Siline-amir

Share to Social Media

    يتراجع الفتى وهو يرتعد وَيُوَجِـهُ بندقيتـه إلـى الأميـر الوحـش حتـى إن دقـات قلـبه يمكـن سـماعها مـن شـدة الخـوف، وهـذا مـا لاحظـه الوحـش أيضـا، الـذي سـارع بالقـول « لا تخـف يـا «سـامي» ، لـو كنـت أريـد أذيتـك لفعلـت ذلـك بمجـرد أن وصفتنـي بالوحـش القبيـح، والآن أخبرنـي مـاذا تريـد منـي؟ »

_حسنا، ابقى بعيدا، وأخبرني أين أجد الساحرة التي وضعت لعنتها عليك ؟
      _ولماذا تريد العثور على الساحرة أيها الفتى ؟
_أريد من خلالها أن أفك اللعنة عليك لكي تهديني ذلك الرداء السحري.
     _ههههههـه، ولكـن أنـا أخـر شـخص قـد يخبـرك عـن مـكان السـاحرة .
_لماذا أيها الأمير ؟ ألا تريد أن تعود لحالتك الطبيعية ؟
     _لأنك لو قضيت عليها فان اللعنة لن تحل أبدا وسترافقني ما تبقى من حياتي، ولا تنسى أن شرَطَ زوالِها هو أن تشاهدني الساحرة بأني تعلمت أن أُحِب وأُحَبْ، أن أحْتَرِم وأُحْتَرَمْ، هذه هي اللعنة وتلك هي شروط زوالها .
_ولكن أنا لن أقضي على الساحرة .
     _إذا لم تفعل أنت ستقضي هي عليك في أول مواجهة بينكما ،إنها بلا رحمة ولا شفقة، إنها بلا قلب ... لكن ربما سأقبل إذا أحضرت «الجميلة» إلى هنا .
_أليست هنا ؟
     _من ؟
_«الجميلة» ؟ ....
    _كلا يا «سامي» فأنت أول شخص أقابله منذ سنوات .

       صـوت الأفتـار داخـل عقـل الفتـى قائـلا « يـا «سـامي» ، عندمـا أشرقت الشمس في الغابة وَجدَ الحطاب طريقه ولم يظل ولم يصل إلـى هـذا القصـر وقـد تغيـرت فصـول القصـة تمامـا »
_حسـنا يـا أبـي، الأن علينـا الذهـاب الـى المدينـة والبحـث عـن «الجميلـة» ... لكـن قبـل ذلـك لـدي سـؤال أخيـر أيهـا الأميـر، كيـف عرفـت إسـمي ؟
      _ههههـه، و هـل نسـيت أنـي أميـر ؟ مسـتواي هـو الثامـن وقـد سـمعت حديثـك كامـلا مـع الأفتـار منـذ دخلتمـا قصـري.
_حسنا سأحضر لك «الجميلة» وجَهِّز لي ذلك الرداء .
_اتفقنا.

      يخـرج الفتـى مـن القصـر مباشـرة بعـد أن عقـد اتفاقـا مـع الأميـر الوحش أن يحضر له «الجميلة» مقابل حصوله على الرداء السحري، يتجه إلى المدينة بسرعة وهِمّة كبيرين حتى الوصول إلى مشارفها، هناك يشـاهد شـابا يُجَهِّزُ فَرَسًـا لركوبها، يقترب منه ثم يسـأله بلطف قائلا « مرحبـا، هـل يمكـن أن تدلنـي علـى مسـكن «الجميلـة» أيهـا الشـاب ؟ » فيلتفت إليه قائلا « وهل عثرت على والدها أيها الفتى الصغير ؟ ... » يتعجب «سامي» من رد الشاب لكنه لم يتأخر في الإجابة ثم السؤال قائلا « كلا، ولكن من أخبرك أن والدها مفقود؟»
_ ههههـه الجميـع يعلـم بهـذا، لقـد وضعـت «الجميلـة» إعلانـا أن مـن يعثـر لهـا علـى والدهـا العجـوز سـتقبل الـزواج بـه، لأنهـا لا تملـك شـيئا آخـر تدفعـه مقابـل ذلـك، والجميـع يبحـث عـن العجـوز دون جـدوى.
      _وأين يقع مسكنها ؟
_هناك في آخر هذا الطريق ستجد كوخا مهترئا بجانب شجرة المشمش .
     _شكرا لك أيها الشاب وحظا موفقا .

       يتوجـه الفتـى بسـرعة حيـث أشـار لـه الشـاب فيجـد كوخـا متواضعـا، يقتـرب منـه أكثـر فيسـمع بـكاء «الجميلـة»، يطـرق علـى البـاب ويسـتأذن فـي الدخـول فيسـمع صوتهـا قادمـا مـن الداخـل يقـول « تفضل أدخل أيها الضيف » يدخل الفتى فيجد «الجميلة» تمسـح دموعهـا وهـي تحـاول الظهـور بمظهـر القـوة بعـد أن وقفـت مـن مكانهـا قائلـة « مرحبـا، تفضـل ...»
_أيتهـا «الجميلـة» إلـى أيـن اتجـه والـدك فـي آخـر مـرة خـرج فيهـا مـن البيـت ؟
      _لقـد اتجـه إلـى الغابـة الكبيـرة، وقـد أخـذ معـه فأسًا وبعـض السلال من أجل جني محصول العسل، أبي وعدني بإحضاره، لكنه لـم يعـد منـذ يوميـن وأنـا خائفـة عليـه ...
_وأين تتوقعين سيجد العسل في تلك الغابة الموحشة ؟
      _العسـل موجـود فـي الجهـة الغربيـة حيـث تكثـر حقـول الأزهـار، توجـد هنـاك بعـض الأشـجار العملاقـة تحتـوي علـى الكثيـر مـن خلايـا النحـل، لكـن احـذر فالمـكان ملـيء بالدببـة وهـي عدوانيـة جـدًا وقويـة، لا تحـاول اسـتفزازها و لا مواجهتهـا .
_شـكرا أيتهـا «الجميلـة» ، سـأبحث عـن والـدك وأعـدك أنـي لـن أتوقـف حتـى أعثـر عليه .

        يخـرج الفتـى مسـرعا مـن منـزل «الجميلـة» ويسـأل بعـض المزارعين هناك عن الطريق إلى الغابة وإلى حقول الأزهار وعن أقصر السُّـبُلِ إلـى هنـاك، ... بعدهـا ينطلـق بسـرعة ويأخـذ طريقـا إجتنابيـا مختصـرا إلـى الجهـة الغربيـة حيـث حقـول الأزهـار ...

       يَصِل ويشـاهد الأشـجار العملاقـة مـن بعيـد وعنـد الاقتـراب منهـا أكثـر يسـمع صـوت أحدهـم يطلـب النجـدة قائـلا « ... النجـدة ، النجـدة ... أنقذونـي، أنـا أتألـم بشـدة ... » يقتـرب بحـذر فيجـد دبـا ضخمـا بنـي اللـون عالقـا فـي إحـدى الشـباك ويتدلـى مـن الشـجرة العملاقـة .

     صوت الأفتار داخل عقل الفتى مخاطبا ومحذرا « يا «سامي »، هذا الدب قوي و خطير جدا، ولن ترى جانبه الموحش إلا إذا تحرّر، فكن حذرا في تعاملك معه » ... يَرُد «سامي» وقد اقترب جدا من الشجرة « لكـن لا يمكننـا تركـه فـي هـذه الحالـة يـا أبـي، أنـه بحاجـة للمسـاعدة ويجـب أن يحصـل عليهـا » ... ثـم يرفـع رأسـه مخاطبـا الـدب بقولـه « أيهـا الـدب الضخـم، سـأحررك مـن هـذه الشـبكة بعـد أن تعدنـي أنـك لن تـؤذيني أو تـحاول أذيـتي » يَـرُد الدب بصعوبة « موافق، لك كلمتي أيهـا الصيـاد الصغيـر، لكـن أسـرع فأنـا عالـق هنـا منـذ ليلـة البارحـة »

        يقتـرب الفتـى ويضـع بندقيتـه جانبـا ثـم يقـوم بفـك الحبـل بصعوبـة فيسـقط الـدب ويتحـرر مـن الشـبكة، ثـم يقـف بشـموخ وينظر إلى «سامي» وهو مركز نظره على البندقية « لماذا قُمتَ بنصب هـذا الفـخ إذا كنـت سـتحررني منـه فـي النهايـة أيهـا الصيـاد الصغيـر؟ » ... «سـامي» وقـد تراجـع عـدة خطـوات إلـى الـوراء وممسـكا بالبندقيـة بقـوة وموجهـا إياهـا نحـو الـدب فـي موقـف دفاعـي « أنـا لسـت صيـادا، وهـذه البندقيـة أسـتعملها للدفـاع عـن نفسـي » .

_وماذا تفعل هنا في هذا الجزء الخطير من الغابة إذن ؟
        _أبحث عن والد «الجميلة»، رجل عجوز يحمل فأسا وسِلالا يريد جني محصول العسل .
_لا أعتقـد أنـي التقيـت أو سـمعت بشـخص بهـذه الأوصـاف، لكنـي سأسـاعدك فـي العثـور عليـه نحـن إتنـان و يمكننـا أن نغطـي ضعـف المسـاحة كمـا لـو كنـت لوحـدك .

       هـذه الكلمـات هـدأت مـن روع الفتـى وكشـفت لـه معـدن الـدب الحقيقي وأنه طيب القلب رغم حجمه الكبير وملامحه المخيفة، وهومـا شـجعه أكثـر علـى الاقتـراب منـه ومخاطبتـه فـي نفـس الوقـت الـذي قامَ فيهِ بتعليق البندقية على ضهره « شكرا أيها الدب، هذا لطف كبير منكَ » ... يـرد عليـه «لا بـأس عليـك أيهـا الفتـى، أنـت مُخَلّصِـي ويجـب أن أرُدَّ لـك الجميـل، لكنـك لـم تخبرنـي عـن اسـمك؟ »
_إسمي «سامي أمين».
        _امممم، إسم جميل.
_شـكرا، ... و بالمناسـبة، لقـد سـمعت سـابقا أن الدببـة تمتلـك ثانـي أقـوى حاسـة شـم بعـد الـكلاب، فهـل هـذا صحيـح ؟
        _مـاذا ؟ أنـت بالتأكيـد تمـزح ؟ فنحـن الدببـة نملـك حاسـة الشـم الأقـوى علـى الإطـلاق .
_إذا كان الأمـر كمـا تدّعـي فلمـاذا لا تسـتعمل هـذه الحاسـة فـي البحـث عـن كل مـا هـو غريـب حينهـا سـنحدد مـكان الرجـل العجـوز بسـهولة .
      _ههههـه، المشـكلة يـا «سـامي» أن رائحـة العسـل فـي كل مـكان، وهي تفقدني تركيزي و ... فجأة يتوقف الدب عن الكلام ويرفع رأسه منتصبـا ويحـاول أن يستنشـق أكبـر كميـة مـن الهواء .
_ماذا ؟ ... ماذا هناك أيها الدب؟ هل تشم شيئا غريبا ؟
      _نعم، هناك رائحة دماء ؟
_ماذا ؟ دماء ؟!.. يا إلهي ؟ ...
      _إنهـا ضعيفـة جـدا، لكنهـا رائحـة دمـاء أنـا متأكـد وهـي قادمـة مـن هـذا الاتجـاه، اتبعنـي قبـل أن نفقـد أثرهـا .

       ينطلق الدب بسرعة ويلحقه «سامي»، ومن حين لآخر يتوقف الدب ليستنشق ويشم أكبر كمية هواء ممكنة عندما يحس أنه فقد أثرها ليحدد مكانها مجددا، وهكذا حتى وصل إلى حفرة كبيرة وعميقة وبداخلها الرجل العجوز وهو مغمى عليه و في حالة يرثى لها ... يقتـرب الـدب ويشـير إلـى الحفـرة قائـلا « أنظـر أيهـا الفتـى هـذه إحـدى فخاخ الصيادين، وأنا المقصود بها، حفرة عميقة مفروشـة بالرماح تتـم تغطيتهـا بالأغصـان والأوراق ومـن يمـر عليهـا مـن الدببـة يسـقط فيها وتكون نهايته مروعة »

       يصـل سـامي وهـو يلهـث بعـد أن جـرى لمسـافة طويلـة، ينظـر إلـى الحفـرة وإلـى الرجـل العجـوز ثـم يجيبـه دون أن يرفـع رأسـه « حسـنا والآن كيـف سـنخرج هـذا المسـكين مـن هـذه الحفـرة ؟ فحتـى لـو رمينـا لـه حبـلا فهـو ضعيـف جـدا علـى التمسـك بـه ... آه .... لقـد وجدتهـا » ...
_وجدت ماذا ؟
      _أيها الدب هل تذكر تلك الشبكة التي حررتك منها سابقا ؟
_نعم .
      _اذهب وأحضرهـا بسـرعة يمكننـا اسـتعمالها فـي إخـراج الرجـل العجـوز.

      ينطلق الدب بأقصى سرعة ويبقى «سامي» في المكان ينظر إلى الرجـل المسـكين محـاولا التواصـل معـه لكـن دون جـدوى ... فالعجـوز مغمـى عليـه وهـو فاقـد للوعـي تمامـا ... بعـد مـدة قصيـرة يصـل الـدب ومعه الشبكة والحبل، ... ثم يقول « والآن ماذا أيها الفتى ؟ » فيرد عليه « الآن أنزلنـي إلـى داخـل الحفـرة باسـتعمال الشـبكة وعندمـا أصـل سـأضع العجـوز داخلهـا ثـم قـم بسـحبنا معـًا، سـتكون عمليـة إنقـاذ سـهلة ».

      ينزل «سامي» إلى الحفرة، ويضع العجوز برفق داخل الشبكة وبعدهـا يرفـع رأسـه مخاطبـا الـدب « والآن أيهـا الـدب قـم بسـحب الشـبكة لكـن ببـطء وحـذر » ... لحظـات ويتـم إخـراج الرجـل العجـوز ... « أنظر يا «سامي» إنه ضعيف جدا ولديه الكثير من الجروح حتى إن سـاقه مكسـورة » فيجيبـه «سـامي» « نعـم يمكننـي رؤيـة ذلـك، والآن سـاعدني فـي نقلـه إلـى القصـر الكبيـر فـي أعلـى التلـة ... « حسـنا موافـق » ...

        يقـوم الفتـى بلـف الشـبكة علـى ظهـر الـدب ويجلـس عليهـا و يمسـكها بيـد وباليـد الأخـرى يمسـك بـالرجل العجـوز وينطلقـان بأقصـى سـرعة إلـى غاية القصـر الكبيـر فـي أعلـى التلـة، ... ينظـر الـدب إلى القصـر الكبيـر ثـم يسـأل قائـلا « والآن مـاذا سـنفعل ؟ ... » يجيبـه « الآن سَـنُدخِله إلـى القصـر الكبيـر، هيـا بسـرعة فالمسـاعدة موجـودة بالداخـل »

       ينقلانـه معـا إلـى داخـل القصـر ثـم يسـتأذن الـدب فـي المغـادرة بعـد أن سـاعد «سـامي» قائـلا « الآن حـان وقـت مغادرتـي بعـد أن سـاعدتك ورددت لـك الجميـل » فيـرد عليـه « شـكرا لـك أيهـا الـدب وأتمنـى أن نلتقـي فـي فرصـة أخـرى أحسـن مـن هـذه»

       بعـد مغـادرة الـدب مباشـرة ظهـر الوحـش، و قـد سـارع بحمـل الرجل العجوز ونقله إلى سريره الخاص في الطابق الأول وقام بعلاج جروحه و جبر ساقه المكسورة ثم التفت إلى الفتى قائلا « هذا العجوز بحاجـة للكثيـر مـن الراحـة والاهتمـام لكنـه سـينجوا، أنـا متأكـد » يـرد الفتـى بعـد أن ارتـاح لحالـة العجـوز المسـكين قائـلا « حسـنا أيهـا الأميـر الطيـب، الآن وقـد أحضـرت لـك الرجـل العجـوز، أخبرنـي عـن مـكان السـاحرة، أو سـلمني ذلـك الـرداء كمـا اتفقنـا »
_كلا، لقد اتفقنا على إحضار «الجميلة» وليس والدها...
       _ولكن «الجميلة» ستحضر فور علمها بمكان والدها ؟
_وكيف لها أن تعلم أنه هنا إذا لم تخبرها أنت بذلك ؟
  
   _حسـنا، سـأخبرها وسـأحضرها ... لكـن أعتقـد أن مهمـة إقناعهـا بالحضـور سـتكون صعبـة جـدا خصوصـا وأن الليـل قـد أسـدل سـتاره ، وهـذه مشـكلة كبيـرة.

_كلا ... تلـك ليسـت بمشـكلة، سـأتبعك وأنيـر دربـك باسـتعمال الفوانيـس ولـن يكـون الطريـق مظلمـا ولا موحشـا، وخـذ معـك هـذه سـترة والدهـا سـتتعرف عليهـا و سـتحضر فـور رؤيتهـا ...

      _امممم حل ذكي ... هكذا قال «سـامي» وهو يمسـك بسـترة الرجـل العجـوز قبـل أن ينطلـق بسـرعة إلـى المدينـة، والوحـش خلفـه يضـيء الطريـق باسـتعمال الفوانيـس والمشـاعل علـى الجانبيـن، ويفـرِشُ الأزهـار الجميلـة علـى طـول الطريـق.

     بعـد فتـرة يصـل الفتـى، يـدق علـى البـاب، يدخـل ويخبـر «الجميلـة» أنـه عثـر علـى والدهـا وهـو بخيـر إلا أنـه يعانـي مـن بعـض الجـروح وكسـر بسـاقه اليسـرى ولا يسـتطيع الحضـور ويقـدم لهـا سـترة والدهـا كدليـل ... تمـد يدهـا، تمسـك بهـا ثـم تنظـر إليهـا عـن كثـب فتتعـرف عليهـا فـورا وقبـل أن تسـأله يواصـل كلامـه « لكـن قبـل أن أَدُلَّـكِ علـى مكانـه أيتهـا «الجميلـة» هنـاك سـر لابـد أن تعرفيـه »
_أي سر ؟ ماذا ههناك ؟
                                                       ...يتبع

1 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.