أهلا بكم يا أصدقائي. اقترب شهر رمضان الكريم، كل عام وأنتم بخير، ولكنه هذه المرة مختلف؛ فلقد قررت أنا وتوأمي أن نصومه. ولأن هذه أول مرة نصوم رمضان، فإنني قررت أن أقص عليكم ما مر بي خلال هذا الشهر الكريم.
أعرفكم بنفسي.. أنا آدم محمد. عمري سبع سنوات. أنا أكبر إخوتي، هذا إذا اعتبرنا أن الدقائق التي سبقتُ بها توأمي (أكرم) تسمح لي بذلك. لي أخت صغرى اسمها (صفاء) على اسم أمي، تبلغ من العمر خمس سنوات، مشاغبة كبيرة، ولكنها قطعة السكر التي لا نبدأ اليوم إلا بها. أبي ضابط في الجيش مرابض على حدودنا الشرقية (سيناء)، يغيب عنا نصف الشهر. تقول لنا أمي دائمًا عندما نفتقده، وهذا ما يحدث كثيرًا: "والدك يسهر على حماية بلدنا؛ فكل ذرة من تراب وطننا مصر أمانة في عنقه؛ فمصر حماها الله بجنودها خير أجناد الأرض" وأبي من خير أجناد الأرض، ولذلك يجب أن نفخر به. وكلما اشتقنا إليه، فلندعو الله بأن يحميه، ويعده لنا سالمًا.
أنا أحب أبي كثيرًا، وأتمنى أن أكون مثله؛ فهو مثلي الأعلى. هل تعلمون لِمَ أفتخر باسمي، وأحبه؟
لأن أبي من أسماني إياه قبل أن يلتقي بأمي، فهو اسم صديقه المقرب الذي استشهد بين ذراعيه، وهو يدافع عن سيناء.
هل تعلمون أني أشبه أبي كثيرًا؟ حتى أن جدتي تقول لي دائمًا.. (أنت كوالدك بنفس ملامحه وطباعه عندما كان بمثل سنك). كم يطربني ذلك كثيرًا! حتى أني أفتخر بذلك على توأمي أكرم؛ فعلى الرغم من أنه يشبهني كثيرًا، إلا أنه يميل إلى أمي طباعًا، كما أنه يملك عينين كعيني أمي.
أما (صفاء) الملقبة بـ(الأميرة صافي)، فهي نسخة طبق الأصل عن أمي، كما يحلو لجدي قول ذلك كلما رآها. ولأنها الصغرى فهي المدللة والأثيرة عندنا جميعًا. وعلى الرغم من سنوات عمرها الخمس، إلا أنها تعلم مكانتها عند الجميع، وخاصة أبي الذي يخبرنا دائمًا أنه يحبها كثيرًا؛ لأنها قطعة من أمي التي يعشقها، فكم تمنى أن يرى أمي وهي تكبر أمام عينيه، فوهبهه الله أختي الصغيرة ليرى فيها أمي.
اليوم هو أول يوم في شهر رمضان الكريم، وكعادة كل رمضان نستهله بالدعاء لأبي أن يحفظه الله؛ فهو الآن بسيناء يحمينا. في صباح الأمس هاتفنا أبي ليطمئن علينا، وليهنئنا بقدوم الشهر الفضيل. أنهى أبي المحادثة، فجلست لأفكر، فاقتربت مني أمي لتسألني عن سبب شرودي، فسألتها: "هل يصوم أبي وأصدقاؤه في سيناء؟ فالجو شديد الحرارة، وسيناء كما يحكي أبي صحراء ساخنة جدًا"
ابتسمت أمي، وضمتني أنا وإخوتي بين ذراعيها، وأجابت: "أجل يا حبيبي. هل تعلم أن جنودنا البواسل في حرب أكتوبر حاربوا لتحرير سيناء وهم صائمون، اقتداءً بصحابة رسول الله ﷺ والمسلمين الأوائل الذين كانوا يصومون في الحروب لينالوا الشهادة أو النصر وهم صائمون؟"
قبّلنا أمي أنا وإخوتي، ثم جلسنا سويًا لنتشاور في فكرة تملأني؛ سوف أصوم رمضان كله، وحتى المغرب كأبي، وكصحابة النبي ﷺ. حاورتني أمي قائلة: "أنت صغير، ولست مكلفًا بصوم الشهر كله مثلنا. يكفيك حتى العصر"
غضبت منها، وقلت: "أنا كبير يا أمي. أريد أن أكون مثلكم، وأتقرب إلى الله بالصوم"
وبعد مناقشات كثيرة أقنعتها بأن تتركني أصوم، فإذا تعبت أفطرت؛ فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
واليوم أنا وأكرم صائمان للمغرب، أما (صافي) فلم تأكل مدعية الصوم، غير أنها تشرب الماء بكثرة. وعندما أخبرتها أنها غير صائمة، أمسكت خصرها بيديها في وضعية تحدٍ، وقالت: "إني صائمة!" وتركتني غاضبة.
ما إن غضبت أميرتي الحلوة حتى لحقتُ بها في غرفتها، لأجدها متكورة على نفسها وهي تنظر إلى الحائط. اقتربتُ منها بحذر، وأنا أناديها بـ "أميرتي الجميلة"، فأشاحت بوجهها عني، وقالت: "إني صائمة يا (دودو)!"
ضحكتُ من قلبي؛ كم أعشق نداءها لي بـ(دودو)! ثم احتويتها بين ذراعيّ، وقبلت رأسها مثلما أفعل دائمًا عندما تغضب مني، فارتخى جسدها، وجلست، وقالت لي، وهي تنظر بعين مستعطفة: "دودو، أنا صائمة"
ابتسمت، وقلت لها: "الصوم أن لا نأكل، ولا نشرب. وأنتِ تشربين المياه بشكل مهول، فأصبحتِ مثل الباندا"
ضحكتْ كثيرًا حتى امتلأت عيناها بالدموع؛ فهي تحب الباندا كثيرًا حتى أن دميتها التي تغفو بجانب سريرها هي باندا عملاقة، اشتراها لها أبي من محل ألعاب في الصين عندما كان هناك. جرت (صافي) إلى الباندا الغافية، وأجلستها، وقالت لها وهي تتصنع الغضب: "قال عني (دودو) أنني باندا، إذن فأنتِ صافي"
ثم ضحكت، وجرت عليّ، وقبَّلت وجنتي، والتفتت تسأل عن أكرم، الذي سمع نداءها المحبب (كيرو)، فأقبل ملبيًا نداءها وهو يضحك. أمسكت به صافي، وقالت: "لقد قال عني (دودو) أنني باندا، ولستُ صافي"، وأخذت تضحك.
قبّل (أكرم) رأسها، ولف ذراعيه حول كتفيها، وقال: "بل أنتِ الأميرة المحبوبة صافي"
ضحكت صافي، وقبلت وجنته، ثم أمرته بأن يعاقبني على جريمتي الشنعاء. وقف أكرم، وقال بصوت حاول جعله وقورًا، وهو يخفي ضحكاته: "حكمنا عليه بأن يقف أمام الباندا الملكية، ويخبرها أنها باندا، ويحملها ويدور بها خمس مرات، ثم يقبِّلكِ ويقول لكِ (أنتِ الأميرة المحبوبة (صافي) الجميلة)"
ضحكنا جميعًا، ونَفَّذتُ عقوبتي بين ضحكات (صافي) الصافية، وضحكات (أكرم) القوية، ثم أخذنا نلعب حتى أذان العصر.
وكعادتنا كل رمضان، ما إن يؤذن العصر، حتى نصلي، ونذهب إلى بيت جدي لأمي، وهو يقع بالشارع الخلفي لمنزلنا.
في بيت جدي المعنى الحقيقى لرمضان؛ فجدتي وخالاتي يذهبن إلى المطبخ، حيث تجري عمليات الطبخ، وجدتي تتسامر معهن وهن يعملن، إلا أنها تحتفظ بأحد الأصناف المميزة لها لتعدها بيديها.
أما نحن، فنركض إلى غرفة جدي، حيث يجلس يقرأ القرآن بعد صلاة العصر، ليرحب بنا جميعًا نحن وأبناء خالاتي، وينادي على خالي ليُجالسنا.
وكعادتنا يبدأ جدي في اختبار حفظنا للقرآن، ويعطينا درسًا صغيرًا، قبل أن نذهب معه إلى حجرة المعيشة، لنستمع إلى حديث الشيخ الشعراوي في التلفاز.
حان دوري ليمتحنني جدي في حفظ القرآن.
سألني بهدوء: "هل توضأت يا آدم؟"
فأجبته بـ(نعم)، فقال لي: "أسمٍعنا قول الحق سبحانه وتعالى في سورة النازعات"
كانت ابتسامة جدي مطَمْئنة ومشجعة. اتخذتُ وضعيته في القراءة، ثم أسمعته غيبًا السورة كلها دون أخطاء.
ابتسم جدي، وقال لي بحب، وهو يقبل جبيني: "اليوم أنت الأفضل؛ فلا أحد غيرك أجاد الحفظ دون أخطاء"
ثم التفت إلينا جميعًا، وقال: "اليوم سأسألكم وتجيبون. ما هي أركان الإسلام؟"
رفع (أكرم) يده أولًا، فأشار له جدي أن يجيب.
أجاب (أكرم) بجد: "قال رسول الله ﷺ: ﴿بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا﴾. صدق رسول الله ﷺ"
ابتسم له جدي، وقبله، وقال له: "رائع يا أكرم، أحسنت! لقد ذكرت الحديث دون أي خطأ، اليوم أنتما مميزان"
نظرت له صافي، وقالت بتجهم: "وأنا يا جدي، ألم أكن مميزة!؟"
ضحك جدي وخالي كثيرًا، ثم ضمها جدي بين ذراعيه، وقبلها قائلًا: "الأميرة (صافي) وأحفادي جميعًا مميزون. حفظكم الله لي"
تذكر خالي موعد حديث الشعراوي، فهرولنا جميعًا حيث التلفاز. ما إن تبدأ موسيقى البرنامج حتى يشير لنا جدنا بالصمت، والتزام الهدوء. نجلس جميعًا بهدوء، تأتي جدتي وأمي وخالاتي بعد أن انتهين من الطبخ ليتابعن الشيخ بانتباه شديد.
جرت صافي، وجلست بين ذراعي أمي، والنوم بدأ يتملك منها. بينما جلستُ أنا وأكرم بجوار خالي الذي أحاطنا بذراعيه.
بعد أن بدأ البرنامج، شعرتُ بضعف شديد وأخذ رأسي يدور. انتبهت أمي لي، فوضعت أختي النائمة على الأريكة التي كانت تجلس عليها، وركضت نحوي. وحملتني قبل أن أذهب في إغماءة قصيرة.
أفقت من إغمائتي لأجدني بين ذراعي أمي، ووجهها القلِق ينظر إلي مرعوبًا، وحولها إخوتي، وجدي وجدتي، أما خالاتي وأولادهن وخالي فكانوا يقفون بباب الغرفة ينتظرون بقلق. حاولتُ أن أجلس، أو أطمئنها، فإذا بها تسقيني كوبًا به ماء بالعسل الأبيض، حاولت الرفض فغضبت مني، فشربته وأنا حزين. بعد أن انتهيت منه، قلت لها بحزن شديد: "الآن أنا أفطرت!"
نظرت إليّ بحب، وقبلت وجنتي، وأخذتني بين ذراعيها. قبلني جدي وجدتي، وأخذوا الجميع ورحلوا، إلا أن (صافي) وأكرم رفضا التحرك، وأمسك كل منهم بإحدى يديّ. أرحت رأسي على قلب أمي لأستمع إلى نبضاته الدافئة.
قلت لها بحزن: "الآن أفطرت ولم أكمل اليوم. لقد ضاع مني اليوم أمي. كنتُ أريد أن أكون مثلكم ومثل أبي"
قبلت أمي رأسي، وقالت بحب: "حبيبي آدم، هل تظن أننا وخاصةً أبوك ونحن بعمرك كنا نصوم اليوم بأكمله؟"
التفتُّ لها بلهفة، وكذلك (أكرم) والذي كان قد أفطر قبل نزولنا من المنزل، وكان حزينًا لذلك. ابتسمت أمي، وأكملت: "بالطبع لا؛ لم نكن نستطيع صوم اليوم كله، خاصة إذا كان الجو شديد الحرارة. كنا نصوم كالكبار حتى الظهر أو بعده بقليل، ثم نفطر.. ولكن كنا مهذبين؛ لا نفرط في الأكل، ولا نأكل أمام الجميع احترامًا للصائمين"
ابتسمنا، وقال أكرم: "هذا يعني أننا مثلكم يا أمي؟ هذا رائع"
أما أنا فسألتها بلهفة: "ومتى استطعتم صوم اليوم بأكمله أمي؟؟"
ضحكت، وقالت: "لأول مرة بعمر العاشرة، ولم يكن طوال الشهر؛ فقط الأيام غير الحارة"
ابتسمت لها وقلت: "هذا رائع! غدا سأصوم أنا إلى العصر كأكرم اليوم"
ضحكت وقالت لي: "هذا إذا أصبحتَ معافى تمامًا، أما إذا ظللت متعبًا فلن تصوم"
قفزت من بين ذراعيها، وأخبرتها أني بخير، فضحكت كثيرًا وقالت: "هيا بنا إذن لنساعد خالاتك بوضع طعام الإفطار على المائدة؛ فالمغرب اقترب"
أسرعنا جميعا لنساعد في إعداد المائدة. كانت (صافي) مصرة على أن تحمل طبق التمر من المطبخ إلى حيث يجلس جدي، الذي استقبلها بفرحة، وأجلسها بجواره. مما جعلها تنظر لنا بفخر وعزة.
انتهينا من إعداد المائدة، فقال جدي: "يا أحفادي، اجلسوا بجواري"
فجلسنا جميعًا، فسألنا: "من منكم يعرف لماذا تشعر (صفاء) بالفخر لإحضارها لي طبق التمر؟"
كان (أكرم) كالعادة أسرعنا، فأشار له جدي بأن يجيب وهو يبتسم له مشجعًا، فبادله (أكرم) الابتسام، وقال: "قال رسول الله ﷺ: ﴿من فطَّر صائمًا فله مثل أجره دون أن ينقص ذلك من أجره شيئًا﴾. صدق رسول الله ﷺ"
فرد جدي ذراعيه لأكرم ليندفع (أكرم) بين أحضانه، ويقبله جدي مهنئًا إياه على سلامة حفظه، ثم التفت إلينا وقال: "هل تعرفون معنى الحديث؟"
فرفعتُ يدي، فابتسم لي وهو يقول: "أجب يا أكبر أحفادي"
ابتسمت وقلت: "هذا يعني أني سآخذ مثل ثواب الصائم، دون أن ينقص ثواب الصائم نفسه؛ فالله كريم، ومن كرمه يعطيني ثواب الصوم لأني أفطِّر الصائم"
قبلني جدي وقال: "أحسنت يا ولدي. فلأننا نصوم لله، فإن الله (أكرم) الأكرمين يجازينا خيرًا من فضله بثواب الصوم نفسه". ثم التفت إلينا وسأل: "هل يعرف أحدكم ما هو ثواب الصائم؟"
وقبل أن يجيبه أحد، ارتفع صوت المؤذن، ليُعلِمنا بأذان المغرب، ولنقبل جميعا على الإفطار.
ارتفع أذان المغرب في المسجد المجاور لمنزل جدي. دائما ما يتذكر جدي وخالي مؤذن المسجد السابق، الذي كان يرفع الأذان بعد خمس دقائق من وقته، ولا يلتزم برفع الأذان في وقته مهما حدّثه الناس؛ ظننا منه أنه بذلك يضمن دخول وقت الأذان.
مد جدي يده إلى صحن التمر، وبدأ في ترديد الدعاء ونحن معه قائلًا: "اللهم إني لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وبك آمنت، وعليك توكلت.. ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله"
ثم يبدأ في تناول من ثلاث لسبع تمرات على سبيل السنة. أذكر أنه قال لي يومًا: "آدم، إننا نفطر بعدد فردي من التمرات كما كان يفعل رسول الله ﷺ"
كانت أمي دائمًا الأسرع في أداء الصلاة، وعندما نسألها عن السبب تقول: "لا تتأخر عن الصلاة أبدًا. أتحب أن يتأخر عنك رزقك، فرحك، وكل ما تحب؟ إذا تأخرت عن الصلاة تأخر عنك كل شيء"
جرت أختي لتصلي مع أمي، ولحقت بها خالاتي وأبناؤهن، غير أني وأكرم انتظرنا لنصلي مع جدي، الذي أنهى التمرات، وشرب بعض من عصير (الخشاف)، ثم تمضمض، وأمرنا أن نذهب إلى الصلاة.
بعد أن صلينا جميعًا، وقبل أن نجلس لتناول الإفطار، دق جرس الباب، ركض خالي ليفتح الباب، فإذا بأزواج خالاتي بالباب، يعتذرون عن القدوم متأخرين؛ فالمواصلات قبل الإفطار بطيئة بسبب الزحام.
لا أدري لماذا شعرت بالوحشة، فالتفتُّ إلى (أكرم) فوجدته كذلك، فرفعنا عينينا، فإذا بأمي تبتسم بحنان، وهزت رأسها؛ لقد عرفت مدى اشتياقنا لأبي.
تناولنا طعام الإفطار الشهي، وأزواج خالاتي يحكون ما مر بهم حتى يلحقوا بنا على مائدة الإفطار، بشكل ساخر أضحكنا جميعًا، وكيف أنهم أدركوا الصلاة في المسجد المجاور، والذي استقبلهم على بابه طفل صغير ليعطيهم ثلاث تمرات لكل فرد ليفطروا.
بعد أن انتهينا من طعام الإفطار، سارعنا جميعًا لرفع الطعام وتنظيف المائدة، وتناول بعض الفواكه وحلوى رمضان الشهيرة (القطائف والكنافة)، بجانب كوب من الشاي. ونحن نجلس مع جدي الذي يقص علينا ذكرياته في رمضان عندما كان صغيرًا.
سرقنا الوقت سريعًا، ورفع المؤذن أذان العشاء. أقبلت أمي علينا لتبدل ثيابنا سريعًا حيث أننا سنعود إلى المنزل؛ فخالي سيوصلنا إلى المنزل قبل ذهابه إلى الصلاة.
ودَّعناهم، ونزلنا مع خالي، وقبل أن نصل إلى شقتنا سألتُ أمي أن تسمح لي أنا وأكرم لنذهب إلى الصلاة مع خالي، غير أنها قالت بهدوء: "لقد كنتَ مريضًا جدًا عصر اليوم، ولذلك لا أستطيع أن أسمح لك بالذهاب؛ حتى لا يعود لك المرض وتتعب خالك معك"
هززت رأسي بحزن، وودعنا خالي، وصعدنا إلى المنزل.
ابتسمت لي أمي، وداعبت شعري، وقالت: "لا تحزن؛ ربما تصليها مع والدك عندما تتعافى"
نظرت لها بلهفة وسألتها: "وهل سيأتي أبي غدًا؟"
ضمتني أمي أنا وإخوتي، وقالت: "لندعو الله أن يعود لنا سريعًا، ولذلك يجب أن نسرع إلى الصلاة، وندعو الله أن يُعِده لنا سالمًا قريبًا"
ركضنا جميعًا لنتوضأ، وقامت (صافي) بفرش سجاد الصلاة، ووقفنا جميعًا لنصلي العشاء والتراويح، وندعو الله بأن يعود لنا أبي سريعًا.