الفصل الثاني ..
من أنتِ
"شيري"
في طريق سيرنا، أخذت "المزعجة" تَشرح لي نظام هذا المعسكر، وكيفية سير الأمور فيه.
صدقًا لقد سئمت من ثرثرتها الفارغة.
- لوريا: " كما تعلمين بلادنا تمر بعدة حروب مع أعداء مختلفين، لذلك كان واجبًا علينا المساعدة في الدفاع عن بلادنا، كما أنه يج.."
قاطعتها، وهذه المرة كنت غاضبة.
- شيري: "وما دخلي أنا؟"
ارتفع صوتها، من الظاهر أني أزعجتها.
- لوريا: " هـا! أنتِ مواطنة من هذه البلاد ويجب عليكِ حمايتها."
- شيري باستخفاف: "أحميها! حقًا، لماذا أحميها وهي لم تحميني؟"
لم تستطع "المزعجة" الرد عليّ، لأن كلامي صحيح إلى حدٍ كبير، فأين كانت البلاد وأنا أُجلد على ذنب لم أقترفه؟
أين كانت البلاد عندما حُرمت من الطعام ليالي؛ لأجل أني رفضت الخضوع لأحدهم؟
أين كانت البلاد التي عندما رأيت الظلم أمام ناظري وأجبرت على الكذب فقط لإرضاء المسؤولين؟
يتجلى لي أنها لم تمتلك الإجابة للدفاع عن بلادها فأكملت شرحها.
- لوريا: "على أية حال، هذه هي الأحوال هنا، يتكون المعسكر من مجموعة من الكتائب، وفي كل كتيبة يوجد فِرَق، وهذه هي أصغر وحدة فيه.
يُعطي المعسكر الأوامر للكتائب، وعلى كل كتيبة تنفيذ هذه الأوامر.
كما أنها أوامر مُطلقة، وعادةً لا يُنظر للفرسان على أنهم بشر، بل مجرد أدوات."
- شيري باستخفاف: "وما الجديد في هذا؟ لقد شعرت بتغيرٍ كبيرٍ للغاية!"
- لوريا: "أعلم أنكِ مررتِ بماضٍ قاسٍ، لكن عليكِ تَقبل حياتكِ الآن، ربما لم تعودي أمَة، لكن بالمقابل سيكون لديكِ عائلة جديدة."
للحظة عبرت تلك الكلمة من قلبي محدثة إعصار داخليًا، لم أنطق هذه الكلمة منذ أعوام، بل إنني تناسيتها خوفًا من التعلق بالغير، فكلهم راحلون وأنا من ستبقى تتألم بذكراهم.
- شيري بصوت خافت: " عـا_ئـلـة، أنا لا أحتاجها إنها شيء بلا أية فائدة."
- لوريا: "لا أنتِ مخطئة، فالعائلة شيء مهم.
تنهدت وأكملت.
لن أدخل في نقاش مع شخص ذو رأس متيبس مثلك."
رفعت حاجباي ونظرت لها بانزعاج، تلك المزعجة الثرثارة.
- شيري بانزعاج: "هـا، من ذو الرأس المتيبس، يا رأس الطحلب !"
يبدو أن وصفي لها أزعجها، ولكن أن أرى الغضب يتطاير من تلك النظارة المستديرة التى ترتديها أراح انزعاجي.
- لوريا: " من رأس الطحلب، أنا!
صحيح أن لون شعري أخضر، لكن درجة لونه مختلفة عن الطحالب."
- شيري: "وما أدراني، يظهر لي بالنفس اللون."
- لوريا بغضب: "أنتِ.."
وفي أثناء هذه الضجة -معركتي مع رأس الطحلب الفاسد تلك-، تتدخل شاب يرتدي زيّ الفرسان الأزرق، وزينت ياقته بزهرة خضراء جميلة، تحمل لون عينه، إلى أن عينه وكأنها حجر كريم صقل لتكون عين بشري، بشعر أصفر مسترسل قصير يكاد يخبئ أذنه، ويسير باتجاهنا.
تعلو ملامحه ابتسامة غريبة، ما إن اقترب حتى ألقى تحية بيديه لـ "رأس الطحلب"، ثم نظر إليّ نظرة تساؤل.
-...: "مرحبًا حضرة الطبيبة لوريا، لماذا كل هذه الضجة؟ ومن هذه الطفلة؟"
التفت له "الثرثارة" وأمسكت بكلتا يديها ذراعا ذاك المبتسم.
- لوريا: " سام! أخيرًا أتيت؟"
- سام بتعجب: " ما الأمر؟ "
نظرتُ لهذا "المبتسم" نظرة استخفاف، كما أنه كيف له أن يصفني بالطفلة، هل الكل هنا أحمق في تقدير الأعمار؟
- شيري: " من هي الطفلة يا رأس الموز؟ "
كرر "رأس الموزة" ما قالته حتى يدرى ما مقصدي من كلامي، صدقًا كان وجهه مضحك لدرجة كبيرة، فقد أمسك ذقنه بيده وظل يكرر في هدوء ما قلته.
- سام: " ر_أ_س ال_م_و_ز!، أهذا أنا؟ "
- شيري: " نعم."
- سام بفرحة: " يبدو الاسم لطيفًا شكرًا."
كنت أنتظر أن يستشيط غضب مثل هذه "المزعجة"، وأرى تشوه في مقلته، وحواجب مجعدة، لكن ما هذا؟
ما ردّة الفعل تلك؟
أيشكرني؟
بروده حقًا فاجأني.
- شيري باندهاش: " ماذا! أيعجبك الاسم؟"
- سام: " نعم فأنا أحب الموز، كما أنك تصفينني برأس الموز لأن شعري له نفس لونه أليس كذلك؟
إنه لطف منكِ أن تفعلي هذا، كما أنكِ تبدين لطيفة."
يا إلهي مزعج أخر في طريقي، لماذا الكل هنا مزعج للغاية؟
أشحت بنظري عنه كي أبعد فكرة قتله من رأسي.
- شيري بضيق: " يا لكَ من مزعج كبير."
- سام: " أجل أجل فأنا أكبر منك.
إذا من أنتِ؟ "
- لوريا: "سام أنت منقذي حقًا."
- سام: " منقذ، ولكن ماذا فعلت؟"
- لوريا: "خذ مكاني."
- سام: " ولكني لا أعرف شيء عن الطب سوى الإسعافات الأولية، وكيفية ربط الجروح و.."
- لوريا: " لا لا ليس هذا، خذ مكاني في الإرشاد. "
- سام: " إرشاد! "
- لوريا: " سام أعرفك أخر عضو في فِرقتك شيري رون، أكمل أنت الباقي، إلى اللقاء. "
- سام بتعجب: "ماذا حدث الآن!"
هربت "رأس الطحلب" مسرعة، واختفت عن الأنظار، وكأنها تفر من مفترس ما، تورات بين طرقات المعسكر التي كانت مبهمة بالنسبة لي، لم يتواجد حولنا سوى بعض الفرسان المنتشرين بشكلٍ عشوائيًا، وتَرَكت ذاك "المبتسم"؛ ليكمل لي ما قد كانت تشرحه هي لي قبل دقائق.
وضع "المبتسم" يده على رأسه وتنهد، ثم نظر إليّ، أنا التي أقف بلا مبالاة لأحد.
- سام: " تبدو الأجواء غريبة هنا،
لقد تم استدعائي لأحضر الفارس الجديد من القائد، لكن على كل.
مرحبا آنسه شيري، سررت بمعرفتك، أنا سام، وأنا أكبر أعضاء فِرقتك."
- شيري: " أهلا."
- سام: " يالا هذا البرود، أيجب أن أرتدي معطف ما لأتجنب هذا البرد القارس."
ثم ضم نفسه في محاولة لتدفئه نفسه من البرد المزعوم.
- شيري: " أأنت في فِرقتي؟ "
- سام: " أجل."
- شيري: " هل كل الأعضاء الآخرين مزعجون مثلك؟ "
أمال رأسه ثم أجاب.
- سام: " أمم، لنقل إذا كنتِ تنظرين لهم كما تنظرين لي الآن، فأنا أكثرهم إزعاج لكِ."
قالها بابتسامة كبيرة، مما جعلني أتضايق بشدة.
- شيري: " هل هي فِرقة مزعجين أم ماذا؟ "
- سام: " لم تكتمل الفرقة بعد، لكن بوصولكِ يمكنكِ أن تتطلقي هذا الاسم عليها، مرحبًا بأخر عضو مزعج في الفرقة."
قالها بابتسامته الهادئة مجددًا، سحقًا لك.
- سام: " إذًا لنكمل الحديث أين وقفت الطبيبة لوريا؟"
- شيري: " لا أدري " وأشحت بنظري عنه.
- سام: " أوه يا إلهي هل كنتِ غير مُصغية لما تقوله الطبيبة."
- شيري: " أجل، كانت تثرثر بكلام بلا فائدة."
- سام: " إذًا سأشرح أنا، هيا اتبعيني لأريك أين فرقتنا.
يتكون هذا المعسكر من الفِرق، وكل فرقة تتكون من كتيبة، ويعطي المعسكر الأوامر للفرق، ومن ثم تعطيها للكتائب، ويمكن التغير فى الأوامر بناءًا على طلب القادة، و... "
- شيري بضحكة انتصار: " هـا، أنت فاشل حتى في هذه المعلومات، أنسيت أن المعسكر يتكون من كتائب، والكتائب تتكون من فرق ،انظر لنفسك قبل أن تتحدث. "
- سام بضحكة خبيثة: " إذن إذن، لقد كنتِ مصغية، وكذبتي الآن."
تلعثمت، وسبقبته في الخطوات، وقد كنت غاضبة للغاية، فهذه أول مرة لي، أن يضايقني أحد هكذا، يا له من مستفز، لكن سرعان ما انتبهت إلى أنني لا أدري إلى أين نحن ذاهبون، فتوقفت إلى أن تساوينا في الخطوات.
- سام: " يا إلهى، أعتقد أن المرح سيعم أجواء الفرقة قريبًا."
وبعد دقائق قليلة من المشي وصلنا أمام مبنى صغير أقرب إلى منزل خشبي صغير، لا يخيل لي أنه يحتوي على حجرات كثيرة بل على الأكثر يحتوي على أربعة غرف، صبغ باللون البني، والأصح كان لون الخشب القديم، وعليه علم أسود كبير وفيه يتوسط شعار الجيش، وهو على ما أعتقد طائر العنقاء الأحمر، أظنني سمعت أحد يتحدث عنه من قبل، فتح "رأس الموزة الباب"، وقد كان المبنى يضم ثلاثة شبان فيه، ثم دخلنا وأغلق الباب خلفنا.
كانت المبني يتكون من غرفة كبيرة وثلاث غرف، هذه ما عرفته من الأبواب التي رأيتها، كانت الغرفة الكبيرة تحتوى على خرائط مثبته على الحائط، وأوراق لم أفهم معناها، ومنضدة كبيرة في أحد الجوانب، بالإضافة إلى بعض المقاعد، كما أنه كان هناك العديد من الأوراق في أنحاء الغرفة.
قُطع تأملي في الغرفة بصوت عالي، وهو صوت "رأس الموز" ، وددت حقًا لو لكمته على صوته العالي ذاك.
- سام: " مرحبًا أصدقائي، أعرفكم اليوم بأخر فرد من الفرقة، الآنسة الصغير اللطيفة ذات التشبيهات الجميلة و... "
- شيري بغضب: "كفاك هراء يا هذا، كلام فارغ يا رأس الموز، من سيصدق هراءك، أنا قاتلة."
تحدث أحد الموجودين وكان يبدو أنه أطولهم، بالإضافة إلى بنيته الجسدية التي بالتأكيد أكبر من الباقي، كان يقف ويستند بجسده على الحائط، يرتدي نظارة ويمسك بيده كتاب.
-...: " رأ_س الم_وزة! رأس الموزة! "
وانفجر بالضحك.
تحدث واحد آخر، أظنه أصغرهم سنًا، كان يجلس على الأريكة الموجودة في أقصى شمال الغرفة، والتي لم أنتبه لها.
-...: " هناك شخص يجيد التشبيهات هنا، وكما لو أنه ظهر منافس لك سام، أسيكون هناك حقًا خصم لك؟"
- سام: " يا إلهى إنكم وقحون معي. "
تقدم أولهم باتجاهي، بعد أن أغلق الكتاب ووضعه على الطاولة التي كان يستند بجانبها، كان ذلك الشاب طويل القامة، وبشرة داكنة إلى حد ما، وشعر بني اللون يصل إلى أسفل رقبته، وعيون ذهبية، لا أبالغ إن وصفتها كالذهب الذي كنت أراه في حلي السيدات التي كنت أخدمهم من قبل، يرتدى نظارة دائرية الشكل، وعدساتها لم تكن شفافة كليًا، بدت وكأنها معتمة وإطارها أسود اللون، بالإضافة إلى زيّ الفرسان الأزرق، لكنه لم يكن يرتديه كاملًا، فقد نزع العباءة والسترة الخارجية.
-...: " سررت بمعرفتكِ أنسة رون، أنا جيرمي، وأنا أقدم عضو في الفرقة، لذا ربما سأكون ذا عون لكِ إن احتجتي أي شيء."
لسبب ما شعرت بارتياح لذلك الفتى، كان يتحدث بنبرة هادئة، ولسبب وكأنني أعرفه، أو ربما لأني محاطة بالمزعجين دائمًا فهذا يلمع وكأنه ذهب وسط الرمال.
- شيري: " أهلًا، سررتُ بلقائك."
- سام يتصنع الحزن: "هذا ليس عدلًا."
- جيرمي: "ما الأمر؟ "
- سام: " لقد أخبرتك جملة زائدة عني. "
- جيرمي: "هـاه، وماذا في ذلك؟ "
' سام: " إنها لا تراك رأس أي شيء مثلي."
- جيرمي بضحكة: " إذا هذا امتياز أخر لي. "
- سام: " شيري، هل جيرمي ليس له أي لقب؟ "
فكرت لثوانٍ، لكن لم أجد فاكهة تشبه لون شعره، أمم ربما هذا سيفي بالغرض.
- شيري: " من قال هذا، إنه صاحب الأربعة عيون. "
التفت إلي ثم رفع حاجبيه في تعجب شديد، ثم نزع نظارته عن عينه.
- جيرمي: " ماذا؟ هل هذا لقبي؟ لأني أرتدي نظارة؟
أنا أرتديها أثناء العمل فقط، هذا ليس عدلًا، ثم إنني قد نزعتها الآن، فهل سأظل ذا العيون الأربعة؟ "
ضحك "رأس الموزة" بسخرية عليه، ثم اقترب منه ووضع يده على كتفته، ثم ابتعدا عني.
- سام: " أتعلم ! بدأت أحب رأس الموزة. "
تنهد الفتى الآخر ووقف وابتعد عن الأريكة، وما هي إلا خطوتين وكان أمامي، كان فتى لا يظهر عليه تقاربه في العمر مع الآخرين فقد كان أصغر منهم في العمر والبنيبة الجسدية، كما أن مستوى أعيننا متقارب، فكنت أشعر أنه في نفس عمري، أما الباقون فهم أطول مني بكثير، شعور سيئ بحق أن تكون قصير وسط أشخاص مثل سيقان الأشجار.
كان له شعر يصل لنصف رقبته، له لون مميز، لون برونزي، وعينان برتقالية اللون، لم يكن يرتدي زيّ الفرسان، بل قميص أسود، وبنطال رمادي -بعد النظر مرة آخرى، أنه بنطال الفرسان.
-...: "مرحبا بكِ في فرقتنا، أنا رين، وأنا أصغر عضو هنا، أنتِ ترين أنكِ الفتاة الوحيدة هنا، لذا نحن لسنا معتادين على معاملة الفتيات؛ لأن الفتيات لسن للقتال في العادة.
لكن هناك من يتم إحضارهن لأن مواهبهن تكون كنز في الحرب.
لذا ستلاحظين أن الفتيات هنا قليلات.
قد نبدو غريبي الأطوار، لكننا لن نؤذيكِ، وسنحميكِ، أنا أعدكِ. "
قام بمد يده؛ ليصافحني، ترددت في الحقيقة، ولكني استشعرت صدق كلامه، فرفعت يدي، وقمت بمصافحته، لكن الغريب أني شعرت بشيء من الحزن والوحدة، لكن في الحقيقة الوحدة هي شعوري الدائم، لكن الحزن لا أدري لم أشعر به كثيرًا.
- شيري: "حسنًا."
- رين: " حسنًا.
هاي أنت، ألن ترحب بها، هل ستظل جالسًا هناك تقرأ كالمهووس."
كان يوجه وجهه لي، لكنه فجأة وجهه حديثه إلى شخص أخر، وعندما تتبعت نظره، وجدته يوجهه حديثه إلى آخر عضو موجود في الغرفة، كان يجلس على أحد المقاعد فى الزاوية يمسك في يده كتابًا، كان يقرأه بتركيز شديد، لأكون صادقة أنا لا أشعر بوجوده مطلقًا، وكأنه شخص ميت، لكن بالتأكيد يمتلك روحًا، فقد رفع رأسه ونظر لـ "الفتى".
-...: "وماذا تريد مني أن أقوله؟ "
-رين: " يجب عليك الترحيب بها، فهكذا سنشارك في المعارك، ألم تكن تريد أن يكتمل عددنا في أسرع وقت."
- سام: " يا لك من فتى إيان، ألم تتعلم من دروس القائد كيفية العمل الجماعي؟ "
- جيرمي: " على الأقل قل التحية."
- إيان: "إذا تريد مني أن أتحدث معها. "
- رين: "ربما تحية تكفي. "
تنهد ذلك "الميت"، ووقف، وهم بإغلاق الكتاب بقوة، ثم وضعه في حزام ربط حول خاصرته.
كان يجلس هناك، للحظة فقط غفلت عن ما يدور حولي، فلم أعتد أن أكون طرف من أطراف الحديث، لذا لا أهتم بما يقال حولي، ومن ثم رجعت لرشدي فوجدته يقف أمامي، كان طويل القامة، ربما فارق الطول بيني وبينه حوالي عشرين سنتيمتر.
شعرت باحتقار شديد في تلك العينين الهادئة التي كانت تنظر لي مباشرة، وكأنها تحوي السماء من صفاءها، كانت نظراته حادةً رغم الهدوء الشديد الذي يخيم على ملامحه، أمال رأسه للأمام، فتدلت بعض خصلات شعره إلى الأمام ذات اللون الأزرق الداكن، والذي تعدى طول كتفه من الخلف، كان يضع يديه على حزامه.
- إيان: " إذا تريدون مني التحدث معها.
إذًا لنصحح ما قاله رين.
أولًا نحن لن نؤذيها، كن دقيقًا مَن مِنا لن يؤذي الآخر، ماذا لو قامت هي بقتل أحدنا ماذا سنفعل هل ستحافظ على وعدك؟"
- قاطعه جيرمي بحزم: " توقف إيان ما الذي تقوله؟"
- إيان: " حقًا ألا تعرف من هي عضوتنا الآخيرة، هل تقول أنه من الشرف العمل معها."
- رين: " إيان لقد تماديت، كفاك هراء."
- إيان: " هـاه، هراء، هربت من ستة مالكين، وقتلت ابن المالك السادس عندما حاول احتجازاها تحت الأرض، قطعت اصبعين لخادم المالك الخامس، محكوم عليها بالإعدام، قامت بطع.."
لم يوقف ذلك "المتعجرف" سوى ضربه "رأس الموزة" له على كتفه.
- سام: " ألم نخبرك أن تتوقف، لا تقم بهذا معها، إذهب من هنا ولا تعد إلا حين تصفي ذهنك من هذه الخرافات، لسنا في وقت يسمح لنا بالاستماع إلى تحليلاتك."
كنت أنظر إليه في صمت، فقد كان كل ما قاله صحيحًا، لكن طريقته في الحديث أخافتني نوعًا ما، لا شك أنه ينوي التعامل معي، مثل الآخرين، لكن أشعر أنه أكثرهم قوة وذكاء، ذلك الهدوء الذي يمتلكه أريد معرفته كيف اكتسبه، ابتعد عني بضع خطوات وأدار ظهره إلي.
- شيري: "انتظر، كل ما قاله صحيح."
- جيرمي: "شيري ليس عليك أن تكون.."
وجهت كلامي لذلك "الهادئ"، وحاولت التظاهر بعدم الإكتراث.
- شيري : "يبدو أنك حفظت ما سمعته عني بلا أي أخطاء، حقًا مذهل، لكن أتعلم أنك فاشل."
نظر إلي باستخفاف، وتحدث إلي دون أن يلتفت.
- إيان: " ماذا ؟"
- شيري: "لو كنت أريد إيذاء أحد منكم لقتلتكم جميعًا على الفور."
- إيان: "ماذا تقصدين؟ أتحاولين تهديدنا ! أنتِ! "
- شيري: "ماذا! أتريد أن ترى على الواقع. "
وفي ثواني كانت يدي على رقبته، وبها خنجر قد التقطته من على الطاولة، والتي كانت مليئة بالأوراق، لفتني لمعانه الذهبي لمقبضه، كنت أقف أمامه مباشرة، والخنجر موضوع على عنقه، لكنه لم يتحرك ولو قيد أنملة.
تدخل "رأس الموزة" وحاول إيقافي، لكنه لم ينزل يدي أو يحاول إبعادي.
- سام: " توقفي إن هذا ممنوع هنا. "
نظرت لذلك "الهادئ" بثقة وغرور كبيرين، وعلت ملامحي ابتسامة نصر كبيرة.
- شيري: "ما رأيك يا هذا."
كانت رأس ذلك "الهادئ" مرفوعة للأعلى، ونظره مثبت في الهواء، وبما أن فارق الطول بيننا كبير، فقد كنت أرفع يدي.
- إيان: " كما توقعت أنت بمهارة حيوان بري يصطاد فقط، لم تتعلمي من أي أحد مهارات القتل."
أنزل الخنجر بهدوء، لم يخف أو يتحرك عندما هاجمته، بل بدى وكأنه مستمع بهذا العرض، تعجبت من رد الفعل الهادئ هذا، أتعمد استفزازي؛ ليرى مستواي؟
ويا لك من متغطرس، ثم من هي الحيوان البري أيها الأحمق؟
- شيري بغضب: " أكنت تحاول قياس مدى قوتي ؟"
- إيان: " أجل، فأنا المسؤول عن الخطط هنا، بالإضافة إلى أنه يجب معرفة نقاط ضعف وقوة الأعضاء، لذا لا يجب أن يكون أحد أعضاء فرقتي ضعيف."
بعد أن أنزل الخنجر، أكمل سيره نحو باب إحدى الغرف في هدوء ومازال لم ينظر إليّ، ياله من شخص بارد.
- شيري: " انتظر."
التفت لي أخيرًا، ونظر لي بطرف عينه.
- إيان: " ماذا؟"
- شيري: " كنت تستطيع أن تبعد هجومي، فلماذا لم تفعل؟ ألم تخف أن أقتلك كما قتلت قبلك؟ "
- ابتسم إيان: "أولًا أنتِ لم تقتلي شخصًا واحدًا بل على الأقل خمسة أشخاص.
كما أنكِ لم تريدي قتلي، فلماذا أقاوم؟ "
اتسعت عيني لما سمعته، فحقيقة قتلي لأكثر من شخص لم يعرفها أحد من قبل، بل حتى محاكمتي لم يذكر فيها سوى شخص واحد، تلعثمت في حديثي، شعرت بالخوف وسرت قشعريرة الخوف في جسدي من كيفية معرفته لهذه الحقيقة، وهي المرة الأولى له ليراني، فكيف عرف هذا؟
- شيري بخوف" كـ_ـيف عرفت عددهم؟ "
- إيان: " لا، لا ، ليس الآن فأنا أريد النوم."
استدار "المزعج" ولم يجب على سؤالي، فتح باب الغرفة، ودخلها وأغلق الباب خلفه، وترك الباقي في صمت عميق.
- شيري: " مزعج. "
- سام: "أعتذر عن ما بَدر من إيان فهذه هى طبيعته."
- شيري: "هاي، يا رأس الموز !
ألم تقل أنك أكثر شخص مزعج هنا، لماذا هو مزعج أكثر منك بكثير؟ "
- سام : " لا أدرى أأفرح أم أحزن؟
لأني لست أكتر شخص مزعج، وهناك من هو مزعج أكثر مني، لكني لدي اسم جميل."
- رين: "حسنا، ما رأيك بهذه الفرقة الغريبة ؟"
أجبت بسرعة، فهذه كانت نظرتي منذ البداية.
- شيري: "مزعجة."
- جيرمي: "إذا كنتِ تحبين الألقاب، فأفضل لقب لك هو شيري المزعجة..
ما رأيك سام؟ "
- شيري: " أنا لا أهتم بما ألقب به، فأنا حقًا أكره.. "
سكتت ولم أكمل، وخفضت رأسي، فصدقًا أنا أكره الأسماء، ولا أريد منادة أحد باسمه، ولا أدري لماذا يلاحقني اسمي كل شخص الذي يريد القصاص مني.
- جيرمي: "لننهي هذا اليوم، ففي الحقيقة نحن أنهينا تدريباتنا الصباحية، وموعد الطعام قارب على الاقتراب، لذا سأرافقكِ للمكان الذي ستنامين فيه.
كما أنك ستتسلمين زى الفارسات، والذى يكون لونه أحمر، ربما لاحظتي أن الفرسان الرجال يرتدون الزى الأزرق، والقادة يرتدون الأخضر.
في العادة هذه الغرفة نسميها بالمقر، لو أننا كنا فتيان فقط كنتِ ستنامين هنا.
لكن لأنكِ فتاه ستنامين مع باقي الفتيات، ولأن عددكم قليل فتتجمعون معًا في مسكن واحد، خذي باقي اليوم راحة، وغدًا صباحًا سنناقش ماذا سنفعل، اتفقنا."
أومأت برأسي موافقة على كلامه.
خرج كلانا من الغرفة، وتركنا الباقي وحدهم في الغرفة، واتبعت ذلك "الفتى" ذو البشرة الداكنة، في هدوء.
*******
"سام"
بعد خروج "جيرمي" و"شيري"، جلست على أقرب مقعد لي، وأملت رأسي على يدي ونظرت لـ "رين"، ظللت أفكر في سلوك تلك الفتاة، وكم هي غريبة، شعرت أن طبيعتها تريد الانضمام مع محيطها، لكنها تمنع ذلك.
بالإضافة إلى كل تلك الشائعات التي تدور حولها، عن كونها قاتلة ربما صحيحة، لكن لماذا لا يبدو عليها حبها للقتل مثلما أرى الباقين، ما هذا الذي أقوله أنا أيضًا فارس وأقتل غيري، ربما قتلت أكثر منها، وأنا أيضًا لا أحب القتل، لا أدري، أنا لا أستطيع تفسير تصرفاتها.
حسنًا، هذا طبيعي هذه المرة الأولى التي أراها شخصيًا.
اعتدلت في الجلسة، ونظرت لـ "رين" الذي أمسك كتابه المفضل مجددًا وهمَّ بقراءته.
- سام: " ألا تظن أنها تعاني من صدمة ما ؟"
- رين: " بالتأكيد لقد عانت من صدمات كثيرة، وتجارب قاسية، فكيف لفتاة صغيرة أن تقتل! كما أنها لم تقتل شخص أوإثنين بل أكثر من ذلك. "
- سام: " أليس سبب نجاتها من كل هذا غريب، إنه أقرب للمعجزة، لا يبدو عليها أي ملامح للقوة، كما أنها صغيرة، فكيف استطاعت الهرب من كل هؤلاء الرجال وهي صغيرة هكذا؟ "
- رين: " ارتباكها أمام إيان أكد لي أنها تُخفي شيء ما."
- سام: " يا إلهى ذلك المزعج، لم يتحكم في نفسه كالعادة، إنه يهوى جعل الآخرين مرتبكين أمامه بعد أن يطلق تحليلاته عنهم، سيظل ذلك الأحمق أعزب إن واصل على هذا النحو باقي حياته، إنه يتمتع بعقل جيد."
- رين: "أنت تحلم يا رأس الموزة، فإيان لا أظن أنه يفكر في بناء حياته، صدقًا، من منا يفكر في هذا، باستثناءك أنت.
لكن ألا تظن أنهما متشابهين."
- سام: "ها أنت عدت لمزاحك الثقيل.
لكن في أي جانب هما متشابهان؟ "
- رين: " لا أدرى كيف أصف لك، ربما شخصيتهما.
أمم، نسيت الموز لا يفهم كلام البشر."
- سام: " هاي، لا تمازحني. "
- رين بضحكة مكتومة: " ربما سنعتمد تلك الألقاب لبعض الوقت."
نظرت فى الفراغ المؤدي لباب غرفة "إيان"، ما هذه الفرقة الغريبة التي جمعت فيها ألوان شتى من البشر، يالا القدر العجيب الذي لا نفقه فيه شيء.
إن الأقدار دائمًا ما تحمل لنا العديد من المفاجآت، لم أواجه قدري سوى مرة واحدة في حياتي، ويالا حظي الجيد، فهذا أوقعني هنا، لا يهم هذا الآن، المهم كيف نستطيع إعادة ربط هذه الفرقة المزعجة، قد كنا بدأنا نألف عادات بعضنا منذ فترة ليست بالبعيدة، لكن مع وجود فرد جديد تتوتر العلاقات من جديد.
أوه يا إلهي، ماذا أفعل، صحيح أنني أكبر الموجودين هنا، لكن هذه المشكلة لا أستطيع حلها وحدي، لو أنهم يفكرون بعقلانية أكثر.
تنهدت.
- سام: " إن الحياة تخبأ لنا الكثير.
لكن إنتظر."
- رين: " أنتظر ماذا؟ "
- سام: " شيري لم تعطكِ أي لقب؟"
ابتسم رين ابتسامة فخر.
- رين: " هذا بالتأكيد لأني ذكي. "
- سام: " إذا أنت ذكي. "
- رين: " أجل. "
نظرت له نظرة ماكرة، وأغلقت عيني، وابتسمت ابتسامتي الهادئة المعتادة.
- سام: " إذا نفذ تماريناتك اليومية خمس مرات اليوم. "
- رين: " ماذا ؟
ألم نقل أن اليوم سيكون راحة لأجل الاحتفال بالعضو الجديد ؟"
- سام: " أتنوى عصيان أوامر القائد."
أغلق "رين" كتابه بقوة، ونظر لي بغضب، لطالما أحببت مضايقة "رين" فهو أصغر الموجودين هنا، لكنه لا يغضب بسهولة، وهذا ما كان يزعجني، لكن مع وجود تلك الصغيرة بيننا، سيكون الأمر أكثر تسلية.
- رين: " يا لك من مخادع. "
- سام: " أتعلم رأس الموز أفضل."
*****