كل أم تحتاج إلى حديث خاص مع ابنتها، لكنها في أغلب الأحيان لم تقم به. فالعادات والتقاليد المجتمعية تمنع الاهتمام بالمشاعر والوضوح والشفافية في القرارات، فالعاطفة مظاهر وادعاءات، وليست متطلبا بشريا مهما في لمّ شمل العلاقات.
كما تعمل دوامات الحياة على سحب الكثير من الوقت اتجاه ثقب أسود لا يشبع من شفط اللحظات. فتتلاشى وتضمحل على جدران الزمان تلك الكلمات. ومع كل تكّة للساعة تضيع فرص الحديث وتصبح الأفكارَ أبعد والعلاقات. الحب موجود، نعم، ولكن التفهّم والتفاهم علاقته عكسية مع مرور الأوقات... فالقرب لا يُخلق بين يوم وليلة، بل يُبنى منذ البدايات. فإذا أصبح المرء في طريقه إلى النضوج سيرى نفسه كبيرا كفاية وما يسمعه سيكون تُرّهات، وكلاما قديما عفى عليه الزمن، فهناك الجديد من الأمور والتطورات. ولا يفهم أنها ذاتها ولم تختلف سوى بالمسميات.
لذا قبل أن يمر الزمن سريعا، وقبل بدء المباراة. كان لزاما الحديث عن الكثير من الأمور التي قد لا تُسمع أثناء صراخ الفريقين والهتافات. فمن ركب أفعوانة المراهقة لا يستمع أو يقنع، فجُلّ همه التمرد والاندفاع وتجربة ما لاينفع.
وقبل أن يفوت الوقت، فتنتهي الطريق قبل الأوان، وتسقط آخر أوراق الخريف والزمان، هرعت لتلخيص الحياة في نقاط، علّ ذلك يكون منارة لطريق الحياة لكل ابنة، ولسانا لكل أمٍّ، وحديثا نافعا في كل جَمْعةٍ، ووسيلة لتواصل الآباء والأبناء.
وحتى يكون النُّصح مقبولا، كان لزاما أن يُذكر الماضي لإثارة العاطفة وجذب العَبَرات، فهي مهمة في التفاعل مع الكلمات، ونَقْشها في الروح فلا تختفي مهما تعرضت للمؤثرات والابتلاءات. فتكون أساسا راسخا، يحمي الذات والعلاقات. ألا يقولون ضع أساسا جيدا ودع الزلازل ترينا قوتها كيفما تشاء!
ها أنا أضع اللّبِنات وأبني.. فلنبدأ بسم الله وعلى بركة الله...