_ بواسطة «حجر التنين».
_«حجر التنين» ؟
_نعـم، ... هنـاك أسـطورة قديمـة تتحـدث عـن حجـر بحجـم قبضـة اليـد موجـود داخـل حنجـرة التنيـن يسـتعمله فـي خلـق ونسـف نيرانـه، وهـو لمّـاع وبـرّاق إلـى درجـة تعمـي العيـون، ... لكـن مواجهـة ذلـك التنيـن هـو انتحـار حقيقـي يـا سـيد «سـامي».
_بل سأواجهه يا دكتور، أخبرني فقط أين وكيف ؟
_التنين يسكن الجبل الأخير عند أرض الأقزام، و للوصول إلى هناك عليك عبور غابة الأقزام وعليك إرضائهم أولا .
_لماذا ؟
_لأن تسـلق ذلـك الجبـل العظيـم مسـتحيل وحتـى لـو نجحـت فـي ذلـك فالحمـم البركانيـة سـتحرقك قبـل أن تدخـل إلـى تلـك الفوهة ،عليـك أن تطلـب مسـاعدة الأقـزام فهـم يعيشـون هنـاك ويعرفـون كل الممرات السـرية التي تقود مباشـرة إلى قلب الجبل حيث ينام التنين .
_حسنا فهمت، سأحضر لك حجر التنين، تأكد من هذا .
_إذن أسـرع ولا تضيـع الوقـت فلـم يبـق أمامنـا إلا يومـان فقـط قبـل اكتمـال البـدر القـادم .
يخـرج الفتـى مسـرعا بعـد أن وَدَّعَ الدكتـور والممرضـة، ويتوجـه مباشـرة إلـى البئـر حيـث يجـد «السـندباد» هنـاك فـي انتظـاره ... .
_هل حققت المطلوب يا «سامي» ؟
_خذنـي بسـرعة إلـى الغابـة المظلمـة حيـث يقطـن الأقـزام و سـأخبرك فـي الطريـق .
_ مـاذا ؟ هـل سـمعتك تقـول الغابـة المظلمـة ؟؟ هـذه ليسـت مهمتنـا يـا «سـامي» وأيضـا هنـاك وحـش يسـكن تلـك الجبـال لا سـبيل لأحـد بمواجهتـه .
ة_ بـل سـأواجهه يـا صديقـي، خذنـي فقـط إلـى غابـة الأقـزام وأنـا سـأتكفل بالباقـي .
_حسـنا أنـت طلبـت ذلـك ... هكـذا قـال «السـندباد» قبـل أن يبـدأ البسـاط السـحري فـي الارتفـاع.
المهمة السادسة: الحصول على حجر التنين الأخير
يرتفـع البسـاط السـحري وينطلـقون فـي اتجـاه غابـة الأقـزام، عندمـا يسـمع الفتـى صـوت الأفتـار داخـل عقلـه « لقـد تسـرعت كثيـرا فـي اتخـاذك لهـذا القـرار يـا «سـامي»، و مغامرتـك هـذه متهـورة وغيـر محمـودة العواقـب » .
_لماذا يا أبي ؟
_لأنك ستواجه خصما لا نعرف مقدار قوته .
_إذا كنـتُ سـأواجه الغـول فـي النهايـة يـا أبـي فمـا المانـع مـن مواجهـة أنـداده الأن ؟
_حسنا لقد قلتها يا «سامي» ... أنداده ؟ وأنت لست نَـدّا لهم .
_بعـد أن اكتشـفتُ حقيقـة الغـول فـي عالـم الحقيقـة وأنـي عشـت الوهـم طيلـة حياتـي لـن يثنينـي أي وحـش مهمـا كانـت قوتـه .
_اكتشـافك لحقيقـة الغـول أمـر ومواجهـة تنيـن أفنـى عشـرات الجيـوش أمـر أخـر .
_ لنقابل الأقزام أولا وبعدها سنقرر ... لكني في النهاية لن أفر لا من المعركة ولا من المواجهة .
_ لقد وصلنا يا «سامي» وآخر مرة كانت منازلهم هنا ...
_حسـنا شـكرا لك أيها «السـندباد» وانتظرني هنا تحت شـجرة السَّـرْوِ هذه .
_كلا، ... فالمـكان خطيـر جـدا وهنـاك بعـض الكيانـات الشـريرة تجـوب هـذه الغابـات، لا تنسـى أننـا علـى الحـدود مـع عالـم الظـلام، وأيضـا فأنـا لا أثـق بالأقـزام، سـأطوف حـول هـذه الغابـة حتـى تنتهـي مـن مهمتـك، ... هكـذا قـال «السـندباد» قبـل أن يرتفـع بعيـدا.
الفتى يتجول بحذر وهو ممسك ببندقيته بشكل دفاعي ومستعد لأي احتمال و ينادي على الأقزام بصوت مرتفع، ... ثم فجأة و دون سابق إنـذار يتلقـى ضربـة شـديدة علـى رأسـه تُفْقِـدُهُ الوعـي، ... يسـتيقظ لاحقا ليجد نفسه وسط ساحة كبيرة و مقيد على وتد حجري كبير ،... يسـمع همسـا وكلام غيـر مفهـوم، ... الفتـى لايـزال تحـت الصدمـة ثـم تبـدأ الرؤيـة فـي الوضـوح شـيئا فشـيئا، فيشـاهد الكثيـر جـدا مـن الأقـزام، وبعضهـم يحمـل بندقيتـه وسـيفه وردائـه السـحري، ..
_أنا أقترح أن نرميه في البئر الجافة ونردمه بالتراب .
_كلا أيهـا الأحمـق فهـذا تبذيـر وإهـدار للمـوارد، لـذا أقتـرح أن نقـوم بطبخـه وكمـا تعلمـون جميعـا فلحـوم الغـزلان والأرانـب نـادرة هـذه الأيـام وصراحـة لقـد اشـتقت إلـى أكل اللحـم .
_من ستطبخون أيها الأقزام ؟
_آه ، لقد استيقظت أخيرا أيها المتسلل .
_لماذا أنا مقيد؟ ، ومن ضربني على رأسي ؟
_ أيهـا الأحمـق أنـت مُـدان بِتُهمتيـن سـتقودك كلتاهمـا إلـى القِـدْرِ الكبيـرة .
_اي تهمتين، أنا لم أفعل شيئا .
_أولا لقد دخلت أرضنا دون إذن، والثانية هي إحداثك للكثير من الفوضى والجلبة والتي من شأنها إيقاظ التنين .
_حسـنا بمناسـبة الحديـث عـن التنيـن أرجـوا أن تخبرونـي بمكانـه وعـن أقصـر وأؤمـن الطـرق للوصـول إليـه .
_ ولمـاذا علينـا فعـل ذلـك أيهـا المتسـلل الصغيـر؟ أنـت مقيـد ونحـن فـي موقـع قـوة .
_بـل أنـا الـذي فـي موقـع قـوة، ...هكـذا قـال الفتـى بينمـا انفجـر جميع الأقزام ضاحكين ... « إنه يمزح » ... « هذا المتسلل ظريف .... »
_اسـمع أيهـا الفتـى الظريـف أنـت مقيـد بحبـال الأقـزام ، هـذه الحبـال هـي الأقـوى ومصنوعـة مـن جلـد التنيـن القديـم .
_حسـنا أعتقد أنكم لم تسـتوعبوا أو تفهموا من أنا والطريقة السهلة واللطيفة لم تعجبكم.
_وماذا أنت فاعل أيها الفتى المتسلل .
_راقبونـي إذن، ... يغمـض الفتـى عينيـه ويتخيـل أن الحبـال هـي مجـرد معكرونـة فتتحـول إلـى معكرونـة وسـط دهشـة الأقـزام، ... يفتـح عينيـه وينفـض عنه حبـال المعكرونـة وينظـر إلـى سـيفه والـذي يطير من يد أحد الأقزام وينتقل إلى يده هو ثم يقوم بربطه مع غمده وسـط خصـره ... بعدهـا ينظـر إلـى الـرداء فيطيـر هـو الأخـر لوحـده مـن يـد أحدهـم ويأخـذ مكانـه علـى ظهـره، ... وأخيـرا البندقيـة، يمسـكها ويوجههـا إلـى الأقـزام قائـلا « ... حسـنا والآن مـن منـا فـي موقـع قـوة ؟»
ينظر الأقزام إلى بعضهم البعض ثم يهجمون بالمئات ويلتفون حـول «سـامي» وكل منهـم يشـهر سـلاحه، سـيوف، ... رمـاح، ... أقـواس وسهام، ... وحتى الفؤوس والمعاول.
فـي هـذه اللحظـة يتدخـل أحـد الأقـزام بلحيـة كثيفـة بيضـاء وقبعـة مهترئـة و مسـتدقة الشـكل تبـدوا عليـه علامـات الحكمـة والوقار قائـلا « توقفـوا، .... إهـدؤوا، ... » فيمتثـل الجميـع لأمـره ثـم يتقـدم إلـى «سـامي» قائـلا « مـن أنـت حقـا أيهـا الفتـى ومـاذا تريـد؟ »
_أنا «سامي أمين» وأريد القضاء على التنين .
_ لا أحد يستطيع القضاء على التنين يا سيد «سامي أمين».
_أخبروني عن كيفية التسلل إليه .
_ولما علينا ذلك يا «سامي» ؟ لما علينا مساعدتك ؟
_ اسـمعني جيـدا أيهـا القـزم، مواجهتـي لذلـك الوحـش قـرار لا رجعة فيه أما خياركم أنتم فهو إلى أي الجانبين ستقفون ؟ ... تقفون معـي فنقضي عليـه سـويا، بعدهـا آخـذ أنـا الحجـر وتأخـذون أنتـم كل الكنوز التي يحرسها، ... أما إذا قررتم الحياد فأنتم ميتون من بعدي لأن الوحـش النائـم منـذ ألـف سـنة لـن يكتفـي بـي كوجبـة دسـمة، و سـيأكل مـن بعـدي الأخضـر واليابـس، ... وحتـى لـو اسـتطعتم الاختبـاء فـي جحوركـم فـإن حياتكـم سـتصبح جحيمـا حقيقيـا والتنيـن سـيكون وبـالا عليكـم، لـذا قَـرِّرُوا، ....أنتـم الآن أمـام حليـن لا ثالـث لهمـا، إمـا مسـاعدتي والقضـاء عليـه للأبـد والحصـول علـى كل كنـوزه مـع حيـاة هنيئـة وآمنـة، أو ...
_دون أو أيها الفتى وأخبرني عن خطتك للقضاء عليه .
_ليسـت لـدي خطـة معينـة، لكـن لـدي الـرداء السّـحري أنـا مخفـي عنـه تمامـا ولـدي سـيف «ثيسـيوس» أقـوى سـيف فـي التاريـخ أسـتطيع قطـع عنقـه بضربـة واحـدة .
_علينا أن نتشاور يا «سامي»، هذا ليس قراري وحدي .
يتقـدم القـزم إلـى بنـي قومـه، يتجمعـون جماعـات جماعـات ويتهامسون فيما بينهم بكلام غير مفهوم، ... لحظات ويخرج من بينهم ذلـك القـزم قائـلا « حسـنا سـنواجه التنيـن لكـن بشـروطنا نحـن » ...
_موافق ولكن ماهي شروطكم ؟
_هـل تعتقـد أننـا سنرسـلك لقتـال الوحـش دون خطـة بديلـة فـي حـال تمكـن منـك التنيـن ؟
_قرار ذكي وحكيم أيها القزم .
_ اسـمعني جيـدا يـا «سـامي» فـي آخـر مـرة اسـتيقظ فيهـا التنيـن التهـم ألفـا مـن أجدادنـا ولـم يهـدأ حتـى شـبع .
_ وهـذا سـبب آخـر لكـي تسـاعدوني بقـوة، لكـن مـا هـي خطتكـم البديلة .
_ أولا علينـا نقـل الأطفـال والنسـاء والعجائـز إلـى مـكان آمـن وبعدهـا سنسـتعد للمعركـة والبدايـة سـتكون بوضـع شـبكة عملاقـة علـى فوهـة البـركان لكـي لا يتمكـن مـن الخـروج إذا سـاءت الأمـور.
_ماذا ؟ ، شبكة !!... بالتأكيد أنتم تمزحون.
_كلا نحن لا نمزح، ... لقد حكى لي جدُّ جدِّ جدِّ جدِّي وهو من الناجين القلائل من مجزرة التنين الأخيرة أنهم حين استيقظ التنين آخر مرة، امسـكوا بالقزم المسـؤول عن إيقاظه بعد أن تسـلل وسـرق جلـد التنيـن الميـت ليصنـع منـه رداءً وربطـوه على هـذا الوتـد الكبيـر، وأثنـاء محاكمتـه هجـم التنيـن بعدمـا خـرج مـن الفوهـة الكبيـرة وألتهـم ألفا من أجدادي كانوا حاضرين وبعدها بدأ ينفث نيرانه على البقية، فأختبـأ جـدّي الأكبـر داخـل تجويـف صخـري وتابـع مـا حـدث وشـاهد التنيـن وهـو يحـاول حـرق القـزم المربـوط إلـى الوتـد لكنـه لـم يسـتطع، فـذاك الـرداء الـذي صنعـه مـن جلـده الميـت عزلـه تمامـا عـن النـار، حتـى إنـه حـاول مضغـه لكـن الجلـد أنقـذ حياتـه مـرة أخـرى فالجلـد الميت قاس حتى على التنين نفسه، ... ولسخرية القدر فإن القزم الذي تسبب في إيقاظ التنين بقي حيا والباقي أصبحوا وجبة دسمة داخل معدتـه الكريهـة، وبعـد مغـادرة الوحـش وعودتـه إلـى داخـل الجبـل لينـام قـام مـا تبقـى مـن أجـدادي بإعـادة بنـاء المدينـة وغـرس الأشـجار في الغابة، وكانوا كل ثلاثين سنة يتسللون إلى داخل الجبل للحصول على الجلد الميت لذلك التنين، وقد جمعنا كل جلوده التي غيرها حتى الآن وصنعنا منها مئات الرداءات فنحن نستعد لمواجهته من يومها، صحيـح أن خسـارتنا يومئذٍ كانـت فادحـة لكننـا عرفنـا نقطـة ضعـف الوحـش علـى الأقـل .
_حسـنا قصـة مؤثـرة وحزينـة، ... وأنـا لـدي نظريـة إن نجحـت سـنقضي عليـه بسـهولة تامـة ودون أي خسـائر .
_وما هي نظريتك يا «سامي»؟
_التنيـن رغـم حجمـه وقوتـه إلا أنـه مجـرد زاحـف ! ، وحسـب درس العلـوم وتأكيـدات المعلمـة الآنسـة «سـعاد» فالزواحـف كلهـا مـن ذوات الـدم البـارد، ... وهـو لـم يختـر عبثـا جبـل البـركان هـذا مقـرا لـه، فتلـك الحمـم البركانيـة تعمـل علـى تسـخين دمائـه، إذا اسـتطعنا تجميدها فسـيبرد التنين وتتجمد الدماء في عروقه و سـيفقد القدرة علـى الطيـران، وسـيكون هدفـا سـهلا لسـيفي، لكـن هـذه الخطـة لهـا عيـب واحـد .
_وما هو هذا العيب ؟
_إذا لم نسـتطع القضاء عليه من أول محاولة فسـيبدأ بنفث نيرانـه علـى جـدران الكهـف وهـو مـا سـيعمل علـى تسـخينها وبالتالـي عـودة الـدفء إليـه .
_هناك حل لهذا الإشكال يا «سامي»
_وما هو ؟
_لا تنسـى أننـا نملـك جلـود التنيـن القديمـة كلهـا، ... نسـتطيع التسلل وتغليف الجدران الداخلية للكهف وحتى الأرضية والسقف وحينهـا فقـط سـيكون الوحـش معـزولا تمامـا .
_فكـرة ذكيـة، ... إذن قومـوا بمـا عليكـم أيهـا الأقـزام وأنـا سـأتوجه لتجميـد الحمـم البركانيـة، أخبرونـي فقـط كيـف سـأصل إلـى هنـاك ...
_ لا أعتقد أنه بإمكانك ذلك يا «سامي» لأن العفاريت والمردة فـي الأرض السـفلى يحرقـون الفحـم والأشـجار بكميـات مهولـة ودون توقف .
_اطمئـن أيهـا القـزم، فحتـى لـو عجـزت عـن ذلـك سـأنزل لـلأرض السـفلى لمقابلـة العفاريـت، أملـك بعـض الأصدقـاء هنـاك يمكنهـم مسـاعدتي .
_إذا لنبدأ فورا .
يتوجه الأقزام كلهم إلى بركة الطين الكبيرة، ويقفزون داخلها حتـى تمتـلأ بهـم و يبـدؤون فـي الاسـتحمام بالطيـن، و الفتـى يشـاهد ويتسـاءل بغرابـة « مـا الـذي يفعلـه بنـي قومـك أيهـا القـزم ؟»
_ألا تـرى بأنهـم يسـتحمون بالوحـل والطيـن، يجـب إخفـاء رائحتهـم لأنهـم سـيكونون علـى بعـد أمتـار قليلـة عـن فـم تنيـن لـم يـأكل شـيئا منـذ ألـف سـنة، ولا تنسـى أن الأقـزام هـم طعـام التنيـن المفضـل ورائحتهـم تسـتهويه وتثيـر شـهيته .
_ لقد فهمت .
_الآن اتبعني يا «سامي».
يتقـدم القـزم إلـى الجبـل ويأخـذ الفتـى معـه عبـر أحـد الممـرات الضيقـة والسـرية، يحمـل القـزم مشـعلا و «سـامي» يسـتعمل سـيفه المضيء، يعبـران عبـر الكثيـر مـن الممـرات الضيقـة والإجتنابيـة لتجنب الافاعـي والعقـارب ويصـلان بصعوبـة إلـى قلـب الجبـل حيـث الجحيـم الحقيقـي والحمـم البركانيـة تخـرج مـن جـوف الأرض بغـزارة ... القزم مخاطبا «سامي» وهو يشير بيده إلى نهاية جرف صخري « أنظر لقد وصلنا أخيرا يا سيد «سامي » »
يتقـدم الفتـى ويقـف علـى جـرف صخـري يطـل مباشـرة علـى الحمم البركانية وهي تغلي وتفور، ثم يبتعد بسرعة من شدة حرارتها بعـد أن حـاول تغطيـة وجهـه بذراعـه،...
_ماذا تفعل أيها الفتى ؟
_ أنـا لـم أشـاهد حممـا بركانيـة سـابقا وهـذا منظـر لا تشـاهده كل يـوم .
ينظـر الفتـى إلـى الحمـم البركانيـة مـن بعيـد ثـم يغمـض عينيـه ويركـز تفكيـره عليهـا فتبـدأ تدريجيـا بالتجمـد والتحـول إلـى صخـور، ... مجرد صخور سـوداء وباردة لا حياة فيها، ... والآن أيها القزم لنتوجه إلـى حيـث التنيـن .
_كلا فالأقزام لم ينهوا مهمتهم بعد .
_وهذا هو المطلوب، يجب مساعدتهم .
_كلا، ... فرائحتـك غريبـة جـدا سـتجذب انتبـاه التنيـن والآن هيـا اتبعنـي لنخـرج مـن هنـا ولنعـد إلـى بحيـرة الطيـن الكبيـرة لنسـتحم .
يمتثـل الفتـى مرغمـا ويتبـع القـزم عبـر نفـس الممـرات المتشـعبة والضيقـة، ... يخرجـان ويتجهـان إلـى السـاحة العامـة حيـث الوتـد الكبيـر فيجـدون المئـات مـن الأقـزام فـي انتظارهـم .
يتقـدم أحـد الأقـزام إلـى حكيمهـم قائـلا « لقـد أنجزنـا المهمتيـن بنجـاح، غلفنـا الكهـف مـن الداخـل ونصبنـا فـخ الشـبكة والحجـارة الكبيـرة عنـد الفوهـة»
يبتسـم كبيـر الأقـزام ثـم يلتفـت إلـى «سـامي» قائـلا « والآن لقـد حـان دورنـا أيهـا الفتـى، ... إلـى بركـة الطيـن »
يرد «سامي» بامتعاض شديد « نعم يا سيدي، أنا مستعد »...
الـراوي ( ...هـذا مـا قالـه الفتـى وهـو يدخـل البركـة الكبيـرة إستعدادا للاستحمام بالطين رفقة كبير الأقزام، والحقيقة أن هذه الفكـرة لـم تقنعـه مـن الأسـاس لاعتقـاده أنهـا فكـرة مبتذلـة، فكيـف لإنسـان سـوي أن يسـتحم بالطيـن لإخفـاء رائحتـه؟ يكفـي القليـل مـن المـاء النظيـف وقطعـة مـن الصابـون للحصـول علـى جسـم أنقـى و نتيجة أفضل ! ... لكن في تلك اللحظة فإن الوقت لا يكفي لإقناعهم بهـذا الأمـر ولا يكفـي للبحـث عـن بركـة نظيفـة ولا يكفـي لشـرح لهـم مـا معنـى الصابـون أصـلا ! ... وفـي النهايـة هـذه هـي خطـة الأقـزام، وتلـك شـروطها ويجـب الامتثـال لهـا )...
يقـف «سـامي» علـى حافـة البركـة ويبـدأ فـي نـزع ردائـه، فيلتفـت إليـه كبيـر الأقـزام قائـلا « يـا «سـامي» يجـب أن تسـتحم أنـت وثيابـك وكل مـا تحملـه معـك، ... يجـب إخفـاء كل رائحـة غريبـة مـن شـأنها التسـبب فـي إيقـاظ الوحـش أو إثـارة انتباهـه، ... لـن نرتكـب أي خطـأ بعـد أن وصلنـا لهـذه المرحلـة المتقدمـة »
_حسنا أيها القزم، لك ذلك ...
بعـد الاسـتحمام جيـدا بالطيـن والوحـل، يخـرج الفتـى قائـلا وموجهـا كلامـه للقـزم « والآن أرسـل معـي مـن يدلنـي علـى الطريـق »
_سـأرافقك بنفسـي يـا «سـامي»، اتبعنـي مـن هنـا، ... هكـذا قـال كبيـر الأقـزام قبـل أن يلتفـت ويبـدأ فعـلا فـي السـير دون أن يمنـح للفتـى فرصـة للـرد أو التعقيـب، يتبعـه الفتـى و يلتفـان حـول الجبـل الكبيـر ويدخلان عبر ممر سري يقود مباشرة إلى حيث ينام التنين، ... يحمل الفتـى سـيفه المتوهـج ويحمـل القـزم مشـعلا بسـيطا وبعـد الكثيـر مـن الصمـت والتسـلل بحـذر يصـلان أخيـرا .
_استعد يا «سامي» فقد اقتربنا جدا .
«سـامي» موجهـا كلامـه للقـزم « يـا سـيد قومـك هـلا تكرمـت وعـدت أدراجـك الآن »
ينظـر القـزم باسـتغراب شـديد للفتـى قبـل أن يجيبـه قائـلا « كلا، فلابـد مـن وجـود شـاهد علـى هـذه المواجهـة، نحـن ننتظـر هـذه اللحظـة منـذ ألـف سـنة والأجيـال القادمـة مـن الأقـزام مـن حقهـا أن تعـرف مـن قتـل التنيـن وكيـف »
_ولكن المعركة ستكون ...
_لا يهـم كيـف سـتكون المعركـة يـا «سـامي»، ركـز علـى المواجهـة فقـط وتذكـر أنـك لـو فشـلت فـي القضـاء عليـه فـإن فِـرَق الجوالـة و المشـاة فـي الخـارج قـد أعـدت كمينـا محكمـا للوحـش لـن يفلـت منـه .
_حسـنا .... هـذا كل مـا قالـه «سـامي»، ليـس اقتناعـا بمـا قالـه القزم، ولكن لاعتقاده أنه نقاش عقيم وبلا فائدة قد يوقظ الوحش النائـم، خصوصـا بعـد أن تأكـد يقينـا أن كبيـر الأقـزام مُصِـر لحضـور ومشاهدة المعركة عن قرب، ... وها هو الأن يتقدم بحذر شديد خلف القـزم، يدخـلان الممـر السـرّي ويصـلان لاحقـا إلـى فجـوة هائلـة حيـث ينام الوحش، فيجدان مفاجأة كبيرة في انتظارهما، ... لقد استيقظ التنيـن ! ، فيختبـئ الفتـى بسـرعة خلـف إحـدى الحجـارة الكبيـرة بعـد أن ارتـدى غطـاء رأسـه بخفـة كبيـرة، أمـا القـزم فقـد بقـي مختبئـا فـي نهاية الممر السري ولم يدخل للفجوة وبقي يراقب بصمت ومن بعيد .
.... يتبع