tafrabooks

Share to Social Media

صغيرتي..
لطالما حلمت بفتاة على أنها ابنتي، كانت تشبهك كثيرا، وجهها مدور كبدر في ليلة تمامه، مضيئا ومشرقا، ذات وجنتين حمراوين كما القمر الدموي، وضحكة تنير الدنيا، وعينان حالكتا السواد، كظلام ليل غابت عنه النجوم والقمر، تلمعان و تدوران في فضول وشغف، وشعرٌ أسود كسواد كحل عربي في عيني إمرأة جميلة.
بعد زواجي انتظرتك بهدوء لفترة طويلة، حتى أتت علي ليلة أطلّت عليّا ببشرى، حلمت فيها بإوزة ناصعة البياض ذات منقار برتقالي قوي اللون تركض في الغرفة حولي وأنا أتكلم مع والدك، فأمسكتها من رقبتها وأجلستها وقلت لها كفاكِ شقاوة.. دعيني أتحدث.... علمت يومها أن الله يبشرّني بقرب قدومك، فضحكت في سرّي ولم أخبر أحدا بذلك حتى علمت بك. وبالرغم من البشرى الربانية إلا أنني دهشت جدا حين علمت بك.. فلقد كانت مفاجأة، رأتك جدتك وخالك –رحمه الله- في ملامح وجهي، فلم أقتنع، حتى أتتني بُشراكِ عند الطبيب.. أحسست حينها بقلبي يهوي بين جنباتي، ونظرت إلى نفسي...
هل فعلا سأحمل معجزة ربانية في داخلي! فقد كبرت بين أفراد عائلتي على أنني الصغيرة المدللة، فبالرغم من تحملي للعديد من المسؤوليات، لكن فكرة وجود طفل صغير في الأحشاء مسؤولة عن سلامته وصحته، ومستقبلا عن سلامته وأمانِه وكل شئ في حياته هو أمر ذو رهبة. وبين الفرح والرهبة، تصدح دقات القلب صارخة بالأدرينالين الذي يتدفق ملء الخلايا حتى وصل الحماس والخوف لأوْجِهِ. الحماس للقائك، والخوف من تكرار تجربة حمل فاشلة انتهت بأبشع ما يمكن من طرق.
وبعد أن تكيفت مع الفكرة كما تتكيف حيوانات الغاب مع الظروف البيئية المحدقة بحذر -فقد كان الأمر لي جللا- بدأت بمراقبتك تكبرين يوما بعد يوم عبر جهاز الكشف بالأشعة الصوتية، حيث كنت أذهب إلى الطبيبة أسبوعيا لأطمئن عليك، ولأراك وأسمعك... كم كان جميل صوت دقات قلبك كالآن، كان مميزا مثلك، كنت أصاب بخيبة أمل حين تطفئ الطبيبة صوت الجهاز ويفارقني صوت قلبك. لكني لم أكن أرْضَ الخروج قبل حصولي على صورة لك أطفئ بها نار شوقي لك حتى يحين موعد اللقاء التالي..
لو تعلمي كم ضحكنا أنا ووالدك والطبيبة بشكل هستيري في أول مرة رأيناكِ بها تتحركين بسبب قفزتك المفاجأة كأنك تحتفلين برؤيتنا وتقولين "هيييييييه"... يا ترى هل رأيتنا وسمعتنا!!! لقد خامرتنا الفرحة والنشوة بلقائك حتى أردنا أن نذهب يوميا إلى الطبيبة لرؤيتك.
يومها أحسست بأنني أمسكت بك بين يدي وقفزتي، شعرت بالسعادة لأنك كنتِ بخير... تسبحين وتقفزين كسمكة ذهبية شقية تريد القفز خارج حوضها...
كحلم ذهبي، كفراشة قد جمعت أجمل الألوان، كبستان من الورود والياسمين...
لقد جمعت لك كل صورك لأصنع لك ألبوما مميزا، حتى أنني احتفظت لك بأول صورة كنتِ فيها عبارة عن حبة فستق، وكلما غالبني الشوق لك أخرجت الصور وبدأت أنظر إليكِ وأحادثك يا جميلة الجميلات أنتِ....
أنت يــــــــا....
اممم... ما زلت لم أستقر على اسم لك أنا ووالدك..

0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.