«المعلـم سـبلينتر» « ولكـن هـذا خطيـر جـدا، هـل تعلـم مـاذا سـيحدث لـو وقعـت تلـك العصـا فـي اليـد الخطـأ ؟»
_أعلـم ... كمـا أريدكـم أن تعلمـوا أن وجـودي فـي عالـم الحقيقـة هـو مجـرد صـوت يسـمعه «سـامي» وخيـال يراقصـه ... أنـا لا أملـك أي قـوة، لا أسـتطيع التدخـل فـي حـال وقـع لـه أي مكـروه، وكل قوتـي الأن محصورة في فتح الأبواب والنوافذ، وتحريك بعض الأشياء وإشعال النـار وإطفائهـا علـى أكثـر تقديـر ... ووضعيـة الفتـى تحتـاج للكثيـر مـن المساعدة .
«القـزم حكيـم» يرفـع يـده طلبـا للكلمـة والتدخـل قائـلا « إن اسـتعمالك للسّـحر والخيـال فـي عالـم الحقيقـة خطيـر جـدا قـد ينتـج عنه اندماج العَالَمَيْن معًا لو حدث أي خطأ ! ، أما لو تمت مشاهدتك مـن طـرف أي بشـري وأنـت تسـتعمل تلـك العصـا فهـذا يعنـي وقوفنـا جميعا أمام قاضي العوالم السبعة ... هذا يعني إرسالنا مقيدين إلى السجن الأكثر شرًا ورعبًا بين العوالم، وأنت بالتأكيد لا تريد إرسالنا إلـى «عـش الدبابيـر» يـا سـيد «أميـن» ؟»
«بوكاهانتـس» معقبـة علـى كلمـة السـيد «قـزم حكيـم» دون إعطـاء الفرصـة للأفتـار للـرد « حسـنا، لقـد فهمنـا القصـد مـن الزيارة، بإمكانـك الخـروج الآن ونحـن سـنقرر يـا سـيد «أميـن» »
يمتثل الأفتار ويخرج محاطا بالسلاحف الأربعة بينما الحكماء الخمسة يتابعونه بنظراتهم.
بعـد خروجـه مباشـرة يبـادر السـيد «بابـا نـوال» قائـلا ومُوَجِّهًـا سـؤاله للجميـع « حسـنا، مـا رأيكـم أيهـا السـادة ؟» ...
«قـزم حكيـم» « مسـتحيل، ... أنـا لـن أوافـق، فمجـرد حصولـه علـى تلـك العصـا سـيقرر البقـاء فـي عالـم الحقيقـة للأبـد »
«سـنفور حكيـم» « بالنسـبة لهـذا الأفتـار فمنـذ تشـكل شخصيته للمرة الأولى داخل عالم الخيال عند بلوغ «سامي» للسنة الخامسـة مـن عمـره لـم نشـاهد منـه إلا الأفعـال الطيبـة والنوايـا الحسـنة، وبالنسـبة لخيـال «سـامي» حـول شـخصية والـده فقـد كان خيالا صافيا بلا شـوائب، لقد حللته بنفسي ودرسـته، إنه نقي تماما ... أنـا أثـقُ فيـه»
«قـزم حكيـم» « المشـكلة يـا سـيد «سـنفور حكيـم» أن هـذا الأفتـار سـيموت فـي النهايـة بِمَـوتِ «سـامي» علـى أبعـد تقديـر ! ، إنـه مجـرد أفتـار مـن الدرجـة الأولـى، لكـن وجـوده فـي عالـم الحقيقـة بـكل تلك القوة والخيال والسّحر يعني أنه متحرر، ... يعني أنه أصبح خالدا، ... يعنـي أننـا لـن نسـتطيع مجابهتـه ولا تتبعـه لـو قـرّر الإنشـقاق ؟ »
تـرد عليـه «بوكاهانتـس» قائلـة « و مـا دليـل أنـه سينشـق لـو منحنـاه تلـك العصـا يـا سـيد «قـزم حكيـم» ؟ »
يجيبهـا بنـوع مـن النرفـزة بعـد أن وقـف مـن مكانـه « ومـا دليـل ولائـه لعالـم الخيـال إذا تحـرر منـه وهـو يعلم أنه لو بقي فيه سـيموت في النهاية ؟ »
ليتدخل السـيد «سـنفور حكيـم» قائـلا « النسـبة متسـاوية إذن » !
«المعلم سبلينتر» « نحن لا نلعب بالنرد سيد «سنفور حكيم »، ... لن أقبل مشكلة أخرى، ... تكفينا مشكلة الغول ... أدخلوه ».
يصمت الحكماء بعد سماع هذه الكلمات من رئيسهم و بهذه النبـرة الغيـر معهـودة ! بينمـا يدخـل الأفتـار محاطـا بالسـلاحف الأربعـة ليسـمع قـرار الحكمـاء بقيـادة «المعلـم سـبلينتر» الـذي أخـذ الكلمـة قائـلا « يـا سـيد «أميـن»، لقـد قرّرنـا واتفقنـا علـى أن نَقْـلَ قـوى عالـم الخيـال ووضعهـا بيـد شـخص واحـد أمـر خطيـر جـدا، عالـم الحقيقـة يريـد الحقيقـة والمنطـق ولا يريـد الخيـال والسّـحر ... نحـن نتفهـم رغبتـك فـي مسـاعدة «سـامي» وإعـادة ثقتـه بـأي طريقـة، لكـن بعـض الطرق غير مقبولة لدينا »
فيقول الأفتار « أنت تتحدث بالمنطق عن عالم الخيال أيها المعلم؟ »...
يَرُدُّ عليه « وأنت تريد نقل الخيال لعالـم المنطـق يا سيد «أميـن»؟ »
يصمـت الأفتـار قبـل أن يعقـب «المعلـم سـبلينتر» مواصـلا شـرحه لأسـباب الرفـض « إن مهمتـك يـا سـيد «أميـن» هـي تأهيـل طفـل فاقـد للثقـة بنفسـه، طفـل يثـق بـك كثيـرا إلـى درجـة أنـه يناديـك ''أبـي''، ... قـد يكـون الوقـت فـي غيـر صالحـك ولا صالحنـا لكنـك قبلـت هذا التحدي، أما إذا رأيت أنك لا تستطيع المواصلة فسنتفهم الأمر ونرسـل أفتـارًا غيـرك لإتمـام هـذه المهمـة »
يصمـت الأفتـار مـرة أخـرى أمـام تحليـل «المعلـم سـبلينتر » المقنـع، فيبـادر «بابـا نـوال» معقبـا ومشـجعا للأفتـار فـي نفـس الوقـت « لقـد لاحظنـا أنـك ازددت قـوة ووضوحـا، حتـى إن ملامحـك قـد عـادت إليك، الطفل يثق بك، أنت على الطريق الصحيح يا سيد «أمين»...»
يتردد الأفتـار للحظـة قبـل يجيـب « شـكرا لكـم أيهـا السـادة الحكمـاء، وأعتـذر عـن تضييـع وقتكـم الثميـن»
تبتسم «بوكاهانتس» قبل ان تأخذ الكلمة قائلة « عليك أن تعود بسرعة لإتمام مهمتك يا سيد «أميـن» »
ينظر الأفتار إلى وجوه الحاضرين واحدا واحدا ثم يومئ برأسه دلالـة علـى قبولـه للحكـم وللقـرار مقتنعـا وراضيـا، بينمـا تبـدأ الهالـة الضبابية في التشكل ويغادر إلى عالم الحقيقة، فيجد «سامي» مُمْسِكًا باللوح الإلكتروني ومُرَكزًا اهتمامه على إحدى ألعاب سباق السيارات.
فـي الجانـب الآخـر مـن عالـم الخيـال يجتمـع الغـول مـع أتباعـه فـي مشـهد مخيـف جـدا، ... الـغول جالـس علـى عـرش عظيـم يتقـد نـارا وظلمة، ... عرشه عبارة عن كرسي ضخم يتوسـط قاعـة كبيـرة لـم يُـرى لهـا مثيـل بيـن العوالـم، ... جدرانهـا وأعمدتهـا مزينـة بعظـام وجماجـم خصومـه الذيـن أطـاح بهم سابقا وتباعا ... ومساعدوه وقادة جنده منحنين عنده في ترتيب وتنظيـم كبيريـن ...
_أيـن وصلتـم يـا مسـتذئبين ؟ ... هكـذا قـال الغـول، فيتقـدم منـه قائدهـم وهـو مسـتذئب بشـع رمـادي اللـون بعيـن واحـدة، يركـع علـى رجليـه ويقـدم التحيـة لسـيده عـن طريـق ضـرب صـدره بقبضـة يديـه اليمنـى قبـل أن يرفـع رأسـه قائـلا « سـيدي الغـول لقـد نفذنـا التعليمـات بحذافيرهـا ... سـيطرنا علـى معظـم الغابـات، والتـي لـم نسـتطيع السـيطرة عليهـا قمنـا بحرقهـا، لقـد طبقنـا سياسـة الأرض المحروقـة، كمـا نشـرنا الظلام والنار في كل شبر منها وقتلنا كل ذكرى جميلة تحوم حولها، لقـد حولنـا النـور إلـى ظلمـة والأمـان إلـى رعـب » ...
« أحسـنتم، ... وأنتـم يـا مسـوخ ؟ » ... هكـذا قـال الغـول وهـو يشير بِرُمحه الناري حيث يقف كبير المسوخ والذي تقدم بسرعة وهو مسـخ بشـع المنظـر تبـدوا عليـه علامـات القيـادة والتفـوق، ينحنـي علـى ركبتيـه ويقـدم التحيـة لسـيده قبـل أن يرفـع رأسـه قائـلا « كمـا طلبـت منـا يـا سـيدي ، فرقنـا كل التجمعـات وأدخلنـا الرعـب والشـك فـي قلـوب الجميـع، ... فرقنـا القطعـان والعائـلات ... وحولنـا كل شـيء إلـى مقبـرة عظيمـة وسـط ظلمة قاتلة ، ولم تسلم منا حتى الصحاري والجبال والوديان، ونشرنا رايـة الظـلام والنـار إلـى أبعـد الحـدود ولـم تبقـى إلا عـدة مـدن صغيـرة تقـاوم»
يقـف مـن مكانـه وسـط عظمـة كبيـرة جعلـت قلـوب الجميـع تخفـق بشـدة قبـل أن يتقـدم أكثـر و يسـأل نفـس المسـخ مجـددا « ومـاذا فعلتـم بمدينـة الذهـب ؟»
يـرد عليـه بسـرعة « نفذنـا التعليمـات بحذافيرهـا وهاجمناهـا بفرقـة المسـوخ الثالثـة، دمرنـا المدينـة وأسـرنا معظـم سـكانها، لقـد كان فـوزا سـهلا ... ومـن رفـض منهـم الخضـوع و الانضمـام لنـا قمنـا بإعدامـه، وسنسـتعمل رؤوسـهم ذخيـرة لمناجيقنـا ومدافعنـا فـي ضـرب وترهيـب مـن تبقـى مـن أعداءنـا »
« لا أريد أي أخطاء ... » هذا ما قاله الغول بعد أن ضرب الأرض برمحه الناري، مواصلا « نحن قاب قوسـين أو أدنى من الوصول إلى الهدف، يجب التهام ذلك الطفل، يجب أن أتحرر، ... لكن قبل ذلك يجب السيطرة على ما تبقى من عالم الخيال »
« ...ههههه ...» قهقهات قادمة من زاوية مظلمة ... إنه الجوكر ، ... ذلـك الأفتـار الخبيـث ... يقتـرب مـن الغـول، يركـع علـى قدميـه « سـيدي الغـول لقـد نسـيت شـيئا مهمـا، مصـادري تقـول أن الحكمـاء داخـل المجلـس الحربـي يجهـزون خطـة للإطاحـة بـك، إنهـم يجهـزون «سـامي» ويحاولـون بنـاء ثقتـه بنفسـه »
_أعلم هذا ..
الجوكـر مواصـلا كلامـه « لهـذا أقتـرح أن نهجـم فـورا علـى مقـر الحكمـاء، ونسـتولي علـى العصـا السـّحرية ونسـتعملها لنقلـي إلـى عالـم الحقيقـة، سأشـوش علـى الفتـى وأجعلـه يعيـش الجحيـم الحقيقـي لن أسـمح لـه ببنـاء ثقتـه بنفسـه، رعبـه وخوفـه سـيجعلك أقـوى وأقـوى حتـى ينهـار عالـم الخيـال » .
_وماذا عن المارد والمصباح السّحري الذي غنمتموه من قصر «عـلاء الدين» ؟
_ ذلـك المـارد الأحمـق أسـتنفذ الأمنيـات الثلاثـة سـابقا، لقـد حصـل عليهـا «عـلاء الديـن» وضيَّعهـا فـي الثـراء وحيـاة البـذخ، ... المصبـاح الأن بـلا فائـدة .
_أخرجـوا جميعـا وأحضـروا تلـك العجـوز الشـمطاء ...
يخـرج الجميـع فـي الوقـت الـذي يجلـس فيـه الغـول علـى عرشـه وتدخـل السّـاحرة الشـريرة مـع ابتسـامة خبيثـة قائلـة « فـي خدمتـك وطـوع أمـرك يـا سـيدي الغـول »
_أنا أشك في نوايا الجوكر أيتها العجوز الشمطاء؟
_سـيدي الغـول، الجميـع هنـا بمـن فيهـم أنـا نحترمـك لقوتـك، نحـن فـي عالـم الظـلام حيـث السـيطرة فيـه للأقـوى، لا مـكان للـولاء هنـا، والثقـة سـلعة غاليـة .
_أنظري للمستقبل وأخبريني ماذا ترين ؟
_المسـتقبل مظلـم يـا سـيدي، والكـرة الزجاجيـة لا تعمـل ولا تتنبـأ بالمسـتقبل الحقيقـي هنـا، عليـك نقلـي لعالـم الحقيقـة هنـاك فقط أستطيع التنبؤ، وبالنسبة للجوكر الخبيث أعتقد أن طموحه أكبـر مـن خدمتـك يـا سـيدي، فـكل خطواتـه مدروسـة جيـدا وهـو يخطـط لأمـر جلـل .
_الجوكـر رغـم خبثـه إلا أن أفـكاره سـهلت علـي الطريـق، هنـاك مهمـة أخيـرة لـه قبـل القضـاء عليـه، والآن أغربـي عـن وجهـي.
في الجهة الأخرى من عالم الحقيقة وداخل بيت العمة ، فإن «سـامي» يتنـاول عشـاءه مـع السـيد «أسـعد» والـذي انتبـه أن الفتـى يحـاول قـول شـيء لكنـه متـردد فيبـادره قائـلا « كيـف حـال المدرسـة اليـوم يـا «سـامي» ؟»
_جيدة كالعادة يا عمي .
_أريـد نتائـج ممتـازة، أريـد أن أراك شـخصا ناجحـا ...
«سـامي » ينظـر إلـى الكرسـي المقابـل لـه حيـث يجلـس أفتـار والـده ويبتسـم لـه وهـذا مـا لاحظـه السـيد «أسـعد» الـذي التفـت إلـى الكرسـي الفـارغ ثـم نظـر لسـامي قائـلا ومتعجبـا « لمـن تنظـر و لمـاذا تبتسـم ؟! »
_لا شيء يا عمي لقد تذكرت شيئا مهما .
_حسـنا، تنـاول عشـاءك الآن وبالمناسـبة لقـد تـم افتتـاح قاعـة للألعـاب الرياضيـة فـي أخـر الشـارع، يجـب أن نزورهـا يـا «سـامي».
_لماذا يا عمي ؟
_لكـي تختـار التسـجيل فـي أحـد التخصصـات، توجـد الملاكمـة والكاراتيـه والسـباحة والجيـدو والكثيـر الكثيـر ... وسـتتعرف علـى أصدقـاء جـدد وتكتسـب مهـارات جديـدة ..
_رائع، أنا أحب الملاكمة.
_إذن لنسـجلك فـي فـرع الملاكمـة، سـتصبح قويـا و سـتصنع احتـرام الجميـع لـك، افـرض نفسـك وسيشـار إليـك بالبنـان، ... كل هذا سيتم بشرط واحد أن تجمع بين الرياضة والدراسة، تحصيلك العلمـي يـا «سـامي» هـو الأهـم، نحـن فـي زمـن العلـم والتكنولوجيـا ولا مـكان للأمّـي فيـه .
_نعم يا عمي، لقد فهمت .
_إذن تنـاول عشـاءك جيـدا، ولا تنسـى غسـل أسـنانك جيـدا ومراجعـة دروسـك .
يتنـاول الفتـى طعامـه بسـرعة ويسـتأذن بعدهـا فـي الذهـاب إلـى غرفتـه، فشـوقه لزيـارة عالـم الخيـال أكبـر مـن إحساسـه بالجـوع ، يدخـل الغرفـة يغلـق البـاب جيـدا ثـم ينظـر إلـى أفتـار والـده، يبتسـم ويغمـض عينيـه فتتشـكل تلـك الهالـة الضبابيـة ويختفيـان ... فاليـوم هـو يـوم الدرس الأول داخل عالم الخيال.
المهمة الأولى: مواجهة الذئب
في داخل الكهف، تتشكل الهالة ويخرج منها «سامي» والأفتار فيجدان السلاحف الأربعة في استقبالهم مبتسمين ومرحبين، يخاطبهما «رافاييل» وهو ينظر إلى الفتى قائلا « مرحبا بالبطل الكبيـر » يعقـب عليـه «ليوناردو» دون منـح الفتـى فرصـة للـرد قائـلا « رجاءا اتبعنـا مـن هنـا يـا «سـامي» »
يتقـدم «رافاييل» أولا ثم الفتـى والأفتـار ثانيا بينمـا يتأخـر بقيـة السلاحف .
يقـوم «سـامي» بمخاطبـة الأفتـار بواسـطة الأفـكار قائـلا « آيـن نحـن يـا أبـي ؟»
_نحـن فـي ضيافـة «علـي بابـا»، ... نحـن داخـل المغـارة، ... لـن نغامـر بإخراجـك منهـا، لأن مجـرد تفكيـرك بالغـول سـيثير انتباهـه ويحـدد مكانـك بدقـة وسـرعة، وأنـت بهـذا الضعـف لا فرصـة لـك أمامـه، ونحـن لـن نقدمـك علـى طبـق مـن ذهـب لعـدوك وعدونـا، ... والآن عليـك اجتيـاز المسـتوى الأول بمواجهـة الذئـب و إنقـاذ «ليلـى»
_ ماذا ؟ مواجهة الذئب ؟ و لكن أنا لازلت لم ....
_بـدون ولكـن، ولا تنسـى أنـك تحـت مراقبـة الحكمـاء، وأيضـا فأنت في حمايتي وتعمل تحت توجيهاتي، ... تذكر أن لديك ميزة قوية تتفـوق بهـا علـى عـدوك .
_ما هي هذه الميزة يا أبي ؟
_أنت في عالم الخيال والأحلام، كل ما ستراه هو مجرد إنعكاس لخيـال الأطفـال، كل مـا سـتراه هـو وَهْـمْ وسِـحْرْ ومجـرد ذكريـات يحلـم بها الأطفال، وتتجسد على الشكل الذي تخيلوه .
_لكن بعض التخيلات شريرة وقوية يا أبي .
_هـذا صحيـح، لكنهـا فـي النهايـة تبقى مجـرد خيـال و وهـم، ... و الآن أصمـت وركـز فقـد وصلنـا لمجلـس الحكمـاء.
«سنفور حكيم» « هل أنت جاهز يا «سامي» لمهمتك الأولى ؟ » يجيبه بتردّد « نعم سيدي»
«بوكاهانتـس» بعـد أن ابتسـمت للفتـى « بالنسـبة للفروقـات بيـن عالـم الحقيقـة وعالـم الخيـال فهـي كثيـرة ونريـدك مـن خـلال هـذه المهمـة أن تفهـم القاعـدة الأولـى والأهـم وهـي أن كل مـا ستشـاهده هـو وهـم وسـحر وخيـال، إفصـل عقلـك عـن جسـدك وسـتكون بخيـر» ..
«بابـا نـوال» مُعَقبا « بالنسـبة للمسـتويات فهـي كثيـرة وسـنبدأ بمسـتوى الـذكاء وخصمـك اليـوم هـو الذئـب » .
يومـئ الفتـى برأسـه دلالـة علـى الموافقـة فـي نفـس الوقـت الـذي يبلـع فيـه ريقـه بصعوبـة خوفـا مـن مواجهـة الذئـب و ممـا سـيلاقيه فـي هـذه المهمـة.
يشـير «سـنفور حكيـم» بيـده فتتحـول المغـارة بأكملهـا لغابـة كبيرة... غابة حقيقية، حيث الكثير من الأشجار والأزهار و الفراشات ... وهناك بين شجيرات توت العليق توجد قطعة قماش لونها أحمر، يشير إليها الأفتار قائلا « أنظر يا «سامي»، هذه أثار «ليلى» قد تكون مـرت مـن هنـا ... هـذا هـو الطريـق، عليـك أخـذه بحـذر، وأنـا سـأختفي ،أنـت الآن بمفـردك »
_ماذا تقول ؟ ... أنا بمفردي ؟ ... ألن تساعدني يا أبي ؟
_بـل سـأكون بجانبـك دائمـا، و ستسـمع صوتـي فقـط داخـل عقلـك، أمـا إذا رأيـتُ أنـك فـي ورطـة سـأتدخل فـورا لإنقـاذك أو لإلغـاء المهمـة بأكملهـا إذا أقتضـى الأمـر ذلـك.
_حسنا فهمت، ... هكذا قال الفتى دون أن يلتفت وهو يمشي فـي الغابـة بحـذر شـديد وسـط الأشـجار والنباتـات عندمـا يجـد الكثيـر مـن التفرعـات للطريـق الغابـي، يتوقـف برهـة ينظـر خلالهـا يمينـا وشـمالا ثم يقول بصـوت شـبه مسـموع « امممممـم، هـذا تحـدي كبيـر، أي الطرق سأخذ الآن ؟ » فيأتيه الرد سريعا من الأفتار « اتبع قلبك يا «سامي» » فيرد الفتى بنبرة الواثق من نفسه « قلبي يخبرني أن أتبع هـذا الطريـق، هنـاك الكثيـر مـن الفراشـات اتجهـت يمينـا، إذا هـذا هـو طريقـي، أنـا متأكـد » ...
بعد مدة من السير يتوقف الفتى لأنه يعتقد أنه ربما قد سمع صوتـا، يركـز جيـدا ليتأكـد، إنـه صـوت نبـاح كلـب، نعـم نبـاح كلـب فالفتـى متأكـد تمامـا، لكنـه ليـس متأكـدا إن كانـت هـذه إشـارة جيـدة ! قبل أن يقرر تتبع مصدر الصوت، والذي أخذه مباشرة إلى الوادي، هنـاك يجـد الصيـاد رفقـة كلبـه، ... الكلـب ينبـح بشـدة و «سـامي» خائـف .
صـوت الأفتـار داخـل عقـل الفتـى « لا تخـف يـا «سـامي» ... هـذا مجـرد كلـب صيـد »
_ولكنه ضخم ومرعب .
_حتى وإن كان ضخما فهو مجرد كلب صيد، ولن يهجم عليك دون إذن الصياد .
ينتبـه الصيـاد لنبـاح كلبـه ويلتفـت إلـى الناحيـة التـي ينبـح عليهـا الكلب، يتقدم قليلا موجها بندقيته فيشاهد «سامي» واقفا بجانب شجرة كبيرة ومترددا بين الإقدام والإحجام فيسأله قائلا « من أنت أيهـا الفتـى اللطيـف ؟»
_أنا «سامي»، ... «سامي أمين».
_سـامي ؟! ومـاذا تفعـل هنـا فـي هـذا الجـزء الموحـش مـن الغابـة يـا «سـامي» ؟
_القصة طويلة جدا أيها الصياد وأنا تحت التدريب .
_ماذا تريد ؟
_أعتقد أني أريد الحصول على ذلك السلاح .
_البندقية ؟
_نعم .
_مسـتحيل، ... البندقية مصـدر رزقـي، أنـا صيـاد، ولكـن لمـاذا تريـد الحصـول عليهـا ؟
_لاستعمالها في القضاء على الذئب الشرير .
_ههههه، لا وجود للذئاب، أنا أجوب هذه الغابة منذ سنوات، وأطمئنك أنها مجرد خرافة .
_الذئـب سـيأكل جـدة «ليلـى» وسـيهجم علـى «ليلـى»، إنهمـا بحاجـة لمسـاعدتي، عليـك منحـي ذلـك السـلاح .
_لقـد مـررت صباحـا علـى منـزل الجـدة وتحدثـت معهـا مُطَـولا، هـي بخيـر .
_هـل هنـاك طريقـة أو إمكانيـة لعقـد صفقـة مقابـل ذلـك السـلاح ؟
_فـي الحقيقـة يـا «سـامي» سـأوافق علـى منحـك إيـاه مقابـل خدمـة بسـيطة تؤديهـا .
_موافق، ماذا تريد ؟
صـوت الأفتـار داخـل عقـل الفتـى « لقـد أَخطـأتَ يـا «سـامي»، لقـد تسـرعت بالموافقـة »..
_لماذا يا أبي ؟
_لأنـك لـم تسـمع طلبـه بعـد، والآن سيسـتغلك فـي طلبـات كثيـرة لا تنتهي .
_ما هو طلبك أيها الصياد ؟
_أريـد منـك أن تقطـع هـذه الشـجرة الكبيـرة وتنقلهـا إلـى منزلـي عند أسـفل النهر، ولا تنسـى سـن وتشـذيب هذه الفأس، لقد فقدت قوتهـا وحدتهـا مـن كثـرة الاسـتعمال.
_ولكن هذا كثير أيها الصياد !
_أنت قلت موافق، ... هل ستتراجع الآن ؟
_كلا، لن أتراجع وسأقوم بالمطلوب على أكمل وجه.
_حسـنا إذن، أنـا سـأغادر الأن، ومنزلـي هنـاك عنـد أسـفل النهـر سـتجدني فـي إنتظـارك أمامـه. ... هكـذا قـال الصيـاد وهـو يغـادر رفقـة كلبـه بينمـا يحمـل الفتـى الفـأس القديمـة وينظـر إليهـا.
صوت الأفتار مجددا « اسـتعمل خيالك وسـحرك يا «سـامي»، تخيـل أن الفـأس جديـدة تمامـا » يحـاول الفتـى إغمـاض عينيـه وإمسـاك الفـأس بقـوة، « ... لا أسـتطيع ... لا أسـتطيع» ...
_بل تستطيع، عليك فقط أن تؤمن بذلك، عليك أن تصدق ذلك، ... لكن قبل هذا عليك أن تهدأ، هدئ من روعك يا «سامي».
لحظـات تمـر، يهـدأ خلالهـا الفتـى تمامـا ثـم ينظـر إلـى الفـأس بتركيـز كبيـر، بعدهـا يغمـض عينيـه ويتخيـل نفسـه يحمـل فأسـا جديدة بين يديه فتبدأ هالة صغيرة من النجوم تتشكل حول الفأس القديمـة لتتحـول إلـى فـأس جديـدة تمامـا، فأس حـادة ولماعـة، حتـى إن الفتـى اسـتطاع رؤيـة انعـكاس وجهـه عليهـا، « واو ... لقـد نجحـت، لقـد نجحـت، ... إنهـا فـأس جديـدة، ... » بعدهـا ينظـر الفتـى إلـى الشـجرة ثـم يغمـض عينيـه مـرة أخـرى ...
صـوت الأفتـار مرة أخرى « لا تتعـب نفسـك يـا «سـامي»، الفـأس لـن تقطـع الشـجرة إلا بمجهـودك الشـخصي»
_ولكني استطعت تغيير شكل الفأس باستعمال الخيال؟
_هـذا صحيـح، لكنـك لـم تغيـر مـن طبيعـة الفـأس، بـل غيـرت فـي شكلها فقط وهذه الميزة ستكتسبها لاحقا بعد تدرجك في المستويات، أنـت لـم تتجـاوز حتـى المسـتوى الأول، و عالـم الخيـال مثـل عالـم الحقيقـة لا شـيء مجانـي ... عليـك قطـع الشـجرة بنفسـك .
_ولكنهـا كبيـرة وضخمـة ؟!.. مـاذا !! ... عجبـا !!.. لقـد ازداد حجمهـا للتـو!
صوت الأفتار « لأنك آمنت و صدّقتَ بأنها كبيرة»
_آه ... لقد فهمت، أنا أستطيع تغيير شكل المادة وليس طبيعة المـادة، ... ينظـر «سـامي» إلـى الشـجرة ثانية ثـم يقـول بصـوت مرتفـع « هـذه شـجرة يابسـة ومجوفـة وطريـة، إنهـا سـهلة القطـع ...» ويبـدأ بقطعهـا ... ضربـة، ضربتيـن، « إنهـا سـهلة، إنهـا سـهلة » بعـد مـدة قليلـة يتمكـن مـن قطعهـا بسـهولة، « لقـد نجحـت، لقـد نجحـت» ...
صـوت الأفتـار « والآن عليـك نقلهـا وجرها، اسـتعمل النهـر فـي ذلك، سـتربح الكثيـر مـن الوقـت و الجهد »
_نعم يا أبي، هذه خطة جيدة ... هكذا قال الفتى وهو يمسك بالشجرة العملاقة ويغمـض عينيـه قائـلا « شـجرة مجوفـة وخفيفـة جـدا، يمكننـي جرهـا بيد واحدة » فتصبح الشـجرة خفيفة ويتمكن من جرها و وضعها على النهر بسهولة ثم يصعد فوقها قائلا « عندي سؤال محير يا أبي ... » يرد عليه « نعـم يـا «سـامي» »
_إذا كان هـذا الصيـاد يعيـش فـي عالـم الخيـال فلمـاذا لا يسـتعمل الخيـال والسـّحر فـي قطـع الأشـجار الكبيـرة ؟»
_ لأنـه مجـرد أفتـار مـن المسـتوى الأول، و جميـع الأطفـال الذيـن تخيلـوا قصـة «ليلـى» والذئـب لـم يؤمنـوا بهـذا الصيـاد أو الحطـاب إلا بأنـه سـيقتل الذئـب وفقـط، حتـى إنهـم لـم يتفقـوا إذا كان صيـادا أو حطابـا ! ... وفـي المقابـل لا أحـد منهـم تخيلـه كبطـل للقصـة، ولهـذا ستبقى قوته محصورة في قتل الذئب فقط، أما باقي الأعمال فعليه القيـام بهـا بنفسـه، وتذكـر أنـه لا شـيء مجانـي فـي عالـم الخيـال، ... و الأن أنظـر هنـاك حيـث الكـوخ الخشـبي، الصيـاد يشـير إليـك بيـده، إنـه منزلـه لقـد وصلنـا .
يتوقف «سامي» ويجر جذع الشجرة إلى مدخل الكوخ « والآن ها هي شجرتك وسلم لي ذلك السلاح كما اتفقنا أيها الصياد »
_كلا ، أنت لم تقطعها إلى قطع صغيرة تستعمل للتدفئة .
يمسـك الفتـى بالفـأس بقـوة وعزيمـة كبيريـن ... يركـز ثـم ينظـر إلـى جـذع الشـجرة قائـلا « هـذه الشـجرة الصغيـرة أسـتطيع تقسـيمها لمئـة قطعـة صغيـرة وبضربـة واحـدة » ... يغمـض عينيـه ويضربهـا بقـوة فتتحـول إلـى مئـة قطعـة صغيـرة، أمّا الصيـاد فهو مندهـش وفـرح وهـو ينظـر إلـى كل تلـك القطـع الصغيـرة، ثـم يلتفـت مسـرورا إلـى الفتـى وهـو يعرض عليه البندقية قائلا « حسنا، ... أعتقد أنك حققت المطلوب أيهـا الفتـى الصغيـر، خـذ هـذه البندقيـة وتذكـر فقـط أنهـا لا تحتـاج إلـى تلقيـم، كل مـا عليـك هـو توجيههـا نحـو الهـدف ثـم اضغـط علـى الزناد » يمسـك الفتى بالبندقية بفرح كبير، ربما لأنه يمسـك ويشـاهد ويتفحـص سـلاحا لأول مـرة، أو ربمـا يعتقـد انـه قـد نجـح فـي أول مهمـة لـه داخـل أرض الخيـال، و لـم يقطـع هـذه الفرحـة إلا صـوت الصيـاد قائـلا « هـل تريـد منـي شـيئا أخـر يـا «سـامي» ؟ » فيجيـب فـورا « نعـم أيهـا الصيـاد، كيـف يمكننـي الوصـول لمنـزل الجـدة وسـط هـذه الغابـة ؟» فيـرد قائـلا « منـزل الجـدة، نعـم ...إنـه فـي آخـر الغابـة ، خـذ هـذه الطريـق الترابيـة إلـى غايـة شـجرة البلـوط الكبيـرة، ستتعرف عليها فور رؤيتها لأنهـا الأكبـر ويسـكنها الكثيـر مـن السـناجب، بعدهـا انعطـف يمينـا وسـتصل إلـى مـرادك »
_حسنا، شكرا يا سيدي .
يتقدم «سامي» عدة خطوات ثم فجأة يحدث أمر غريب أمام ناضريـه ؟ أمـر مرعـب ومخيـف جـدا، تبـدأ الغابـة بالتحـرك ! ... نعـم الغابـة تتحـرك، تختفـي بعـض الأشـجار لتظهـر مكانهـا أشـجار أخـرى، حتـى إن الطريـق الغابيـة نفسـها والتـي مـن المقـرر أن يسـلكها الفتـى قـد تغيـر مسـارها تمامـا وبشـكل غريـب ولا يصـدق ! والفتـى متوتـر ولا يعـرف مـا الـذي يحـدث ولا كيـف يتصـرف وكل مـا اسـتطاع فعلـه هـو محاولـة الوقـوف بثبـات ثـم بعدهـا يتوقـف كل شـيء وتهـدأ الغابـة بعـد أن حدث تحول كبير في شكلها، وقبل أن يسأل الفتى أفتار والده عما يحـدث، يأتيـه الـرَّدُ سـريعا « لقـد تغيـرت أحـداث وفـصول القصـة يـا «سـامي » »
_ماذا تعني ؟ كيف ؟ لماذا ؟
_فـي القصـة الحقيقيـة الصيـاد هـو مـن سـيقضي علـى الذئـب وينقـذ «ليلـى» مـن براثنـه، لكنـك قمـت بتغييـر مسـار القصـة عندمـا أرسـلت ذلـك الصيـاد إلـى بيتـه، وبالتالـي لـن يسـمع صـراخ «ليلـى» و لـن يقضـي علـى الذئـب .
_وكيف ستكون نهاية القصة إذاً يا أبي ؟
_نهايـة القصـة الجديـدة لـم تَحْـدُثْ بعـد، والمسـتقبل لا يعلمـه إلا الله .
... يتبع