"الكلامُ على الكلامِ صعبٌ"، قال أبو حيّان التوحيدي. لكن ماذا عن: "الكتابةُ على الكتابة"؟ بظني أنها مغامرةٌ. لكنها أمرٌ حتميّ من أجل ارتقاء العملية الإبداعية. وإذا كانت الكتابةُ على الكتابة، أو عن الكتابةِ، عملَ النقد والنقّاد بالأساس، وربما بالحصر، إلا أنني أظنُّ أن المبدعَ يجوز له أن يقاربَ عالمَ النقد بين الحين والآخر. صحيحٌ أن مقاربتَه لن تنحو نحوًا أكاديميًّا إسكولائيًّا علميًّا، وتظلُّ عملاً انطباعيًّا، لكن أهميتها، برأيي، تتأتي من كونها رؤيةً منطلقةً من عين مبدعٍ يتأمل حقلَ مبدعٍ آخر. والمبدعُ في الأساس هو قارئٌ. قارئٌ فوق العادة. لأنه متورطٌ في مطبخ الصَّنعة الإبداعية ومُلمٌّ ببعض أسرارِها. ومن ثم فالمقال النقدي الذي كتبه مبدعٌ عن مبدعٍ آخر، لن يعدم، في الأخير، أن يكون قطعةً أدبيةً حاولت "التلصّص" على فضاء أدبيّ ما، من أجل الخروج بالتقاطةٍ جمالية رصدتها عينُ قارئ متورّط.
"المُغنّي والحكّاء" هو تجربتي النقدية حول بعض الأعمال الشعرية والسردية المصرية والعربية والعالمية. فأما "المُغنّي" فهو الشاعر. وتحت هذه الخيمة قاربتُ بعضَ دواوينَ أحببتُها. وأما "الحكّاءُ" فهو القاصُّ أو الروائي أو المسرحيّ، وعنده وقفتُ على بعض أعمال قصصية أو روائية أو مسرحية. هذه المقالات نُشرت في صحف ومجلات مثل: "الحياة" اللندنية، و"القدس العربي"، و"المستقبل"، و"النهار"، و"السفير" اللبناني، والوطن السعودي، و"العربي" الكويتية"، و"أدب ونقد" و"أخبار الأدب" المصريتين، و"نزوى" العمانية، و"البحرين"، و"الوقت" البحرينيين، وغيرها من الدوريات العربية.
أقدّمُها للقارئ لنختبر سويًّا كيف يقرأُ المبدعون المبدعين. إلى أي مدى ينجح الشاعرُ في قراءة أعمالٍ شعرية وسردية لم يكتبها. أو لنختبر إلى أي مدى الكتابةُ على الكتابةِ ممكنةٌ. وفي الأخير أرجو ألا أخيبَ ظنَّ قارئي فيما حاولتُ تقديمَه من رؤى.
فاطمة ناعوت
القاهرة
يوليو 2009