بعـد أكثـر مـن سـاعة كاملـة مـن التحليـق المتواصـل ينطـق «السـندباد» قائـلا « لقـد وصلنـا يـا «سـامي» ... أنظـر هـذه هـي مدينـة «أثينا» » بينما يبدأ البساط في الالتفاف والنزول التدريجي فيجذب انتباهـه وجـود الكثيـر مـن النـاس متجمعيـن فـي مـكان واحـد وبأعـداد كبيـرة فيسـأل قائـلا « لمـا كل هـؤلاء النـاس مجتمعيـن هكـذا ؟ » يـرد عليـه «السـندباد» « لا أدري علينـا أن نسـأل لنعـرف » فيجيبـه الفتـى مـرة أخـرى « كلا، أنـا سـأتكفل بذلـك وأنـت انتظرنـي هنـا »
ينزع الفتى غطاء رأسه فيصبح ظاهرا للعيان ويترجل من على ظهر البساط السحري ويتقدم ليسأل أحدا من الحضور عما يجري، و الذي أجابه دون أن يلتفت إليه قائلا « إنه موعد القرعة السنوي، يجـب أن تتـم القرعـة لاختيـار سـبع فتيـان وسـبع فتيـات يُقَدَّمُـونَ قرابيـن بشـرية للوحـش «ماينوتـور» »
_أنا أبحث عن «ثيسيوس ابن أبيكوس»، هل يمكن أن تدلني عليه رجاءً ؟
_إنه هناك عند مدخل دكان ذلك الحداد .
_آه، لقد رأيته، شكرا لك ...
يتقـدم «سـامي» بـكل ثقـة إلـى مدخـل الـدكان حيـث يقـف شـاب وسـيم ومفتـول العضـلات ويُعَـرِّفُ بنفسـه قائـلا « مرحبـا يـا سـيد «ثيسـيوس» ، أنـا «سـامي أميـن» » يسـتغرب الشـاب ويتوقـف عـن شـحذ سـكينه ويلتفـت للفتـى قائـلا « «سـامي أميـن» ؟ أنـا لا أعرفـك يـا فتـى ؟ مـن أنـت ومـاذا تريـد » !
_أريد الحصول على ذلك السيف.
متهكما « ههههه، هذه أسخف نكتة سمعتها لهذا اليوم ! ومتى كان المحـارب يقـدم أو يتنـازل عـن سـيفه يـا سـيد «سـامي» ؟ ثـم لمـاذا تريـد الحصـول عليـه ؟»
_لأستعمله في قتال الغـول ...
_تريد قتال الغـول ؟
_نعم يا «ثيسيوس» أريد قتال الغـول.
_الغـول ليس قضيتي ولا عدوي ...
_ولكنـه سيسـيطر علـى كل أرض الخيـال وسـيدمرها ويحولهـا لخراب ولن تجد مكانا للسكن فيه أنت وزوجتك الجميلة «أريادني»
_ماذا ؟ «أريادني» ؟ .... من تكون ؟ أنا لا أعرفها ؟ ..
_«أريادني» هي أميرة «كريت»، أجمل إمرأة في زمنها .
صوت الأفتار داخل عقل الفتى « أنت تتحدث عن أحداث لم تقـع بعـد يـا «سـامي»، و «ثيسـيوس» لـم يلتقـي بأميـرة «كريـت» بعـد، ولـم يشـاهدها أو يعلـم بوجودهـا حتـى الآن » .
«ثيسـيوس» بعـد أن قـام بإدخـال ذلـك الخنجـر داخـل غمـده ثـم اسـتل سـيفه وحملـه عاليـا قائـلا « اسـمعني جيـدا أيهـا الفتـى ... هذه اليد التي تحمل هذا السيف لن تضعه أو تفرط فيه إلا لتحمل رأس «ماينوتـور»، ومـا عـدا ذلـك إنسي الأمـر » .
_ إذن سـأرافقك للقضـاء عليـه وعليـك منحـي ذلـك السـيف كهديـة أو مكافئـة ...
_ههههـه، طفـل ظريـف وللمـرة الثانيـة أقـول لـك لا تتعـب نفسـك لأنـي لـن أتنـازل عـن سـيفي، لكـن تبـدوا شـجاعا ولا مانـع عنـدي فـي أن ترافقـي، هيـا اتبعنـي إلـى السـفينة، لأن الجنـود لابـد وأنهـم قـد انتهـوا مـن تحديـد مـن وقعـت عليـه القرعـة .
فـي المقابـل هنـاك سـفينة ضخمـة راسـية فـي المينـاء والكثيـر مـن الجنـود يضعـون مـن أدار لهـم القـدر ظهـره وهـم مقيـدون، سـبعة أقفـاص للفتيـان وسـبعة أقفـاص للفتيـات، بالإضافـة إلـى وجـود بعض البحارة الذين سيتكفلون بقيادة السفينة إلى مدينة «كريت» ثـم يعـودون.
يصعـد «ثيسـيوس» ويتبعـه «سـامي» الـذي ارتـدى غطـاء رأسـه واختفى وصعد معهم على ظهر السفينة دون أن ينتبهوا له...
لاحقـا و فـي أثنـاء الرحلـة يبحـث «ثيسـيوس» عـن «سـامي» دون جـدوى ليصـل أخيـرا إلـى اسـتنتاج وحيـد وهـو أنـه انسـحب خوفا.
بعـد أن وصلـت السـفينة إلـى مشـارف مدينـة «كريـت» ينـزع الفتى غطاء رأسه فيصبح مرئيا، يشاهده «ثيسيوس»، يبتسم قائلا « أنـت ملـيء بالمفاجئـات أيهـا الفتـى الغريـب ولديـك رداء سـحري ! »
_انسـى أمـر الـرداء يـا «ثيسـيوس» وأخبرنـي عـن خطتـك ؟ كيـف ستواجه الوحش ؟
_لا أدري، ... لـم أفكـر بذلـك بعـد، لكنـي ربمـا سـآخذ مـكان أحـد هـؤلاء الفتيـان .
_وهـل تعتقـد أن «مينـوس» ملـك «كريـت» سيسـمح لـك بدخـول تلـك المتاهـة وأنـت مسـلح بذلـك السـيف؟
_تلـك هـي المشـكلة ؟ ... وأنـت أيهـا الفتـى هـل تعـرف طريقـة أفضـل ؟
_نعم، عندي خطة .
_أنا في الاستماع .
_أنـا أعـرف اسـم المهنـدس الـذي قـام ببنـاء المتاهـة كل مـا علينـا هو العثور عليه ولن نعدم الوسيلة في إقناعه بأن يدلنا على المدخل وعلى سـر المتاهة.
_رأي حكيم وخطة جيدة لكننا سنكون في سباق ضد الوقت، لأن مجـرد وضـع هـؤلاء الفتيـان والفتيـات داخـل أنفـاق المتاهـة يعنـي أنهـم علـى موعـد مـع المـوت، ... علـى موعـد ليكونـوا وجبـة دسـمة داخـل معـدة وحـش لـم يـأكل شـيئا منـذ سـنة كاملـة، مهمتنـا يـا «سـامي» هـي إنقـاذ هـؤلاء الفتيـان قبـل القضـاء علـى ذلـك الوحـش.
_إذا لنسـرع ولا نضيـع الوقـت وعنـد وصولنـا قـم أنت بتسـليم الفتيـان والفتيـات بشـكل طبيعـي بعدهـا سينشـغل الجميـع بهـم وستكون فرصة مواتية لنا لنتسلل إلى المدينة بأريحية دون أن يشعر بنـا أحـد.
تصل السفينة أخيرا إلى ميناء «كريت»، هناك يجدون الكثير مـن الجنـود فـي اسـتقبالهم، يصنعـون ممـرا شـرفيا للفتيـان والفتيـات ويقودونهـم إلـى القلعـة قـرب مدينـة «كونوسـوس»، هنـاك يجـب تجهيزهـم أولا، عليهـم الاسـتحمام وارتداء أفضـل الملابـس مـع الكثيـر من الحلي والمجوهرات، ... يجب أن يكونوا في أبهى حلة، يجب إرضاء الوحـش، ... لأن «ماينوتـور» ذوقـه رفيـع .
«سـامي» كعادته لا يضيع الوقت أبدا ويبدأ مباشـرة في سـؤال أحد الحضور « هل يمكن أن تدلني على مكان المهندس «ديدالوس » يا سـيدي »
_ذلـك العجـوز ؟ لـم أسـمع باسـمه منـذ وقـت طويـل جـدا، إنـه يسـكن فـي بيـت جميـل وضخـم قـرب القصـر الملكـي، لكنـه اختفـى منـذ وقـت طويـل .
_ماذا ؟! .. اختفى؟! .. أريد مقابلة أحد أفراد عائلته .
_إذن توجـه إلـى المنـزل الكبيـر خلـف تلـك التلـة، هنـاك سـتجد زوجتـه .
_شكرا لك.
يصـل الفتـى إلـى المنـزل المطلـوب بعـد جهـد كبيـر وأنفـاس متقاطعـة، .... هنـاك يجـد امـرأة عجـوزا بجانـب البـاب تحمـل غسـيلا لنشـره، يتقـدم منهـا ويسـألها بلطـف قائـلا « مرحبـا سـيدتي إسـمي «سـامي أميـن» وأنـا أبحـث عـن المهنـدس «ديدالـوس » »
_المهنـدس «ديدالـوس» ! لـم أسـمع هـذه الجملـة منـذ مـدة طويلـة، ومـاذا تريـد منـه ؟
_أريد سؤاله عن أحد الأبنية التي قام ببنائها .
_زوجي مريض ولا يستطيع مساعدتك أيها الفتى.
_ماذا ؟ السيد «ديدالوس» مريض ؟
_ نعـم، إنـه فـي تلـك القبـة هنـاك وقـد عـزل نفسـه عـن الجميـع منـذ ثلاثيـن سـنة.
_حسن شكرا سيدتي ...
هكـذا قـال الفتـى قبـل أن يرتـدي غطـاء رأسـه و يختفـي مـن أمـام المـرأة العجـوز التـي بقيـت تنظـر يمينـا وشـمالا لتتأكـد أيـن اختفى الفتـى؟
يدخـل «سـامي» إلـى البيـت الكبيـر، يصعـد الكثيـر مـن الدرجـات وصـولا للطابـق الأخيـر ويتجـه مباشـرة إلـى القبـة حيـث قـام المهنـدس بسـجن نفسـه، ... يصـل، ... يـدق البـاب فيخاطبـه أحدهـم بصـوت منخفـض « مـن الطـارق ؟ » ليـرد الفتـى « أنـا «سـامي» وأريـد مقابلتـك يـا سـيد «ديدالـوس » »
_لا أريد مقابلة أحد أغرب من هنا .
_أرجـوك يـا سـيد «ديدالـوس» يجـب أن تسـاعدني، هنـاك سـبعة فتيـان وسـبعة فتيـات سـيأكلهم «ماينوتـور» إذا لـم تسـاعدني .
تمـر لحظـات يسـود خلالهـا هـدوء وصمـت يسـتنتج منـه الفتـى أن المهنـدس رفـض لقـاءه ومسـاعدته، ... يقـرر الرحيـل أسـفا لأن خطتـه فشـلت، ... يلتفـت ويهـم بالمغـادرة عندمـا يفتـح البـاب ويجـد الفتـى نفسـه أمـام رجـل أخـذ منـه الزمـن مأخـذه، رجـل عجـوز بلحيـة بيضـاء كثيفـة وظهـر منحنـي يتكـئ علـى عصـا وثيابـه بسـيطة ومرقعـة.
_ماذا تريد مني بالضبط أيها الفتى الغريب ؟
_أريـد أن تخبرنـي عـن سـر المتاهـة، أيـن تبـدأ وأيـن تنتهـي وكيـف السـبيل لتجنـب أفخاخهـا ؟
_من أخبرك بها ؟ ...
_القصة طويلة يطول شرحها ولا وقت لدينا لأن الفتيان على موعـد مـع «ماينوتور».
_حسـنا، ... اسـمعني جيـدا أيهـا الفتـى، تلـك المتاهـة تأخـذك لبوابـة واحـدة تقـودك مباشـرة للعالـم السـفلي حيـث الشـر المطلـق، متاهـة تبـدأ مـن قصـر الملـك «مينـوس» وتنتهـي عنـد البوابـة السـوداء، و مـا وراء تلـك البوابـة لا يعلمـه أحـد.
_لم يكن عليك بناء تلك المتاهة أيها المهندس .
_لقـد خدعتنـي «أفروديـت»، ولـم أعلـم ان هدفهـا الحقيقـي كان إخفـاء الوحـش، ومنـذ ان علمـت أنـه يلتهـم الفتيـان والفتيـات عاقبـت نفسي بسـجنها للأبـد .
_السجن ليس حلا أيها المهندس ؟
_اسـمعني جيـدا أنـا لسـت نـدا لـ«مينـوس» ولا «ماينوتـور»، أنـا مجـرد مهنـدس عجـوز خدعتنـي الملكـة «أفروديـت» عندمـا طلبـت منـي بنـاء متاهـة لحمايـة البوابـة السـفلى حتـى لا يدخلهـا أحـد، وقمـت بالمطلـوب علـى أكمـل وجـه حتـى أنـي دمـرت الخرائـط والمخططـات وتخلصـت منهـا، لكـن سـأخبرك بسـر، ... هنـاك ممـر سـري مـن قصـر «مينـوس» يقـود إلـى قلـب المتاهـة مباشـرة لأن «افروديـت» تـزور ذلـك الوحش من حين لأخر ولا أعلم سر العلاقة بينهما أو لماذا تفعل ذلك .
_وأين يقع ذلك المكان ؟
_فـي حديقـة القصـر يوجـد اثنا عشـرة تمثـالا مـن بينهـا تمثـال ضخـم لـ«بوسـايدن» سـتتعرف إليـه فـور رؤيتـك لـه لأنـه الوحيـد بينهـا الـذي يحمـل رمحـا ثلاثيـا، تحـت ذلـك التمثـال يوجـد المدخـل السّـري، قـم بدفـع التمثـال للـوراء وبقـوة وسـتظهر لـك سـلالم تقـودك مباشـرة لقلب المتاهة، و تذكر أن تنعطف يمينا مرة ويسارا مرتين وكرّر العملية ثلاثة وعشرين مرة، حتى تصل لبوابة العالم السفلي، وللخروج اتبع نفس المسار وستجد نفسك في حديقـة قصـر «مينـوس» وبالمناسـبة اسـتعمل الخيـط السـحري حتـى لا تضيـع داخـل الأنفـاق.
_الخيط السحري ؟
_نعـم إنـه الخيـط الوحيـد الـذي لا يـراه «ماينوتـور»، وهـو موجـود عنـد «أفروديـت» وتسـتعمله كل مـا نزلـت لمقابلـة الوحـش .
_حسنا شكرا لك يا سيد «ديدالوس».
يخرج «سـامي» بسـرعة من البيت الكبير، بعد أن أعاد ارتداء غطـاء رأسـه ويتجـه مباشـرة للقـاء «ثيسـيوس» والـذي كان محتـارا وينظـر علـى جانبيـه قبـل أن يظهـر أمامـه الفتـى فجـأة فيبـادره قائـلا « لمـاذا تأخـرت كل هـذا الوقـت يا فتـى ؟»
_لقـد عرفـت مـكان سـريا للوصـول الـى الوحـش لكـن قبـل ذلـك علينا الحصول على الخيط السحري وهو من ممتلكات «أفروديت »زوجـة الملـك «مينـوس».
_وكيـف السـبيل للحصـول عليـه ؟ فذلـك القصـر يحرسـه المئـات مـن الجنـود الأشـداء.
_كل ما عليك هو إقناع الأميرة «أريادني».
_ يـا فتـى إن كنـت لا تعلـم أو لا تلاحـظ فـإن مقابلـة الأميـرة أصعـب مـن لقـاء أمهـا !
_لاتقلق من هذه المسألة يا «ثيسيوس» وفكر فقط في كيفية إقناعهـا، ... أنظـر لقـد وصلنـا إلـى القصـر الملكـي والجميـع مشـغولون بتجهيـز الفتيـان للوحـش، انتظرنـي هنـا وأنـا سـأجلب لـك الأميـرة الجميلـة .
يضـع الفتـى غطـاء رأسـه ويتسـلل إلـى داخـل القصـر حتـى الوصـول إلـى غرفـة كبيـرة بداخلهـا شـابة فاتنـة تلبـس أرقـى الثيـاب وتضـع الكثيـر مـن المجوهـرات وحولهـا العشرات مـن الخادمـات يتنافسـن في خدمتها وإرضائها، ... « لا بد وأن هذه الجميلة هي الأميرة «أريادني »» هـذا ماقالـه الفتـى فـي نفسـه قبـل أن ينـزع غطـاء رأسـه ويصبـح مرئيـا لهـن ويقـدم نفسـه قائـلا « مرحبـا أيتهـا الأميـرة الجميلـة » ... تتفاجـأ «أريادنـي» لذلـك وتقـف مـن مكانهـا صارخـة « مـن أنـت أيهـا الفتـى الغريـب وكيـف دخلـت الـى هنـا؟ » يتقـدم الفتـى خطوتيـن ويجثـوا علـى قدميـه مقدمـا نفسـه بـكل ثقـة قائـلا « خادمـك المطيـع يـا سـيدتي ، وإسـمي «سـامي أميـن » »
_و ماذا تريد مني يا سيد «سامي أمين» ؟
_أنـا مرسـل إليـك مـن أميـر حقيقـي يطلـب ودك ولقائـك ومسـاعدتك.
_مـاذا ؟!.. أميـر ويطلـب المسـاعدة ؟ ومتـى كان الأمـراء يطلبـون المسـاعدة يـا سـيد «سـامي أميـن» ؟
_يا جميلة كريت إلى متى سترضين بهذه المهزلة ؟
_أي مهزلة ؟ عن ماذا تتحدث ؟
_أتحدث عن تقديم القرابين البشرية للوحش «ماينوتور» ؟
_هـذا قـدر محتـوم، إذا لـم نفعـل ذلـك فسـيهجم الوحـش علـى الجميـع، «ماينوتـور» إذا جـاع لـن يرحـم أحـدا.
_ وماذا لو كان الحل في القضاء عليه للأبد .
_مستحيل ... لا أحد يستطيع الوقوف في وجه الوحش .
_«ثيسيوس» يستطيع ...
_ أين هو أميرك هذا ولماذا لم يأتي بنفسه ؟
_لأنـك أميـرة ويجـب استشـارتك أولا، و «ثيسـيوس» خـارج أبـواب القصـر ينتظـر منـك هـذا الشـرف .
_حسنا أنا قادمة إليه بنفسي لقد شوقتني للقاء هذا الفارس ... هذا ما قالته «أريادني» بعد أن شعرت بالإطراء من كلمات الفتى .
تخـرج الأميـرة رفقـة «سـامي» بعـد أن طلبـت مـن الخادمـات البقـاء داخـل الغرفـة وأن لا يخبـرن أحـدا بمـا تحدثـت بـه مـع الفتـى، ثـم تتقـدم معـه إلـى حيـث يختبـئ الأميـر ... يصـلان وعندمـا يشـاهدهما «ثيسـيوس» يخـرج مـن مخبـأه، فتتوقـف «أريادني» وتتمحص الأمير الشاب بنظرة سريعة فاحصة وشاملة ...شـاب وسـيم و مفتـول العضـلات، ... فتخفـض صوتهـا وتخاطبـه باستحياء بعد أن أعجبت به « إذن فالفتى لم يخطئ في وصفك أيها الأميـر » ... هـذا مـا قالتـه بينمـا انحنـى «ثيسـيوس» قائـلا « خادمـك يـا أميرتـي، أنـا «ثيسـيوس» أميـر «أثينـا» »
_ مـاذا ؟ .. هكـذا قالـت وهـي تتراجـع خطوتيـن إلـى الخلـف، ثـم مواصلـة « أميـر أثينـا ؟ أنـت عـدوي »
_كلا يـا أميرتـي أنـا لسـت عـدوك، ... أنـا هنـا لأجـل فـض هـذه العـداوة بيـن المدينتيـن إلـى الأبـد، ... أنـا وأنـت لـم نخلـق ولـم نكـن موجودين عندما بدأت هذه الحرب والعداوة، لكن نستطيع إيقافها إذا اتفقنـا و اتحدنـا .
_ماذا تريد بالضبط ، ولما علي أن أثق بك .
_فـي الحقيقـة أيتهـا الأميـرة الجميلـة كنـت أريـد الحصـول علـى الخيط السحري الموجود عند أمك «أفروديت» ، لكن بعد أن رأيتك فأنـا أطمـع فـي أكثـر مـن هـذا .
_ماذا ؟! .. ماذا تطلب ؟
_أنـا أطلـب يـدك رسـميا أيتهـا الجميلـة وسـأقدم لـك رأس «ماينوتـور» مهـرا إن قبلـت .
_ماذا ؟ تطلبني زوجة لك .
_ نعم ، و مهرك هو الأغلى والوحيد في التاريخ، مهرك يا جميلة كريـت هـو رأس «ماينوتـور» ... إذا قضينـا علـى الوحـش سـنوقف القرابيـن البشـرية وإذا تزوجنـا سَـنُوحِّدُ مدينتينـا، سـيعيش الجميـع سـعداء لا خـوف ولا حـرب.
تصمـت الأميـرة، تطأطـأ رأسـها وتـرد عليـه بصـوت منخفـض وقد شـعرت بالحياء والفرحة معا « حسـنا أنا موافقة، سـأحضر لك الخيـط السّـحري مـن غرفـة أمـي، ... وأيـن سـنلتقي؟ »
_سـأنتظرك هنـا أيتهـا الأميـرة، لكـن أسـرعي فالوقـت يداهمنـا وموعـد تقديـم القرابيـن البشـرية لماينوتـور بعـد سـاعة واحـدة أو أقـل .
_حسـنا ، انتظرانـي هنـا ، فلـن يهتـم أحـد لأمركمـا لأن الجميـع منشـغل بالاحتفـال وتقديـم القرابيـن .
فـي الجهـة الأخـرى عنـد بوابـة «معبـد ليفـي» يصـل الجنـود بالقرابيـن البشـرية فـي موكـب مهيـب يتقدمهـم الملـك «مينـوس» صاحـب التـاج الذهبـي وبجانبـه الملكـة «أفروديـت» فـي أبهـى حلـة، و يركبـان عربـة مذهبـة بريقهـا يعمـي العيـون تجرهـا أربعـة مـن الخيـول البيضـاء ... يتوقـف الموكـب عنـد مدخـل المعبـد وتتقـدم العرافـة العميـاء «اوراكل» إلـى الفتيـان وتتلمسـهم واحـدا واحـدا لتتأكـد مـن شبابهم وفتوتهم وخلوهم من العيوب، ثم تنتقل إلى الفتيات وتفعل نفـس الشـيء لتتأكـد مـن جمالهـن فالوحـش ذوقـه رفيـع ... بعدهـا تَرُشُّـهُم بسـائل داخـل قـارورة كانـت تحملهـا وهـي تتمتـم وتقـرأ بعـض التعاويـذ الخاصـة ثـم ترفـع رأسـها ويديهـا لِـتُبْرِقَ السـماءُ بعدهـا وترعـَدَ بشـدة، ... تخفـض رأسـها وتلتفـت إلـى الملـك «مينـوس» قائلـة « لقـد وافـق «بوسـايدون» علـى هـذه القرابيـن، بإمكانكـم تقديمهـا الآن»
فـي هـذه اللحظـة فـإن الأميـرة الجميلـة قـد حصلـت علـى كـرة الخيـط السّـحري مـن غرفـة أمهـا وسـلمته لـ«ثيسـيوس» الـذي لـم يضيـع لحظـة واحـدة، حيـث قـام فـورا بربـط طـرف الخيـط السـّحري بإحـدى رِجْلَـيْ التمثـال وانطلـق نـزولا فـي غياهـب المتاهـة.
بجانـب المعبـد فـان الملـك والملكـة قـد أشـرفا شـخصيا علـى عمليـة إنـزال الفتيـان إلـى العالـم السـفلي وسـط طقـوس صارمـة تخللتها احتفالات كبيرة وصاخبة ميزتها أصوات قرع الطبول المدوية التـي غطـت علـى بـكاء الفتيـان، أمـا العرافـة العميـاء «اوراكل» فقـد حصلـت علـى حصتهـا مـن الذهـب، صنـدوق كبيـر يحتـوي علـى مئـة كيـس وكل كيـس يحتـوي علـى مئـة قطعـة مـن الذهـب الخالـص ...
بعد أن خرج الجميع من المعبد واتجهوا إلى المكان المخصص لإدخال الفتيـان إلـى المتاهـة بقيـت العرافـة لوحدهـا داخـل المعبـد، يقتـرب منها «سـامي» فتشـعر بوجـوده، تلتفـت إليـه بوجههـا قائلـة « مـن أنـت أيهـا الغريـب ؟»
... يتبع