Yussefh7

Share to Social Media

في تلك الليلة، وبعد انتهاء الجولة، عادت الوفود إلى الفندق، لكن ليلى لم تصعد إلى غرفتها. كان هناك مقهى صغير في الزاوية المقابلة، تضيئه مصابيح صفراء دافئة، وصوت موسيقى فيروزية خافتة يأتي من الداخل.

كانت تهمّ بالدخول حين سمعت صوته خلفها:

"هل تسمحين لي بمرافقتك؟"

نظرت إليه دون مفاجأة. ربما كانت تنتظره دون أن تعترف بذلك لنفسها. هزت رأسها بابتسامة صغيرة، ودخل الاثنان معًا.

جلسا إلى طاولة قرب النافذة، وأمامهما كوبان من القهوة التركية. في البداية ساد صمت خفيف، لكنه لم يكن محرجاً، بل كأنّه صمت بين شخصين يعرفان أن الكلام سيأتي وحده، حين يحين وقته.

قال عادل وهو يتأمل القهوة:

"أتعلمين؟ من النادر أن أرتاح للحديث مع أحد بهذه السرعة. ربما لأننا التقينا بعيدًا عن العالم الذي نعرفه."

أجابت ليلى:
"ربما لأننا لا نحمل أقنعةنا معنا في السفر."

ابتسم، ثم سألها فجأة:

"من فقدتِ؟"

رفعت عينيها إليه ببطء. لم يكن سؤاله وقحاً، بل كأن قلبه شعر بثقل في قلبها.

قالت بصوت خافت:

"أمي... كنت في العاشرة. ومنذ ذلك الحين، لا شيء في قلبي عاد كما كان."

أطرق برأسه قليلاً، ثم قال:

"وأنا فقدت قلبي نفسه، عدة مرات. ظننت أنني وقعت في الحب، لكن كل مرة كنت أكتشف أنني أحب الصورة... لا الروح."

رفعت نظرها نحوه وقالت:
"هل تبحث عن الروح الآن؟"

نظر إليها مباشرة وقال دون تردد:
"ربما وجدتها."

سكتت، لكن قلبها لم يسكت. شيء ما في هذه الليلة تغيّر. لم يكن الحب قد وُلد، لكن شيئًا يشبه البذرة زرع بهدوء في تربة أرواحهما.

**
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.