Horof

Share to Social Media

في عام 1931 الطيار «كمال علوي» رجع من ألمانيا، نزل من الطيارة في مطار هليوبوليس، أخد التاكسي وطلع على بنك مصر علشان يقابل «طلعت حرب باشا» وفي دماغه فكرة ألماظات، دخل المكتب حط الطربوش على الترابيزة، رجع بظهره سند على الكرسي، شرب القهوة وبنظرة كلها عمق من بتوع «عادل أدهم» بص في عين الباشا:-
- شوف يا كبير، أنا عندي ليك فكرة لوز العنب، هتنقل البلد 40 سنة قدام، جاه الوقت اللي مصر يبقى ليها شركة طيران، ودي هتبقى أول شركة طيران في أفريقيا والشرق الأوسط كله، يعني موسوعة جينيس ريكورد وش.
- إيه يا كمال باشا هي هبّت منك ولا إيه!!! موسوعة جينيس ريكورد لسة هيخترعوها عام 1955
المهم... «طلعت حرب باشا» رجع بظهره لورا بص بعينه للسقف، فتح درج مكتبه طلع دراع البلايستيشن يكمل الماتش، بعدها سرح شوية في الفكرة اللي واضح إنها مخمخت في دماغه، قام وقف ودار حولين المكتب، مسك كتف «كمال علوي» وزي عادته بحماسه الشديد قرر إن الشركة دي يبقى اسمها "مصر للطيران".
هوووب البنك اتحرك وحصل تواصل مع شركة Airwork البريطانية، اتحسبت الحسبة اكتشفوا إن الشركة المصرية اللي كان اسمها وقتها Misr Airwork هتكلف 20 ألف جنيه، فااا أخدوا موافقة الملك وبنك مصر دفع 85% والشركة البريطانية دفعت 10% ومستثمرين دفعوا 5% وتوكلنا على الله ظهرت الشركة للنور في يونيو 1932، بس اتغير اسمها لـ Misr Airlines علشان تشجع المصريين يستخدموها، وبعد 10 شهور رأس مال الشركة بقى 75 ألف جنيه.
طبعا وقتها مكنش في مصر طيارين مصريين من أصله، فاااا الشركة الجديدة اللي كانت شغالة رحلات خاصة داخلية عملت "مدرسة تعليم طيران"، ونشرت إعلان في الجرايد إن المدرسة هتدرب الشباب علشان يبقوا طيارين، وقرّب... قرّب... قرّب، ماتقولش بخاف من الطيران من غير ما تجرب، والتدريب أصلا هياخد كام شهر لغاية ما الطيارات الجديدة توصل من بريطانيا .
من وسط كل شباب البلد، اللي شافت الإعلان وقلبها اتعلق بيه، بنت اسمها «لطفية النادي» أبوها كان موظف في المطابع الأميرية، وكان من الرجالة اللي دماغهم متركبة على قديمه، البنت آخرها في التعليم الابتدائية، وبعد كده صكتم بكتم لا حس ولا خبر تقعد في البيت تخدم إخواتها الرجالة لغاية ما ربنا يرزقها بالعريس فااا تتجوز وتبقى تخدم زوجها وشكرا على كده.
طبعا لو الحاج صاحب البيت عرف إن بنته عاوزة تشتغل وكمان تبقى كابتن طيار، كان وارد جدا ياخدها فوق الهرم ويطيرها هو بمعرفته، علشان كده "لطفية" أخدت بعضها وطلعت على «أحمد الصاوي» الكاتب الصحفي صاحب عامود "ما قل ودل"، وطلبت منه يساعدها تشترك في مدرسة الطيران، الصاوي استغرب من طلبها وعدل نظارته:-
- انت يا أنسة صغيرة قوي على الحوار ده، وبعدين فين ولي أمرك؟!
- أنا مش صغيرة، أنا عندي 25 سنة، وبابا لو عرف إني عاوزة أشتغل ممكن يعمل معايا الجلاشة، فاااا أنا جاية أكلم الصعيدي اللي جواك
- الكلام ده مايكلش معايا يا أنسة، روحي هاتي أبوكي
الوحيدة اللي كانت واقفة في ظهر "لطفية" هي أمها، الست المصرية الأصيلة اللي أصرت من البداية إن لطفية لازم تكمل علامها، وهي الوحيدة برضه اللي شجعتها على إنها تشتغل، وهي اللي شافت إن بنتها عندها حلم والحلم عمال يتسرسب من بين الصوابع ولازم تتدخل، فاااا أخدت بنتها وطلعت على مقر شركة "مصر للطيران"، دخلت على مكتب «كمال علوي» مدير الشركة، حطت الشنطة على الترابيزة، قعدت على الكرسي ووقفت بنتها جنبها :-
- شوف بقى يا سعادة الباشا كمال بيه... أنا جاية أنا وبنتي والأرزاق على الله
- طيب واحدة واحدة، أفهم فيه إيه؟!
- بنتي شافت الإعلان اللي انتوا نشرتوه وعاوزة تتعلم طيران، وبصراحة بقى مفيش معانا ولا مليم لأن أبوها مايعرفش الحوار ده كله، ولو عرف هيقول برة عني ده غير إنه وارد جدا يعلقنا في الفلكة، فاااا أنا جاية النهاردة أخاطب الإنسان اللي جواك علشان ماكسرش بخاطر بنتي
«كمال علوي» عجبه إصرار البنت، فاااا وافق إنها تتعين سكرتيرة في الشركة، ومن المرتب بتاعها تدفع مصاريف مدرسة تعليم الطيران، وبرضه شاف إنها هتبقى دعاية كويسة للشركة الجديدة، وهتشجع شباب أكتر إنهم ينضموا للمدرسة.
وفعلا... في عام 1933 «لطفية النادي» أخدت رخصة "طيار أ"، وكانت كابتن طيار رقم 34 في مصر كلها، والـ 33 اللي قبلها كانوا كلهم رجالة... بالتالي لطفية هي أول كابتن طيار مصرية وعربية وأفريقية، وبعد ما «مستر كارول» علمها طلعت بالطيارة لوحدها من القاهرة للإسكندرية في سباق طيران دولي وأخدت المركز التاني علشان تبقى تاني سيدة في العالم تاخد خمسات بالطيارة لوحدها بعد «إميليا إيرهارت».
المشكلة مش هنا بقى... الصحف صورت "لطفية"، البنت اللي عندها 26 سنة وأصبحت أول كابتن طيار، وطبعا الصور دي الصحف نشرتها، وهنا بقى كان كل اللي شاغل بال "لطفية" هتقول لأبوها إيه؟! هل تقول Photoshop؟؟ ولا تقول له يخلق من الشبه 40؟! طيب ما الاسم هو نفس الاسم برضه، طيب يا ترى أبوها لما يعرف هيعمل فيها إيه؟! الدنيا هتعدي ولا هيعلقها في المروحة ويقفل الراوتر وياخد باسوورد الفيسبوك!!
الحاج لما عرف إنه كان زي الأطرش في الزفة كان هيكسر البيت على دماغ اللي فيه، بس "لطفية" فهمته بالراحة كده إنها شغلانة تشرف، وأقنعته إنها تاخده تطير بيه فوق الأهرامات وبالمرة يبص على العاصمة الإدارية الجديدة، ولو سواقتها طلعت تمام يبقى تكمل على بركة الله، ولو مش عجباه هتبطل وتعتزل الملاعب وتقعد في البيت.
الحاج أبو لطفية وهو رايح مع بنته على الطيارة، كل اللي كان في دماغه مشهد من فيلم "اسماعيل يس في الطيران" وهو عمال يقول "فين العصاية.. فين العصاية"، وواضح إن صوته كان عالي، لأن لطفية طمنته إن الفيلم ده هيتعرض لسة بعد 25 سنة، هوووووب بعد أول طلعة جوية الحاج بقى من أكبر الداعمين لبنته أول كابتن طيار مصرية.
مش الحاج بس هو اللي وقف في ظهر لطفية، كمان «هدى شعراوي» وعملت حملة تبرعات علشان تشتري طيارة لـ لطفية هانم تشارك بيها في السباقات، لكن نقول إيه بقى... هي يا دوب 5 سنوات ولطفية عملت حادثة وحصلت إصابات في العمود الفقري فاااا اتمنعت من الطيران.
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.