أروى أيمن أمين
لِمَ لا نتعامل مع حياتنا وكأنها ساحة ضخمة من لعبة الشطرنج؟
نبدأُ لعبَها بالأشياء الصغيرة (سنًا، قيمةً، أيا كان) والتي يمثلها العساكر.
يظل اللّعبُ يكبر ويصعب شيئًا فشيئًا، وكل حركة نمر بمشاعر كثيرة من الاضطراب والقلق.
كل خطوة نخسر بها جنديا من الجنود فإننا نتقدّم بها للأمام، وليكنْ ذلك متماثلًا بنا في كل يوم نخسر به شيئًا؛ فإننا ننضج به نُضْجًا ملحوظًا، نترقب.. بِمَ سوف يردُّ جيش العدو؟
ماذا سنخسر في هذه الحركة؟! بِمَ سنخاطر في خطوتنا التالية؟
تتحرك الساحة كلها تقريبًا لغرضٍ واحد.. حماية الملك.
لنقُل إن الملك هو أكثر ما نرغبُ حقًا في حمايته، هو ما نريد أن نخرج به سالمًا من هذه الحرب.. (قلبنا، ما نحن حقًّا عليه، مبادئنا.. أي شيء)، لكننا فعلًا نعبرُ كل ذلك جاهدِين ألّا نخسره.
أرى أن من يسقط من جنودنا هم أشخاصٌ في حياتنا، نحارب بهم.. منهم من صمد، ومنهم من سقط، ومع سقوط كل فردٍ منهم تظل قوتنا في هبوط.
كل تفصيلة في هذه اللعبة تشبه حياتنا..حتى أرضها، زُيِّنَت بالأبيض والأسود، تمامًا كالأيام.. يوم هكذا ويوم هكذا.
وما علينا هو ألّا نهدر وقتنا في الحركات الخاطئة إلى أن ينفد الوقت منا، وتكون كش ملك هي النهاية.
عندما يستوقفنا سؤال ما هو معنى الحب؟
أول ما يأتي ببالنا هو قصص الرومانسية، مثل (روميو وچولييت، قيس وليلى.. إلخ).
ولكن لماذا لم نتذكر أنّ الحب ليس هكذا فقط؟
إن هذا ما إلا نظرة أضيق من ثقب إبرة عن الحب، كيف سمحَت لنا عقولنا أن نتصوّر أن هذا هو المثال الوحيد عن أسمَى شيء في الوجود؟!
كيف نسينا أن هناك اثنين قررا أن يضحّيا بشبابهما وجمالهما.. مالهما وصحتهما وكل شيء من أجلك أنتَ فقط، كيف نسيتَ والدَيْك؟
كيف نسيتَ أن هناك شخصًا يُدعَى أخاك /أختك يمكنه أن يقدم حياته فداك، إن شعر بالخطر حولك يقلقُ عليك، ويحبك بالضبط كما لوكنتَ قطعه منه.. كيف نسيتَه؟
أين صديقك الذي لا يطيق أن يسمع عنك ضغينة ولا يتحمّل اليوم إذا مر بدون محادثتك؟
أين ذهب الذي خلقك؟ لا ينساك وإن نسيته، كل مرة تعود له بها يفتح لك ذراعيه ويسامح، ألا تسمِّي هذا حُبًّا؟
بل الحب الأعظم.
إن لم يأتك نصيبك من القصص الخيالية؛ فهذا لا يعني أن حياتك لا يوجد بها حب، وأن حياتك ينقصها الحب.. الحب موجود بها بالفعل، ولكنك لا تراه.
اكتشفْتُ بعد وقتٍ طويل أن الإنسان ما هو إلا بئر عميق.. لا يمكنك أن ترى منه شيئًا سوى عين مفتوحة لا تعلم إن كان بداخلها ماءً أم لا!
في بعض الأحيان يكون هذا الإنسان حتى لا يعلم عما بداخله.. لا يعلم ما بداخل البئر الخاص به؟!
أحيانًا يرى ما يراه الآخرون.. مجرد عين عميقة لا نهاية لها، وأحيانًا يسقط داخل هذا البئر.. متوقفًا في جانب واحد منه (الجانب الفارغ)، لا يعلم أنه إذا سقط قليلًا بعد فسيجد الكثير من الماء والخير المخبئَيْن بداخله، ولم يكن يعلم عنهما شيئًا.
ينسى الإنسان أن يبحث داخل نفسِه قبل أن يبحث داخل الآخرين.
)ابحث عن ما لا تعرفه عن ذاتك أولًا(
لا تكن لنفسك مثل الذي كان يبحث عن كنزٍ لسنوات طويلة، وعلى آخر صخرة بينه وبين حلمِه توقف واستسلم.
"الكنز الذي بداخلك يستحق أن يكتشف"
عندما تشعر أنّكَ قد وصلتَ للقاع..
لقد وصلتَ لما كنتَ تقول عليه (الأسوأ)، وتشعر أنه ما منْ فائدةٍ.. مهما فعلتُ سيُهْدَر جُهدِي.
أغْمِض عينيك حتى ترى أغمقَ ما بها، ركِّز في الظلام حتى تتمكن من الرؤية خلاله.. تخيل نفسَكَ في أحسن أحوالها.. تخيل واسرح بخيالك لأبعد حد، لا تتوقفْ عنْ خيالك ولا تسمَح لنفسك أن تقاطعه، استمر في أن تتخيّل حتى تبتسم.. ماذا تخيلت؟
الذي تخيلتْه هذا هو مسْتقْبلك الذى يناديك كل يوم لتصل إليه، هذا هو قدَرُك الذي ينتظرك، بيدك تصل له ولا تخذله، وبيدك أن تبعد نفسك عنه بنفسك.
هذا العبقري الناجح الطموح هو أنت، هذا ليْس مجرد خيال تراه في أحلامك.
لقد رأيْتَ نفسكَ كما ستكون يومًا ما، لا تيأسْ ولا تجعل الهزيمة تتمّكن منك، أنتَ ذلك المجتهد الذي تراه كل يومٍ، فقط اسعَ لأن تراه يومًا في المرآة.
كل ما تملّ وتشعرُ أنّه ما من فائدة.. أغمِض عينَيْك وذكّر نفسك أنّك ستكون هذا العظيم، لا تيأس.
أنا في الانتظار..
في انتظار الذي سيميّزُني بكل ما في وسعه.
في انتظار من يجعلُني أشعُر بأنّي ذات أهمية من جديد.
لا أريد حبيبًا.. إنما أريد رفيقًا.
أنا في غاية حماسي لأرى من سيجعلني لا أريد أحدًا سواه؛ لأنه يجعلني أشعر بذاتي.
أنتظر الصديق الذي سيتذكّرني في وقت سعادته ووقت حزنه، أنتظره حتى أكون أنا أول من يأتي في فكرِه عندما يريد أن يشكو.. أن يبكي.. أن لا يتحدث.
أريد من يخبرني كل يوم بتصرفاته أنه حقًا يحبني..
أريد الذي يجاوب باسمِي عندما يسأل من يحبك حقًا؟
وأريد الذي أجاوب باسمه عندما أُسْأَل السؤال ذاته.
أريد من يفهم..أريد صديقًا صادقًا.
"الإنسان يمرُّ عليه يوم وفاته كل سنة بدون أن يعلم "
تأمل هذه الجملة كثيرًا، اسرَح بمعانيها واستوعِب محتواها حتى تؤمن بها من أعماق ما بداخلك.
أنت كل عام تعيش يوم وفاتك بطريقة مختلفة.. هذا العام سعيد، وعام آخر حزين، عام محبَط ومتشائم.. وآخر متفائل ومسرور، حتى تصل إلى سنة اليوم الموعود.
"في مثل هذا اليوم منذ عام.. أنا كنت على قيد الحياة "
الحياة أكبر مُزحَة تلاعبت بعقولنا، أوهمَتْنا أنها هي ومن بعدها الموت، بالعكس؛ فالموت فيها، ومن بعدها الحياة.
إن أدركتها فأنت الفائز، وإن قضيتَ عمرك وراء رضاها فقد خسرت.
الإنسان لحظة يولد، أو يموت في لحظة.
لا تنسَ أن تعيش قبل أن تموت.. قبل أن يأتي يومنا هذا وأنت لست به.