tafrabooks

Share to Social Media

دواؤك فيك وما تُبصر وداؤك منك وما تَشعر
وَ تزعم أنك جرمٌ صغير،،وفيك انطوى العالمُ الأكبر ( علي بن أبي طالب)

تخيل أن هذا العالم بأسرهِ بكل ما فيه قد انطوى بداخلك أنت، أي أنه انعاكسك أنت، كيف ترى نفسك؟و كيف تقدر نفسك؟ و هل تعرف قيمك و تفعلها حقا ؟و هل تدرك مدى تأثير نظرتك لنفسك على نظرة العالم الخارجي لك؟

يعتقد البعض خطأً أن حب الذات يعد أنانية ، والحقيقة أنه بعيد كل البعد عن الأنانية إذ أن الأصل في كل شيء هو التوازن لا الإفراط .

حب الذات هو بداية قصة حب تدوم مدى الحياة.

إذا فماذا يعني حب الذات؟

إذا أردنا اختصار لمعنى حب الذات فهو أن تقدر قيمة ذاتك و تعرف حق قدرها ، أهناك مخلوق على هذه الأرض بلا قيمة ؟ حاشاه سبحانه و تعالى لم يخلق شئٍ عبثا ،فحتى أضعف و أدق مخلوقات الله التي لا تُرى بالعين المجردة تم خلقها في هذه الدنيا لتقوم بدور ما و هذه هي قيمة وجودها، فما بالك بمخلوق كرمه الله و أمر ملائكته بالسجود له
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا }

أنت كريم و مقدر ومهم و غالي ، أنت مميز و فريد لم يخلقك الله عبثا ،خلقك مختلف كما تختلف بصمة الإصبع و تميز كل واحد عن الآخر فلابد إنك مخلوق بقدرات و مواهب و مميزات و نقاط قوة مختلفة عن غيرك تماما مثل اختلاف بصمة الإصبع و بصمة العين ، و من ثم فدورك في الحياة أيضا مختلف كما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام
(إعملو فكلٌ ميسر لما خُلق له) فأنت خلقت لحكمة و لهدف ومهمتك أن تبحث عنه لتحقق مراد الله من وجودك على الأرض…


و نجد سورة الشمس أن الله سبحانه و تعالى أقسم إحدى عشر قسمًا في الآيات السابقة للآية الكريمة:
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } أي أن فلاحك و صلاحك و نجاحك يتوقف على تزكية نفسك و تقديرها و مساعدتها لتكون نفس مطمئنة تحياة حياة طيبة و تستمتع برحلتها و تترك أثرًاطيبا على الأرض، فأنتساعد نفسك، فأنت تساعد العالم، أنت العالم، أنت لاتختلف عن العالم ولا يختلف العالم عنك.
ثم يقول سبحانه { وقدْ خَابَ منْ دسّاها} أي خاب و خسر و فشلمن يخفي قيمته و يرضى لنفسه بعيش حياة لا ينعم فيها و يحبهاو يظلم نفسه و يحبس روحه في سجن من صنع يديه من علاقات مؤذية و عمل لا يطيقه و صورة ذاتية عن نفسه يرفض وجودها وأحداث سلبية
متلاحقة في واقعه بيديه .

فعليك دوما تذكية نفسك و تقديم يد العون لها و يقول الحقسبحانه في سورة البقرة :
{ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُعِنْدَ اللَّهِ }


تُرى كم منا دائم الشكوى من عدم حب غيره له كما يحبهم ؟ ، من عدم تقدير الناس له كما يقدرهم؟ ، من عدم الاعتراف بكم التضحيات و المساعدات التي يقدمها لغيره دون أدنى مقابل و لا حتى شكر و عرفان ؟
الكثير مننا حقا يعانون ، ولكن تُرى ما السبب في تلك المعاناة و سوء المعاملة ؟

أتدري من السبب؟ … أنت هو السبب

فشكواك تلك تبعث برسالة للآخر انك غير كافي و لا تستحق الحب و الإحترام و التقدير و لابد لك أن تطلبه مرارا و تكرارا و ترجوه من الآخر .

لا تحزن على ما فاتك فلازلت تمتلك الفرصة لأن تكون شخصا محبوب ، فقط امنح نفسك كامل الحب و الإحترام و التقدير الذي تستحق و لا تنتظره من غيرك اطلاقا ، فأنت المصدر و المتحكم في كافة الأمور .والسؤال : كيف أحب نفسي ؟

الإجابة في بساطة شديدة هي أن تمنحها احتياجاتها ، إسأل نفسك ماذا احتاج ؟
حب، تقدير ، تعاطف، اهتمام ،تدليل ،احترام ، …إلى آخره.
كن أنت المصدر ، عامل نفسك كما لو كنت شخصاً أنت مسؤول عن مساعدته،كن لطيفاً مع نفسك ثم دع لطفك يغمر العالم ،كن من أكبر المعجبين بك،ذكّر نفسك بكلالطرق التي يمكنك بها أن تكون أكثر حباً وأكثردعماً وأكثر تشجيعاً لنفسك،فإذا كانت لديك القدرةعلى
الحب، فحب نفسك أولاً ،أنت ملزم أخلاقياً بالإعتناء بنفسك، يجب أن تعتني بنفسك وتكون جيدًا مع نفسك بنفس الطريقة التي تعتني بها وتساعد و تكون جيداً مع شخص آخر تحبه وتقدره.
و كما قال رسولنا الكريم في الحديث الشريف ( لا يؤمنُ أحدكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه) أي ان من إيمان المرء أن يحب الشئ لنفسه أولا ثم يحب لأخيه مثله ، أن يقدم لنفسه ثم يقدم لغيره ، أن يحب نفسه أولا حتى يستطيع ان يحب غيره و يستقبل الحب أيضا من غيره فالإناء الفارغ لا يمكنه ان ينضخ بما ليس فيه.
إذا كنت تحب نفسك، فأنت تحب الآخرين، إذا كنت تكره نفسك، فأنت تكره الآخرين و تجعلهم يبادلونك بالمثل .فكن ممتلئا بنفسك و مكتفي بها .


عليك يا صديقي أيضا أن تتقبل نفسك كما هي ، فليس منّا من هو بلا عيوب و بلا أخطاء ،تقبل عيوبك و ضع نية لتذكية نفسك و أبرز مميزاتك وافتخر بها و اعمل على تفعيلها و تطويرها ،أنت كامل و لست بحاجةإلى شخص أو مكان أو شيء آخر ليشعرك بذلك. كن أنت الداعم الأول و الأهم لتنهض بنفسك كفى بك ظلما أن تجلد ذاتك و تلومها على أخطائها أو ذلاتها او أختياراتها أو قراراتها ، فلا تلوم نفسك اليوم بوعيك و إدراكك في الماضي ! فقط تعلم من دروس الماضي لتعي الدرس و تدرك حكمة الأمور
فنفسك تتوق إلى قليلا من التعاطف و المحبة التي تمنحها دوما لمن حولك ،فنفسك هي من ستكمل معك الطريق و لا أحدا دائم في حياتك إلا هي ، احتضنها واحتويها واملأها بالحب.

و عليك أن تراقب صوتك الداخلي و بماذا يخبرك عن نفسك ،فذاك الصوت الذي بداخلك قادرا على أن يشكل خارجك و يصنع واقعك، اتقول لها كلمات إيجابية أم سلبية ؟ أتدعمها أم تحبطها ؟ اتحبها حقا؟! و لتكن كذلك و لتقرر بنفسك ان تكون حبيبها و داعمها ، هل أنت من تنظر في مرآتك لنفسك و تقول لها كم أنتِ جميلة و رائعة ، كم أنت محبوبة ، بمقدورك أن تنهضي و تمضي قدما ، باستطاعتك أن تسعي و تنجحي…
فاذا كان حوارك الذاتي بهذا الشكل فهنيئا لك الرضا عن ذاتك و التي ستلمسها في كل محيطك . و إن لم تكن ذاك الداعم فلا تلومن إلا نفسك!
و رجاءً منك لك ؛ إفصل سلوكك عن هويتك ، بمعنى إنك إذا مريت بتجربة فاشلة فأنت لست بفاشل، بل هذه الطريقة لم تكن الأنسب في ذلك الوقت ، و إذا تصرفت تصرفا لم يكن الأفضل في ذاك الموقف فأنت لست غبيا أو لا تجيد التصرف ، فقط انظر ماذا تعلمت من الموقف و تأمل و فكر بعمق ما السبب الذي جعلك تتصرف بهذا الشكل حتما ستصل . و أكررها إفصل سلوكك عن هويتك .

و في كل اختيار و عند أبسط قرار إسأل نفسك …
هل أنت بقرارك هذا تُقدر نفسك؟
فإذا كانت الإجابة لا فلا تفعل .. نعم يا صديقي من حق نفسك عليك أن تقول لا ، و لما لا تقولها؟ إذا كان هناك أي ضرر لك أو إهدار لحقك أو وقتك أو مجهودك أو طاقتك ..
فإذا كنت لا ترغب في فعل شيء تعلّم أن تقول لا . و في المقابل فكافئ نفسك دائما و دللها بقول نعم .. نعم لكل ما يجلب لك السعادة و يجعلك في انسجام مع ذاتك .. نعم لكل ما ترغب به و تحبه .. انطلق و جرب أشياء لم تجربها من قبل ، اطلق العنان للطفل القابع بداخلك فكفى به تكبيلا و تقييدا .. حان الوقت لتطلق سراحه و تتركه يجرب و يتذوق حلاوة الحياة و تذكر أنك حر ما لم تضر.

و أخيرا فلتأخذ عهدا من الآن أن تراعي نفسك و تحبها حقا و تصنع وقتا مميزا لها في يومك ، في كل يوم ، لتخلق تلك الدقائق التي باستطاعتها أن تجعلك سعيدا و متواصلا مع داخلك و تساعدك بإخلاص و قوة لخلق الواقع الذي طالما حلمت به و امنح نفسك الفرصة لممارسة ما تجد فيه السعادة و الاستمتاع و أظهر لها الاهتمام و الرعاية .
هذه الدقائق و لتكن نصف ساعة يوميا من يومك المكون من أربع و عشرون ساعة تخصصها لنفسك كما يسمونTime Myهذا وقتك فأهتم بجسدك و خاطب قلبك واسمع لصوته و تنفس و غذي فيه روحك بالتواصل مع ربك و سلهُ المساعدة في الوصول لهويتك و حقيقتك، واجعل منها لحظات صادقة تعانق فيها نفسك و تقول لها أنا أسف سامحيني أنا أحبك يا نفسي..


كان هذا اليوم الأول و العهد الأهم على الإطلاق … العهد الذي بينك و بين نفسك …أن تحب نفسك يعني أن تقرر و تختار لها أن تكون أفضل مما هي عليه … إستعد للتغيير الإيجابي في حياتك واكتشاف نسختك الأفضل التي حتما ستصل إليها خلال قرائتك و تطبيقك في الأيام القادمة…..

نية اليوم .. أنوي أن أبدأ مسار الحب الحقيقي لذاتي، و أن أتقبل نفسي في كل حالاتها واتفهم مشاعري أكون أكثر تعاطفا و تقبلا لها ، وأنوي أن امنحها كل ما تحتاجه من الداخل و ان أكون اكبر الداعمين و اهم المشجعين لها و ان اساعدها على النهوض و النجاح وأن اسعى لتفعيل قيمي و آداء رسالتي في هذه الحياة بكل حب .

0 Votes

Leave a Comment

Comments

Story Chapters

المقدمة اليوم الثاني أحب نفسك ! اليوم الثالث سحر الأمتنان اليوم الرابع التخطيط و نشوة الإنجاز ! اليوم الخامس سحر النوايا و الأسئلة اليوم السادس الوقت و الثروة اليوم السابع الطاقة و التأثير اليوم الثامن الخروج من منطقة الراحة اليوم التاسع التسليم و القبول اليوم العاشر التخيل و قانون الاستحقاق اليوم الحادي عشر التوازن و طاقة الأنوثة و الذكورة اليوم الثاني عشر دورك في حياتك و حياة الآخرين اليوم الثالث عشر لماذا يحدث معي كل ذلك !؟ اليوم الرابع عشر تدبر لتعلم! اليوم الخامس عشر سحر الذكر اليوم السادس عشر الرياضة علاجك الوحيد الفصل السابع عشر كيف أبدأ التأمل و لماذا؟ اليوم الثامن عشر تنفس لتحيا ! اليوم التاسع عشر قوة الكلمة اليوم العشرون التعامل مع العلاقات الغير داعمة اليوم الحادي و العشرون لماذا أسامحهم؟ اليوم الثاني و العشرون قيمك و مرجعيتك اليوم الثالث و العشرون تواصل مع جسدك و إستمع لهمساته اليوم الرابع و العشرون تواصل مع الطبيعة فهي تخبرك بالكثير ! اليوم الخامس و العشرون كن أنت الشاهد و المراقب اليوم السادس و العشرون الحضور اليوم السابع و العشرون ركز على نفسك من أجل نفسك ! اليوم الثامن و العشرون قوانين الكون تعمل لأجلك اليوم التاسع و العشرون لماذا أنا هنا ؟ اليوم الثلاثون لماذا لا أستطيع ؟
Write and publish your own books and novels NOW, From Here.