في هذه اللحظة تصرخ السيرانة صرخة واحدة مدوية قبل أن تبـدأ فـي التخبـط محدثـة فوضـى كبيـرة قبـل أن تمـوت أخيـرا ويصبـح المدخـل محـررا وواضحـا للعيـان .
فـي الجهـة الأخـرى فـإن الفتـى علـى مشـارف مغـارة «زيـوس» التـي يحرسـها قطيـع مـن «الجريفـن» وهـي عبـارة عـن مخلوقـات بشـعة وقويـة تملـك جسـد أسـد مجنـح بـرأس بشـعة جـدا تشـبه الزواحف، يقترب منها متخفيا بردائه السّحري قبل أن يبدأ في العزف ليكتشف أن أصابعـه تتحـرك لوحدهـا وكأن الغيتـار متحكـم بـه تمامـا .
فـي البدايـة كانـت تلـك الـكلاب مضطربـة جـدا وفي حالة هيجان شـديد وهـي تبحـث يمينـا وشـمالا عـن مصـدر الصـوت قبـل أن تبـدأ فـي الهـدوء شـيئا فشـيئا، ... ومـا هـي إلا لحظـات قليلـة حتـى نامـت كلهـا.
يسـتغل الفتى الفرصة ويتسـلل بخفه لداخل المغارة وقبل أن يصـل إلـى جوفهـا يلاحـظ صندوقـا موضوعـا بعشـوائية بجانـب بعـض الصخـور، يقتـرب منـه ويحملـه ثـم يخاطـب الأفتـار مـن خـلال الأفـكار قائـلا « لقـد وجـدت صندوقـا لكنـي لا أدري إن كان هـو المقصـود »
يرد عليه الصندوق الحقيقي مكتوب عليه عبارة ''لا يفتح'' .
_هذا الصندوق يحتوي على كتابة بلغة غريبة لم أفهمها.
_انتظرني هناك، ... أنا قادم.
يتسـلل الأفتـار بهـدوء ويصـل الـى حيـث يقـف «سـامي» يصيـر ظاهـرا للعيـان ثـم يلقـي نظـرة علـى الصنـدوق قائـلا « نعـم، إنـه هـو ...،هـذه الكتابـة تعنـي ''لا يفتـح'' وهـي مكتوبـة باللغـة البونيـة القديمـة .
يضـع الفتـى الغيتـار مـكان الصنـدوق ثـم يلتفـت ناحيـة الأفتـار قائـلا « والآن علينـا العـودة يـا أبـي فقـد انتهـت مهمتنـا » .
_نعم يا سامي.
يخـرج كلاهمـا مـن المغـارة بحـذر شـديد ويتجهـان حيـث تـركا السـندباد فـي آخـر مـرة، يجدانـه ويغـادرون معـا جبـل ''أولمبـس'' فـي اتجـاه الكهـف العظيـم.
داخـل الكهـف يضـع الفتـى صنـدوق بانـدورا علـى الطاولـة وهـو ينظر ناحية الحكماء فيتوقفون عن الكلام ويتقدم إليه «بابا نوال » قائلا « أحسـنت يا «سـامي» ، أنت تبلي بلاءً حسـنا، و الآن عدة بسـرعة لغرفتك لترتاح وسـيوقظك الأفتار عند الخامسـة صباحا »
_ولكني استيقظ عادة عند السادسة والنصف.
_تقديراتنا تقول أن الغول سيجتاح ما تبقى من عالم الخيال في غضون ثلاثة أيام على أكثر تقدير، ... والوقت ليس في صالحنا.
_حسـنا، لقـد فهمـت، .... هكـذا قـال وهـو ينـزع سـيفه ورداءه ويضعهمـا علـى الطاولـة ثـم يلتفـت للأفتـار قائـلا « هيـا بنـا لغرفتـي يـا أبـي »
يبتسم الأفتار في الوقت الذي بدأت فيه تلك الهالة بالتشكل.
بعد مغادرتهما يقول القزم حكيم « لو صارحناه لـكان أحسن » تـرد عليـه «بوكاهانتـس» قائلة « كلا، ... لـن يسـتطيع النـوم، وإن فعـل فلـن يكـون نومـه مريحـا، وهـذا هـو أحسـن حـل لربـح الوقـت »
يقول «بابا نوال» « المشكلة هي في أن يستيقظ فجأة فيجد نفسه في غرفة السلاحف؟ ... سيفقد ثقته بنا »
يرد عليه المعلم «سبلينتر» بقوله « لن يستيقظ، لقد أكدت بنفسي على الجميع بالتزام الهدوء، هذا هو الحـل الوحيـد ... فالوقـت نسـبي بيـن عالمنـا الخيالـي وعالـم الحقيقـة، ولـو تركنـاه يقضـي ليلـة واحـدة هنـاك فعنـد اسـتيقاظه سـينتهي كل شـيء»
داخـل الغرفـة يقـوم الفتـى بتبديـل ثيابـه بصعوبـة مـن شـدة التعب ثم يستلقي على سريره، ولا يطيل قبل أن يغلبه النوم كعادته.
مباشرة بعد أن تأكد الأفتار من نوم الفتى يبتسم ، قبل أن تبدأ الهالة الضبابية بالتشـكل، لكنها أكبر من المعتاد ليختفي «سـامي» والسـرير معا بداخلها، ويظهران لاحقا داخل غرفة السلاحف الأربعة.
بعد ثمانية ساعات من النوم يقوم الأفتار بنقل الفتى بسريره مـرة أخـرى إلـى غرفتـه، ثـم يقـوم بإشـعال الضـوء مـع الهمـس له قائـلا « اسـتيقظ يـا «سـامي»، لقـد حـان الوقـت »
يـرد عليـه وهـو يخبـئ رأسـه تحـت الوسـادة « أنـا بحاجـة للمزيـد من النوم » فينزع عنه الوسادة والغطاء معا « هيا استيقظ ولا تكن كسـولا، ... أنـت نائـم منـذ ثمانيـة سـاعات والوقـت يداهمنـا »
يسـتيقظ الفتـى بصعوبة فيجـد أن الأفتـار قـد أعـد لـه طاولـة إفطـار كاملـة.
_ما هذا يا أبي ؟
_هذا افطارك يا «سـامي» ، .. لن تذهب لعالم الخيال على معدة فارغة؟
_حسـنا، ...
هكـذا رد «سـامي» قبـل أن يبـدأ فـي تبديـل ثيابـه بعـد أن التفـت الأفتـار إلـى الحائـط، ثـم تنـاول إفطـاره وبعدهـا مباشـرة إنتقلا معا إلـى عالـم الخيـال.
المهمة الثامنة: الحصول على رأس يوريال
داخل الكهف العظيم تتشـكل الهالـة الضبابيـة، ويخـرج منهـا الأفتـار و «سامي» الذي ألقى تحيته على الجميع قائلا « مرحبا أيها السادة الحكماء » ... فـلا يـردون عليـه وهـو مـا أثـار انتباهـه !! ... الحكمـاء لـم ينتبهـوا لـه ولـم يلحظـوا وجـوده أو يسـمعوا تحيتـه لهـم وفـوق هـذا يتشـاورون فـي مـا بينهـم بأصـوات مرتفعـة وتركيـز كبيـر غيـر معهـود .
المعلم سبلينتر قائلا « كلا، ... لن أوافق، .. هذا انتحار حقيقي ستقضيان عليه بنظرة واحدة »
قـزم حكيـم « المشـكلة أن لا وقـت لدينـا لحـل بديـل أيها المعلم، ولا يمكننـا إرسال ''هرقل'' مكانه لأن الغـول سيهجم اليوم أو غدا صباحا على أبعد تقدير ، ونحن بحاجة لخدماته في قيادة الأبطال وتأمين البوابات »
«بابا نوال» معقبا « نحن أمام أكبر مشكلة حتى الآن »
سـنفور حكيـم « بـل نحـن أمـام مجموعـة مشـاكل، جيـوش الغول والمستوى العاشر وتكوين الجيش الثاني قبل المعركة الأخيرة »
يتنهد المعلم «سـبلينتر» ثم يقول « دعوني وحدي رجاءً، … أنا بحاجة لبعض الوقت قبل أن أقرّر »
يمتثـل الحكمـاء لطلـب المعلـم ويهمـون بالخـروج عندمـا يلحظـون وجـود الأفتـار والفتـى واقفيـن بجانـب السـلاحف، فيتقـدم «قـزم حكيم » قائـلا « رجـاءا اتبعنـا خارجـا يـا «سـامي» » ... يغمـض عينيـه فتتشـكل الهالـة الضبابيـة فيجـد الفتـى نفسـه خـارج الكهـف الكبيـر رفقـة الحكمـاء باسـتثناء المعلـم «سـبلينتر»
الفتى متسائلا « ماذا هناك سيد «قزم حكيم» ؟ »
_هنـاك مشـكلة كبيـرة جـدا جعلتنـا نغيـر كل خططنـا فـي آخـر لحظـة يـا «سـامي» ... لقـد وصلتنـا أخبـار سـيئة جـدا مـن الجنيـات الجوالـة المكلفـة بمراقبـة ورصـد تحـركات جيـش الغـول.
_هل قرر الغول الهجوم ؟
_كلا، ليس بعد، .. لكن اتضح أن الغـول يملك أكثر من جيش يا «سامي».
_ماذا ؟ أكثر جيش ؟ يا إلهي .
_الجيـش الأول الـذي نعرفـه كان يُحَضـرُهُ مـن مـدة طويلـة ... ،ذلك الجيش يمكننا الصمود في وجهه ولكن، ... ولكن الجيش الثاني لا يمكـن هزيمتـه ...
_من أين وكيف ومتى حصل على الجيش الثاني؟
_حسب المعلومات التي وصلتنا ، فإن الغول يملك جيشا آخر من العمالقة الحجرية ، وهي مخلوقات حجرية لا يمكن هزيمتها أبدا ... لأنك كلما قضيت على واحد منهم يستيقظ من جديد ، والغول حصل عليهم من خلال الجبل الحجري الأول ، لا نعلم بعد كيف تمكن الغول من ذلك ، لكننا نعلم أن السـبيل الوحيـد للقضـاء علـى ذلـك الجيـش هـو بقضائـك علـى الغـول فَيُحَـلُّ الارتبـاط وينهـزم الجيـش تلقائيـا، ... ونظريـا هنـاك جيـش واحـد يمكنـه الصمـود فـي وجـه جيـش الحجـارة لكـن ليـس لوقـت طويـل.
_أي جيش ؟ من تقصد؟
_العمالقـة يـا «سـامي» ... ولكـن الوصـول إليهـم صعـب جـدا وشـبه مسـتحيل .
_لماذا يا سيد «قزم حكيم» ؟
_لأن صديقنا «جاك» قد استنفذ كل البذور السحرية سابقا .
_ألا نستطيع الوصول إليهم عن طريق التحليق فحسب !
_لا تتعب نفسك في ذلك .
_لماذا ؟
_لأن كل مـن تخيـل تلـك القصـة وآمـن بهـا ، اعتقـد أنـه لا يمكـن الوصـول إلـى أرض العمالقـة إلا عـن طريـق البـذور السـحرية وتسـلّق الشـجرة العملاقـة وهـذا مـا كان، إذا صعـدت إلـى هنـاك باسـتعمال طريقـة أخـرى لـن تجـد شـيئا سـوى الكثيـر مـن السـحب .
_تلك معضلة حقيقية .
_لكـن هنـاك دائمـا بـذرة سـحرية احتياطيـة موجـودة داخـل مغـارة الأسـرار التـي يحرسـها وحـش لا طاقـة لنـا ولـك بـه، وحـش قديـم نصفـه ثعبـان عظيـم ونصفـه الآخـر تنيـن بثلاثـة رؤوس .
_لقد هزمت تنينا في السابق و يمكنني إعادة الكرة مرة أخرى.
_يا «سامي» هذا التنين يختلف عن كل الوحوش التي واجهتها سابقا، ... إنه عبارة عن ثلاثة وحوش مجتمعة في وحش واحد بثلاثة رؤوس، وكل رأس مسـتقلة عـن الأخـرى، وحتـى لـو نجحـت فـي القضـاء علـى إحـدى تلـك الـرؤوس ،فـإن الرأسـين الباقيتيـن سـتقضيان عليـك فـي تلـك اللحظـة بالـذات ، ... السـبيل الوحيـد للقضـاء عليـه هـو ...
في هذه اللحظة تتشكل هالة صغيرة تخرج منها إحدى الجنيات قائلة « أنت مطلوب من طرف المعلم «سبلينتر» يا «سامي » »
«بابا نوال» بعد ان شكر الجنية الجوالة يقول « اتبعنا للداخل يا «سامي» »
_لكنـكم لـم تخبرونـي عـن السـبيل الوحيـد للقضـاء علـى التنيـن ثلاثـي الـرؤوس يـا سـيد «بابا نوال» ؟
_لاحقا، سنخبرك لاحقا، ... والآن أغمض عينيك واتبعنا .
يعـود الجميع للمجلـس فيجـدون المعلـم «سـبلينتر» لوحـده وهـو جالـس بـكل وقـار، مغمـض العينيـن ومركـز جيـدا، ... ثـم يفتـح عينيـه قائـلا « لقـد طلبـت حضـور «سـامي» لوحـده »
ينظـر الحكمـاء الأربعـة لبعضهـم البعـض ثـم يغـادرون تباعـا وبهـدوء و دون أي اعتـراض رفقـة الأفتـار والسـلاحف الأربعـة.
المعلـم «سـبلنتر» متأثرا بطريقة غير معهودة، ... ينظر إلى الفتى ثم يخاطبه قائلا « يـا «سـامي» ، لقـد وصلنـا لمفتـرق طـرق حقيقـي، والأمـور تـزداد سـوءا » ..
_أعذرنـي علـى المقاطعـة أيهـا المعلـم، لقـد فهمـت المشـكلة، ولا أعتقـد أن الوحـش ذو الـرؤوس الثلاثـة سـيكون مشـكلة حقيقيـة.
_ومـن قـال لـك أن المشـكلة هـي فـي مواجهـة الوحـش ذو الـرؤوس الثلاث ؟
مستغربا « وما هي المشكلة إذاً ؟»
يتنهـد، ... يقـف مـن مكانـه ويقتـرب مـن «سـامي» قائـلا « المشـكلة هـي فـي الحصـول علـى السـلاح الوحيـد القـادر علـى تدميـر ذلـك الوحـش الثلاثـي، ... لأن عليـك أن تواجـه وتقطـع رأس أقـوى كيـان يعيـش فـي عالـم الرعـب للحصـول علـى رأس بشـعة مليئـة بالأفاعـي والشـر، رأس تُحـَوّل كل مـن ينظـر إليهـا إلـى كومـة حجـارة »
_يا إلهي، ... أنت تتحدث عن «ميدوسا» ؟
_كلا يا «سـامي»، فميدوسـا قضى عليها «بيريسـيوس» سـابقا ، ... لكن لا تزال أختيها على قيد الحياة، وهما أبشع مما تتصور وأكثر شـرّا وقـوة مـن أختهمـا، وكلتاهمـا مـن المسـتوى العاشـر، وقـد أقسـمتا علـى الانتقـام لشـقيقتهما «ميدوسـا» فـي هـذه الحيـاة أو فـي الحيـاة الأخـرى.
.... يتبع