بعد نهاية الجلسة الثانية من الندوة، وزعت الإدارة جدولاً مفاجئًا: "جولة مجانية في إسطنبول القديمة للمشاركين، ضمن هدية ثقافية من المنظمين." كانت الرحلة تبدأ من منطقة السلطان أحمد، مروراً بالبازار الكبير، ثم زيارة إلى متحف آيا صوفيا، وتنتهي برحلة بحرية قصيرة على مضيق البوسفور.
ليلى كادت ترفض الذهاب. لم تكن تحب الخروج ضمن مجموعات، لكن عندما رأت اسم عادل في القائمة، ترددت ثم كتبت اسمها بخط صغير أسفل الورقة. لا تدري لماذا فعلت ذلك. ربّما كانت فقط تريد أن تمشي في مدينة غريبة مع شخص شعرت تجاهه بشيء لم تفهمه بعد.
في صباح اليوم التالي، تجمعوا أمام الفندق. كان عادل ينتظر هناك، يحمل كاميرته ويبدو هادئاً كعادته. لمحها من بعيد، ولوّح لها بيده قائلاً:
"صباح إسطنبولي دافئ!"
ابتسمت بخجل وردّت:
"وأخيراً نخرج من قاعة الندوة إلى الحياة."
بدأت الرحلة، ومع كل محطة، بدا أن المدينة تعيد تشكيل العلاقة بينهما. أمام البازار الكبير، توقفا معاً لشراء قلادات يدوية، وقال لها عادل:
"لو كنت مصمم مبانٍ لها أرواح، لاخترت هذه الألوان."
قالت ضاحكة:
"وأنا سأكتب عنها قصة خيالية تبدأ من هنا."
أمام مسجد السلطان أحمد، سألها:
"هل تؤمنين أن الأماكن تملك ذاكرة؟"
نظرت إلى القبة العالية، ثم إليه، وقالت بهدوء:
"أنا أؤمن أن بعض الأماكن تختزن بدايات لا نعرفها بعد."
حين ركبا القارب في ختام الجولة، كانت الشمس تميل نحو المغيب، والسماء تتلوّن بأحمر خفيف. جلست ليلى بجانبه على طرف القارب، والنسيم يحرّك شعرها بلطف. نظر إليها طويلاً، وكأنه يحاول أن يفهم شيئًا غامضًا فيها.
قال بصوت منخفض:
"هذه الرحلة... أكثر من مجرد نزهة."
ردّت بخفة، دون أن تلتفت إليه:
"وأحياناً، تبدأ القصص بنزهة."
**