أسما محمد
الرفيق الوفيّ هو من يلف معك العالم وأنتما ممسكان بيد بعض، الرفيق من يفتَعِل معك المصائب بدون النظر للمخاطر، الرفيق أخٌ لم تنجبه الأم، ولكن أنجبَتْه الظروف ليكون أكثر هداياها روعة.
وغير الوفِي يكون بمسابة خنجر زرعتَه في أعمق نقاط قلبك حيوية، ولأنك تنتظر منه الأفضل تركْتَ قلبك ينزف على أمل أن يشعر ويداوي جرحَه فيك.
ولكن هل مَن وضع الخنجر مسمومًا، وعند عتابه تعلّلَ بعدم انتباهه، هل سيداوي؟
أنت من جعلتَ الرفاق يجرحون، وأنت من أعطيتهم السبيل لقلبك؛ فجرحوا، ولكن العجيب أنّك لم تصرخ، بل كانت دموعك تسيل مع دمائك وثغرك ضاحكًا.
نعم معك حق، ولكن لن أظلمهم، حرام.
هم علّموني أن أجعل من حبهم المزيف ترياقًا يداوي أيّ سُمٍّ يدخل قلبي مجدّدًا؛ فداويت جرحهم بهم.
فأفضل أنواع الترياق هو ما يُصنَع من السم نفسه؛ لأنك إذا حاولتَ أن تضاد الموجب بسالبِه ستكون النتيجة إنهائه بدون التأثير على معادلة حياتك.
ولو فكروا ليعودوا أهلًا بهم في ساحة حرب بها سلاح صنعوه بأيديهم؛ ليكون أداة لمحوهم من عالمي.
صديقي، عند وفائك كنت أخًا، ولكن عند جرحك صرْتَ أقذر من العدو.
اللهم بحقّ يومِ حَشرِك العَظيم، اللهم بحقّ بعثك له رحمة للعالمين.
اللهم صلِّ عليه وزد وبارك في مقامهِ العظيم.
اللهم يا مَن رفعْتَ مِن شأنه وكان يتيمًا فقيرًا، وأغنَيْتَه برحمتكَ وجعلْتَ أُمّتَه من المفضّلين، اللهم اجمعنا به في جنتِكَ يا رحيم.
اللهم يا مَن جعلتَه إمامًا للأنبياء والمرسلين، اللهم يا من أوصلتَه حتى سدٍرة المنتهَى وجعلته خير الثّقَلين، اللهم اجعله شفيعًا لنا يوم الدين، واسقِنا بيدِه الشريفة مِن حوضِه العظيم.
حواء كيف حالك؟
من أنتِ يا مَن تتحدث؟
أنا مَن جرحكِ وظلمَك وكسرَك وما زلتِ في أحضانه تبحثين عن العلاج!
تبسّمت فضحكَت؛ فرنَّت ضحكتها في الفضاء، وقالت أنتَ من تخال نفسَكَ جرَحْتَ من خلقها الله سبحانه مِن جنْبِكَ؛ فلا تدمع قبل أن تتَألّم أنت قبْلَها، أنت من تظن أنّك كسَرْت من وجدها المولى من ضلعِك الأعوج؛ فلا تُكسَر إلا إذا حاولتَ أنت أن تعدل ذاتك، أنت من تتوّهم بأني بأحضانك ولم ترَ بأن قلبك ووجدانك بين يدي، وأنت من سلّمتُهم بيدك.
تعجب فاندهش؛ فصار لا يقوَى على الحرك.
قال مَن أنت؟! وما هذه القوة في ضعفك؟ يا مَن حجمك وقوّتك أمامي عدم.
قالت بنبرتها الواثقة: أنا من حذّرَك الله من كيدها؛ فتتذاكَى عليها بغبائك، وأنا مَن أمرك الرسول بالرفق بها؛ فتتقوى عليها بضعفك،
أنا بكل بساطة يا عزيزي حواء.
صغيرة كنتُ وأتعثر؛ فوجدتَ يدك عند كل خطوة حاملة.
كبرتُ وخوفي بدأ يتدثّر، عندما وجدتُ يدَكَ حامية همومي زادت، وقوتي صارت بالعنان؛ فيداك كانت للدموع تمسح، وجسدك كان للمتاعب يتصدَّر.
أخي، لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمي ثلاثا ثم أبي
لقلتُ أخي، حتى انقطع صوتي.
لماذا قلبك أصبح باردًا بعدما كان لهيب العشق يسكنه؟!
قالت: أتسألُ عن قلبٍ لهيبه أصبح كالنار يأكل نفسه؟!
قال: النار التي طالتْكِ هي صنع يديك.
قالت: نعم صنعتها لك وأطفأتها بفؤادي.