Fatmaelshreef88

Share to Social Media

إن للتوق طريقته الخاصة في إثبات روعته
آلان دو بوتون


كانت تناديني ولا أسمع
(1)
في البدء كانت أصوات مبهمة استيقظت التفت حولي، لا شيء هنا ولا هناك، أضع رأسي علي وسادتي وقبل أن أغلق عيني، يعود الصوت صوت بكاء مخيف مرة ثانية الصوت يعلو، دبّ بين ضلوعي القلق أزلت غطائي وأضأتُ نور ،غرفتين جلست بملابس النوم ألتمس الصوت قمت أتسحب خارج الغرفة لا أعرف سر توجسي وخوفي من بين الذي أعيش فيه من أربعين سنه على الأقل، كنت وحدي، لا أحد، لا أحد يصدر صوتا، ولا أحد يسمع معي هذا الصوت، ويتتبع أثر الخوف لا أحد يضع يده علي قلبي ليدرك ،سرعته، ولا ضير في كل هذا، سأخرج لأرى ماذا يحدث، ربما لأن الوقت متأخر، ربما، ولو كان الوقت باكرا لا فرق، وبيد مرتعشة أثرت جميع الأنوار التي قابلتني وأنا في طريقي لباب الشقة.
***


(2)
فتحت الباب، الصوت يعلو فأغلقته، وأظل لثوانٍ وراء الباب أسترق السمع الغريب أنه يختفي جلست علي المقعد القريب من الباب ربما يعود ثانية فكرت أن أتحدث مع صديقاتي عبر الانترنت، لكن الوقت متأخر وهن متزوجات ليس لي منهن غير ابتسامات الصباح وكلمات ما بعد القيلولة، وصور لهن من زمن فائت عاد الصوت فأخرجني من شرودي، فكرت أن هناك ميت ،بالجوار ،ميت تأكد الهاجس لدي عندما عاد الصوت الخافت للبكاء، ماذا سأفعل الموت شيء مثل الحياة، تماما بالنسبة لي ولكن لا أحبه ولا أحب وجوده ،قربي، أيضًا لا أتخيل كيف سأموت وحدي سأموت يوما ما، الأفضل ألا يوجد أحد ينوح ويبكي علي، ويزعجني، لا أحد سيفتقدني ولا أفتقد أحدًا، هكذا بقيت وحيدًا، ولكني لا أعرف لخوفي الآن سببًا، وسوف لا أبكي أبدًا علي رحيل أحد، كثيرًا ما فقدت أحبابًا بالموت وأكثر بالحياة.
وسادتي هادئة مثلي مثل جوارحي مثل قلبي عقلي وصوري القديمة سكون عميق، أمسك براسي كي أنقلها الجهة الأخرى من الوسادة، تنفسي لا يزيد ولا ينقص، تفكيري معلق علي الحائط، فارغاً وموحشًا، قلبي كما هو في مكانه باردًا وخاويًا، ملابسي بنفس ترتيبهم منذ أيام، كل شيء حتي طعامي وشرابي ثابت أيضًا، كل شيء منسق بعناية، وفجأة أيقظني الصوت، حرّك جسدي جعل قلبي يخفق وعقلي يعمل أنا أفكر الآن ماذا بعد أيها القابع في زاوية ما في مكان ما من العالم، لا يُسمع لك صوت ولا يُرى لك أثر، حتي أنني تذكرت مع تتالي البكاء أنني لم أبك منذ فترة طويلة، أيضًا لم أضحك وما بين الصوت والخوف والتفكير في الشيء ذاته، أطرد النوم، أرفع عني غطائي، أنهض بالفعل، الصوت يختفي، هل كان ميتًا رحل أم ميتًا أفاق؟!
***


(٣)
عندما ذهبت لغرفتي في المرة الثانية كان الصوت والخوف تبددا، وحل محله صوت ،آخر صوت ناعم ،ناغم يضحك تخيلت أن الصوت يقترب ويقترب من أذني الصوت يسري في حنجرتي، سأضحك لا بد، الصوت يعريني من جلدي يكشف عن جسدي أخطو خطوة للداخل وخطوة للخارج، خطوة للخارج وأخرى للداخل احترت هل أدخل الغرفة أم أخرج، هل أتبع حدسي للنهاية أم أنهي كل شيء وأنام، كما كنت من دقائق، فكرت أخرج لأجلب الماء قد جفّ حلقي، تناولت كأسًا من ماء، أتجرع كأنني أتجرع الصوت الناعم الناغم وتدب الحياة في أوصالي وتبتل أكثر وأكثر حتي انتهيت تمامًا أخذت أجفف العرق، وخارت قواي، وعدت السريري الجاف الخاوي، قبل أن أخرج من المطبخ كنت قد أغلقت الراديو الذي أتركه للصباح.
سحبت غطائي علي جسدي ولكنني لم أنم رغم ظهور ضوء الصباح الخافت بل بكيت بكيت لأول مرة منذ أعوام، بكيت انهمرت الدموع من عيني، تركتها تبلل ،خدي رقبتي ملابسي الملاءة، تغرق كل شيء.
***
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.