في اللحظة التي كان كل واحد منهم يفكر كيف يتخلص من الأخر وينتقم منه. جيمس يفكر كيف ينتقم منهم جراء ما فعلوه به من تنكيل وعذاب طويل ومحاولة سرقة أمواله, كذلك كان يريد أن يتحرر منهم ليكون حرا يفعل ما يشاء. كان بل والعلماء الذين معه يفكرون جيدا ماذا عليهم أن يفعلوا بجيمس لكي يتخلصوا منه ومن الشر الذي يكنه لهم؟. فهم يعلمون جيدا أنه لابد سيقتلهم وبطرق بشعة في أي لحظة, كما وأنهم يريدون قتله لأنه قد سرق أموالهم. في تلك اللحظة فجاء روبرت الجميع.
في تمام الساعة الثامنة صباحا بينما كل واحد يتخذ موقعه ليبدأ عمله الطويل والذي كان لابد أنه ما أضمروا لجيمس ولروبرت أيضا من تدمير حلمه, كان روبرت قد فجاءهم ومعه عدد من رجال الأمن الخاص به, الجميع كان مذعورا في تلك اللحظة فلأول مرة منذ بدؤوا العمل معه يجدون أنفسهم محاطين بهذا الكم الهائل من الجنود المدججين بالسلاح والسلاح موجه لهم مباشرة. كان من الواضح أن الأوامر هي أطلاق النار مباشرة تجاه أي شخص لا يروق لهم حتى لو لم يفعل شيء. الجميع أصبح يعلم الحقيقة. لقد انتهى دورهم ولابد أن يتخلص روبرت منهم. لم ينتظروا كثيرا ليعلموا ذلك, أمر روبرت الجميع بالخضوع والجلوس على ركبتيه, لم يكن لهم الخيار ولم يكن الوقت أيضا في صالحهم. انبطحوا جميعا كما أمرهم روبرت على ركبهم ثم انبطحوا تماما على الأرض. تم تكبيلهم جميعهم حتى بل ثم أمرهم قائد الجند بالنهوض وأقتادهم لمكان غير معلوم بالنسبة لهم. لأول مرة كانوا يعلمون بوجود هذا المكان داخل المختبر وهم سكانه منذ وقت طويل.
كل هذا كان يحدث أمام جيمس المقيد بطرق محكمة, لأول مرة يشعر جيمس بالخوف منذ وقت طويل, بالرغم من أن قدراته لابد أكبر بكثير من هؤلاء ولكنه كان خائفا حقا.
أقترب منه روبرت ونظر في عينه بتمعن ثم قال:
- أنت أيضا يا جيمس قد انتهى دورك.
لم يفهم جيمس معنى ما قاله روبرت. فكر في نفسه ماذا يعني ما قاله روبرت هذا ؟. هل يعني انه سيقتله, ولكن لماذا يقتله؟ ولماذا أنفق كل هذا المال إذا؟. ولكنه كان تهديد مباشر له وكان عليه أن يفعل شيء.
في أقل من ثانية كان قد حرر نفسه. وتحركت أذرعه في كل اتجاه تبطش بالجميع ولم يهتم بالطلقات التي كانت تصيبه فجسده يحسن التعامل معها. الجميع كان يتخذ موقعا أمنا له من بطش جيمس ومع ذلك كان يطلق النار بكثافة خوفا من جيمس الثائر وأيضا من روبرت. كان روبرت أيضا يبحث مثلهم عن مأمن له ولكن جيمس كان يبحث عنه بشكل خاص, وجده يجري ليختبأ خلف واحد من المكاتب بالغرفة. حرك جيمس هذا المكتب سريعا وأمسك بروبرت ورفعه في مواجهة عينه. في تلك اللحظة تقابلت العيون بشكل مباشر, لم يفعلا ذلك منذ زمن بعيد. حين كان جيمس يهكر أعمال روبرت وحينا أصبحا صديقين مزيفين لكي يتقي كلا منهما شر الأخر. كلاهما أصبح يعرف الحقيقة. لا وجود له مع وجود الأخر. لابد أن تنتهي حياة واحد منهما. كل واحد كان يفكر كيف سيتخلص من الأخر. جيمس كان يظن أن الأمر محسوم فنظر إلى روبرت ساخرا منه وقال له:
- لقد أتيت لنصيبك, شكرا لك لقد ساعدتني ولكنه تفاجأ من ثقة وهدوء روبرت. عصره جيمس بذراعه وهو يضحك. جل ما فعل روبرت أنه أخرج قناع من جيبه وارتداه ليغطي وجه كله ثم غمز بعينه. لم يعرف جيمس ماذا حدث بعد ذلك.
حين أستيقظ جيمس لم يعرف ماذا حدث له بالضبط. كان يسأل نفسه:
هل مازال حيا أم أنه قد مات؟.
إن كان حيا فلماذا إذا لم يقتله روبرت؟ هل وجد روبرت هذا أفضل له؟. ماذا سيفعل به إذا في تلك الحالة؟.
وان كان ميتا ما هذا الجسد الذي هو فيه؟.
سأل نفسه سؤالا:
هل بعد الموت يشعر الإنسان بأن جسده مازال موجودا يشعر به ويراه ويلمسه أم أنه لا يفعل ذلك؟.
هل يكون للميت جسدا أخر مثل جسده الأول, ولكن لماذا إذا الموت إن كان سيكون له جسدا أخر شبيها بجسده الأول؟.
كانت أذرعه تتحرك أمام عينه بشكل مستفز. يمننا ويسارا ولأعلي ولأسفل. لم يكن هو من يحرك ذلك لذا قرر أن يوقف كل هذا. حاول أن يوقف أذرعه التي تطيش أمام عينه بطريقة مستفزه. كانت الصدمة. لم يستطع إيقاف تلك الأذرع. حاول ثم حاول ولكن دون جدوى. كان يشعر بالضيق في جسده. كان يشعر بأنه مختنق. كأن شيء ما يضغط عليه. ذكره ذلك ببداية تحوله لكائن جديد. كائن سرطاني وأخطبوطي في آن واحد. حين أصبح لجسده اتصال مباشر بالخلايا السرطانية الموجودة بجسده وشعر بوعيها كان يشعر كأن واحدا أخر يشاركه جسده ولكنه كان ذو شأن قليل بالمقارنة به. شعر أن وعيه أيضا قد تزاحم عليه وعي أخر. لكنه كان مسيطرا تماما على الوضع. كان يتسأل:
ماذا زرع فيه روبرت في تلك المرة؟.
هل وعي أخر؟
ما طبيعة هذا الوعي؟.
لماذا فقد هو قدرته على التحكم في جسده؟.
هل لهذا الوعي السيطرة الكبرى في تلك المرة؟.
في كل مرة كان له هو السيطرة على الجميع وان كان الأخر يزاحمه في ذلك ويحاربه لكن في تلك المرة الأمر مختلف تماما. من الواضح أن الوعي الذي يزاحمه الآن أصبح له القدرة والسيطرة على كل شيء. شعر أنه يريد أن يبكي. لقد بكي حقا ولكن دون دمع, فحتى الدموع لم تعد تخصه. سأل نفسه سؤال وهو ينحر صوته وبكل قوته.
ماذا زرعت في يا روبرت يا ابن الساقطة؟. وماذا تريد مني بالضبط؟
لقد خارت قوته واندحرت عزيمته. كل أحلامه في التحرر والاستقلال والانتقام قد تلاشت في نفس اللحظة. كان يبكي ويصرخ ولكنه أصبح يعلم أنه لا أحد يسمعه.
مر وقت طويل وهو مازال يسأل:
ماذا حدث لي بالضبط؟
هل حقا هنالك وعي جديد معه؟
وعي من هذا؟
ماذا يريد روبرت منه بالضبط وهل هذه هي طريقته في الانتقام؟.
لم يكن حتى تلك اللحظة قد فهم ما حدث. لم يكن يعرف حقيقة ما حدث ولا ما ينتظره. كان يضع تصورات كثيرة ولكنه لم يفهم الكارثة التي حلت به ولم يتخيلها. كان يشعر أنه مشلول. يمتلك كل شيء أذرع أرجل وكل أعضاء جسده, ولكن لا سيطرة له على جسده. لم يفهم ولكن لم يكن يمتلك تفسير لما حدث. كان قد تذكر كم رجل قد أصبح مشلولا حين هكر أمواله وحساباته وأسراره. لقد شعر بما كانوا يشعرون به الآن. ولكن في الوقت الخطأ. ندم على كثير مما كان يفعل ولكن في وقت لا ينفع فيه الندم