(عزيزي القارئ:........
أنت مدعو إلى زيارة قلبي والتجوّل داخل أعماقي، والتلصّص على أفكاري حول بعض القضايا التي شغلتني منذ طفولتي، فنذرتُ لها عمري منذ صِبايا المبكّر، وأظنّ أنّها سوف تظلُّ تسكنني طوالَ مدة إقامتي في هذا العالم، وحتّى صعودي إلى السّماء، لتكون تلك الأسئلة الوجودية آخرَ ما يشغلني على الأرض، وبالتّالي أول ما أبادرُ به الَله حين أطلبُ لقاءه لأطرح عليه حَيرتي.
ولأنكَ تعلمُ عزيزي القارئ أنّ في الأسئلة نفعًا، أكثرُ ممّا بالإجابات، فسوف أطرحُ في هذا الكتاب أفكاري أسئلةً، لا إجابات، حول وحدانية الله واستحالة تعدّده كما تحاول الأديان أن تُقنعنا، وحول الإنسان وقيمته ورسالته فوق الأرض. حول علاقة الإنسان بالله، وحول قيمة المحبّة بين البشر تحت مِظلّة الإنسانية. سوف أطرح سؤال العنصرية التي زرع خيوطَها السّاسةُ وبعضُ رجال الدّين في نفوس الضِّعاف، من أجل تكريس الاقتتال والإرهاب؛ طمعًا في التسيّد والسّلطان والمغانم ولو فوق أشلائنا. سأطرح أفكاري حول مفهوم الهُوية "القبطية"، وفكّ التباسها لدى العامّة.
هذا الكتابُ يُكرّس لقيمة المحبّة بين البشر، لأنني أؤمن أن محبّة الله لا تبدأ ولا تكتمل إلا بمحبّة خلق الله، أؤمن أن الفرح يوجد حيث توجد المحبّة.
لهذا يقول "جبران خليل جبران":
"إذا المحبّة أومتْ إليكم، فاتبعوها/ إذا ضمّتكم بجناحيها، فأطيعوها/ إذا المحبّة خاطبتكم، فصدّقوها/ المحبّة تضمُّكم إلى قلبها كأغمار حِنطة/ المحبّة على بيادرها تدرسُكم لتُظهرَ عُريكم/ المحبّة تطحنكم فتجعلُكم كالثلج أنقياءَ/ المحبّة لا تُعطي إلا ذاتَها/ المحبّة لا تأخذُ إلا من ذاتِها/ لا تملكُ المحبّة شيئًا، ولا تريدُ أنْ أحدٌ يملُكُها/ لأن المحبّةَ مكتفيةٌ بالمحبّةِ، بالمحبّة...").
فاطمة ناعوت
القاهرة- أبو ظبي/ أكتوبر ٢٠١٦