حولي وحولك أناس قرروا أن يتخلوا عن مشكلاتهم، بصنع مشكلات للآخرين، فكونهم غير سعداء فلن تكون أنت أيضًأ.
_______________________________________________
ما زالت سارة تجلس أمام حاسبوها النقال تقرأ الرسالة للمرة التى لا تعلم عددها، فقد مرت عيناها على تلك الكلمات وهى تحاول فك رموزها، على الرغم من أنها ليس لغزا، لذا وبعد مدة من التفكير المبالغ الذي كاد يصل بها إلى أن هذه الرسالة هى مؤامرة كونية تحاك لتخلص منها، خرجت من غرفتها وهى في أشد حالات توترها واضطرابها، الذي لا تشعر به سوى لحظات الامتحانات الشفوية، فتحت باب غرفتها بعنف فكان الصوت مدويا، وتعالت صيحاتها منادية باسم سالم، شقيقها الأصغر الذى يُعرف عنه مشاكسة جميع أفراد الأسرة، وحبه للمقالب، جاء سالم فزعًا ، فقد كان صوت سارة يبدو عليه الغضب الشديد، كما أنها لم تتوقف عن نداءها له رغم كلمة حاضر التي كررها أكثر من مرة وهو في طريقه إليه، وما أن ظهر سالم أمامها، حتى سألته بصوت مرتعش رغم علوه
- سالم، قلت لك أن تكف عن هذه الألعاب السخيفة، أعلم بأن الأمر قد يبدو مضحكًا بالنسبة لك ولكنه ليس كذلك بالنسبة لي بأى حال.
كان سالم قد بدأ يرتعب فبلع ريقه، وقرر أن يعترف سريعا، فشقيقته قد تسامحه إن أعترف الآن.
- لم يكن الأمر مقصودًا هذه المرة، أقسم لك حتى أسألي سليم
= أسليم مشترك معك في هذا المزحة الثقيلة، وأيضا كيف يكون هذا الأمر غير مقصود، تحدث لا تصمت هكذا أنت لا تريد أن أقرص أذنيك، أليس كذلك؟
كانت قد بدأت تهدأ فقد اطمئنت أن الأمر ليس معقدًا كما ظنت، ولكن ما قاله سالم بعدها قد جعل غضبها يشتد أكثر، وقد نسيت ما كان يتحدثا عنه من الأساس.
- لقد دخلت غرفتك كي أخذ منها شاحن هاتفك فالشاحن الخاص بي كان يحتاج إلى وصلة، ولكني لم أنتبه إلي وجود الألوان المائية على المكتب، وبينما أن أبحث عن الشاحن..
كان الحديث يذهب إلى جهة آخرى ولكنها أرادت أن تعرف ما المصيبة التي سيلقيها على سمعها الآن،حثته عن إكمال حديثه بنظرة ألقتها عليه، تردد في إخبارها ولكنه قال الجملة المتبقية في سرعة خاطفة.
- ووضعت المعطف الطبي على علبة الألوان، فطبعت الألوان عليها، ولكني أنا وسليم قمنا بتنظيفه ولم يتبقى سوى القليل من الأثار عليها.
وما أن أتم جملته كان قد استوعب بأنها منذ البداية لم تكن تسأل عن ذلك فقد كانت وجهها الدهشة تعتلي وجهها ، وسرعان ما صاحت
-ماذا؟؟؟
_______________________________________________
بعد فترة من الوقت كان الثلاث أخوة يجلسون سويًا بعد أن هدأ غضب سارة من سالم، يتشاورون في هذه الرسائل إلى تصل إليها، ومن قد يفعل ذلك، ولماذا.
كان سالم هو من بدأ الحديث بعد أن قصت عليهم سارة الأمر
- أقسم لكِ، بأني لست الفاعل، لن يأتي في عقلي أبدًا، أمر كهذا.
كانت سارة قد أدركت بأن أخاها ليس الفاعل وقد تأكدت من ذلك بقسمه، فهو لم يقسم كذبًا من قبل.
ولكنها تمنت أن يكون هو هذه المرة، كان عقلها يفتك بها، تشعر بأن كل الأفكار التي تأتي لها لا معنى لها، ولكنها ما زالت متوترة ومضطربة، رفعت رأسها إلى سليم شقيقها الآخر ووجهت له الكلام
- وأنت يا سليم ألا تعلم أى شىء عن هذا الأمر
كان رد سالم هو الأسرع
- لا يعلم بالطبع، سليم لا يفعلها بالتأكيد
ابتسمت سارة عندما سمعت حديثه، وشاكسته قائلة
- وهل أنت الآن تعمل محاميا عنه أم ماذا، لم أسألك أنت كنت أوجه كلامي له وليس لك.
ما أن أتمت جملتها، حتى جاء صوت والدتها الغاضب موجه إلى سالم
-بالطبع لن يفعلها، هو ليس متفرغ لهذه التفاهات، فهو منشغل بنفسه وليس مثلك يا سالم.
تغيرت ملامح سالم وأسرع إلى غرفته دون أن ينطق كلمة وسرعان ما لحقه سليم بعد أن رمق والدته بنظرة تحمل لومًا وعتابا، أما سارة فقد نظرت لوالدتها نظرة طويلة لا يبدو أن الأم قد شعرت بها أو أدركت بأن ما تفعله وتقول بحق ولدها قد يخلق فجوة كبيره بينها وبينه، وبين من حوله دون أن تدري.
‐------------------------‐--------------------------------------
تجلس على سريرها تتفحص جوالها للمرة اللتي لا تعرف عددها، لا تدري ماذا تنتظر حقا، أرسالة منه بعد أن قامت بعدم مهتافته أو مرسالته عدة أيام لتعيد إلى نفسها كرامتها، فأمره لم يعد يعنيها في شئ، ولكنها تريد أن تتركه هى رغم أن الأمر الواقع الآن أنه هو من تركها بعد أن مل من لعبه معها، أو لم يستطع أن يستغلها بالشكل الذي يريده ويتمناه، فقام بهجرها ليتفرغ لضحية أخري يتمكن من الظفر منها بما يريد، ولم يجد له سبيل معها.
هى لم تشعر بأى مشاعر تجاهه، ولكنها أرادت أن تجرب كيف شعور أن تكون محبوبة من أحدهم، أعجبها أهتمامه بها في البداية، وقد ظنت بأن قلبها سيميل له حتى رأت جوانبه الآخرى، كان شخصية مصطنعة وسطحية لا يهمها سوى المظاهر ولعل جمالها، ومستواها الميسور هو ما جذبه إليها، فقد كان يتغنى بجمال عيناها ويخبرها كيف أحبها منذ أن وقع نظره عليها في الجامعة من قبل، وعن بحثه عنها طويلا حتى عرف أنها تدرس في كلية الآداب قسم اللغة الإيطالية بنظام الساعات المعتمدة، واستطاع من خلال أصدقاء مشتركين أن يتعرف عليها، ليعترف لها في لقاءهم الثالث، كانت قد ظنت بأنه أمر غريب، ومريب أن يأتى مثل هذا الاعتراف بعد مقابلتين فقط، وخاصة أنه لم تمتد بينهم الأحاديث حينها، أخبرته حينذاك أنه قد تسرع وأنهما لم يتعرفا جيدًا ليأخذ هذه الخطوة، كانت حريصة على الأ تجرح مشاعره خاصة بأنها لم تفكر به بهذه الطريقة بأى شكل من الأشكال.
قطع استغراقها في التفكير صوت فتح باب المنزل بالمفتاح، تغيرت ملامحها وازدادت همًا، أخذت نفس عميق وزفرته ببطء، قامت بذلك عدة مرات متجاهلة النداء المتكرر باسمها، ثم قامت ببطء تفتح باب غرفتها، وتجيب
_ نعم، أنا قادمة
خرجت من غرفتها لتجد عدة حقائب تتوسط الصالة وإذ بامرأة في أوائل الخمسينات، ولكن لا يظهر ذلك عليها بسبب قوامها الرشيق، ومساحيق التجميل التي تغطي وجهها بالكامل، وشعرها ذو اللون الأصفر الصناعي الذي تظهر عدة خصلات من غطاء رأسها بطريقة متعمدة، كانت هذه المرأة مستغرقة في البحث عن شىء في حقيبتها، وعندما وجدت ضالتها رفعت رأسها وقد رأت سهيلة أمامها وكان أول ما نطقت به
- ماذا كنتِ تفعلين، لقد ناديت عليكِ طويلا، ألم تسمعيني؟
= آسفة، أمي لقد كنت نائمة لذلك استغرقت وقتا للنهوض
لم يبدو على وجهها الاقتناع، ولكنها لم تولي الأمر اهتماما لتكمل حديثا
- يبدو أنك كئيبة مثل أبيكِ كالعادة، عامة هناك في هذه الحقيبة هدية لكِ، لقد جلبت لكِ عطرك المفضل، سأذهب لإخذ حمام ساخن فأنا أحتاجه وبشدة.
أتمت عباراتها ثم توجهت إلى غرفتها، أومأت سهيلة بهدوء وأتجهت إلي الحقائب، كانت في حيرة من أمرها فهى لم تتذكر أى حقيبة كانت تقصدها، لذا فتحت أول حقيبة والذي سرعان ما أيقنت بأنها ليس الحقيبة المطلوبة فقد كانت حقيبة ملابس والدتها ولكنها رأت شىء قبل أن تغلقها، أثار فضولها، فأمسكته وقد تسارعت دقات قلبها، أغلقت الحقيبة بسرعة ثم بحثت عن الحقيبة الآخرى، لتجد ضالتها، وأسرعت إلى غرفتها وهى تنفض هذه الأفكار عن عقلها، وقد تملكها الشك.
من فضلكم لو حد عنده آراء سلبية أو إيجابية عن الرواية يكتب لي كومنت، يهمني آراءكم❤️