قياسُ خاطئٌ في الألفيةِ الثالثة
وماذا عن رحلةِ الجنوبِ
تلكَ التي
لمْ يتوقفْ قطارُها أبدًا ؟
وماذا عن بِضْع رحلاتٍ أُخَر
استهلكَتْها السنواتُ ؟
لم تكن "فيرمينا داثا" إذن
معزوفةً تاسعةً
بل اِسْتُنْسِخَ بيتهوفنُ حداثيٌ
ليعزفَ مزيدًا من العبثِ.
أجلْ..
كان القياسُ خاطِئًا
حيثُ أرَّخَ ماركيزُ للحبِّ
بطريقةٍ أخرى
هى مَحْضُ جنونٍ :
برقياتٌ في كلِّ محطةٍ
سنواتُ تَعَبُّدٍ وانتظارٍ
عدا ثلاثٍ في بناءٍ بوهيميّ
ينتظرُ مَلِيكَةً لن تَجئ
لكنَّهُ يقينُ العاشقِ الأبديِّ
الذي يُسقطُ السنواتِ.
لا..
لم تباغِتْهُ فيرمينا إذن
بنصفِ حُضُورِها الجَهنَّميّ
في توقيتٍ خاطئٍ
سعى للإفلاتِ منه
ليُحيلَةُ إلى
رِفقةِ مقهى ،
ثُلَةِ بَرْقياتٍ إلكترونيةٍ ،
وبِضْعةِ أوراقْ .
بل كان ناسكًا
في قَدَاسَةِ الانتظارِ الحدسيّ.
والآنَ..
ماذا عن واقعٍ يتنفّسُ بكلِّ مفرداتهِ
منذُ عَشْرٍ
وبعض بشرٍ اِسْتُحدِثوا
بمعرفةِ " فلورينتينو أريثا " الجديد
خائنِ " ماركيز " ؟
نعم صديقي
علينا فقط
أن نُلبسَ الأمورَ أحجامَها
والشخوصَ مذاقَهم
ونناظرَ الصورةَ من جديد ،
أن نعيَ
أن النهايةَ الأسطوريةَ
- التي سوف أقرأُها بعدَ قليل -
ليسَ من مكانٍ لها
سوى في خيالِ روائيٍ ثَمِلٍ
من القرنِ التاسعِ عَشْر
أو بينَ ضفَّتيّ
"الحبُّ.. في زمنِ الكوليرا".
في الطريقِ إلى هناك
ما جدوى أن أنظرَ داخلي
كلَّ مساءٍ
لأتأكدَ أني لم أكذبِ اليومَ ؟
مع أني أعلمُ
أن النافذةَ تلك
أكثرُ صدقًا بالتأكيد.
هذه السماءُ
التي تجتهدُ أن تخفيَ وجهَ الله ،
ربما يمَسُّها السأمُ مرةً .
ولذلك
سوف تؤكدُ سيَّارتي
أن النيلَ مرَّ تحتَها الليلةَ
بعد أن صافحتِ الأهرامَ عِند الطابقِ الثالث
وتجاهلتْ مَنْزَلَ الشهيدِ
ثمَّ أومأتْ للمسجدِ الجميلِ
في وجلٍ .
بعد قليلٍ
حيث نهايةِ الكوبري
ستلوِّحُ للمارّة
مؤكدةً أنها في مَهَمَّةٍ جليلة
فيما تنسقُ ارتباكَها
في صفيرٍ بلا معنى .
وهناك
ستنامُ ساعتينِ بالخارج
- قريرةَ العين –
حيثُ تحلُم
أن ترى وجهَ الله يومًا
عندما يمسُّ السماءَ
شيءٌ من السأم.
مِنَ الجائزِ جدًّا
أن نحزنَ بلا إغراقٍ
فقط..
لنجرّبَ ما نقرأهُ
في قِصَصِ الحُبِّ القديمةْ.
نبكي
- قليلاً -
على ذاكرةٍ مذبوحةٍ
ثُمَّ
نستغرقُ في نومٍ هادئٍ
لسبعِ ساعاتٍ على الأقل
بعد أن نتأكدَ
أن رنينَ الهاتفِ
لن يزعِجَنا طُوالَ الليلْ.
من الجائزِ جدًا
أن نمضغَ دهشتَنا
حينَ نفتّشُ في صندوقٍ
نودعُهُ
- منذُ شهورٍ -
أحلامَنا،
فتفاجئُنا ثلةُ أصفار.
من الجائزِ جدًّا
أن تَسْقُطَ من فوقِ الرفِّ
أيقونةٌ
تتحطَّمْ
تصعَقُنا الصدمةُ
نجثو نلملمُ أشلاءَها
ثمّ…
يباغتُنا الضَحِكُ.
من الجائزِ جدًا
أن يغزونا لحنٌ
يأتينا من أقصى الأرضِ
عبرَ الآفاقِ والسنواتِ الضوئية
فقط..
ليقشّرَ أحزانَنا.