Zajelpublishing

Share to Social Media

فضلُ القرآن على العربية
لم تبلغ الصورة المكتوبة من العربية هذه المكانة التي بلغتها الصورة المنطوقة؛ لأن العرب في جاهليتهم لم يكونوا أهل علمٍ أو حضارةٍ، فلم يكونوا يحتاجون للكتابة إلَّا في أغراضٍ محدودةٍ أهمها العقودُ التجارية. وهذا الخطُّ العربي يعود في أصوله - على أرجحِ النَّظَرِيَّات - إلى الخطِّ النَّبَطِيِّ، الذي كان يكتب به أقوامٌ من ذوي الأصول العربية سَكَنُوا شَرْقِيِّ البحرِ المتوسط قبل الميلاد، وتأثَّروا بالخطِّ الآرامِيّ، وأدخلوا عليه بعض التعديلات حتى صار لهم خَطٌّ مُمَيَّزٌ خاصٌّ بهم، أخذه عنهم القِلةُ القليلةُ التي كانت تعرف الكتابة من العرب.
فلما جاء الإسلام خطا باللغة المكتوبة خُطُواتٍ واسعةً، وانتشرت الكتابةُ انتشارًا كبيرًا بين العرب الذين دخلوا الإسلام. وأدخل علماءُ العربية تعديلاتٍ مُهِمَّةً على الخطِّ المكتوبِ، كُتب به عَبْرَ تلك القرونِ المتطاولة تُرَاثٌ نفخر به كعرب، تراثٌ هائل لا يُجارِيه أيُّ تراثٍ كُتب بلغة أخرى، فقد حَفِظَ الحضاراتِ البشريةَ السابقة، وأضاف إليها من عُصارةِ فِكْرِه وعقلِه مبادئَ وقِيمًا علمية وإنسانيةً، هَدَتِ البشريةَ وظلتْ نِبْراسًا لها قُرونًا مُتطاولة.
وما بدأ عصرُ النهضة الأوروبية الحديثة إلّا بترجمة العلوم العربية المختلفة، والتزام النهج العلمي التجريبي الذي وضع العرب أسسه وقواعده. وما تزال اللغة العربية كما كانت بأصواتها وتراكيبها غَضَّةً طَرِيَّةً شاهدةً على الماضي والحاضر، وهي جاهزةٌ – متى ما أراد أهلها – لِتقومَ بدورها الحضاريِّ مِن جديد!
مَرَّتِ العربيّةُ منذ العصرِ الجاهلي، وحتى الآنَ بمراحلَ زمنيةٍ لم يَمُرّ بها غيرُها من لغات البشر، وعاصرتْ تَحَوُّلاتٍ تاريخيةً أثَّرتْ فيها وتأثرت بها، ممَّا لم يُتَحْ لأيَّةِ لغةٍ حيَّةٍ غيرِها، فزادتْها متانةً وثَراءً. وإذا كانت اللهجاتُ في كل لغات العالم يستقر بها المطافُ إلى أنْ تصبح لغاتٍ مستقلةً لها خُصوصِيَّتُها، فإنَّ اللهجات العربية لم يحدثْ لها ذلك، وانتشرتْ ولكنها لم تَطْغَ على الفصحى، ولم تنتزع منها مكانتها.
إنَّ العلاقة بين العربية الفصحى ولهجاتِها منذ مجيءِ الإسلام ونزول القرآن الكريم في حالة مَدٍّ وجَزْرٍ دائمين، ما إنْ تبتعد اللهجاتُ عن الفصحى حتى تعودَ وتقترب. ونظرةٌ إلى التاريخ تُنْبِئُنا بأنَّ فتراتِ ازدهارِ العربية الفصحى تتواكبُ عادةً مع فتراتِ النَّهضاتِ عند العرب والمسلمين، فالنهضة تَعْنِي - فيما تَعْنِي – سَعةَ المطالعة، والنظرِ في التراث الهائل الذي خلّفه أسلافُنا باللغة العربية، وهو ما يؤدي تلقائيًّا إلى الاقتراب من اللغة الفصيحة، وتَضْييق الفَجْوة بينها وبين اللهجات العامِّيَّة.
إنَّ علَى العرب المُحِبِّينَ لأوطانِهم وأُمَّتِهم أنْ يعلموا أنَّ التقدم لن يكون إلّا باللغة العربية، فإنَّ التاريخ يُحَدِّثُنا - وهو صادقٌ - أنه ما مِن أمةٍ نهضتْ بغير لغتِها الأم. إنَّ اللغةَ وِعاءُ الفكر، وبِقَدْرِ إتقانِ الإنسان للغته بِقَدْرِ ما تَتَّضحُ أفكارُه ويَنْضَجُ عقلُه، ويصبح الاتصالُ بينه وبين مجتمعه اتصالًا راقيًا. وإذا كان هذا الأمر مشتركًا بين كل اللغات، فإنَّ اللغة العربية نحمل لها في قلوبنا إعزازًا وتقديرًا، ونرى في إتقانها والإقبالِ على تَعلُّمِها شعيرةً من شعائر الدِّين، ولِمَ لا وهي لغةُ القرآن الكريم، كتاب الله العظيم. ( )
حقائق عن اللغة العربية( )
إنَّ اللغةَ العربية ليست أقدمَ اللغاتِ الحيَّةِ فَحَسْبُ، بل إنها أكثرُها ثراءً كذلك، ونظرةٌ عابرةٌ للمعجم العربي تؤكد ذلك، فغزارة الثروةِ اللفظية في اللغة العربية أمرٌ واقع غيرُ قابلٍ للإنكار، فمعجمُ (لسانِ العرب) مثلًا يحتوي على نحو 80 ألف مادة، والقاموس المحيط فيه حوالي 60 ألف مادة، ومعجم تاج العروس مثلًا يحتوي على نحو 120.000 (مائة وعشرين ألفَ) مادة لغوية؛ ولأنَّ اللغةَ العربية لغةٌ اشتقاقية، فَتَحْتَ كلِّ مادةٍ من تلك المواد عشراتُ المفردات، وبحسابٍ يسيرٍ فإننا يمكن أنْ نبلغ بعددِ ألفاظِ العربية التي يمكن اشتقاقُها إلى نحوِ المليونِ كلمة أو يزيد، وكثيرٌ من هذه الألفاظ له أكثرُ مِن معنًى. ولا يزال الباب مفتوحًا لزيادة عدد ألفاظ اللغة العربية، من خلال الاشتقاق، والترجمة، والتعريب، والنَّحْتِ؛ لتوليدِ ألفاظ عربية جديدة تَنضمُّ لأخواتها في المعجم العربي؛ وهو ما يعطيها تَفَرُّدًا غير طبيعي لِهضمِ أيَّةِ معارفَ بشريةٍ، حاليَّةٍ أو مستقبلية.
في حين أن لغة كالإنجليزية، وهي أوسع اللغات انتشارًا في مجال العلوم والمعارف العصرية حاليًا، يحتوي معجمٌ متوسطُ المادة مثل: (The Elizabethan Reference Dictionary) على حوالي 120.000 (مائة وعشرين ألف) كلمة وتعبير، ووفق بعض الإحصاءات يحتوي معجم اللغة الإنجليزية كاملًا على نحو 400.000 (أربعمائة ألف كلمة) منها 300.000 (ثلاثمائة ألف كلمة) عبارة عن مصطلحات علمية، بمعنى أنها لا تُستخدم إلَّا في مجال العلوم، فلا تستخدم في اللغة كوسيلةٍ اتصالية، ولا كوسيلةٍ إبداعية. وما يقال عن الإنجليزية يُقاس بصورةٍ أكبر على غيرها من اللغات.







من الدستور القرآني
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون) [يوسف:2]
.....................................................
(أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) [طه:113]
.....................................................
(قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُون) [الزمر:28]
.....................................................
(كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُون) [فُصّلتْ:3]
.....................................................
(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير) [الشورى:7]
.....................................................
(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون) [الزخرف:3]
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.