليد.
كان هناك خطٌّ مزدوجٌ من آثار الأقدام لرجلٍ كان يرتدي حذاءً ذا رقبة عالية،
ولسروري، رأيت خطٍّا آخرَ لرجلٍ حافي القدمين فاقتنعت على الفور بما أخبرتني به أنها
هي آثار أقدام ابنك. كان الأول يمشي في كلا الاتجاهين، بينما كان الآخر يركض بسرعة،
وبما أن آثار أقدامه كانت مطبوعة في بعضالأماكن فوق آثار الأقدام المحفورة التي تخص
الحذاء ذا الرقبة، فقد كان من الواضح أنه كان يتبعه. تتبعت الآثار ووجدت أنها تقود إلى
نافذة الردهة حيث تآكل الجليد كله بفعل صاحب الحذاء ذي الرقبة أثناء انتظاره. بعد
ذلك، مشيت إلى الطرف الآخر الذي كان على بُعد مائة ياردة أو أكثر في الممر. ووجدت آثارًا
تدل على أن الرجل الذي كان يرتدي حذاءً ذا رقبة عالية قد استدار، وعلى أن الجليد قد
تشقَّق كما لو كان قد وقع صراع، وأخيرًا، وجدت بضع قطرات من الدم أثبتت لي أنني
لم أكن مخطئًا. حينئذٍ، ركض الرجل الذي يرتدي الحذاء ذا الرقبة في الممر، ثم أظهرتْ
بقعةُ دمٍ صغيرة أخرى أنه هو من أصُيب. وعندما وصل إلى الطريق السريع على الطرف
الآخر، وجدت أن الآثار الموجودة على الرصيف قد أزُيلت، ومن ثم كانت هذه هي نهاية ذلك
الدليل.
ومع ذلك، فحصت بعد دخولي المنزل، كما تتذكر، حافة وإطار نافذة الردهة بعدستي
المكبرة، وتمكنت على الفور من إدراك أن شخصًا ما قد عبَر منها إلى الخارج. تمكنت من
تمييز شكل مشط قدم حيثما وطأت قدم مبتلة وهي تدخل المنزل. حينئذٍ بدأت أتمكَّن من
تكوين رأي حولَ ما حدث. كان هناك رجل ينتظر خارج النافذة، وأحضرأحدهم الأحجار
الكريمة، وقد راقب ابنك هذه الوقائع ولاحق اللصوصارعه وشدَّ كلٌّ منهما التاج وهو ما
ألحق به أضرارًا تسببت فيها قوَّتهما المشتركة، والتي لم يكن من الممكن أن يتسبب فيها
أي منهما وحدَه. عاد ابنك وبحوزته الغنيمة، ولكن جزءًا منها كان في قبضة خصمه. لقد
كان كلشيء واضحًا في ذلك الوقت، ولكن بقي سؤال وهو: مَن كان هذا الرجل ومَن الذي
أحضرالتاج إليه؟
أحد مبادئي الأساسية هو أنه بعدما تستبعد المستحيل، فما يبقى، مهما كان مستبعدًا،
لا بد أن يكون هو الحقيقة. كنت أعرف أنك لم تكن أنت مَن أخذت التاج إلى أسفل؛ لذا
لم يتبقَّ سوى ابنة أخيك والخادمات. ولكن لو كانت الخادمات، لِمَ قد يقرر ابنك أن يتهم
نفسه بدلًا منهن؟ لا يمكن أن يكون هناك سبب ممكن لهذا. ولكن بما أنه كان يحب ابنة
عمه، فقد كان هناك تفسير ممتاز لسبب حفظه لسرِّها — خاصةً وأن السرَّ كان مشينًا.
وعندما تذكرت أنك رأيتها تقف عند تلك النافذة، وكيف فقدت الوعي عندما رأت التاج مرة
أخرى، أصبح تخميني يقينًا.
ولكن مَن الذي يمكن أن يكونشريكها؟ من الواضح أنه حبيب لها؛ فمن الذي يمكن
أن يفوق حبُّه الحبَّ والعرفان اللذين تكنهما لك؟ علمت أنك لا تخرج إلا قليلًا، وأن دائرة
أصدقائك محدودة للغاية، ولكن السير جورج بيرنويل كان ضمن هذه الدائرة. وكنت قد
سمعت عنه من قبل أنه رجل له سمعة سيئة مع النساء. لا بد أنه هو مَن كان يرتدي
ذلك الحذاء ذا الرقبة العالية ويحتفظ بالجواهر المفقودة. وعلى الرغم من علْمه أن آرثر قد
كشفه، فربما كان لا يزال يطمئن نفسه أنه بأمانٍ حيث إن آرثر لن يستطيع أن يقول كلمة
واحدة دون تعريضسمعة أسرته للخطر.
حسنًا، سينبئك إدراكك الجيد بالخطوات التي اتخذتها بعد ذلك. ذهبت إلى منزل السير
جورج على هيئة رجل متسكع، وتمكَّنت من التعرُّف على خادمه، وعلمت منه أن سيده قد
جُرِح رأسه في الليلة السابقة، وأخيرًا حرصت علىشراء أحد أحذية بيرنويل القديمة البالية
بعد أن دفعت لخادمه ستة شلنات. أخذت الحذاء وذهبت إلى ستريتام ووجدت أن آثاره
«. تطابق تمامًا آثار الأقدام الموجودة
«. لقد رأيت متشردًا يرتدي ملابسَ رثة في الممر مساء أمس » : قال السيد هولدر
بالضبط، كنتُ أنا. وجدت أنني قد وضعت يدي على الرجل المطلوب، فعُدت إلى »
المنزل وبدلت ملابسي. عندئذٍ كان عليَّ أن ألعب دورًا حسَّاسًا؛ إذ إنني رأيت أنه لا بد
من تجنُّب الملاحقة القضائية لتحاشي الفضيحة، وكنت أعلم أن وغدًا شريرًا كهذا سيعلم
أننا مغلولو الأيدي في هذه المسألة. ذهبت وقابلته. نفى كل شيء في البداية بالطبع. ولكن
عندما واجهته بكل تفصيلة دقيقة لِما حدث، حاول تهديدي وأخذ هراوة كانت معلَّقة على
الحائط ليضربني بها. لكنني كنت أعرفما سيفعله جيدًا، فوجَّهت المسدسنحو رأسه قبل
أن يتمكَّن من مهاجمتي، وعندئذٍ، صار أكثر عقلانية. أخبرته أننا سنعطيه ثَمَن الأحجار
الكريمة التي بحوزته؛ ألف جنيه إسترليني لكل قطعة. وهنا أبدى أولى علامات الحزن
سرعان ما تمكَّنت «! أوه! اللعنة! لقد بِعْت الثلاثة لقاء ستمائة جنيه إسترليني » : وقال
من الحصول على عنوان المُشتَري بعد أن وعدته أنه لن تكون هناك ملاحقة قضائية. على
الفور، توجَّهت إلى المُشتَري، وبعد الكثير من المساومة، حصلت على الأحجار لقاء ألف جنيه
إسترليني لكل قطعة. وبعد ذلك، زرت ابنك وأخبرته أن كلشيء على ما يُرام، ثم أويت إلى
«. فراشيأخيرًا في حوالي الساعة الثانية، بعد ما يمكنني أن أسميه يوم عمل شاق للغاية
يومٌ أنقذ إنجلترا من فضيحةٍ عامةٍ ضخمة. أنا عاجز عن » : قال المصرفي وهو ينهض
شكرك يا سيدي، ولكنني لن أدخر وُسعًا في إبداء امتناني لما فعلته. لقد فاقت مهارتك كلَّ
ما سمعته بالفعل، والآن لا بد أن أذهب سريعًا إلى ابني العزيز لأعتذر له عن الخطأ الذي
ارتكبته في حقه. أما فيما يخص ما أخبرتني به عن ماري المسكينة، فهو يؤلمني كثيرًا.
«. فحتى مهارتك لا يمكنها أن تخبرني بمكانها الحالي
أعتقد أننا يمكننا أن نقول بكل ثقة إنها أينما يكون السير جورج » : أجاب هولمز قائلًا
بيرنويل. كما أنه من المؤكد كذلك أنهاسرعان ما ستتلقى ما يكفي من العقاب على خطاياها
«. أيٍّا كانت